فهمي لسورة التوبة ( الجزء الخامس ):
فهمي لسورة التوبة ( الجزء الخامس )

أسامة قفيشة Ýí 2018-05-18


فهمي لسورة التوبة ( الجزء الخامس )

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) 30 التوبة :

بعد الحديث عن من وجب قتاله من هؤلاء المشركين فهنا يأتي الحديث عن من لا يجوز قتاله منهم , و بعد أن علمنا بأن الحج هو للناس كافه و لجميع الأديان و بأن على جميع من أراد الحج فعليه من دفع الجزية جزاءاً و ثمناً مقابل العمل على خدمته و من أجل عمارة الحرم المكي موطن الحجيج و مقصدهم ( الجزية هي مبلغٌ من المال يدفعه الحاج و تجيز له الدخول للحرم , و هي أصلاً من أجل خدمته و راحته هناك ) .

1 - قول اليهود بأن عزير ابن الله و قول النصارى بأن المسيح ابن الله هذا بحد ذاته يعادل قول الكافرين , و لا يعادل فعل الكافرين ( و هنا علينا الفصل بين قائل الكفر و بين فاعل الكفر الذي يسلك مسلك العداء و الاعتداء ) .

2 - كل الأقوال التي يؤمن بها الناس لا تمنعهم من الوصول للحرم المكي لأداء فريضة الحج , و لا نؤاخذ نحن بما يقولون من كفرٍ لفظي ينم على إيمانهم به , و لسنا مسئولون عن طريقة إيمانهم , فلهم الحق في حريتهم و عقيدتهم و لهم الوفود للحج إن أرادوا ذلك شرط دفعهم لتكاليف خدمتهم هناك ( الجزية ) و مساهمة كل وافدٍ بعمارة البيت الذي وضع للناس كي يبقى مزدهراً متألقاً لا ينقصه شيء .

3 - التأكيد على أن أقوالهم الكفريّه تلك هي من اختصاص الله جل وعلا وحده , لذا نلاحظ بأن قتالهم مع الله جل وعلا و ليس من اختصاصنا نحن البشر , لذا كان قوله سبحانه ( قاتلهم الله ) و لم يقل أقتلوهم .

( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) 31 التوبة :

1 - بيان لما يشركون الله جل وعلا به من بشرٍ أرباب , و يقدسونهم مع القدوس الذي لا تقديس لسواه , و كلاً منهم ما أمر إلا ليعبد إلهً واحداً هو الله جل وعلا .

2 - بما أن المسيح ابن مريم الذي يقول النصارى بأنه ابن الله هو نبيّ الله جل وعلا و رسوله و قد تم التأكيد بذكره دون التطرق للعزير , فالعزير الذي يقول اليهود بأنه ابن الله هو خارج تلك المعادلة , أي أن العزير لا هو بنبيٌّ و لا هو برسول !

( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) 32-33 التوبة :

1 - كلاهما ( الكافر و المشرك ) بالله جل وعلا يلتقيان في محاربتهما لدين الله جل و علا ( شرط أن يتخذ أرباباً من دون الله ) لأن هؤلاء الأرباب يحلون و يبيحون له الاعتداء فيسيران بنفس الطريق الموازي لطريق الله جل وعلا , و لكن الله جل وعلا قد تعهد بحفظ هذا النور , فمهما فعلوا من حرفٍ لمفاهيمه و من محاولات لتأليف ما يناقضه و جعله بديلاً لهذا النور أو شريكاً له , فكل ذلك لا يؤدي للهدايه , بل وحده نور الله جل وعلا ( القرآن ) هو الظاهر و المهيمن على كل الكفر و كل الشرك , لذا يتولد الكره عند بعض الكافرين و المشركين لهذا النور الذي به نهتدي إلى الطريق المستقيم .

2 - قلنا بأن الظهور هو الهيمنة و السيطرة حين تحدثنا عن ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ) , و هاتان الآيتان تتحدثان عن ظهور دين الحق على الدين كله , أي هيمنته و سيطرته على كل الأديان الأرضية و الشركية , و هو نفس المعنى المراد في قوله جل وعلا ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) من الآية 48 المائدة .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) 34-35 التوبة :

1 - تحذير و بيان بأن غالبية رجال الدين الشركي يستغلون مركزهم و يحولونه لتجارةٍ يقترفون فيها أموال الناس بالباطل , فيؤدي هذا بهم بالابتعاد عن سبيل الله جل وعلا فيصدون عن تقبل سبيل الحق ( شو بالنسبة لحبايبنا اليوم رجال الدين و أصحاب اللحى ! شو أخبار حساباتهم البنكية ! ) .

2 - هؤلاء السّدنه و الكهنة اللذين احتكروا الدين و امتلكوا مفاتيحه بسراويلهم القصيرة , و أصبحوا يمتهنونه كمهنه يزاولونها و يقبضون المال عليها , تستطيعون من الآن بأن تبشروهم بعذابٍ أليمٍ إن لم يتوبوا لان الله جل وعلا قد بشّرهم بهذا , و لسان حالهم يقول ( الفضائية إلي بتدفع أكثر بسجل معاها ) .

3 - تلك الأموال التي يجمعونها من وراء الدين سوف يصطلون بها في نار جهنم و بئسَ المصير .

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) 36-37 التوبة :

1 - بيان عدة الشهور التي علّمها الله جل وعلا للإنسان و هي اثنا عشر شهراً , و منها أربعة حرم و هي أشهر الحج التي يقصدها الناس بالحج للحرم المكي .

2 - يدعو المؤمنين أتباع النبيّ بقتال هؤلاء المشركين بما فيهم قريشاً ( كافه ) لأنهم يقاتلونكم كافه و لا يرقبوا فيكم أحدا ( تم توضيح هذا و التحذير منه سابقاً ) .

3 - هنا نلاحظ بأن تلك المهلة و التي كانت مدتها أربعة أشهر ربما ما كانت لتكون أربعة ! لولا أنه قد تم إعلان هذا البلاغ في أول أيام الحج , و على عظمة هذا الجرم الذي يعده المشركون و على رأسهم قريش , إلا أن النبيّ و إن كان بشخصه و بدولته هو المستهدف من هذا الاعتداء المصيري فإننا نجد التزامه بشرع الله جل وعلا لحين انقضاء تلك الأشهر الحرم , و من هنا فلا يمكن لأحدٍ من استباحة تلك الأشهر مهما كانت الظروف أو المخاطر .

4 - التحذير من النسيء ( نسيء الشهور ) أي تأخيرها و تأجيلها , و بأن هذا الفعل هو كفر أي لا مجال لتأجيل أو تأخير تلك الأشهر حتى يطول بذلك أمد هذه الهدنة . 

اجمالي القراءات 4649

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-04-09
مقالات منشورة : 196
اجمالي القراءات : 1,412,664
تعليقات له : 223
تعليقات عليه : 421
بلد الميلاد : فلسطين
بلد الاقامة : فلسطين