جامعة حلوان تَشطب رسالة ماجستير بعد اتهام المفتي للباحث بالتشكيك في ثوابت الدين
علمت «المصري اليوم» أن كلية الآداب جامعة حلوان قررت شطب رسالة ماجستير بعنوان «الألفاظ المتعلقة بالعبادات في القرآن الكريم.. دراسة دلالية في ضوء نظرية السياق». جاء قرار الشطب بناء علي طلب من الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية للجامعة برد الرسالة للباحث لأن بها «الكثير من الأفكار التي تخالف العقيدة الإسلامية، وتجنح للتشكيك في ثوابت الدين».
وقال الباحث لـ «المصري اليوم» إنه لجأ لمركز هشام مبارك لحقوق الإنسان لرفع دعوي قضائية ضد الجامعة والكلية لإلزامهما بمناقشة رسالته.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «المصري اليوم» فإن الباحث أحمد محمد عرفة تقدم لقسم اللغة العربية بكلية الآداب برسالة ماجستير عن «الألفاظ المتعلقة بالعبادات في القرآن الكريم»، وخصصها الباحث لدراسة كلمات العبادة في القرآن الكريم وهي: «العبادة والصلاة والصوم والزكاة والصدقة والحج والعمرة» وقام بدراسة السياق الذي وردت فيه الجذور اللغوية لهذه الكلمات دون الرجوع إلي تفسير الفقهاء، واكتفي بتفسير معاني الكلمات وفقاً للسياق الذي وردت فيه.
وتوضح المعلومات أن الباحث انتهي من رسالته العام الماضي، وتم اختيار الدكتور فتح الله سليمان مشرفاً عليها والدكتورة فاطمة الزهراء مشرفاً مشاركاً، التي اعترضت علي نتائج الرسالة، وأخطرت عميد الكلية باعتراضاتها، التي تشمل أن الرسالة تحوي أموراً تخالف العقيدة الإسلامية، فقام العميد بعرض الرسالة علي الدكتورة زبيدة محمد عطا الأستاذة بالكلية لمراجعتها، كما طلب من مجلس الكلية إدخال مشرف رابع من جامعة الأزهر يكون مختصاً بعلوم التفسير، لمناقشة الرسالة مع الباحث،
كما طلب من الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، إبداء رأيه في الرسالة، وانتهي رأي المفتي الذي أرسله للجامعة إلي: «رد الرسالة للباحث لأنه يوجد بها الكثير من الأفكار التي تخالف العقيدة الإسلامية، وتجنح للتشكيك في ثوابت الدين»، وبناء عليه عقد مجلس الكلية اجتماعاً طارئاً للنظر في تقرير المفتي وقرر المجلس شطب الرسالة الشهر الماضي.
ودافع الباحث أحمد عرفة عن رسالته قائلاً لـ «المصري اليوم» إنه اختار موضوع الرسالة لمعرفة معاني ألفاظ العبادات في القرآن الكريم في ضوء نظرية السياق، والخروج من ذلك بنتائج علمية قد تخالف ما استقر عليه تفسير الأقدمين لها، وتولي الدكتور فتح الله سليمان الإشراف علي الرسالة، مع المشرف المشارك الدكتورة فاطمة الزهراء، التي أبدت ١٥ ملاحظة عليها، تدعي فيها أنني لم أنقل بأمانة عن المراجع العلمية، وكذلك ادعت وجود غموض في بعض العبارات في حين أنها واضحة تماماً.
ويضيف عرفة: قمت بالرد علي جميع هذه الملاحظات في رد رسمي لعميد الكلية، فقررت الدكتورة فاطمة الزهراء الانسحاب من الإشراف علي الرسالة بدعوي وجود جوانب فقهية فيها.
ويضيف الباحث أنه فوجئ بعميد الكلية يعطي الرسالة للدكتورة زبيدة عطا لكتابة «تقرير محايد»، وبالفعل كتبت تقريراً من صفحة واحدة، وطالبني العميد بتنفيذ ما جاء فيه، فرفضت لأن ذلك ضد حرية البحث العلمي، وتقدمت بشكوي لنائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، وبعد صراع طويل كتب المشرف علي الرسالة تقريراً للجامعة بفروغي منها، واقترح تشكيلاً للجنة المناقشة، ولكني فوجئت بمجلس الكلية بإيعاز من العميد يقوم بإصدار قرار بإضافة عضو جديد للجنة الإشراف من جامعة الأزهر هو الدكتور عبدالبديع أبوهاشم بكلية أصول الدين، ثم فوجئت بأن عميد الكلية طلب كذلك رأي المفتي، ورفض المفتي مناقشة الرسالة رغم أن ذلك ليس من اختصاصه.
ويضيف الباحث أن أبرز نتائج دراسته هي أنه يبحث السياقات التي وردت فيها كلمة «الصلاة» ومشتقاتها، تبين أن معناها هو الهداية، وأن المعني الشعائري من الكلمة ورد في ٢٣ موضعاً فقط في القرآن الكريم، كما تبين أن العبادة ليست مرتبطة بالخضوع والذل لله، كما قرر بعض المفسرين القدامي، بل تعني الالتزام بطاعة الله، كما أن كلمة «الزكاة» لا تعني الصدقات التي تؤدي للفقراء، بل تعني الصلاح وعمل الخير.
ويقول الباحث إن عميد الكلية اعترض علي نتائج الدراسة، وهو ما يعد اعتداء علي حرية البحث العلمي، لذلك لجأت لمركز هشام مبارك لحقوق الإنسان لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وقال أحمد راغب المحامي بالمركز إنه سيرفع دعوي قضائية الأسبوع المقبل لإلزام الكلية بمناقشة الرسالة، حيث إن الوقائع التي تعرض لها الباحث تعد اعتداء علي حرية البحث العلمي.
وروي الباحث لـ «المصري اليوم» قصة بحثه قائلاً: كنت في ليبيا عندما اختلفت مع زميل لي علي معني التعزير، واحتكم زميلي إلي القاموس المحيط لـ «الفيروزابادي»، وهوما يؤيد رأيي زميلي من أن العقوبات التعزيرية هي العقوبات التي لم يشرعها الله، ولكن وضعها الشارع لحماية الدين، في حين كان رأيي أن التعزير هو تقوية الشيء، ووجدت أن محقق القاموس كتب في الهامش أن الفيروزابادي أخطأ في كتابة معني الكلمة.
ويضيف: تبين لي أن العديد من المفسرين القدامي فسروا القرآن الكريم ليس وفقاً لمعاني كلمات القرآن وقت نزولها، ولكن وفقاً لمعاني الكلمات في عهدهم، أي بعد مرور ثلاثة قرون علي نزول القرآن، وهو ما أدي إلي وجود خطأ في التفسير، واستلفت نظري في ذلك مقولة للشيخ محمد رشيد رضا أنه ينبغي «علي المدقق أن يفسر الكلمات المستعملة في القرآن وفقاً لعصر نزول القرآن، والأحسن أن يفهم اللفظ من القرآن نفسه بأن يجمع ما تكرر منه في مواضع عديدة، وينظر فيه»، كما قرأت للعالم الجزائري الشيخ البشير الإبراهيمي أن «فهم معاني القرآن الكريم بكلمات جديدة يؤدي إلي تحميل النص ما لا يمكن أن يحمله، وتحصل به أفهام زائغة عن المراد الإلهي».
ويواصل: من هنا جاءت فكرة رسالتي للماجستير، وقررت أن أبدأ بدراسة ألفاظ العبادات باعتبارها أهم ألفاظ في الدين، وهي ثمانية ألفاظ، وقمت بتتبعها في كل مكان وردت به في القرآن الكريم، فوجدت أن تفسير معاني هذه الألفاظ من واقع السياق الذي وردت فيه يعطي معني يستقيم مع الفهم السليم، بينما الركون إلي التفاسير المعتادة يعطي معاني خاطئة قد تسيء للإسلام.
اجمالي القراءات
14013