بوادر لمواجهة بين الجيش وطالبان في باكستان
تصاعد نفوذ مسلحي طالبان باكستان في عدد من مدن الإقليم الحدودي الشمالي مثل مردان وكوهات ونوشهرة إلى درجة أصبحوا فيها يحكمون من موقع قوة، في حين يستعد الجيش -الذي خولته حكومة يوسف رضا غيلاني باستلام ملف الأمن بالإقليم- لمواجهة بدأ دخانها يتصاعد ويخشى أن تتحول إلى حرب عصابات طويلة الأمد.
من شتى أطراف الحزام القبلي زحف مسلحو طالبان باكستان باتجاه عدد من مدن إقليم الحدود الشمالي الغربي وباتوا قاب قوسين أو أدنى من عاصمته بيشاور، حيث تشهد شوارع مدن مردان وهنكو وشارسدة ونوشهرة وكوهات وغيرها وجودا غير عادي للمسلحين الذين هددوا بوقف المفاوضات مع الحكومة ما لم يوقف الجيش قتاله ضدهم.
وقد بدأ دخان المعركة يتصاعد من مدينة بارا القريبة من بيشاور منذرا باشتعال شرارة مواجهات قد يطول أمدها، في وقت قرر فيه قائد الجيش إشفاق كياني إرسال تعزيزات إضافية قوامها 3000 جندي إلى بيشاور وضواحيها بعدما نفض رئيس الوزراء يوسف رضا غيلاني يده من ملف أمن الإقليم الحدودي وسلمه بالكامل لكياني.
نفوذ متنام
وكيل وزارة الدفاع الأسبق الخبير الإستراتيجي طلعت مسعود يرى أن مسلحي طالبان باكستان يفيدون في الوقت الراهن من مرحلة عدم استقرار الحكومة وضعفها، ويوسعون دائرة نفوذهم بقتل الموالين للحكومة وتنفيذ عمليات خطف، فضلا عن أنهم بدؤوا بجمع الضرائب في بعض المدن وممارسة أعمال الشرطة.
وقال مسعود في حديثه مع الجزيرة نت إن طالبان باكستان بدأت تشكل تهديدا حقيقيا لمدينة بيشاور، مشيرا إلى أن تنامي المشاعر المعادية للولايات المتحدة وتكرار انتهاك قواتها الموجودة في أفغانستان لسيادة باكستان زاد من التعاطف الشعبي مع مسلحي الحركة في الكثير من مدن إقليم الحدود.
وفي وقت كثر فيه حديث الحكومة الجديدة عن نهجها أسلوب الحوار والسياسة لنزع فتيل التوتر الأمني في الحزام القبلي وإقليم الحدود منذ انتخابها في فبراير/ شباط من العام الجاري يخشى كثيرون أن تصبح المفاوضات مع زعماء القبائل شيئا من الماضي.
تعقيد الوضع
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي حسن خان إن حكومة غيلاني تخضع للضغوط الأميركية وليست على قدر من الاستقلالية يساعدها على تنفيذ وعودها وعقد اتفاقات سلام في مناطق القبائل وإقليم الحدود.
وتوقع خان في حديث للجزيرة نت أن يدخل مسلحو طالبان مدينة بيشاور في الأشهر القليلة المقبلة إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه الآن.
مسلحو طالبان باكستان بدؤوا يزحفون تجاه بيشاور (الفرنسية-أرشيف)
ولم يستبعد أن تعيش المدينة خلال الأشهر القادمة أوضاعا مشابهة لتلك التي شهدها واد سوات من قتال عنيف بين الجيش ومقاتلي الملا فضل الله لعدة أشهر.
وأمام هذا المشهد المعقد يخشى خان أن تجد قوات التحالف في أفغانستان الفرصة مواتية لإرسال قواتها إلى الأراضي الباكستانية تحت ذريعة مقارعة طالبان، وهو ما سيزيد من تعقيد الوضع الأمني ليس فقط في إقليم الحدود وإنما في باكستان برمتها، على حد قوله.
عدد من الصحف الباكستانية انتقدت وبشدة موقف الحكومة تجاه أزمة إقليم الحدود، مشيرة إلى "استسلام سريع" أبداه غيلاني لصالح "حلول عسكرية" قد تدخل البلاد في دوامة الفعل ورد الفعل، بما من شأنه أن يحول المواجهات بين الجيش ومسلحي طالبان إلى حرب عصابات طويلة الأمد الخاسر الأكبر فيها باكستان.
اجمالي القراءات
3507