حركة (طالبان) .. إرهابيون أم تجار مخدرات؟

محمد عبد المجيد Ýí 2012-08-07


حركة طالبان.. إرهابيون أم تجار مخدرات؟

أوسلو في نوفمبر 1996

 

   هذا المقال أرسلته إلى الحكومة السعودية عقب نشره منذ أكثر من خمس عشرة سنة، للتحذير من أي دعم لطالبان وأسامة بن لادن، لكن السلطات السعودية لم تكترث، كالعادة، لتحذيراتي، وانفجرت المنطقة بعد تفجير البرجين التوأمين في نيويورك، ووجود خمسة عشر سعودياً من بين الإرهابيين الذين تتلمذوا على أيدي أباطرة الفتاوى المتشددة، وتعاليم بن لادن.   

 

الطريقة التي دخلت بها حركة طالبان العاصمة الأفغانية سيسجـّـلها التاريخ وصمة عار على المجتمع الدولي الذي انقسم حيال غزو داخلي تقوده جحافل الموت، تسقط قنابلها وصواريخها، وتبث ألغامها تحت أقدام الشعب وفي كل ركن من أركان العاصمة المنكوبة.

لا يمكن إدانة الغزو الداخلي من منطلق إبداء صورة من صور التعاطف مع الحُكم الأسبق الذي كان يقوده ربـّـاني ودستم وحكمتيار وغيرهم، فهؤلاء أيضا كانت أيديهم ملوثة بدماء الشعب الأفغاني المسكين، تماما كما كان الحكم الموالي للجيش الأحمر الشيوعي مستبداً، وعميلا، وغير وطني.

الصمتُ حيال ما حدث في أفغانستان لن يعود بنفعٍ على أي دولة من دول المنطقة. وإذا اعتبر العرب والمسلمون دخول طالبان عاصمة بلادهم شأنا داخلياَ، فإن هذه السابقة الخطيرة ستعقبها سلسلة من الغزوات الداخلية التي ستـُـحيل عالمنا إلى بؤرة من عدم الاستقرار، والتوقف نهائيا عن التنمية!

الآن يمكن لجماعة من المعارضة الداخلية في أي بلد عربي أو إسلامي دخول العاصمة بفضل الدعم المالي الخارجي، والتزود بالأسلحة.

لا توجد عاصمة عربية بمنأى عن أعداء لها سيجدون حتما المال والسلاح والرجال، ثم يأتي لاحقاً الإيمان بالقضية.
حتى دول الخليج العربية ستجد أنظمة معادية لها، ولديها بعض العملاء في الداخل، يحصلون على المال والسلاح والدعم الكامل، وربما تقوم الجهات الخارجية بمنحهم القضية جاهزة كأن تكون صراعا مذهبيا أو القضاء على العائلة الحاكمة أو إقامة حُكم إسلامي يستلهم من الشريعة أو من الدين أحكامه الظاهرية، حتى لو كان أتباعه عملاء للمخابرات المركزية الأمريكية كما كانت بعض تنظيمات المجاهدين الأفغان.

الصمت تجاه ما يحدث في أفغانستان لن يكون تأثيره أقل من تأثير الغزو العراقي للكويت. وإذا طال الصمت فلتستعد حكومات العالم العربي لمرحلة جديدة من المواجهات مع عصابات ومجرمين وقبائل وجماعات متطرفة، وعملاء لقوى خارجية، ومن يسكت عما يحدث في أفغانستان فلن يملك حجة واحدة عندما تقترب من قصر الحُكم جماعات من الخوارج، أو تطلق قوى متطرفة صواريخها على العاصمة، فالأيديولوجية طبخة لا تحتاج لأكثر من نصف ساعة، وجهاز فاكس، وبيان يصدره ( الأحرار !) يحتوي على موعظة أخلاقية تناهض الفساد المستشري والمحسوبية والإهمال والظلم .. الخ!

هذه البيانات لا تختلف من جهة إلى أخرى، وقواميسها تتشابه إلا فيما ندر. وبيان القوى اليمينية المتطرفة يكاد يكون مشتقاً من بيانات يسارية، ويضيف الإخوان المسلمون إليه بعض الآيات القرآنية الكريمة،وأحاديث عن تسليم الحُكم من البشر إلى الله. وتـُـذيــّـل جبهة الإنقاذ في الجزائر البيان بعدة كلمات عن ظلم العسكر، وعدم إيمانهم بالشورى، وإلغائهم نتيجة الانتخابات البلدية، والمعارضة البحرينية تقول نفس الكلام، فإذا وصلت إلى الحُكم سلمت مفاتيح السجون والمعتقلات إلى رجالها.

والثورة الإسلامية في إيران كانت أكبر حدث إسلامي في التاريخ الحديث،وكأن إيمان صانعيها ورجالها يتلقى الوحي مباشرة من السماء أو يتصل بالعصر الإسلامي الأول ، فلما وصلت إلى الحُكم شهدت إيران مظالم لا تقل عن عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وكان ( خلخالي) يتباهى بأنه يحكم بالإعدام على أي متهم بعد دقيقتين من المثول أمامه!

الأيديولوجية صناعة لا تختلف عن المعلبات الغذائية والأثاث والمواد الإعلانية في القنوات التلفزيونية التي تتعامل مع متخلفين عقليا.

في أفغانستان تـَـمـَّـتْ صناعة الأيديولوجية بمواد محلية فاسدة، وحملها تجار يطففون في الميزان ويحتالون، وتبتعد رؤوسهم عن أجسادهم أميالا عدة، ثم تركتهم القوى التي صنعتهم ليقوموا هم أنفسهم بالترويج للخواء المتخلف والعفن الموجود داخل الرؤوس الحجرية، فاكتشف عباقرة طالبان(!!) أن قرارا باطلاق اللحية لتصبح أطول من المسافة بين إصبعين بعيدين في يد بالغ حُكم ربــَّــاني، شريطة أن تحدد حركة ( طالبان) عشرة أيام من ظهور شعر اللحية حتى بلوغها الطول المطلوب شرعاً، وإلا فإن السجن جزاء من يكبر شعر لحيته بطيئاً!

ليست القضية في عدم فهم حركة ( طالبان) للإسلام، لكن الخلاف الكبير معهم هو في إعتقادنا عدم معرفتهم بالله، وظنهم أن الله، خالق الكون والإنسان والسماوات والأرض وما بينهما، سيرضى عنهم عندما يقومون بتعذيب عجوز أو جلد مسكين لم تكبر لحيته بعد، أو رجم مسلح استمع إلى قطعة موسيقية، أو معاقبة مسلمة لأن الجزء الأسفل من أنفها ظهر مصادفة من وراء حجاب.

ومع ذلك فحركة ( طالبان) تدعم الإرهاب ، وتأوي إسامة بن لادن في مقابل رشوة يدفعها إلى هؤلاء المتخلفين، وتضع يدها على أكبر تجارة مخدرات في عالمنا التي ستجعل صلاة المسلم كيفاً، ونومه إدمانا، وغيابه عن الوعي هدفا إسلاميا ساميا بفضل عبقرية ( طالبان)!

الصمت الإسلامي على وصول (طالبان) إلى العاصمة كابول، وتوليهم السلطة بعد هدم بلدهم سينقلب علينا جميعاً.

ينبغي فصل ما تقوم به ( طالبان ) عن الإسلام فصلا كليا، والتعامل معها من منطلق هجمة من عصابات وقــُـطـَّـاع طرق، ومحاسبة مجرمي الحرب من الطرفين.. الحكومي وحركة ( طالبان).

إن دخول (طالبان) العاصمة الأفغانية، وانتصار التخلف، وصمت القوى الكبرى، وغض العالم الإسلامي الطرف عما يحدث هناك، وترك الأمور لكي يعالجها الزمن بحكمته وصبره، هي الكارثة الكبرى التي ستصيبنا جميعاً، ومن لا يؤمن بضرورة محاربة الغزو الداخلي كالتصدي للغزو الخارجي فعليه ستدور الدوائر، وسترفع العصابات وتجار المخدرات والمافيا الأفغانية شعاراً عكسياً لشعار القوى العمالية ( يا عمال العالم .. اتحدوا) ليصبح دعوة لاتحاد القوى الانفصالية والإرهابية والمتخلفة.

وبصمت العالم أمام هؤلاء القساة الذين قاموا بغزو بلدهم، ينفتح الباب على مصراعيه أمام جهنم جديدة وحروب وغزوات داخلية لا تبقي ولا تذر.

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو في نوفمبر 1966

اجمالي القراءات 11558

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الخميس ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[68228]

حركة طالبان وهابيون متطرفون

الأستاذ الفاضل / محمد عبد المجيد كل عام وأنت بخير ، السلطات السعودية أستاذنا الكريم لا تهتم من قريب أو بعيد بأي تحذير أو إصلاح ، والذي من خلاله يتم التغلب على الإرهاب الذي يتم تصنيعه من خلال فتاوى متشددة بقتل واغتيالات لا تمت لإسلامنا الحنيف بصلة .


فالسلفية الوهابية التي منبعها السعودية العربية ، والتي يتبع لها معظم المتطرفين أمثال طالبان وغيرها تتغذى من فتاويهم التكفيرية والتي يتبعها تنفيذ عمليات انتحارية كالتي نعاني منها في هذه الأيام  


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأحد ١٢ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[68287]

الايديولوجيا صناعة تغذيها اضمحلال الثقافة

كل عام وانتم بخير استاذ محمد عبد المجيد بمناسبة قدوم عيد الفطر الكريم أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركة.


دائما انت مشغول بقضايا ومشكلات العالم الاسلامي والعالم العربي على السواء برغم بعدك البعيد عن الاقامة في ربوعه ، لكن عقلك وقلبك وفكرك يغطي كل هذه المساحات .


حركة طالبان هى إحدى ثمار التزاوج بين الايديولوجية الوهابية التي انتشرت في العالم العربي والاسلامي كما تنتشر النار في الهشيم ، وقد تم التزاوج بين المصالح الغربية في بقاع كثيرة في العالم الاسلامي وبين هذه الايديولوجية الوهابية ، فنشأت هذه الحركات الارهابية مثل حركة طالبان في افغانستان وحركة حماس في غزة والضفة الغربية، كل ذلك يمكن أن نعزه إلى اضمحلال الثقافة العربية وتلونها بلون الثقافة البدوية القديمة التي لبست عباءة الدين وانتشرت بين العرب والمسلمين فانجبت تلك الحركات الارهابية التي مولتها القوة الغربية تارة ، والسعودية تارة أخرى .


شكرا لك والسلام عليكم ورحمة الله .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,909,019
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway