كمال غبريال
يبدو أن تنظيم القاعدة يجتاح سوريا، ورغم بشاعة البعث الأسدي، إلا أن الأولوية لابد أن تكون الآن لإنقاذ سورية من الوقوع فريسة للإرهابيين لتكون أفغانستان ثانية. . في مصر أخفت الذئاب أنيابها حتى تمكنت من اقتناص الفريسة، أما في سورية فقد ظهر الوضع بعد البدايات الأولى على حقيقته، جماعات الإرهاب المجاهدة في سبيل الله تجتاح البلاد، لتحول سورية لمعقل للإرهاب والقتل على الهوية لتصير بركة من الدماء. . الكارثة الآن في المجتمع الدولي الذي ينظر للأمر باعتباره ثورة شعب من أجل الحرية، وليس انقضاض وحش الإرهاب على الشعب السوري، ويرجح لديه هذا التوجه (كما في حالة القذافي) السجل الأسود للنظام الأسدي.
صعب على مثلي أن يبدو وكأنه يقف في صف أكثر النظم في العالم بشاعة وهو نظام حزب البعث العربي الاشتراكي، سواء في نسخته الصدامية أو الأسدية، أو أي نسخة يمكن أن تظهر تطبيقاً للفاشية العروبية التي تسببت وتتسبب في تخريب المنطقة، لكن "ما باليد حيلة" كما يقول المثل الشعبي المصري، هو قدر شعوبنا الفاشلة حضارياً والعقيمة ثقافياً، أن تظل أسيرة خيارين وحيدين كلاهما أشد سوء وبشاعة وتخلفاً من الآخر، لكن مهما كانت قوة القبضة الحديدية للأنظمة الفاشية العسكرية البعثية وما شابهها، فإن العيش في ظلها وفي إمكانية التخلص منها أفضل بما لا يقاس من فيروسات الإرهاب والكراهية للحياة ولكل من فيها المتمثلة في تنظيمات الإسلام السياسي.
· هل تعيد ليبيا الوجه الربيعي للثورات العربية، ثم تلحق بها ثورة السودان، تلك التي تعد أول ثورة تقوم على حكم إسلامي قسم البلاد وأفقر العباد؟. . ربما كان من المبكر القفز لهذا الاستنتاج، فنتائج الانتخابات وحدها لا تكفي للحكم على ما يجري في ليبيا وعلى مسيرتها المستقبلية، كما أن البشير وحكمه الإسلامي قد سبق وصمدا أمام العديد من الهبات الشعبية، واستطاع بالعنف قتلها في المهد، ومع ذلك فلا تخلو الصورة الآن هكذا مما يحرض على التفاؤل. . وتبقى الصورة في مصر هي الأسوأ والأشد قتامة، وليس في هذا غرابة، فمصر هي منشأ ومعقل الجماعة التي تخرج من مدرستها كل ما شهده ويشهده العالم الآن من عتاة الإرهابيين والقتلة.
· تأسيس "ديوان المظالم" برئاسة "جمهورية مصر الإسلامية" بداية متوقعة لجمهورية الجهل والتخلف الإخوانية، فالدولة الحديثة لا تعرف "ديوان مظالم" يبت رئيس الجمهورية فيما يرد إليه، فمؤسسات الدولة الحديثة المشكلة على أسس علمية تراجع نفسها بنفسها، وتصحح أخطائها آلياً عبر إجراءات العمل التي تعمل بموجبها، فلا تنتج مظالم من الأساس، وتتدارك أي أخطاء تحدث موضعياً، أما أسلوب ومفهوم شيخ القبيلة في القيادة فهذا ما نتجه نحوه الآن في ظل سيطرة الجهل على المدينة. . لنا بالطبع أن نتصور "ديوان المظالم" هذا وحجم ما سيصل إليه يومياً من شكاوى وعرائض تظلم، أشبه بتلك التي شاهدناها في فيلم الفنان هاني رمزي "جواز بقرار جمهوري"، ولنا أن نحسب أجور العمالة المطلوبة لنقل هذه الأطنان من الأوراق من صناديق البريد لصناديق القمامة، ولا بأس إذن من تسمية الديوان "ديوان القمامة"، وربما الأصح "جمهورية القمامة الإخوانجية".
· بعد نتيجة انتخابات الرئاسة التي أوضحت أن 50% من المصريين ضد الجماعة المحظورة، ليس هناك عذر للمجلس العسكري ليجبن عن مواجهة البلطجة الإخوانجية. . أحاول قدر جهدي تبرئة المجلس من تهمة عقد صفقة مع ذئاب الظلام على حساب مصر، ولا يدخل في يقيني أن قادة القوات المسلحة المصرية يحجمون عن مواجهة ما يتحتم عليهم مواجهته حفاظاً على مصر وعلى الشرعية القانونية والدستورية، كما يوجعني احتمال صدق رواية تغييرهم لنتائج انتخابات الرئاسة لصالح مرشح الإخوان تخوفاً من تهديداتهم بحرق البلاد، فإن اقتصر الأمر على حد جلوس محمد مرسي على كرسي الرئاسة لهان الأمر، لكن سياسة التراجع أمام تهديدات التشكيلات الإرهابية التي تتعملق الآن ليس لها نهاية، فطالما وجدوا استجابة لتهديداتهم سيستمرؤن التهديد حتى يسيطروا على البلاد والعباد، ويحولوا مصر إلى مستنقع من التخلف والإرهاب والفساد. . لا أريد أن أصدق أن قادة مصر العسكريين مرتعشون ومرتعبون ومتخاذلون عن أداء واجباتهم إلى هذا الحد!!
· أفهم أن يطالب من يتنحلون لقب "ثوار" بمحاكمة عادلة للمصري المتهم بتهريب المخدرات في السعودية، أما مطالبتهم بالإفراج عنه فهذا يكفي للتدليل على عشوائية وتدني دعاة الثورية.
يقول المثل الشعبي المصري "كله عند العرب صابون"، بمعنى العجز عن التمييز بين الأشياء والتفرقة بينها، لكن يبدو أن الأمر كذلك أيضاً عند الغرب وخاصة الأمريكان، فالسيدة هيلاري كلينتون قبل تشريفها لمصر لتلتقي برموز الجماعة المحظورة تزور فيتنام كأول وزير خارجية أمريكي يزورها منذ 46 عاماً، وتجتمع بالحزب الشيوعي الفيتنامي. . على ما يبدو من سابق تصريحاتها البلهاء أن سعادتها وإدارتها يتصورون هكذا أن "كله صابون"، وأنه كما أمكن ترويض التنين الشيوعي فهكذا يمكن أيضاً ترويض ذئاب الإسلام السياسي، وبالطبع إلى الجحيم بالشعوب فهي التي اختارت التخلف لنفسها. . هي مقاربة عمياء أو استعمائية تلك التي تتجاهل الفروق بين الحالات والمكونات المختلفة، وتتعامل مع الأمر بقولبة وتعميم أخرق، فالشيوعيون مثلاً يعادون الغرب الرأسمالي نتيجة رؤية مخالفة لهم لكيفية تحقيق مصالح الشعوب، وبالتالي فهم قابلون للتقارب إذا ما ثبت عملياً عجز رؤيتهم عن تحقيق الهدف وهو صلاح الدنيا، وهو ما حدث بالفعل في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات بسلاسة غير متوقعة، أما المجاهدون في سبيل الله الذين باعوا الدنيا ليشتروا الآخرة، فهؤلاء لا يعادون الغرب لأسباب مادية عملية، وإنما هم يعادونه ويكرهونه في الله، وبالتالي ستظل نيران عداوتهم له مشتعلة حتى تقوم الساعة، وحتى يقتلوا آخر يهودي (ونصراني أيضاً بالتأكيد) يختفي خلف شجر الغرقد، هم يقولون ذلك دون تقية أو خشية في خطابهم للجماهير، وليس نحن الذين ندعي عليهم، والإسلاميون (وليس المسلمون بالطبع) بعكس الشيوعيين، كلما تبين لهم فشلهم في الدنيا وعجزهم مقابل نجاح الغرب، كلما اشتد سعار كراهيتهم وعداوتهم. . أيتها الحمقاء العزيزة/ هيلاري كلينتون: ليس كله صابون، لكن فيه صابونه تفرق عن صابونه!!
· "الكنسية الأرثوذكسية: مستعدون للذهاب مع مرسي لإثيوبيا لحل أزمة مياه النيل". . "إتلم المتعوس على خايب الرجاء" كما يقول المثل الشعبي، فمشكلة المياه تحل بالعلم والمنطق والمصالح المشتركة وليس بالدروشة والتدليس، لكننا قد دخلنا بالفعل عصر أصحاب العمائم واللحى، فأبشر يا شعب سلم قياده لأمثال هؤلاء!!
· ملامح عصر الإخوان تظهر الآن، بداية من مهاجمة معهد د. مجدي يعقوب الخيري لعلاج أمراض القلب لدى الأطفال في أقصى جنوب البلاد، حتى قتيل السويس المهندس الذي كان يسير مع خطيبته على شاطئ البحر، وقد تم اغتياله باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. . عزيزي د. مجدي يعقوب: ربما كانت مصر الإسلامية لا ترحب بك وبمعهدك الخيري، وربما كان عليك أن تحمل سماعتك ومشرطك وترحل عن تلك البلاد، فهي بلاد إسلامية لا مكان فيها للنصارى الكفار أعداء الله ورسوله، حتى لو أتى هؤلاء الكفار بالعلم والمال ليعالجوا قلوب الأطفال دون أي مقابل. . ارحل عن مصر يا د. مجدي يعقوب، فمصر ستجاهد في سبيل الله، ودخلت مرحلة الذبح والرجم وتقطيع الأطراف، ولا وقت لديها لعلاج القلوب. . إرحل يا سيدي صحبتك السلامة، فالشعب الذي يرضى بهدم معهدك لا يستحق أن تطأ قدماك أرضاً يعيش عليها!!
وصلتني رسالة إلكترونية من موقع إخوان أونلاين يتصدرها ثلاثة أبيات شعر هذا واحد منها:
والموت أمنية الدعاة فهل ترى ركنا يعاب بهذه الاركان
وكان هذا هو ردي عليهم:
عظيم، هكذا تعترفون بأنكم دعاة موت، فما أسوأكم دعاة.
ورسالة أخرى وصلتني منهم يتصدرها أيضاً ثلاثة أبيات شعر لرابعة العدوية يقدمونها على أنها تصور مواقفهم وهذا أحدهم:
وليت الذي بيني وبينك عامر............ وبيني وبين العالمين خراب
وكان هذا هو ردي عليهم:
هنا مقتلكم يا سادة، فالله أعلم إن كان ما بينكم وبينه عامراً أم لا، لكنني لست أدري كيف يكون عامراً رغم أن ما بينكم وبين العالمين خراب، تخربون الدنيا ويرضى عنكم الله؟. . أشك في ذلك!!
هي ثقافة الموت التي تحكم هؤلاء، وهنا جذر كراهيتهم للحضارة وللآخر وحتى كراهيتهم لأنفسهم، فمن يطلب الموت لنفسه تحت أي عنوان كيف يصنع حياة وحضارة؟!
الضمير ليس بالضرورة أداة تقييم وتوجيه نحو الخير، فهو يتشكل لدى الإنسان وفقاً لثقافة مجتمعه ومعاييره، ويأخذ بالتالي شكلها ومحتواها الذي قد يكون غاية في البدائية والتدني، ولدينا الإخوان المسلمون الذين يمارسون الكذب بارتياح ضمير تحت مسمى "التقية" أو "الإيهام في القول"، فليس من المهم إن كان الكذب حلالاً أم حراماً، فالمتلاعبون بالنصوص يسهل عليهم تحليل الحرام وتحريم الحلال، لكن المهم أن الكذاب لن يجد مع الوقت أحداً يصدقه.
الولايات المتحدة- نيوجرسي
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقة قانونية
Kamal Ghobrial
USA- New Jersey
7323088244
اجمالي القراءات
6790