العادة عند معظم الشعوب تركز وتنتقد التطرف الديني بجميع أشكاله وفي كل الأديان، وهذا أمر هام ولا يختلف عليه أحد، نبذ التطرف والعنف والعنصرية ضروري في كل مكان وزمان، من أجل أن يعيش الناس في أمن وسلام لا بد من نقد التطرف بجميع أشكاله، ولكن من وجهة نظري هناك أنواع كثيرة من التطرف ربما لا يركز عليها الناس مثل ما يركزون على التطرف الديني، على سبيل المثال العنف الأسري، العنف ضد المرأة، العنف ضد الأطفال، والعنف في التعليم حيث يصبح المدرس متسلط أكثر من المطلوب، كل ذلك له تأثير في المجتمع، بمعنى حين يصبح الرجل متسلطاً على أهل بيته فهو بحكم ديكتاتور مصغر، بدعوى أنه هو الذي يفهم كل شيء وهو الذي يعلم كل شيء.
كل هذه الأشياء تعد من التطرف ولها عواقب تجعل عقل الأطفال يتجمد عند التفكير بها، فهناك من يفكر عنهم في كل شيء، ومن الممكن أن يقوم الأخ الأكبر في البيت بهذه الوظيفة -وظيفة التسلط- والبعض من الناس من يأكل حقوق أخوته الأصغر على أنه هو الأكبر بسبب التسلط، والتطرف أيضا مثل تطرف المسئولين الذين يأكلون حقوق الملايين من الناس، والناس كما قلت تركز فقط على التطرف الديني وتنسى تطرف المسئولين الذين ينهبون المليارات والذين يقتلون الأبرياء بحجج وأسماء مختلفة، مرة أمن قومي ومرة خطر على البلاد، وفي الحقيقة الخطر الحقيقي هو التطرف، فالتطرف من أي نوع يعد خطراً على أي مجتمع، بمعنى أنه لا يقل عن التطرف الديني، فالتطرف في سرقة ونهب ثروات الشعوب والمحسوبية في المجتمع والعنف الأسري والعنف في التعليم والعنف ضد المرأة والأطفال، لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم خطوة للأمام إذا لم يتخلص من كافة أنواع التطرف، أو على الأقل يكون هناك توازن في نقد التطرف في كل شيء، بمعني لا نركز على جهة ونترك آلاف الجهات من التطرف لا ننتقدها، يجب الانتباه لهذا الأمر، نقد كل شيء يخرج عن المألوف والمعروف والمقبول، أما نركز فقط على نقد التطرف الديني ونترك الساحة أمام المتطرفون في كل شيء، ربما يكون هذا اتفاق بين المتطرفين في الدين وبين المسئولين بإشغال الناس حتى يتم إفقار الشعوب والتعتيم على جرائم الأنظمة المتطرفة والمستبدة... يبدو لي ذلك.
الأستاذ المحترم / رمضان عبد الرحمن كل عام وأنت بخير موضوعاتك دائما مميزة وتناقش من خلالها مشاكل موجودة بالفعل في المجتمع وواجب الكتاب والمفكرين الاهتمام والمساعدة مع المتخصصين على إيجاد حلول لها.
فالعنف الاسري يرجع في معظمه للتنشئة الخاطئة التي نشأ عليها من يتبع العنف ويسلك سلوكا غير إنساني لا يتناسب مع الطرق السليمة في التعامل .