عبد الرحمان حواش Ýí 2011-09-24
* سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم... *II
ــ سبق– بحول الله وحسن عونه –أن بيّنت في موضوع أول، أحد الإعجازات التي في كتاب الله، مصداقا لقوله تعالى في سورة فصلت 53: ( سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ) .ومصداقا كذلك لقوله تعالى ( ... ما فرطنا في الكتاب من شئ ... )الأنعام 38.
ــ بينت إعجاز الآية ، في قوله تعالى : ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ... ) الدخان 10/16. وذلك ءايته في الآفاق.
ــ بيّنت إعجازها بإسهاب، وعزّزت ذلك بملحق، شاف ، كاف ، - بحول الله – يثبّت ما جاء في إعجاز الآية – حسب تدبري لها - ، ويقوّيه ، ولا يترك مجالاً للإرتياب.
ــ أما في هذا الموضوع فسأحاول أن أبيّن من كتاب الله المبين – الذي اتخذناه وراءنا ظهريا، نُكلم به الموتى !ونقرؤه – لا يتجاوز حناجرنا !– من غير تدبّر ولا تذكيـــــر !
· نقرؤه – فقط ، للتّــبرّك ، ولأجر مزعوم !!
ــ سأحاول أن أبين في هذا القسم من السلسلة- إعجاز الآية :
ــ ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا... إن الله عليم خبير)الحجرات 13.ومن كتابه الذي هو : ( ... تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )النحل 89. وهذه الآية : في أنفسنا. مصداقاً – كذلك – لقوله تعالى في سورة الذاريات 21 : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ).
ــوهذا التعرّف المذكور في هذه الآية معجزة ءاخر القرن العشرين. كما سأحاول أن أبيّن ذلك بحسن عونه تعالى. ( ... مافرطنا في الكتاب من شئ...) .
ــ جاءت مادة: ع ر ف في كتاب الله المبين بمعاني عدةمنها :
ــ معرفة أحدنا للآخر سيمة، لا إسماً، ولقباً. والسيمة غير الإسم.
ــ فمعظم الأساتذة، والمشائح، يذهبون إلى معنى التعارف ( بالاسم واللقب ) من غير تدبّر، ولا تحقيق، وما قدروا الله حق قدره !إذا ما ذهبوا إلى هذا المعنى !أقول الركيك ، ويجعلون ذلك ،ءايةأي معجزة !وذلك في القرن الواحد والعشرين !!
ــ فالذين قبل هذا العصر، لا حرج عليهم ، أن يذهبوا إلى ذلكم المعنى – ومع تحفظ –لأن الله قال: لتعارفواولم يقل لتتعارفواكما سيتبين ذلك ، وأكثر من ذلك !ألم يفهموا ، أن هناك تبايناً كبيرا، بين التعبير بتعارفوا ( صيغة فاعل) وبين يتعارفوا- على صيغة تفعّل !!!
ــ مثل ذلكما فهم الأوائل من لفظة الذرةحينما أراد الله بها – مثلا – لأصغر مثقال !قالوا إنها هي النملة !علماً وأن النملة وزنها في عصرنا هذا مئات الآلاف من الذرات – لنتتبع ما جاء من ذكر الذرة، في كتاب الله المبين ، ولنتأمل ما جاء ي سورة النساء40 وما جاء في يونس 61 وسبأ 3 و22 والزلزلة 7-8 : إن الله لا يظلم مثقال ذرة... !ولا يعزب عنه مثقال ذرة... !والمثقال ، لا يمكن أن يكون إلا للذ ّرة : l’atome.
ــومثل ذلكفي عصرنا هذا – القرن الواحد والعشرين– رؤية الهلال بالعين المجردة كشرط للشروع في بدأ صوم رمضان أوالإنتهاء منه، مع ما في ذلك من سخرية واستهزاء بدين الله !وعبث وتلاعب، بحقيقة تلكم الرؤية مـــــن جانب الحكام والشعب !
حين أن علم الفلك، أضبط وأيقن، وأدقّ، من كل علم، ومن كل رؤية بصرية عابثة !وعلماً، أن في المراصد العالمية الفلكية ، مئات الآلاف من المؤمنين المسلمين حرفيين وهواة، يشاهدون ذلكم الإقتران شهريا، ألا يكفي أولئك، في تلكم الرؤية ?وحين أن أهل الذكر يعلمـــون أن الله خـــلــق ( الشمس والقمر بحسبان ) الرحمان 5. ( على صيغة فعلان) ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحقنفصل الآيات لقوم يعلمون ) يونس 5 وما جاء في سورة الأنعام 96 والإسراء 12.
ــ فأين الحساب والحسبان أيها المؤمنون !? وأين القوم الذين بعلمون ?ونحن نتشدّق: أن الإسلام دين علم !
ــ نأكل يوماًأو يومين من شهر رمضان، ونصوم يوما ويومين من شهر شوال.
ــ كفى سخرية وعبثا، بدين الله وبشعيرته، أيها المؤمنون !
ــ فالأوايل من المسلمين ، يحقّ لهم أن بصوموا ويُفطروا لرؤيته لأن ليس لهم معرفة ولا علم بالفلك، ولا بالمرصد !كما جاء في موضوع لي في الموقع تحت عنوان : محاولة تحقيق رؤية الهلال من كتاب الله12/08/2009.
ــ جاء هذا المعنى، في معرفة الغير، في الدنيا وفي الآخرة، في قوله تعالى: ( ... تعرفهم بسيماهم ...) البقرة 273. ومثلها، في الأعراف 48. والحج 72. ومحمد 30 والرحمان 41 وقوله : ( يتعارفون بينهم ...) يونس 45. ومثلها في الأحزاب 59. ويوسف 58.
ــ نلاحظ- وهذا- مهم !أن المعرفة هذه جاءت – كلها- بالسيمات، لا بالأسماء. كما سأوضح ذلك.
ــ فلا نعبثبئايات الله المثلى، إلى درجة أننا نجعل هذه المعرفة ءايةمن ءايات الله !?لنستغفر الله !
ــ لا يصح هذا المعنى لهذه الآية – أبداً – بدلائل عدّة - وعلى الأقل – بالقرائن التالية:
أولا: ما حكمة !?وما فائدة !?وما جدوى !?وما معجزة !?وما ءاية التعارفهذه !?وما... وما ...
ــ ما هي الحكمة من معرفتي للآخر ?ومعرفة الآخر بي ?وفي العالم ملايير من الآدميين، حتى تكون هذه المعرفة من ءايات اللهومن معجزاته !?خاصة وأن الله خلقنا من أجل ذلك !( يأيها الناس إنا خلقناكم ...ِلتعارفوا ... ) - بلام التـّعليل- وخاصة : قوله في ءاخر الآيــــــة ( ... إن الله عليم خبير).
ــ وما قدروا الله حق قدره !أن جعلوا أول علمه وخبرته– سبحانه وتعالى : معرفة بعضنا للبعض !ومن أجل ذلك خلقنا !يا لها من سفالة في الفهم !ويا له من بخس !في جانب الله العزيز الحكيم !
ــ أين الآية ( المعجزة ) ?في هذا التعـرّف ? وأين الظاهرة العجيبة، والخارقة للعادة ?في ذلكم التعارف !
ــ فمنذ فتوتي إلى كهولتي، وأنا أتعرّف بالناس !في محيطي فقط، قـــد تعرفت بالآلاف - من الناس- منذ ذلك الحين – لم يبق في ذاكرتي منهم سوى النزر القليل !والقليل !من
الذين عرفتهم . وحتى الذين جمعتني وإياهم مصلحة عابرة ، إنمحوا من ذاكرتي كما انمحيتُ من ذاكرتهم – بدون شك - !
ــ فإذا كانت هذه الآية من سورة الحجرات ءاية !( أي معجزة !) معجزة التعـرّف !فسوف يحاسبني الله على عدم الإكتراث بها !وعدم التعرف بأكثر، وأكثر !وخاصة نسيانهم !وإني أخاف وأحذر، أن يكون نصيبي في الآخرة ما جاء في ءاية طه 124/127
( ومن أعرض عن ذكري ... قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ... ولم يؤمن بئايات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) .
ــ أويكون حظّيما جاء في ءاية الأنعام 157 ( ... فمن أظلم ممن كذب بئايات الله وصدف عنها ...) وغيرها كثير... – أعاذني الله – وإياكم ، في الآخرة، من سوء عدم الإهتمام بئاية الحجرات إن كان التعـرّف الذي جاء فيها ءاية ومعجزة !
ــ هدى الله مشائخنا وأساتذتنا، لتدبركتاب الله المبين، وءاياته البيّـنات المبينات، أحسن تدبّر وفهم، حتى يُــبيّنوا كتاب الله المبين ، بكل رَوية وبصيرة وتميــيز، ويتجــنّبوا الرذالة في الفهم والإستنباط !
ــ أولا: يأيها الناس:نلاحظ بادئ ذي بــدء، أن الله يخاطب الناس وكل الناس – والسورة
مدنية – لو كان هذا التعارف ءاية وإعجازا لجاء الخطاب بـ : يأيها الذينءامنواحتى يكتمل إيمانهم !?
ــ ثانيا: ما هي الحكمة !? في ذكر الخلق من ذكر وأنثى، وجعــلِــنا شعوباً وقبائلمَا يـُنبئ أن الأمر عظيم ،كما سيتبين لنا - بحسن فضله وبحسن عونه - أي الرجوع إلى أصل خلق الإنسان، من ءادم وزوجه، قبل أن تأتي علة ذلك لتعارفوا( التعارف كما يفهمون !) سيتبيّــنُ لنا ذلك.
ــ وعلى ذكر:الأنثى !فهل هذا التعارف يشمل حتى الإناث !?فيجب أن نتعرف يهن !ويجب عليهن أن يتعرفن بنا !يا له من سخرية !وحـطّ بئايات الله !وفي القرن الواحد والعشرين !!
ــ ثالثا : لام التعليل في قوله: ( ... ِلـِـتعارفوا ) تفيد أن الله خلقنا من ذكر وأنثى وجعلنا شعوباً وقبائل : لعلـة واحدة هي: لنتعارف !?كما يذهب إليه كثير من المشائخ والأساتذة !!لأن لام التعليل تفيد ذلك. خلقنا الله من أجل أن نتعارف ? أمُلزَمون – بأمر الله هذا– أن يعرف بعضنا بعضا، ويتعرّف بعضنا بالبعض ، إنما إستعملتُ " بعضُنا" تجاوزا،ً إذ الأمر لكل الناس أن يتعرف بكل الناس !ولذلك خَــلقهم !? (... إنا خلقناكم ... لتعارفوا... ) غريبوعجيبهذا الأمر !في حكمة الله ! -يجب عليناوجوبا - إذ ْ هو أمرٌ من الله ?أن نستوقف المارة – وبكل بلاهة، وسذاجة – في كل ءان، وفي كل مُنعطف، وفي كل مكان : نسألُهم : ما اسمك !?أو من أنت !?أما أنا فاسمي !وكنيتي !وعملي !كذا وكذا وكذا !!
ــ فما جدوى ذلك !?وما الغاية !?وما... وما ...
ــ أيها الأساتذة !فلا نتبـلّـد في سوء فهم هذه الآية !ونحـط ّ من كتاب الله العزيز الحكيم
ــ سبـق أن نبّهت ، وحذ ّرت- فيما مضى – أحداً من المشائخ ، على سوء فهمه للآية فأصرّ وعاند وتعنّت بل استمر في ضلاله، بل أقول: " ركب رأسه" على أن المقصود من الآية ،هو التعارف ! بين الناس، بالاسم والقب ( معرفة الناس بالناس) وأنهـــا ءاية
معجزة) !!?ألم يُدرك الفرق الفارق ، بين التعبير بصيغة : تفاعل وبين التعبير بصيغة : تفــعّــل !??
ــ رابعا :لنحاول تدبّر الفرق بين التعبير بتعارفوا والتعبير بـيتعارفون بينهم .
ــ جاءت مادة ع. ر. ف. في كتاب الله بمعنيــين اثنين على الأقل:
ــ جاءت بمعنى التعارف الذي يذهب إليه أولئك المشائخ، استهزاءً وسخرية بكتاب الله !وهو أن يتعرف أحدنا بالآخر !ذكراً كان أو أنثى !?لأننا خلقنا من ذكر وأنثى–
كما جاء في الآية - فلا يمكن أن نتعرف إلا بالذكور !? شعوبا وقبائل !أي نتعرف على كل من كان موجوداً على ظهر المعمورة !? ذكرا أو أنثى !شعوباً وقبائل !!
ملاحظة أساسية لا غنى عنها:
ــ التعارف الذي يذهبون إليه ، - لا يصح أبداً – لما تقدم ولما سيأتي - يجب أن يكون – حتما - بصيغة : التـّفاعل فلو قال الله ( يأيها الناس إنا خلقناكم ... لتتعارفوا ... ) لكان ما ذهبوا إليه صحيحاً ، لأن هذا التعارف يستلزم : التبادل، والتناوب، إلــــــــــى غـيـر ذلك. Mutuel - réciproque - alternant. كما بين الله ذلك بالتعبيــــــــــــر بـــــــ:"يتعارفون " في قوله تعالى : ويوم نحشرهم ... يتعارفون بينهم ... ) يونس 45.
ــ وهذا التعارف بالسيمات لا بالإسمكما سأبيّنُ ذلك موضحا – إن شاء الله - في هذه اللفتة التالية :
ــ لفتــة مهمة في الموضوع:
ــإن الله العليمالخبير، لم يذكر في كتابه المبين – ولا مرة واحدة – تجسيد هذا التعارف معرفة إسم ولقب أحد المؤمنين أو المجرمين !حتى في فترة النبوة !إنمـــــــــا ذكر "التعارف" – إن صحّ التعبير- أو المعرفةبالسيمات- لا غير – في الدنيا وفي الآخرة. هناك فرق كبير بين المعرفة بالإسم، و المعرفة بالسيمة !– طبعاً- !
ــ في الدنيا، جاء :
ــ معرفة الفقير بسيمته لا باسمه !( للفقراء ....تعرفهم بسيماهم ...)البقرة 273. من ثيابهم الرثة وغير ذلك،لا بأسمائهم !
ــ معرفــة المنافقين : ( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ... ) محمد 30. لا بأسمائهم !
ــ معرفـة المؤمنين : ( ... سيماهم في وجوههم من أثر السجود ... ) الفتح 29. حتى المؤمنين سيمات لا أسماء. لا يهمك أسماؤهم !" يا محمد " !وبالتبعية، أيها الناس !
ــ أما في الآخرة، جاء :
ــ ( ... رجال ... يعرفون كلا بسيماهم ...) وما جاء بعد ذلك : ( ... رجالاً يعرفونهم بسيماهم ...) الأعراف 46 و48. المعرفة بالسيمات لا بالأسماء !لنتدبّر !ولِنَعُــدْإلى الصواب ! .
ــ وما جاء في سورة الرحمان 41 ( يُعرف المجرمون بسيماهم فيوخذ بالنواصي والأقدام ) . ليس هنالك قائمة أسماء ولا مناداة، وسرد أسماء !إنما هي سيمات وبس !
ــ نلاحظ التعبير مباشرة بعد معرفة السيمة، بالفاء ( يُعرف ... فيؤخذ ...) .
ــ ومعرفة هذه السيمات بيّنها الله العليم الخبيربئايات مبينات- في كتابه المبينمنها :
ــ ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه أما الذين اسودت وجوههم ... وأما الذين ابيضت وجوههم ...) ءال عمران 106/107.
ــ ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ...) الزمر 60.
ــ ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ) عبس 38/42. وما جاء في سورة المطففين24 ( ... تعرف في وجوههم نضرة النعيم ).
ــ (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ... )( وجوه يومئذ ناعمة... في جنة عالية) الغاشية82.
ــ كلها في الدنيا وفي الآخرة، سيمات لا أسماء !حتى الأهل والأقارب فلا إسم ولا لقب ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) المؤمنون 101.
ــ وما جاءفي قوله تعالى ( يوم يفرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل إمرئ يومئذ شأن يُغنيه وجوه يومئذ ... ووجوه يومئذ ...) .
ــ ( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
ــ الخلاصة: كما تقدم لنا ، فلا ذكر - في كتاب الله المبين– لمعرفةالأسماء والألقاب !ولابالتعرّف بها !لا في الدنيا، ولا في الآخرة !فلا نفتري على الله !أيها الأساتذة والمشائخ !.
ــ إذن فمن أين كان التعارف بين العباد في الدنيا ! وءايةمن ءايات الله !?
ــ بعد هذه المقدمة الشافية ،الكافية ، - بحول الله وحسن عونه - فما هو إذن إعجاز هذه الآية البيّنة من سورة الحجرات13، والتي هي من أمهاتالكتاب وليست من الآيات المتشابهاتكما يظنون !ءال عمران 7.
* إعجاز ءاية الحجرات 13 *
ــ سأحاول– بحول الله – تبيين – ما فتح الله عليّ، في تدبّر هذه الآية.
ــ إنها مُعجــزَة ءاخر القرن العشرينوما بعده في أنفسنا– مصداقاً لقوله تعالى في سورة فصلت 53 ( سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ...)وقوله في سورة الذاريات 21: ( وفي أنفسكم فأفلا تبصرون).
ــ وذلكهو علم الوراثة: الجينات ، وعلم الجينات génes – génétique- génome- - وخاصة– إكتشاف الحمض النووي الـرّيبوزي: l’ A.D.N..
ــ ذلكم العلم الدقيق – science éxacte، ولا أدق منه، دقة وضبط الرياضيات. !
ــ ذلكم العلم الذي يشخص بصفة لا متناهية، شجرة النسب التي تشمل – عالم الإنسان منذ خلق ءادم ونوح( عليه السلام ) . ولذلك قال الله في الآية يخاطب النــــــاس جميعهــــم ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ...) ، تـــــلك هــــــــــــــــــي الهندسة الوراثية l’arbre généalogiqueوذلك من خلال الحمض النووي الريبوزي l’A.D.N، الموجود في كروموزومات خلايا الإنسان والحيوان،على شكل تركيبة مروحية حَلزونية ثـُنائية، تحمل كل معلومات أيّ شخص ما ، منذ خَـلـْقِ أبيه ءادم. l’A.D.N.الذي يحمل كل شئ عَنْه ،من لون عينه – مثلا – إلى أمراضه الوراثية إلى ... إلى ... كما يحمل أواصر القرابة من أول نشأة جنس الإنسان liens de parenté إلى يومه هذا.
ــ ذلكمl’A.D.N. الذي يحمل في طـيّاته كل المعلومات عن أي إنسان: جذره وجذعه،
غــــــصنــه (عرفه ) وأوراقه إلى غير ذلك ، من معلومات وصفات مــــا يسمـــــــــــى بـ : البصمة الوراثية" ويحمل أكثر من ثلاثة ملايير"حرْف " موزعة بين الكروموزومات 23، الموجودة في الخلية.
ــ لقد رأينا أنه بمجردِ تحليل شعرة ما من جسم أي إنسان، يُعرف صاحبها – من غير أدنى خطأ – ومن بين الآلاف من البشر !وكذلك شئ من ريقه (البلل) الذي تحملـُه ملعقةالصيدلي(مخـفـّض اللسان ) ومن غير أدنى خطأ – كذلك –.
ــ المراد من قوله تعالى : أنه خلق الناس من ذكر وأنثى وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، لا ليتعرّف بعضهم ببعض كما بيّنت .
ــ والتعارف هًنا ، هو التغــصّــن والتعرّف ، والتفرّع .( من العُرف : الفرع ، الغصن)
والتشعب، تلاحظ التعبير بشعوب– كما نلاحظ أن لفظة : عرف : تُقرأ طرداً وعكساً، وتؤتي نفس المعنى. Palindrome - عـرف، وفرع.
ــ وذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة النحل 72 : ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ...) .
ــ ومصداقا لقوله تعالى في سورة الفرقان 54 ( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً ) .
ــ جاءت مادة ع . ر. ف. العُرف ، ويجمع على أعراف، وهو الغصن ، الطّرف ، الفرع ، المنتهى ...
ــ جاء هذاالعرف في قوله تعالى في سورة الأعراف من الآية 44 إلى الآية 51. ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ... وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال ... وإذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار ... ونادى أصحاب الأعراف رجالا ... ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة ...)
ــ ملاحظــة :إن التعبير بالأعراف في الآيتين : 46 و 48 من سورة الأعراف، التي سُميت بهذا المعنى، وليس بالتعارفالمزعوم ! جاء هذا التعبير بالأعراف بعـــــد ذكر ( بينهما حجاب ...) وهذا الحجاب جاء بيانه في قوله تعالى فــــــي سورة الحديد 13 (... يوم يقول المنافقون ... فضرب بينهم بسور ... ) . فمن فوق هذا السور ومن فوق أطرافه ( أعرافه) extrémités جاءت تلكم المشاهد السابقة الذكر في سورة الأعراف 44/51.
ــ من الغريب !أننا نجد تسمية سطح ذلكم الحجاب ( السور ) أعرافه ( أطرافه )، نجد تسمِيتـَها باللسان الإنكليزي بـ: Roof ( نفس الجرس اللفظي ) ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبـّـين لهم ) .
ــ ( ... إن أكرمكم عند الله أتقاكم ... )جملة معترضة : ( وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات 56. ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا تُرجعون ) المومنون 115. وغيرها ...
ــ وإننا نلاحظ، أن الله العلي الحكيم،ختم هذه الآية بقوله : إن الله عليم خبير (بصيغة فعيل ) !وهي الحجة الدامغة..
ــ ( وما قدروا الله حق قدره إن الله لقـوي عزيز ) إذ جعلوا إعجاز هذه الآيــــــة: التعارف بين الناس !?ما اسمك !?وهذا إسمي !يا له من خرق!وعبث بءايات الله !
ــ وما قدروا الله حق قدره أن جعلوا علمـَه وخِبرَته معرفة بعضنا للْبعض، ثم إن الأدهى ، والأخطر، أنه من أجل ذلك خلقهم !لذلك خلقهم !يا لها من سفالة في الفهم !
ــ من الغريب !!أن يتجلى علم الله وأن تتجلى خِبرته، بل ءايتُه ، وإعجازُه ، في ءاية الحجرات 13.خلق الناس منذ ءادم إلى يومنا هذا من أجل أن " يتعارفوا" بينهم !.
ــ لفتــة لا بد منهــا، بل حجّة دامغة، لِما ذهبتُ إليه : جاء قبل ءاية الحجرات 13
التي نحن بصدد تبيينها، جاء قبلها في الآية 12 قوله تعالى: ( ... أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ...) .
ــ إستفهام تقريري، جاء في هذه الآية في كره أكل لحم الأخ الميت !
ــ أرى أنهذه الآية، التي جاءت مباشرة بعدها ءاية ( ... لتعارفوا...) التي هي كما بينت، أنها إنما جاءت في الجينات، les gènes والحمض النووي،l’A.D.N.، أرى أنها جاءت – هنا - إشارة إلى الخنزير والقرداللذيْن جعلهما الله من اليهود الذين اعتدوا في السبتوالذين جعل منهم القردة والخنازير ( ... من لعنه اللهوغضب عليه وجــــعل منهم القردة والخنازير ... ) المائدة 60. وهذا الجعل حقيقة - لا مراء فيه، – بدليل ما سيأتي وبدليل قوله تعالى في سورة البقرة : ( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قـــردة خاسئين ...) ومثله في سورة الأعراف 166.
ــ نلاحظ : التعبير بالأمر ( كونوا ...) فلا يمكن أبدًا، أن يأمر الله أو يقول : " كونوا " ولا يكونوا !. ( ... وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كــــــــــــن
فيكون) يـس 81/82.وجاء قول الله :كـن:
ــ في خلق ءادم : ءال عمران 59.
ــ وفي خلق عيسى ( عليه السلام ) : البقرة 117. وءال عمران 47. ومريم 35.
ــ وفي يوم البعث والحشر: الأنعام 73.
ــ وفي خلق أي شئ: النحل 40. وغافر 68.
ــ جاءت تلكم الآية 12، من سورة الحجرات ( ... أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) جاءت إشارةً – كما بينت – إلى القردة والخنازير، ذلك أنهما تفرعا من الإنسان، لا الإنسان فرع من القردةكما يزعم دروين وأشباههُ.
ــ تعزيزاً لذلك، وتصديقا،ً أثبتَ علماء الجينات(المورّثات)، والبنية الوراثيةعند الإنسان والحيوان، أن جينات الخنزير وبعض القردة– لا كلها – مثل : le chimpanzee،Legorille ،l’orang-outanأثبتوا، عند تقصّي هيكل تركيبة l’ A.D.N.في كل منها،وتحليل المعلومات المبرمجة فيه، وَحققوا أن جيناتها تشبِهُ génome الإنسان بحوالي 96%. يبدو أن الله العليم، الخبير، القدير، أنقص منها ما يُخوّل الإنسان ، أن يكون – وحده– خليفةفي الأرض !? كالعقل والنطق والتفكير– مثلا ... !( ... صنع الله الذي أتقن كل شئ... ).
ــ ولقد جرّبوا– كذلك – زرع أعضاء كل من القرد والخنزيرفـــــــــي الإنســـــــان
Transplantation- greffage، فوجدوا أنها مُنعدمة، أو قليلة الرفض، والتنافر، incompatibilité – rejet - من جانب الإنسان ، سبحان الله رب العالمين ..
ــ كيف لا يشمئز الإنسان ويتقزّز حين أكله للحم الخنزير، علماً منه أنه لحم إنسان مثله – ميّت – كما عبر عنه العليم الخبير. ولذلك جاء التعبير كذلك بـ : ( فكرهتموه ) بالفاء السببية . لنتدبّر ! ولنتدبّر !.
ــ خلاصة هذه اللفتة: أن الآية12( ... أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتـــــــــا فكرهتموه ...) إنما هي مقدمة وتوطئة وتمهيد ، بل مدخل للآية بعدها : ( .. لتعارفوا..)يرشدنا الله – سبحانه وتعالى – فيها ، ومنها ، إلى التفهم الحق، للآية 13بعدها . ( أفــلايتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) النساء 4.
ــ أكل لحم الأخ الميت هو أكل لحم الخنزير – لا غير – الذي حرمه الله على المؤمنيـــن لأنه لحم أخ لنا، من ءادم وزوجه، لا لأنه يحمل دودة trichine كما يريد الشيطــــــانوالشياطين أن يضـلّونا بتأويل ذلك . فلحم الضأن – كذلك – يحمل دودة أو غـــــدةLe kyste hydatique وغيرها ... ولذلك كان عرضه لزاماً على البيطري.
ــ الخـلاصـــة ــ
ــ إنّ ءاية الحجرات 13معجزة آخرالقرن العشرين– كما قدمت – وأنها جاءت في تفرع الإنسان وتعرفه ( من العرف ) الذي مصدره - من كتاب الله ما جاء في أطراف الســــــور( أعرافه – أطرافه ... ) ما جاء في الآيات 46/48 الأعراف. الذي ضربـــــه
الله بين المؤمنين والكافرين يوم الجزاء - بين الجنة والنار – ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال ...) الأعراف 46.
ــ بيّنتُ ذلك، بأدِلّة كثيرة وقرائن، من نفس الآية ومن الكتاب المبينومن ءاياته البيّنات المبيّنات، أن المقصود منها – علم الجينات l’ADN الذي جعله الله في كروموزومات خلايا الإنسان والحيوان. بينت كل ذلك بالتفصيل ( إن شاء الله – من بين ذلك :
ــ 1) – التعبير بـ : تعارفوا، لا بــيتعارفوا ، ( تفاعلوا لا تتفاعلوا) كما جاء في ءاية سورة يونس45:( ... يتعارفون بينهم ... )لأن التعارف يـــستلزم التنــــاوب والتـــــــداول – كما بيّنت – mutuellement, réciproquement.
ــ أما تفاعلوا : يستدعي التوالي ، والتوازن ، والترابط ، والتسلسل succession et enchaînement.
ــ 2) ــ النداء بـ : يأيها الناس ، لإثار وإيقاظ انتباه العنصر البشري، منذ ءادموزوجه، بما فيه كل الذكور، وكل الإناث ، شعوبِهم وقبائِلهم .
ــ 3) ــ لام التعليل في قوله تعالى : ( ... ِلتعارفوا ...) الذي يحصر مفهوم الخلق، من ذكرومن أنثى، شعوبا وقبائل، من أجل أن يتعارفوالا من أجل أن يتعـرّفوا: ما اسمي !? وما اسمك !?حسب فهمهم الخاطئ، والمتعنت، لتلكم الآية !بل تغاضيهم وإصرارهم،على عــدم فــهم الفــرق الشاســع بين التعبير: بتعارفوا( تفاعلوا ) والتعبـــير بـ : تتعارفوا( تتفاعلوا ).
ــ يا له من سخرية وهوان بئايات الله !. ويا له منحط واستخفافبها !
ــ 4) ــ بربـّكم !يا أولي الألباب !? ما أهمية وما مدى معجزة، وءاية خلق الإنسان من .... وجعــلِه .... من أجل أن، يتعرّف باسم هذا، وبكنية ذلك !.. حتى يكون الله جراء هذا التّعارف:عليما وخبيرا( ... إن الله عليم خبير )أهذا حدّ علم الله وخبرته !?
ــ ( يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً ) أن قالوا إنما خلق الله الإنسان من ... وجعله .... إنما كان ذلك، ليعرف أحدهم الآخر. اسئلهم هل يندمج في ذلكم التعارف، التعرّف بالأنثى، وبالكافر، والمشرك !?والعكس بالعكس.
ــ ( ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) إذ قالوا ذلك وتعنتوا وأصروا !
ــ مهــم :حسب نشرة علمية حديثة، تبـين للعلماء الإختصاصيـين أن خزينة المعلومات في المذكرة المعلوماتية – شبكة الإعلام – لا تمثل إلى حدّ الآن ولا واحدا في المائة 1/100مما هو مخزون في l’ A.D.N.الإنسان الواحد !
ــ سبحانك !سبحانك !ما أعظم شأنك !وما قدروا الله حق قدره !
ــ وأخيراً أرجو الثواب من الله العزيز الحكيم ، الغفور الرحيم ، على هذا التصحيح، بل على هذا النهي عن المنكر، في سوء الفهم لكتاب الله، والحطّ من قدرته العليم الخبير، إنه سميع الدعاء، ءامين .
ــ هذا ما ألهمني الله في تدبري لتلكم الآية – في أنفسنا – مـــــــن سورة الحجرات 13. ــ وستأتينا – بحول الله –ءايات أخرى – من كتاب الله ، نحن عنها غافلون. نسئل المولى القدير، أن يزكي أبداننا، ويطيل أعمارنا، ويبارك في أوقاتنا، جميعاً، في تدبر كتابه، ونشر ءاياته، في الآفاقوفي الأنفس– حتى يتبـين لنا ولهم ( ... أنه الحــق ... ).
ــ والله أعلـــــم ــ
زادك الله علما وتدبرا في آياته .. وجزاك خيرا على ما تقوم به من تدبر مقنع ، نتفق معك فيه بلا شك ، ولكن اسمح لي أن أعاتبك على هذه الجملة التي لم نعتد منك مثلها:" !يا لها من سفالة في الفهم !" رب العزة في كتابه العزيز قال " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
بالطبع أنا لا أعرف ما تتحدث عنه وتختلف معه : شيخ رجل .. لا أعلم : دعنا نتفق أن العقول مختلفة ومتفاوتة في درجة ومستوى الفهم : والاختلاف أستاذي له حكمة عند رب العزة .. دمت بخير
عزمت بسم الله،
بداية أدعو الله تعالى أن يبارك في عمرك ويمدك بالصحة والعافية للمزيد من التدبر في كتاب الله المفروض على المؤمنين، قبل التسابق على حفظه وتجويده وقراءته أناء الليل وأطراف النهار تبركا به في أفراحهم وأقراحهم.
بالنسبة لهذا الموضوع فأنا أرى أن تدبركم في الآية الكريمة (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(13). الحجرات.
أقول إن تدبركم في نظري في محله حسب ما جاء في سورة المرسلات كذلك: وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا(1). فقد فسرها المتقدمون بما يلي: أي الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضه بعضا ونصبه على الحال. الجلالين
وقوله تعالى: "والمُرسَلاتِ عُرفاً"، يقال هو مستعار من عُرْفِ الفرس، أي يتتابعون كعُرْفِ الفرس، ويقال: أُرْسِلَتْ بالعُرْفِ، أي بالمعروفِ. الصحاح في اللغة.
(وجعلناكم شُعُوباً وقبائل لِتَعَارَفُوا. يدل على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض وعلى السكون والطمأنينة. (العباب الزاخر).
وعلى القراء الكرام أن يدلوا بدلوهم في الموضوع، ولكم جميعا التحية والسلام.
ألا يكون لإقرارنا بأن الله أعلـــم محل من الإعراب ؟
أضم صوتي إلى أولئك الأساتذة المعلقين على موضوع الأستاذ حواش : محمد عمارة - وعائشة حسين - وإبراهيم دادي - الذين عبروا عن تقديرهم لاجتهادات ومجهودات الأستاذ، فأدعو الله تعالى أن يبارك في عمره ويمده بالصحة والعافية لمزيد من تدبر حديث الرحمان الرحيم .
إنه موضوع مهم جدا ، وتدبر محمود، لاسيما حول هذه الآية المشهورة التي طالما استمعنا إليها، وطالما كانت موضوع تعليق واستشهاد وخطب ووعظ من طرف المرشدين والأساتذة والمشائح.
(( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) الحجرات رقم 13.
وبكل صراحة، إن المتدبرالأستاذ حواش خرج برأي لم يكن متوقعا، وهو رأي حديث حسب الظاهر، ويُشكرجزيلا على هذا الجهد، وعلى هذه المعلومات المفيدة التي ساقها لنا، ولكن :
هناك ما كان دائما مثيرا لتساؤلات وللحيرة ، بل وحتى للقلق. ومن ذلك ما يلي:
1) لنفرض أن الأستاذ حواش عبد الرحمان كان حيا يرزق في عهد نزول القرآن العظيم ، فإن تدبره للآية رقم 13 في سورة الحجرات ممكن أنه سيذهب كل مذهب ، ومن المستبعد أن لا يفهم من فعل ( لــتعارفوا ) شيئا آخرمغايرا لما فهمه الكثيرون من أنه فعل : التعارف، أي تعارف البعض للآخر من حيث اللون والعادات والتقاليد والألسن وما إلى ذلك مما له علاقه بكونه آية من آيات الله كاختلاف الألوان والألسن . وبالتالي فهو تعارف ذو قدر وقيمة وخلق لأنه تعارف يؤدي أو ينبغي أن يؤدي إلى احترام كل فرد أو كل طائفة للغي، والابتعاد عن التقليل من القيمة والابتعاد بالخصوص عن تزكية النفس،والعلو في الأرض، والتكبر، وعدم الاعتماد أو الثقة في المظاهر، أو في الجنس أو العرق، ما دام الله لا يحابي أحدا، وما دام سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم من هو التقي والأتقى .
نعم لعـلّ هذه الاعتبارات هي التي كانت أو ما زالت تغري المتأمل والمتدبر وتميل به إلى التوجه إلى هذا الفهم ، الذي يراه الأستاذ حواش فهما سقيما ابتدائيا أو ساذجا أو سخيفا أو مفتقرا إلى أدنى إعجاز. ؟
2) وعن الذرة وذكرها في القرآن : وموقف الأوائل إزاءها أو عنها ، وفهمهم لمثقال الذرة ... وهل في وسعهم ، وفي عهد يرجع بنا إلى ألف واربعمائة سنة ، أن يفهموا شيئا مغايرا لما يعايشونه في الصغر مثل النملة ؟
3) ثم هناك مثال آخر أو هو تساؤل: فهل في وسع الأوائل أن يفهموا أوأن يقتنعوا بأن الوجود كله في اتساع وامتداد ؟ وعلى الرغم من حديث الله سبحانه وتعالى الذي يلمح أو حتى يصرّح إلى غيرذلك ؟ بل ومن العجيب أنه يقال إن هناك من هو مصر في اقتناعه بأن الوجود قارّ غيرممتد وغيرمتحرك، بل أكثر من ذلك بأن الشمس هي التي تدور على الأرض
الأرض ، بل إنها في كل يوم وفي غروبها تتجه إلى خالقها وتسجد له ، ولا تتحرك حتى يأذن الله لها بذلك ، إلى غير ذلك من المفاهيم التي يمكن حاليا أن تتصف بالسقم .
ثم إذا اتفقنا أو تصورنا أو فرضنا جدلا أن الإنسانية جمعاء لها عمر، وأن لها مرحلة أولى، ثم مرحلة طفولة – مثلا – فهل نتوقع منها أن تفهم ما يتجاوز إدراك طفولتها ؟
4) إن ما ذهب إليه المتدبر الأستاذ حواش في إعجاز آية الحجرات رقم 13 هو ذو أهمية، وهو علم الوراثة ( الجينات ) وخاصة اكتشاف الحمض النووي l’A.D.N. كما تفضل في شرحه .
وما دام هذا الفتح العلمي الذي أرادت مشيئة الخالق العليم الخبير أن يحدث في هذا القرن أو في عصرنا الراهن ، فهذا يعني أن كل ما ذهب إليه الأوائل قبل هذا العصر الأخير يكون حتما تكلم أو رجح كل فهم ، ما عدا الفهم الخاص بالجينات فــلا .. وأين العبب في هذا ؟ وأين السخف ؟
5) لا أعتقد أن هناك آية قرآنية تقول إن أي فهم يفهمه المتدبر، عندما يأتي فهما مغايرا للحقيقة ولمقصد الله ، فإن صاحبها سيحاسب حسابا يسيرا أو عسيرا .
والله عندما قال في الآيات ( 17 – 20 ) في سورة الغاشية : (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ... وإلى الأرض كيف سُــطحت )) فهل كان في وسع الأوائل أن يفهموا – مثلا – أن الأرض مسطحة وكفى ، تصديقا لحواسهم ، ولعلّ منهم من كان فطنا يرى سرا مكنونا في كلمة " كيف " ؟ ولكنه كان حتما عليه أن يسلم أمره لله ، ويدرج البقية في علم الغيب ؟
6) وإنّ فهم أيّ متدبر، عندما يكون أو مهما كان بسيطا أو ساذجا أو بعيدا كل البعد عن إرادة الله ومقصده، فهل يكون ذلك حتما استهزاء من العبد بربه أو استخفافا ؟ أو عدم تقدير؟ أو استهانة ؟ ثم من له الحق في أن يتجرأ أو يغامر، وأن يحكم بذلك على أي متدبر؟.
7) وهل يحق لأي متدبر أن يفرح بما لديه هو من تأويل ويجزم أنه على حق ، ثم يغترإلى درجة الحكم على المتدبر الآخر صاحب الفهم المغاير، أن يحكم عليه بالضلال؟ ثم يعتقد موقفه ذلك نهيا عن المنكر؟
ثم إن الفهم الأول للآية رقم 13 في سورة الحجرات يقول إن فعل ليتعارفوا يعني أن على الإنسان أن يفعل فعل التعارف وعلى اعتبارالآخر واحترامه وعدم إقصائه أو استبعاده أوهضم حقه وما إلى ذلك .
وأما الفهم الحديث الذي جاء به المتدبرالأستاذ حواش، ذلك الفهم يقول إن كلمة ليتعارفوا تشير إلى الإعجاز أو إلى معجزة القرن العشرين لأنها تتعلق بعلم الوراثة، علم الجينات، ولكن :
إذا كان الفهم السابق السائد هو أن دورالإنسان هو القيام أو ممارسة فعل التعارف بين البشر، فما هو يا ترى دور الإنسان المخلوق بالنسبة للفهم الحديث الذي له علاقة مباشرة بالجينات والحمض النووي ؟
8) وهل يجوزلأي متدبر، ومهما جاء فهمه مغايرا لفهم الغير، هل يجوز له أن يقول: هذا ما ألهمني الله إليه في تدبري لتلكم لآية؟ وهل يسمح لصاحب الفهم المغايرالناتج عن تدبره هو، هل يسمح له أن يقول: وهذا ما ألهمني الله إليه في تدبري لتلكم الآية ؟
9) ومهما كان، فالإنصاف حسب رأيي هو أن نتمعن في الرأيين أو الفهمين للآية رقم 13 في سورة الحجرات ، وبدون أن نبخس أي طرف جهود اجتهاده ونيته. ومن يدري لعل فهم الطرف الأول – السلف – أثر عليه الجزء الثاني من الآية : (( ..... إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) الحجرات رقم 13. ؟
ولعل فهم الطرف الثاني – الخلف – أثر عليه العلم الحديث وما وصل إليه ، لاسيما منذ اكتشاف الجينات والحمض النووي ؟
وعليه ألا يكون لإقرارنا بأن الله أعلـــم محل من الإعراب ؟
تساؤلات من القرآن لأهل القرآن – 25
اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب
أدعوهم لآبائهم : حتى ولد الزنا يلحق بأبيه فى تشريع الاسلام
دعوة للتبرع
سؤالان : السؤا ل الأول : ما هو الفرق بين ( جبار ) و (...
خرافة الاجماع: السني ون استدل وا بالإج ماع وهو قوله...
بل هو تأليه للحسين : يجوز الحزن علي مقتل الحسي ن قراني ا واتخا ذ ...
يكتب عقارا لزوجته: هل يجوز ان يكتب الزوج لزوجت ه عقار بنية الخوف...
لا تصلى معهم .!: أحيان اً نلزم ان نصلي مع السني ن جماعة...
more
السلام عليكم أستاذي الفاضل،و أحييك و اهل هذا الموقع النير على اجتهادكم و دفاعكم عن أصل الإسلام العظيم..هذا أول تعليق لي بعد أن قرأت الكثير من المقالات للأساتذة الأفاضل و نسأل الله العلي أن يزيدنا و يزيدكم علما..
في ما يخص مقالتكم هذه،فلدي ملاحظة بسيطة:إن أصل الكلمة هنا هو "لتتعارفوا" و قد حذفت التاء للتخفيف فأضحت "لتعارفوا" مثل قوله جل و علا في سورة مريم : (تساقط عليك رطبا جنيا) [مريم/25] و أصلها اللغوي "تتساقط"..و المعنى حسب رأيي هو أن الله تعالى خلق البشر شعوبا و قبائل لتعارفوا أي بإقصاء التفاخر بالنسب أو الأصل أو دون ذلك،بمعنى "لا لتفاخروا" و آخر الآية يوضح ذلك "إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"..
و في لسان العرب لابن منظور:تعارف الناس أي عرفوا بعضهم بعضا..
تقبلوا مروري المتواضع..و الله أعلم..