آحمد صبحي منصور Ýí 2011-07-31
سبق فى مقال سبق إعطاء لمحة عن مستحقى الزكاة المالية الرسمية والصدقات الفردية. ونضيف اليها هنا الفىء والغنائم . ويدخل تحت الفىء جميع ما يفىء الى بيت المال او خزينة الدولة من خراج وضرائب على دخل المواطنين ، ونحن هنا نتحدث عن نظام دولة اسلامية ، حيث يتم إقرار الضرائب فى إطار العدل ومصلحة الدولة والمجتمع والافراد ـ وعن طريق ممثلين من الشعب من أهل الاختصاص أو ( الشأن ) أو (أولو الأمر ) . وطالما تتم الموافقة عليه يصبح قانونا واجب النفاذ وشرعا يأذن به الله . ونعطى بعض التفاصيل :
أولا : لمحة أفقية لعموم المستحقين ومستحقاتهم
فى الدولة الاسلامية روافد للعطاء بعضها من الدولة والآخر من الأفراد . وهى أشمل من الصدقات بأنواعها ، إذ تشمل سبعة روافد أو مصادر يستفيد منها الأفراد المستحقون ، ومجموع فئات المستحقين بالمكرر ثلاثون، كالآتى:
1 ـ الصدقة الرسمية (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة 60 )المستحقون هنا ـ خارج حق الله جل وعلا ـ هم ستة : الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِونَ عَلَيْهَا وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِونَ وَابْنِ السَّبِيلِ .
2 ـ الصدقة الفردية :(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة 215 ) . المستحقون هنا خمسة : اِلْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبِون وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
3 ـ الصدقة التطوعية التى يتطوع بها الأبرار فوق المفروض زيادة فى الخير : (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (البقرة 177 ). المستحقون هنا ستة : ذَوِو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِون وَفِي الرِّقَابِ.
4 ـ الفىء (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر7 ) . والمستحقون هنا ـ خارج حق الله جل وعلا ـ أربع ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. أى إن الفىء يذهب خمسه للجهاد السلمى بالدعوة ، والاعداد العسكرى لحماية الدولة الاسلامية المسالمة بطبيعتها وشريعتها . ويبقى أربعة أخماس يتم توزيعها على أربعة فئات من المستحقين ، لكل منهم الخمس من دخل الفىء ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
5 ـ ونفس الحال فى الغنائم (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ( الأنفال 41 ) ، فالمستحقون هنا ـ خارج حق الله جل وعلا ـ أربع ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. أى إن الغنائم يذهب خمسه للجهاد السلمى بالدعوة ، والاعداد العسكرى لحماية الدولة الاسلامية المسالمة بطبيعتها وشريعتها . ويبقى أربعة أخماس يتم توزيعها على أربعة فئات من المستحقين ، لكل منهم الخمس من الغنائم ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وهذا خلاف ما جرى عليه الفقه السلفى الذى يعبر عن دولة معتدية على الآخرين وتشجع جندها على الغزو بأن تعطى أربعة أخماس الغنائم لأفراد الجيش ، ثم الخمس الباقى لذوى القربى واليتامى و المساكين وابن السبيل . وهو على أية حال كلام نظرى ، وتطبيقه فى عهد عمر كان مختلفا عن تصورات الفقهاء فى العصر العباسى. وهذه قضية فرعية لا مجال لها الآن.
6 ـ توزيع بعض التركة قبل توزيع الميراث على مستحقيه : (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) ( النساء 8 ). والمستحقون المقصودون هنا هم ثلاثة فقط : أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ.
7 ـ هذا بالاضافة الى الوصية (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) ( البقرة 180 ). والمستحقون المقصودون هنا هم صنفان فقط : الوالدان والأقربون.
ثانيا : لمحة رأسية لنصيب كل فئة من المستحقين .
وهنا نتتبع مستحقات كل فئة من المستحقين فى تلك الموارد :
1/ 1 : للفقراء سهم فى الزكاة الرسمية
1/ 2 : للمساكين المحتاجين للطعام : ثلاثة أسهم فى الزكاة الرسمية والغنائم والفىء ، ولهم أيضا سهم فى الصدقة الفردية وسهم فى صدقة الأبرار، وسهم قبيل توزيع التركة . المجموع 6 اسهم
1/ 3 : ولابن السبيل المحتاج للضيافة والاكرام : ثلاثة أسهم فى الزكاة الرسمية والغنائم والفىء ، ولهم أيضا سهم فى الصدقة الفردية وسهم فى صدقة الأبرار. المجموع 5 أسهم.
1/ 4 : للانفاق فى سبيل الله سهمان فى الزكاة الرسمية وسهم فى الفىء وسهم فى الغنائم ، أى 4 أسهم ، بالاضافة الى الدعوة المستمرة للانفاق الفردى فى الجهاد بالنفس والمال.
1/ 5: لذوى القربى سهمان فى الفىء والغنائم وسهمان فى الصدقة الفردية وصدقة الأبرار ، أى 4 أسهم .
1/ 6 : يتميز الوالدان بسهمين فى الوصية الواجبة والصدقة الفردية ، مع دخولهما ضمن ذوى القربى.
1/ 7 : اليتامى لهم سهمان فى الفىء والغنائم وسهمان فى الصدقة الفردية وصدقة الأبرار ، وسهم قبيل توزيع التركة على مستحقيها ، أى 5 أسهم
1/ 8 : هناك سهمان مخصصان لعتق الرقيق فى الزكاة الرسمية وفى صدقة الأبرار ، ومع الزعم باندثار تجارة الرقيق يمكن توجيه السهمين الى بنود أخرى كالتعليم والصحة.
1/ 9 : هناك سهم للسائل ـ بغض النظر إذا كان محتاجا فعلا أم محترفا للتسول ، وهذا السهم من الصدقة التى يقدمها الأبرار.
1/ 10 : هناك سهم واحد فى الزكاة أو الصدقة الرسمية لفئتين : العاملون عليها أو الموظفين فى هذا المجال و الغارمون .
عدد الأسهم هنا 32 ، وباقتطاع حق الله جل وعلا فى الجهاد والمؤلفة قلوبهم يتبقى 25 ، مع ملاحظة التداخل بين الأقربن وذوى القربى والوالدين .
2 ـ ويستفاد مما سبق:
2/ 1 : نصيب المحتاجين من الفقراء والمحرومين والمساكين وابناء السبيل هو 14 سهما من جملة 25 . أى إن أغلبية العطاء للمحتاجين ، بينما الأقلية للعاملين على الصدقات (1) من 25 ، والغارمين (1 ) أيضا.
والبقية للوالدين والأقارب (5 ) من 25 ، واليتامى (4 ) من 25 .
2/ 2 : لا يشترط فى الوالدين وذوى القربى و اليتامى أن يكونوا فقراء ،بل يأخذون الصدقة و غيرها بصفة القرابة أو اليتم ، سواء كانوا محتاجين أو غير محتاجين . وبالتالى فهناك 14 سهما من 25 للمحتاجين و9 أسهم للأقارب واليتامى بصفتهم .
2/ 3 : وهؤلاء الأقارب الأغنياء عليهم أيضا دفع الزكاة المالية الرسمية والفردية و التطوعية، أى يأخذون وأيضا يعطون ، ونفس الحال مع اليتيم الغنى إذ يقوم الوصى على ماله بإخراج زكاة ماله رسميا وفرديا ، وربما تطوعيا . أما لو كانوا فقراء محتاجين فهم يأخذون الاسهم بصفتهم فقراء أو مساكين وأيضا بصفتهم أقارب أو يتامى ..ولو فضل عندهم مال فيجب عليهم إخراج زكاة عنه .
2/ 4 : سبق تحديد ذوى القربى بأنهم الأقارب داخل المجتمع المسلم . والمعنى هنا أن كل فرد فى هذا المجتمع المسلم له إعتباران : الأول بصفته فردا أصيلا ، والثانى بصفته قريبا لفرد آخر. وبصفته قريبا يأخذ حق ذوى القربى ،أو سهم ذوى القربى لفلان ، وفلان هذا يأخذ بدوره عنه سهم ذوى القربى ، أى يشمل سهم ذوى القربى عموم أفراد المجتمع ، فكل فرد له سهم فى الغنائم و الفىء أى ما يدخل الى بيت المال من خراج ، يعاد توزيعه على عموم الأفراد . بل ويشمل سهم ذوى القربة المحتاجين أيضا من الفقراء والمساكين و اليتامى والغارمين و العاملين عليها ..لأن كلهم أفراد داخل المجتمع ، وكل فرد هو من ذوى القربى لآخر . وليس هذا فى الفىء والغنائم بل أيضا فى الصدقة الفردية و الصدقة التطوعية التى يقدمها الابرار.
2 / 5 : أى إن الأغنياء يحصلون أيضا على نصيب من الفىء والغنائم وغيرها ، ولكنها لا تتركز فيهم ، حيث أن سرعة دوران المال واتساع دائرة توزيعه تمنع تركزه فى يد أقلية غنية .
2 / 6 : ومفهوم أن الأغنياء هم أكثر مصدر يأتى منه موارد الزكاة الرسمية والفىء والصدقات الفردية و التطوعية ، ومفهوم أيضا أم المستفيد الأكبر هم الطبقات المحتاجة و المحرومة ، ولكن هذا ليس غبنا للأغنياء بل هو من مصالحهم إقتصاديا ، لأن أولئك الأغنياء مفترض انهم أصحاب مزارع و مصانع ومتاجر ، وتربو وتزيد أرباحهم واستثماراتهم بكثرة الأموال فى أيدى المحتاجين لأن اولئك المحتاجين مستهلكون بطبيعتهم ، أى لا بد ان ينفقوا ما يأتيهم بالشراء من مزارع ومتاجر ومصانع الأغنياء ، أى إن ما يقدمه الأغنياء من صدقات وضرائب يتم توزيعها على الفقراء ستعود الى الأغنياء من خلال زبائنهم الفقراء ، وهذا يتم من خلال دورة سريعة متتالية ومستمرة يدخل بها المجتمع طريق الازدهار والرخاء ،بل وطريق التعاطف الاجتماعى والمودة الاجتماعية بديلا عن الحقد الطبقى و الصراع الطبقى .
2 / 7 : مفهوم فى تطبيق هذه النظم أن تقام مؤسسات رسمية وشعبية لرعاية الفقراء والمساكين ولايواء أبناء السبيل ولكفالة اليتامى والمحرومين . وتقبل هذه المؤسسات تبرعات الأفراد من الصدقات الفردية والتطوعية . ومفهوم أيضا أن هذا يشمل فى عصرنا رعاية أطفال الشوارع واللقطاء وكبار السّن والارامل. ومفهوم أيضا أن الرعاية تشمل الى جانب توفير الطعام والشراب و الاقامة جانبا لا يقل أهمية هو الرعاية الصحية للمرضى فى كل مراحل العمر .
2 / 8 : التعليم الأساس من الطفولة الى مرحلة التكليف والبلوغ فرض حتمى وحق لكل فرد ، وهو واجب على الدولة الاسلامية ، ويشتمل على تعليم مهنى يعين الطالب على شق طريقه بنفسه معتمدا على مهاراته الحرفية . والتعليم الجامعى هو لمن لديه استعداد مالى يستكمل به تعليمه الجامعى وما فوق الجامعى ، أو يكون ذا تفوق علمى يجعله مؤهلا للتعليم المجانى عبر منح مقدمة من الدولة . ويتم تمويل التعليم بفرض ضريبة متفق عليها من مجلس شعب منتخب انتخابا نزيها و شرعيا ، أو من خلال مورد ( تحرير الرقيق ) الذى لم يعد موجودا . مع ملاحظة تكرار الوصايا فى القرآن بعتق الرقيق . والعتق من الجهل هو عتق من الرّق . والتعليم ـ أو صناعة إنسان محترم مثقف راق واع ـ هو ضمانة الحرية والرخاء فى المجتمع . كما أن بند (ذوى القربى ) واسع وعريض ويمكن بسهولة أن يتكفل بالتعليم لأن المستفيدين بالتعليم هم الأبناء والأخوة لكل أفراد المجتمع ، هم ذوو القربى لكل فرد ، وهم الأحق بالرعاية الصحية والتعليمية بما يؤهلهم للترقى بأنفسهم وبمجتمعهم.
ثالثا : حدود استعمال الزينة وتحريم كنز الذهب والفضة
1 ـ بسبب تركز المال لدى الخلفاء الأمويين ثم العباسيين قام الفقهاء السنيون بتحريم استعمال الذهب والفضة والحرير. أى إن العصيان السلوكى للخلفاء بكنز الذهب والفضة واكل أموال الناس بالباطل أدى لتطرف فى العصيان من ناحية أخرى هى تحريم المباح الحلال ، وهو استعمال الذهب والفضة والحرير والجواهر .
2 ـ ومن البداية قال جل وعلا فى تجريم تحريم الزينة أى الذهب والحرير والجواهر:( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ( الأعراف 31 : 33 ) .
قوله جل وعلا عن الزينة الحلال (قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يعنى أنها حلال للمؤمنين فى الدنيا ولغيرهم أيضا ، ولكن ستكون حلالا خالصا لهم يوم القيامة وهم فى الجنة يتمتعون بالذهب و الحرير ، يقول جل وعلا عن تمتعهم فى الجنة :(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ )(فاطر 33 ) ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) ( الكهف 30 : 31 ).
ولأن الجواهر حلال فى الاستعمال فقد تكرر تذكير الله جل وعلا للبشر بالنعم المستخرجة من البحر ، ومنه الدرر والجواهر وهى اثمن من الذهب :(وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا)( فاطر 12 )(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) ( النحل 14 )
3 ـ ولكن الله جل وعلا وضع ضوابط لاستعمال الزينة ، وهى منع الاسراف (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ). فالمفترض فى الزينة أنها قليلة يتجمل بها الانسان وهو يحملها على جسده ، ولا نتصوره يحمل زينة ثقيلة ينوء بحملها ، ولو فعل ذلك لاستحق سخرية الناس . ولكن بعضهم يكنز فى خزائنه زينة الذهب والفضة والجواهر ، ويختار بعضها يرتديها فى كل يوم بشكل ولون ونوع مختلف . هنا الاسراف المحرم المنهى عنه ، والذى يتحول به حفظ الزينة الى كنز لها ، فالاسراف يؤدى الى كنز الذهب والفضة أى منعه من التداول:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)(التوبة 34 : 35). أى إنه كما منع رب العزة من تحريم التمتع بالزينة فقد منع أيضا من الاسراف فى استعمالها ، وهذا معنى قوله جل وعلا :( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ). بل جعل رب العزة من الكبائر فى الذنوب أن نتقول على الله جل وعلا بلا علم وان نفتى بتشريع ما أنزل الله به من سلطان (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
4 ـ ودعا رب العزة الى أن ننظر الى كل متاع الدنيا على انه مجرد زينة فى حياة مؤقتة وهى الدنيا فلا ينبغى ان تحتل الأولوية فى حياة المؤمن بدلا عن الاخرة . يقول جل وعلا :(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )(آل عمران 14 : 15 ) (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا )(الكهف 46 ).
5 ـ وجعل رب العزة الحلّ فى التصدق فى سبيل الله جل وعلا: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ )( الحديد 20 : 21 )
وبهذا يتحول استعمال الزينة بالاعتدال الى وسيلة إيجابية تمنع كنز المال وتركزه لدى المترفين وهذا يعنى سرعة دوران المال داخل المجتمع بما يحقق النماء ، كما إن التصدق بالزائد منها وانفاقه فى سبيل الله جل وعلا ينشر الحب والتعاطف بين أفراد وطبقات المجتمع . وعكس ذلك يعنى زيادة الحقد الطبقى لدى الفقراء وزيادة البخل والشح من الأثرياء .
رابعا : العطاء المالى و العطاء الوجدانى
1 ـ سبق أن تعرضنا لآداب الصدقة ووجوب أن تتنزه عن المنّ والأذى . وعرفنا أن الصدقات بكل أنواعها والفىء والغنائم يشترك فى خيرها عموم المجتمع وتساعد فى سرعة دوران رأس المال مما يدفع بالمجتمع الى طريق الرخاء . ولكنّ الرخاء وحده لا يكفى حتى مع كفالة حق المحتاجين ماليا ( الفقراء والمساكين ) والمحتاجين وجدانيا وعاطفيا ( اليتامى )، فلا بد أن يقترن الرخاء ورعاية المحتاجين بإشعارهم بأن ما يأخذون هو حقّ لهم بتعبير القرآن الكريم : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ )( الأنعام 141 ) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) (الاسراء 26 ) ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )( الروم 38) (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ )(الذاريات 19 )(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (المعارج 24 : 25 ).
2 ـ ومن هنا نفهم حرص رب العزة جل وعلا على استعمال مصطلح ( الاحسان ) فى هذا السياق ؛ فالاحسان مصطلح قرآنى يعنى مجموعة من القيم العليا من التسامح والغفران والنبل والعطاء دون إنتظار شكر أو أجر من البشر. ونراجع بعض السياقات القرآنية فى العطاء المالى وإقترانها بالاحسان .
2 / 1 : يقول جل وعلا : ( وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ( النساء 36 ) الاحسان هنا يشمل أيضا الجار والصاحب .
2/ 2 : ويقول سبحانه وتعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا ) ( الاسراء 23 : 28 ) هنا تركيز على حق الوالدين مع التسامح الذى يتأكد مع قوله جل وعلا (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )( النور 22 )
خامسا :وسائل أخرى فى محاربة الجوع والفقر المدقع:
1 ـ جعل إطعام المسكين فدية على من:
* يفطر فى رمضان لأنه لا يقدر على الصيام :(أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ )( البقرة 184 )
* وعلى من يحلق رأسه وهو محرم بالحج : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) ( البقرة 196 )
* ومن يحنث فى اليمين : (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) ( المائدة 89 ).
*ومن يقتل الصيد فى الحرم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ) ( المائدة 95 ).
* ومن يظاهر من إمرأته ثم يعود :(وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ( المجادلة3 : 4 ).
2 ـ دخول المسكين والفقير ضمن مفهوم ( المحروم )، وله حق معلوم فى صدقة الأبرار (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ( المعارج 24 : 25 )، ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ )( الذاريات 19 )
3ـ التأكيد على حق المسكين فى وصايا عدة منها (فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ) ( البلد 13 : 16 ).
4 ـ يتم هذا بالتعاون مع تشريعات أخرى تمنع الاحتكار وتقضى على دابر الفساد وتربط الحرية الاقتصادية بالحرية السياسية والديمقراطية المباشرة والمحاسبة والشفافية والحق فى العدل والقسط وانفتاح الطريق أمام الأفراد للسعى فى الرزق من خلال قوانين تيسر وتسهل الاستثمار والتعمير والاستصلاح ، وتحصر دور الدولة فى حفظ حقوق الأفراد واستعمال الضرائب والزكاة لاعادة توزيع الدخول بما يضمن حقوق المحتاجين وبما يساعد على سرعة دوران رأس المال لصالح الثروة التى يملكها المجتمع فى الأساس وتكون ملكا للأفراد طالما أحسنوا إستثمارها وتنميتها ، وإلا ينتزعها منهم المجتمع لو كانوا سفهاء ويديرها نيابة عنهم ويعطيهم نفقتهم وحقهم فى الرعاية : (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) ( النساء 5 )
5 ـ بهذا يتم ليس فقط القضاء النهائى على الفقر المدقع ، بل يتيسر الطريق لشرائح من طبقة الفقراء لتصعد الى الطبقة المتوسطة التى هى صمام أمن المجتمع ، والتى بدورها يتضخم عددها وتتنوع شرائحها بحيث تصبح الأغلبية طبقات وسطى و الأقليات من الفقراء و الأثرياء ، بل و يتغير مفهوم الفقر ومعياره بحيث يكون (الفقير ) فى هذا المجتمع مساويا من حيث الدخل والامكانات للثرى فى مجتمع آخر .
ختاما
هذه هى سمات المجتمع المسلم ودولته الاسلامية . وبقدر ما توجد بعض هذه السمات الايجابية فى أى مجتمع بقدر ما يكون مجتمعا اسلاميا ودولة اسلامية ، وبنفس القدر يتحصّن من أسباب الهلاك . ومجتمعات الغرب ودوله العلمانية هى الأقرب الى المجتمع الاسلامى الحقيقى ودولته القائمة على العدل والحرية وكفالة حقوق الانسان وكرامته وحقه فى السعادة والسعى فى الرزق.
نتوقف فى الحلقة القادمة مع المجتمع الآخر ، المجتمع الهالك ، وسماته التى تنطبق ـ مع شديد الأسف ـ على المجتمعات المسلمة من المغرب الى أفغانستان وباكستان مرورسا بمحور الشّر ـ وهى السعودية .
سبق فى مقال سبق إعطاء لمحة عن مستحقى الزكاة المالية الرسمية والصدقات الفردية. ونضيف اليها هنا الفىء والغنائم . ويدخل تحت الفىء جميع ما يفىء الى بيت المال او خزينة الدولة من خراج وضرائب على دخل المواطنين ، ونحن هنا نتحدث عن نظام دولة اسلامية ، حيث يتم إقرار الضرائب فى إطار العدل ومصلحة الدولة والمجتمع والافراد ـ وعن طريق ممثلين من الشعب من أهل الاختصاص أو ( الشأن ) أو (أولو الأمر ) . وطالما تتم الموافقة عليه يصبح قانونا واجب النفاذ وشرعا يأذن به الله . ونعطى بعض التفاصيل:لصدقة الرسمية (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة 60 )المستحقون هنا ـ خارج حق الله جل وعلا ـ هم ستة : الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِونَ عَلَيْهَا وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِونَ وَابْنِ السَّبِيلِ ،الصدقة الفردية :(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة 215 ) . المستحقون هنا خمسة : اِلْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبِون وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.،الصدقة التطوعية التى يتطوع بها الأبرار فوق المفروض زيادة فى الخير : (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (البقرة 177 ). المستحقون هنا ستة : ذَوِو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِون وَفِي الرِّقَابِ.الفىء (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر7 ) . والمستحقون هنا ـ خارج حق الله جل وعلا ـ أربع ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. أى إن الفىء يذهب خمسه للجهاد السلمى بالدعوة ، والاعداد العسكرى لحماية الدولة الاسلامية المسالمة بطبيعتها وشريعتها . ويبقى أربعة أخماس يتم توزيعها على أربعة فئات من المستحقين ، لكل منهم الخمس من دخل الفىء ، وهم ذوو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السبيل
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,070,027 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,829 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
صيام رمضان بين الاسلام والفقه السنى (1 )
من الحضيض الى أسفل السافلين .. احزن يا قلبى !!
هذا العلمانى الضحية..صريع السلفية
لصحابة فى القرآن الكريم ـ المقال الثانى
دعوة للتبرع
اوكرانيا وفلسطين: تدعو القرا ئنين للدفا ع عن اوطان هم ضد...
دهن ولحم الخنزير: انا الان بلد اوربي وضروف العيش صعبة وارغب في...
الصلاة الفائتة : كنت لا أصلى ثم بقيت أصلى ، وكنت أؤمن...
التعدد والميراث: اريد ان اعرف التعد د في الزوا ج ..زوج متزوج من...
more
السلام عليكم ورحمة الله أستاذنا الكبير دكتور أحمد صبحي منصور وكل عام وأنت وجميع كتاب الموقع ورواده بخير .
كما أشرت في بداية المقال من أن هناك سهمان مخصصان لعتق الرقيق فى الزكاة الرسمية وفى صدقة الأبرار ، ومع الزعم باندثار تجارة الرقيق يمكن توجيه السهمين الى بنود أخرى كالتعليم والصحة.
أعتقد أنه من الممكن أن نوجه هذان السهمان إلى مفهوم آخر لعتق الرقبة وهم كثر في هذا الزمان ومنهم على سبيل المثال لا الحصر من في رقبته دين ومتعسر في السداد ومهدد لدخول السجن وتشريد أسرته إن لم يسدد هذا الدين