د. شاكر النابلسي Ýí 2010-11-18
-1-
معظم المعلقين والمحللينحذرين، مما حصل في جلسة مجلس النواب العراقي (الخميس 12/11/2010) من انتخاب لرئيس الجمهورية ورئيس لمجلس النواب، وتكليف المالكي – وهو تحصيل حاصل ونتيجة متوقعة لإعادة انتخاب طالباني، من خلال تركيبة سياسية/ كيميائية/إيرانية/ أمريكية/ كردية – بتشكيل الحكومة (كان وجوب تكليف المالكي بتشكيل الحكومة، شرط شارط لإعادة انتخاب طالباني). وربما لا يكون هذا التكليف العقبة الكأداء فيما لو تم زفاف وزواج جديد بي&;ين القبائل السياسية المتناحرة والمستندة إلى القوة العسكرية والنووية الإيرانية، والرغبة الأمريكية في قفل ملف العراق "الأسود" وبسرعة من السياسة الخارجية الأمريكية، ضماناً – ربما – لإمكانية إعادة انتخاب أوباما الطامع في المُلك الأمريكي لأربع سنوات أخرى. وهو ما يفسر رد فعل واشنطن السريع الذي قال: "أن الاتفاق جاء متوافقا مع الكثير من أهداف واشنطن." وقال أنتوني بلينكين، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس بايدن: "هذا إنجاز لافت." ولكن جوست هيلترمان، خبير الشؤون العراقية في مجموعة الأزمات الدولية ردَّ عليه قائلاً: "هذا ليس السيناريو الذي ترغب فيه الولايات المتحدة، إنه السيناريو الأكثر تفضيلا لدى إيران."
اليوم، وفي هذا المقال لن أتحدث عن المزيد مما يحصل في العراق، حتى لا أستبق الأحداث، علماً بأن كل ذي بصر وبصيرة يرى أن الخارطة السياسية العراقية للسنوات الخمس القادمة، قد تمَّ رسمها في طهران، وتمت عليها بعض الإضافات من واشنطن وبرضا ومباركة إيرانية. ويبدو أن طهران وواشنطن مختلفتان في كل شيء، وعلى كل شيء، ما عدا على مستقبل العراق في السنوات الخمس القادمة!
-2-
بانتظار ما سيحدث في العراق، دعونا اليوم نقرأ في كتاب (لعنة النفط: الاقتصاد السياسي للاستبداد) للباحثين: جوردون جونسون، نائب رئيس جامعة كمبردج، والباحث العراقي مجيد الهيتي. وهذا الكتاب، له علاقة وثيقة بما يجري الآن في "العراق الجديد" من إهدار للثروة النفطية الأولى، وهو النفط، وفساد مالي كبير. فإذا كان صدام حسين قد أهدر ثروة العراق في حربه مع إيران( 1980-1988 ) ومع العرب والعالم في حرب الخليج الثانية 1991، فإن بعض زعماء "العراق الجديد" لم يحاربوا، ولم يكونوا بلهاء وأغبياء كصدام حسين، وإنما وضعوا ثروة العراق ومقدراته الضخمة في جيوبهم، وفي حساباتهم. وها هي "منظمة الشفافية الدولية" طبقاً لذلك، تُعلن بكل صراحة ووضوح أن "العراق الجديد"، أصبح أكبر مثال للفساد المالي في التاريخ البشري!
-3-
كتاب جونسون والهيتي (لعنة النفط: الاقتصاد السياسي للاستبداد) يعتبر إطلالة علمية تاريخية على الشروط التي تنتج لعنة النفط، وتحوّل النعمة إلى نقمة. وتحوّل هذه الثروة إلى "دم الشيطان"، كما أطلق عليها فيرنون سميث الأستاذ في جامعة جورج ماسون، في محاضرة له في "معهد السلام" في واشنطن 2003، أو "فضلات الشيطان" كما أطلق عليها المسئول الفنزويلي خوان بابلو الفونسو مؤسس "منظمة الأوبك".
والنفط علامة من العلامات البارزة للمجتمع الريعي، الذي غالباً ما يكون ديكتاتورياً، حيث لا تحتاج السلطة إلى أموال دافعي الضرائب لكي تنفذ مشاريعها، وهي بالتالي لا تسألهم "نَعَمْاً" أو "لاءً"، لأنها في غنىً عن "نَعَمِهم" و"لائِهم"، أو قبولهم ورفضهم، طالما أنها لا تمدّ يدها على جيوبهم. ولعل المجتمعات الريعية في العالم العربي والعالم الثالث وأمريكا اللاتينية وأفريقيا كذلك، قد شهدت ما شهده العراق في العهود السابقة، وفي هذا العهد الجديد، من فساد وعدم خشية من محاسبة الشعب للسلطة الحاكمة، حيث لا صوت للشعب في هذه الحالة. فالسارق لا يسرق من جيب الشعب ولكنه يسرق من جيب السلطة، باعتبار أن الثروة القومية ليست ملكاً للوطن، وليست ملكاً للشعب، وإنما هي ملك السلطة الحاكمة التي عبَّر عنها التراث السياسي/الديني العربي بقول أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي الثاني، في أول خطبة له في المسجد: "أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه، فإن شئت بسطت، وإن شئت قبضت."
إذن، فالنفط وثروته الهائلة ليست نعمة أو نقمة بحد ذاتها، وإنما من يجعلها كذلك، طريقة استعمال هذه الثروة ومدى التحكم والنزاهة والشفافية في التعامل معها. وهذا ينعكس بطبيعة الحال على مستوى ونوعية الأداء السياسي، فيما لو علمنا أن رياح السياسة تتحدد اتجاهاتها بواسطة المال ومصادره. وهو ما قاله المؤلفان في هذا الكتاب، من أن "الثروة النفطية تدفع إلى تحرير الدولة والنظام السياسي من المجتمع وآليات الرقابة والمحاسبة، وتسمح هذه الثروة بتمويل آلة قمع كبيرة على شكل جيوش جرارة وأجهزة أمنية متشعبة، هدفها دعم وإدامة النظام السياسي على حساب جميع الأهداف الأخرى، مما يُغذي النزعة العسكرية وتغليب الخيارات المسلحة على الخيارات السلمية، في حلِّ المشاكل الداخلية والخارجية."
ولكن الخطر السياسي المتعاظم للثروة النفطية، التي تُنتج الاقتصاد الريعي، والمجتمع الريعي، يتلخص بالكوارث التالية:
(وللموضوع صلة).
هل أصبحت مصر دولة "مدنية" لأول مرة ؟
هل مستقبل مصر السياسى فى ( الشوقراطية )
دعوة للتبرع
تساؤلات : قبل ان اتعرف على القرا نيين وغيره م. كنت...
أسلمة الأمم المتحدة: دكتور احمد صبحي منصور اتخيل واسمح لي ...
أرض المستبد وقومه: أتابع كل ما كتبته مع كثرته ، وأعجب نى تحليل ك ...
يا ليت ..!: صبا ح الخير قرات الان على اهل القرا ن ...
الانعام 79: فى سورة الانع ام آية 79 قول ابراه يم عليه...
more