آحمد صبحي منصور Ýí 2010-04-20
أولا :
1 ـ نقصد به هنا درجة الحيوية أو الموات . الحيوية الايجابية التى تجعل الفرد والمجتمع حيا متفاعلا مستعدا للتضحية والقتال والوقوف دفاعا عما يعتقده أو ما يمتلكه أو ما يريده ، أو الموات السلبى والخمول الذى يجعل المجتمع دابة مطيعة يركبها المستبد ، وغاية طموح تلك الدابة هو توفير الحاجات الأساس أو الحد الأدنى منها .
* كعادة الدكتور صبحي منصور نجد مقالاته شاملة وموسوعية وهذا المقال الذي بين أيدينا من هذا النوع الذي استعرض فيه الدكتور حياة عرب الجزيرة وقت نزول القرآن وحياة الصحابة الذين يمكن تصنيفهم إلى قسمين ، قسم عاهد الله وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فحسنوا إسلامهم وأخلصوا للدولة الإسلامية المدنية الوليدة التي اسسها الرسول في المدينة في آخر عشر سنوات من عمره، من أمثال هؤلاء الصحابة أبي الدرداء وأبي ذر الذين لم يكرمهما التاريخ السني ولا الدين السني ومنهم ايضا على بن أبي طالب هذا الرجل الذي آمن وهو في عمر ما بين الثلاثين والأربعين وليس فتى وغلاما كما يدعي أصحاب الدين السني القرشيين للتقليل من شأنه!!
* والصنف الثاني من الصحابة المعايشين للرسول كان لهم منافع دنيوية هى المحرك الأول لهم كنتيجة لثقافتهم البدوية أمثال أبي سفيان وابنه معاوية وأمية وابن الحكم والعباس وابنه، الذين كانت لهم مكانتهم في قريش وأرادوا ألا يخسروها عندما قويت شوكة المسلمين وقرب الفتح لمكة فهرعوا للإسلام لكي يحافظوا على مكاسبهم الاجتماعية من النفوذ داخل قريش المسلمة وكانت ذريتهم هى التي أقامت الدولة الأموية والدولية العباسية اللتان غزت الأمم المجاورة من فارس ومصر والقسطنطينية عاصمة الروم والأندلس الخ .. هاتان الدولتان الأموية والعباسية وكان مؤسسيها تزيوا بزّي الاسلام ورفعوا شعار القرآن الا أنهما في حقيقة الأمر يحملوا ثقافة مجتمعهم البدوي القبلي الذي نشأ على ثقافة المتحدث الرسمي لأجدادهم وهو يقول
* ونشرب إن وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا
* أما تعاليم القرآن تقول أن التقوى هى مقياس التكريم عند الله تعالى يقول تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتاكم) والتقوى لها توصيف في القرآن في قوله تعالى
* ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة 17
أستاذنا تقول في المقال :" كان الانجليز هم أرقى مستعمر حكم مصر ، وأكثرهم رفقا بأهلها ، لم يقم الانجليز بارتكاب جريمة تعذيب لأى مصرى ، برغم من شيوع ثقافة التعذيب قبل وبعد الاستعمار البريطانى لمصر وحتى الآن. ولقد استغل مصطفى كامل حادثة دنشواى ضد انجلترة داخل انجلتره نفسها ، مع أن المحكمة فى دنشواى كانت مصرية صميمة ، ومع أن العادة قبل وبعد الاستعمار البريطانى ـ و حتى الآن ـ هو حق الحاكم فى قتل من يشاء بدون محاكمة أصلا."
وماذا عن التاريخ الذي نقرأ حتى الآن في مدارسنا والذي يصور الإنجليز ذئاب بشرية تفسد كل ما تراه في طريقها ،حتى إن مسلسلاتنا العربية والمصرية تعبر عن تلك المأسآة ! هل نحن في حاجة إلى تصحيح للتاريخ ؟ ومن يقوم به إذن وما مصلحة من يشوهون التاريخ ؟
على الرغم من أن ابن عباس لم ير النبي عليه الصلاة والسلام الا سويعات وكانت حياته كلها مبنية على ثقافة القبيلة وحياة القبيلة الا ان المسلمون علماؤهم وعمومهم لا يزالون يرون ان ابن عباس اشهر رواة الاحاديث رغم كل ما كتبه التاريخ عنه وعن علاقتة القصيرة جدا بالرسول ورغم كل ما ذكر عن فعلته مع على بن ابى طالب شيء مخيف جدا يدعو للتفكير والتعجب والبكاء على حال المسلمين الذين عاشوا مخدوعين يدافعون كل هذه السنين عن أناس لا يمكن وصف ما فعلوه الا انه سرقة ونصب وخداع واختلاس ورغم ذلك يصر المسلمون على اخذ جزء كبير من دينهم من امثال هؤلاء واعتبارهم معصومون ولا يخطئون ..
أدهشتنى هاتين الفقرتين عن ابن عباس
((ومن تاريخ المسلمين نعلم أن من المسلمين من تأخر اسلامه مثل عمرو وخالد وأبى هريرة، ومنهم من كان صبيا عاش فى مكة لم ير النبى إلا وقت فتح مكة ، وظل فى موطنه مكة الى أن مات النبى فى المدينة ، أى لم ير النبى إلا سويعات ، مثل عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبى سفيان .))
((وفى جمع المال تجدهم يتشابهون . فابن عباس يخون ابن عمه عليا بن أبى طالب الذى عينه واليا على البصرة ، وحين رأى ابن عباس اهتزاز حكم الخليفة ( على ) فإنه لم يقف الى جانبه كما يمليه عليه واجب الولاء الوظيفى باعتباره واليا عند (على ) بل كما يمليه عليه واجب القرابة كونه ابن عم الخليفة . غلب عليه حب المال فهرب وحمل معه فى هربه بيت مال البصرة ، وطلب الحماية من أخواله فى الصحراء . خسة ودناءة لا مثيل لها فى ذلك الوقت ، ومع ذلك فابن عباس أحد روافد الدين السّنى ، وجد الخلفاء العباسيين ، وقيلت فى فضله أحاديث ..))
ومن هنا اوجه نصيحة لكل انسان يريد التعلم اقرأ كثيرا قبل ان تتكلم
لابد فعلا من تصحيح التاريخ حتى لا نعلم اولادنا معلومات غير صائبة ، لأنهم سوف يصدمون في حالة وجود معلومات مغايرة على النت وهذا أصبح يسيرا وفي متناول الأطفال قبل الكبار وبالمناسبة إن كلامنا عن الإنجليز بالحقيقة لا يتنافى مع الوطنية في شيء بل إن العكس هو الصحيح وبالمناسبة لازلنا نستعمل السكك الحديدية التي من أيام الانجليز !! وسيأتي الوقت الذي يعتذر فيه الظالم للمظلوم ويدفع تعويضات ، فإذا كان لنا حق عند الإنجليز فلننتظر ! وماذا عن حقوقنا الضائعة من أبناء وطننا ألا يحاسب عليها أيضا ؟
عانى الشرق عموما من الاحتلال الخارجي في القرن الماضي وتخلصت الشعوب العربية منه ما عدا فلسطين هي التي ما زالت تقبع تحت الاحتلال .. ورغم هذه المعناة من الأحتلال الأجنبي إلا أن الشعوب تقدمت وكانت لها حرية الحركة وحرية العمل وتمكنت من إخراج المحتل ، ولكن المحتل الخارجي بعد خروجه جاء مكانه وعلى أنقاضة محتل آخر أكثر قسوة وبطشا وتدميرا للبلاد من المحتل الخارجي ، بل وبدأ يلعب على وتر الوطنية فيقول بعض كتابه المأفونين لطالبي الحرية والمتظاهرين ( زيتنا في دقيقنا ) أي من الأفضل أن نضربكم وننكل بكم ونسحلكم بدلا من أن يفعل بكم هذا المحتل الأجنبي الغريب ،وبالطبع فهم لا يظهرون إلا الجانب السيئ من الأحتلال فقط ويعظموا هذا الجانب ولا يتكلمون مطلقا عن إنجاز الشعوب في مرحلة الأحتلال وكيف انها تفوق منجزات الشعوب في مرحلة الأحتلال الداخلي ..
مصر و الهند والصين وايران هى الأمثلة الكلاسيكية لتلك المجتمعات المستقرة ، وهى مستقرة لأنها لا تعرف الثورات إلا قليلا ، وهى مستقرة لأنها هى التى ازدهرت فيها الحضارات القديمة و استمر فيها نظام الدولة الثابتة مهما اختلفت فيها نظم الحكم أو جنسيات الحكام ، وسواء كانت مستقلة أو محتلة . الأساس هنا أن البيئة الزراعية تضمن الحد الأدنى من ضروريات الحياة ، من ( العيش والملح ) وما يستر البدن ، هذه الاحتياجات البسيطة تدعو بها الأم المصرية لابنها ( الاهى ما يجوّع لك كبد ولا يعرّى لك جسد) ، وللحصول على الغذاء والكساء فلا بد من (الصبر) الى أن ينبت البذر وينمو الزرع وينتج الحقل . ولأن الحقول تحتاج الى النهر فلا بد من سلطة مركزية تتحكم فى الرى والصرف وتحمى الحقول وأصحابها من غارات البدو وغيرهم من الطامعين فى الثروة الزراعية . وبالتالى لا بد أيضا من ( الصبر ) على ظلم هذه السلطة ، فصاحبها ياتى و يغيب ليأحل محله غيره ، مثل الليل و النهار و الفصول الأربعة ، ومثلما يحمله النهر من بقايا حطام وأكوام زبالة يلقيها فى مصبه. ويبقى الفلاح ملح الأرض ، وتبقى الأرض أو الوطن ، ولذا يتحمل الفلاح الباقى الحاكم الزائل أملا فى أن يأتى بعده من يكون خيرا منه .وإن لم يأت ذلك المنقذ القائم بالعدل على حصانه الأبيض فلتأت به ـ ولو فى آخر الزمان ـ الأحلام الوردية والأديان الأرضية وأساطيرها الدرامية . ومن هنا انتشرت اسطورة ايزيس واوزوريس وابنهما حورس والعم الشرير ست ، وفيها تكون ايزيس الأم والزوجة التى تساند الزوج والابن و تهب الحياة للاسرة ، بينما يموت اوزوريس ليعود آخر الزمان حاملا أمل العدل للمظاليم . أثرت تلك العقيدة الفرعونية فى الديانات الأرضية ، وتشكلت منها عقائد المسيح المنتظر ونزول المسيح آخر الزمان ( والمسيح الدجال ) والمهدى المنتظر.
اجتذبت هذه الحالة المصرية انتباه عمرو بن العاص فقال ( مصر مطية راكب ) يعنى بالمثل المصرى ( بلد اللى يركب ) سواء كان الراكب فى عظمة صلاح الدين الأيوبى أو شجاعة الظاهر بيبرس ،أو كان فى جنون الحاكم بأمر الله الفاطمى ومحمد بن قايتباى ، أو عدل احمد بن طولون ،أو جشع السلطان برقوق ، أو وحشية السلطان أيبك ، أو جمال شجرة الدر أو قبح كافور الاخشيدى أو حكمة محمد على ، أو حمق عبد الناصر أو عشوائية السادات أو خيبة حسنى مبارك .
فى كل الأحوال يسهل على المستبد المصرى أن يفعل ما يشاء دون خشية من الشعب ، بل تهبط به مصر أو تصعد حسب مقدرته وشخصيته ، تعلو به مصر إن كان على مثال تحتمس أو رمسيس ، ويهبط بمصر إن كان من الصنف الخسيس. وإذا هبطت مصر هبط معها العرب ، وإذا صعدت وعزّت صعد معها وعزّ العرب .!
وببعض التأويل والتحريف الدينى ـ بعد الاسلام ـ تحول هذا الاستحلال الاجتماعى فى الجزيرة العربية الى استحلال دينى قامت على اساسه دول متحركة مثل حركتى الزنج والقرامطة ، أو دول مؤقتة مثل حكم الهاشميين (الأشراف ) للحجاز ، والدولة السعودية الأولى و الثانية و الثالثة الراهنة.
الصراع المسلح المستمر هو السبب فى عدم وجود دولة مستمرة مستقرة فى الجزيرة العربية ، يستوى فى ذلك إن قامت الدولة على اصول عشائرية قبلية أو على أساس دين أرضى أو سماوى. فى كل الأحوال هناك معارضة مسلحة لا تلبث أن تثور وتقضى على تلك الدولة ،وتجعل القاعدة هى وجود دولة مؤقتة أو متحركة وليست مستقرة مستمرة .ولو افترضنا أن دولة الاسلام العربية ظلت محصورة فى الجزيرة العربية لانتهى عمرها سريعا . وهذا مفهوم من بزوغ حرب الردة بمجرد وفاة النبى محمد عليه السلام. ولو لم تصدّرقريش حيوية العرب العسكرية فى غزو البيئات النهرية خارج الجزيرة العربية ما قامت للعرب المسلمين دولة خارج جزيرتهم العربية . بل إن الجزيرة العربية عادت الى ظلام الجاهلية وغرقت فيه منذ العصر العباسى الثانى ، بعد انتقال الأضواء وتركزها فى البيئات النهرية ، واستقرار حكم العرب القرشيين فيها ، سواء من الأمويين أو العباسيين أو الفاطميين .ولولا البيت الحرام وفريضة الحج لانقطع الاتصال بين الجزيرة العربية و العالم الخارجى بعد منتصف القرن الثانى الهجرى . استفاد العرب من شيوع ثقافة الصبر والخنوع فى البيئات النهرية التى احتلوها فتأكد سلطانهم ، خصوصا وقد تم صبغ ذلك الاحتلال بأديان أرضية تشرع العدوان وتسوغ ظلم السلطان وتوجب طاعته وتحرم الخروج عليه .ومن هنا تفاعلت ثقافتان متناقضتان فى احتلال العرب للبلاد النهرية ، هما ثقافة تلك الشعوب : الخمول والصبر ، أى (ثقافة الموات ) أى عدم التفاعل إلا قليلا ، وثقافة العرب وهى التفاعل والصراع الى درجة القتل أى ( ثقافة الموت) . بايجاز (تقافة الموات ) النهرية وثقافة ( الموت) الصحراوية .وكان الاسلام وسطا بين الثقافتين .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5216 |
اجمالي القراءات | : | 61,076,636 |
تعليقات له | : | 5,495 |
تعليقات عليه | : | 14,893 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
ف 2 : الخوارج يقتلون عليا ويفشلون فى قتل معاوية وعمرو بن العاص
ف 1 : بداية الخوارج وصراعهم مع (على )
( أنس بن مالك : الخادم الخائن ) الكتاب كاملا
دعوة للتبرع
محيص : يقولو ن لا محيص يعنى مفيش فايدة . أعرف أن محيص...
سؤالان : السؤا ل الأول واحد مليون ير مقاول وفاسد...
انا من بنغلاديش: • انا من بنغلا ديش. انا في مشكله في ان...
الاعتسال والطهارة..: اهلا يا دكتور اريد معرفة الفرق بين...
معنى (إن ) و ( لو ) : ما معنى (قل ان كان للرحم ن ولد فانا اول...
more
الدكتور / أحمد صبحي منصور السلام عليكم ورحمة الله كما ذكر في تاريخ مصر القديم أنه كان هناك في مصرالفرعونية القديمة مناخا ثقافيا متحضرا في هذه الفترة من تاريخ المصريين ، فلقد كان المصري القديم يؤمن بالإله الواحد وخصوصا بعد الثورة الدينية التي قام بها اخناتون وأتباعه حيث اختصر الألهة المصرية المتعددة في إله واحد ظاهر رمز له إخناتون بقرص الشمس آتون ، صحيح أنه كان نوع من الإكراه في الدين وكان ضد إرادة المصريين وعقائدهم لذلك ثار المصريون وقاموا بثورة شاملة ضد أتباع إخناتون وكانت هذه من الثورات القديمة التي قام بها الشعب دفاعا عن معتقداته ومقدساته.
إذن هى ثورة حقيقية قام بها المصريون منذ أربعة آلاف عام تقريبا لأنهم كانوا يمتلكون رؤية لحياتهم وعقيدة راسخة تتمثل في البعث والخلود بعد الموت وصوروا في مقابرهم مراحل هذه العقيدة وهذه الطقوس .