مواقع بيضاء فى ثوب أسود
محمد منصور
Ýí
2006-10-10
حدث يوم الاربعاء 25 مايو يستحق التوقف أمامه . بالطبع من حقنا أن نغضب و نثور ونسقط اللعنات على ما حدث ولكن لابد من التوقف قليلا للرصد والتحليل لنكتشف الأبعاد الايجابية لما حدث. فلقد توحدت جميع التيارات المصرية المعارضة من الشمال الى اليمين معا ضد النظام ، لا فرق بين ناصريين أوإخوانى أو لبيرالي، وأسقطت جميع الحجج التى ساقها النظام لتبرير إستمراره أمام العالم الخارجى الذى أدرك مؤخرا بعد طول مساندة لهذا النظام أن مصالحه الحقيقية مع مطالب الشعب بالتغيير والديمقراطية. لقد استطاعت تكلات المعارضة أن تنقل النظام من موقع الهجوم والفعل إلى موقع الدفاع ورد الفعل. وبدا واضحا أمام الجميع فى الداخل والخارج أن النظام قد فقد إتزانه وارتدت جميع خطواته الهجومية عليه لتنال من مصداقيته ومشروعيته امام الجميع . تحول برنامج عماد الدين أديب الذى هدف الى الترويج للتمديد لحسني مبارك والاشادة به إلى مادة للسخرية كشفت كذب وزيف النظام ، وتحولت زفة تعديل الدستور إلى إدانة ورفض للشروط التعجيزية التى وضعها النظام لمنع منافسيه من الدخول فى معترك انتخابي شريف وعادل . وأخيرا فشل النظام فى تحييد قوى الضغط الخارجي بعد أن عاد مندوبه من أمريكا متخيلا أنه خدع الأمريكان بحواراته الأنيقة ليفاجأ بالإدانه القوية والسريعة لما حدث يوم الأربعاء. وأخيرا يصل النظام الى حالة غير مسبوقة من التدنى عبرت عن نفسها فى حادثتين متوازيتين ، حيث قام بإستغلال حادثة عادية تحدث لجميع الاسر ضد الفنان عبدالعزيز مخيون للتشهيربه واستغلالها للنيل من المعارضين جميعا، ثم فى الأخرى أثبت عدم مقدرته على تحمل مواجهة مظاهرة تتكون من بضعة مئات من الأفراد حضروا للنطق بكلمة واحدة من خمسة حروف (كفاية) فكشف عن وجهة القبيح وفعل أقصى ما يستطيع فضربهم واعتدى عليهم جنسيا ليكتب بذلك أول سطور نهايته بيديه.
ان جميع ما سبق يثبت ما عبرنا عنه فى العدد الماضي بأننا أمام نظام آيل للسقوط ، فاقد للشرعية، لم يعد يخيف أحد واستحق كراهية الجميع ، وأنه سيسقط حتما قريبا ليس فقط بتعاظم المقاومة الداخلية ضده أو بتدنى الدعم الخارجى له ولكن لأنه شاخ وهرم يستمرفقط بقوة القصور الذاتى . والسؤال الملح هنا هو ماذا بعد نظام مبارك ؟ وكيف نصيغ عقدا إجتماعيا يحقق لجميع الاطراف الوطنية مصالحها ويضمن لها فرصا متساوية فى الحياة السياسية ؟.وما هى الضمانات التى لابد من تواجدها لمنع أى ديكتاتور أخر من الظهور؟ أننا نعلم تماما أن لكل تجربة ديمقراطية تكلفة إجتماعية ولكن لابد أن نعى أيضا أنه مهما كبرت هذه التكلفة الإجتماعية فهى لا تقارن إطلاقا بالخسارة التى نجنيها من الخضوع لأى نظام ديكتاتورى مهما وفر لنا من وسائل العيش لابد أن ندرك ان الحرية أهم من رغيف الخبز حتى لا نخسر لاثنين معا.
اجمالي القراءات
11747