بعد المواجهة أيمن نور لا يستسلم
مع حلول عيد الفطر ٢٠٢٣ تقرر إدراج الدكتور/ أيمن نور، على رأس قائمة إرهاب جديدة تضم ٨١ شخصاً هو أولهم، وكيف لا يكون أولهم، وهو السياسي المخضرم الأول والكبير في هذا المقام.
ولكن السؤال لماذا هذا القرار الآن، وفي هذا التوقيت الملبد سماؤه بالغيوم، وبخاصة الوضع الإقتصادي المتأزم، وإنخفاض الجنيه أمام الدولار.
وقبل أن أخوض في هذا الأمر، أقول أن السياسة هي النزال بالكلمة أي الرأي والرأي الآخر، وما عدا ذلك يعدُ خطأ كبير يتطلب تدخل رأس النظام لتعديل الأوضاع.
و بداية :
قد قرأت كافة الأسماء المدرجة في قائمة الإرهاب الأخيرة، ومنهم من أعرفه معرفة جيدة تسمح لي بأن أحكم عليه إن كان إرهابياً أم لا، مع ملاحظة أنه لا يوجد تعريف دولي لكلمة الإرهاب حتى تاريخه في الأمم المتحدة، إلا أن قانون العقوبات المصري،(قانون مكافحة الإرهاب)، قد عرفا الإرهاب بالتالي :
"ﻛﻞ اﺳﺘﺨﺪام ﻟﻠﻘﻮة أو اﻟﻌﻨﻒ أو اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ أو الترويع في اﻟﺪاﺧﻞ أو اﻟﺨﺎرج، ﺑﻐﺮض اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم أو ﺗﻌﺮﻳﺾ ﺳﻼﻣﺔ المجتمع أو ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ أو أﻣﻨﻪ ﻟﻠﺨﻄﺮ، أو إﻳﺬاء اﻷﻓﺮاد أو إﻟﻘﺎء اﻟﺮﻋﺐ ﺑﻴﻨﻬﻢ، أو ﺗﻌﺮﻳﺾ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ أو ﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ أو ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺨﺎﺻﺔ أو أﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﺨﻄﺮ، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام
الاجتماعي أو الأمن القومي أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور".
وبتطبيق التعريف السابق للإرهاب في قانون العقوبات وقانون (مكافحة الإرهاب)، فلن نجد أي رابط بين الدكتور/ أيمن نور وبين الإرهاب !، وكذلك الحال لكل من أعرفهم من المدرجين بنفس القائمة، فلا علاقة لهم بتعريف الإرهاب المدرج بالقوانين المصرية.
فـ أيمن نور رجل ليبرالي، ولا يوجد ليبرالي يدعم الإرهاب، بل هو مكافح للإرهاب، ولا وصف يطلق على (أيمن نور) سوى أنه معارض سياسي، وصاحب رأي حر.
وأمريكا وأروبا نظرتهما في غاية السوء لأي نظام ينكل بمعارضيه، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن الخلط في التعامل مع المختلفين في الرأي والربط بينهم وبين قوائم الإرهاب، هو خطأ كبير يستوجب المراجعة الفورية، والعودة عنه، بقرار سياسي سريع لأسباب كثيرة :
السبب الأول/ أن الخلط كما ذكرت آنفاً سيثير الريبة، والشك حول كافة الأسماء السابقة واللاحقة في قوائم الإرهاب.
السبب الثاني/ بمعرفتي الشخصية لشخص الدكتور/ أيمن نور، أستطيع القول بل أجزم بالقول، بأنه رجل سياسي محنك، بل ويعتلي المقام الأول بين كل السياسيين المصريين، سواء كمفكر، أو مثقف، أو رجل شارع، أو كخطيب قادر على الخطابة، لا يكتب له أحد كلماته .. إلخ.
فمثل تلك الشخصية، من المحال أن يخرج أبداً منكسراً بعدما تم وضع إسمه في قوائم الإرهاب، بل سيستفيد من هذا الموقف أكثر، ليرتفع سياسي بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
فعلى سبيل المثال :
يوجد قطاع عريض من الشباب الصغار الآن، لا يعرفون من هو (أيمن نور)، وأعتقد أن جلهم إن لم يكن كلهم سيعرفونه يقيناً في القريب العاجل جداً.
كما أن الأمس القريب، يبين لنا أن نظام الرئيس الأسبق/ مبارك. لم يقدر عليه حتى بعد سجنه، والتنكيل به، وانتصر أيمن نور في النهاية، وخسر نظام عتيد عتيق.
السبب الثالث/ لم يعلن أيمن نور أبداً أنه سيترشح لإنتخابات الرئاسة القادمة، بينما الآن إن أعلن ترشحه على سبيل المثال، فكيف سيكون الوضع، بكل تأكيد سيتم رفع إسمه من قوائم الإرهاب، بل وسيذيع صيته محلياً ودولياً.
مثلما حدث في العام ٢٠٠٥، بعد إتهامه في قضية التزوير الشهيرة، فأعلن ترشحه من محبسه في إنتخابات الرئاسة 2005، فتسبب في إحراج النظام وإجباره على تعديل المادة ٧٦ من دستور 1971، وعدلت المادة بشكل يسمح لأيمن نور بالترشح.
السبب الرابع/ عدم إلتزام النظام المصري بقاعدة النزال السياسي والتي تقتضي :
بأن يترك كل خصم للخصم الآخر، مساحة للخروج والتراجع، إذ أنه لو تمت محاصرة أحدهم من الآخر من دون ترك ثغرة، فعلينا أن نتوقع منه النزال بشراسة، لأنه سيدافع عن نفسه بضراوة شديدة، والمحاصر في النهاية ينتصر.
السبب الخامس/ على فرض أن (أيمن نور) إلتقى بالرئيس الأمريكي، فكيف سيكون رد فعل النظام المصري في هذا الموقف. الرئيس الأمريكي من المحال أن يلتقي بشخص إرهابي.
في النهاية :
أعتقد أن أيمن نور سيستفيد من وضع إسمه في قائمة الإرهاب، فلديه القدرة أن يحول الأمر من (وصمة) إلى (إنجاز) مشرف في تاريخه، كما سيجعل المجتمع الدولي يعيد حساباته بخصوص أي إسم سابق أو لاحق وضع إسمه في قوائم الإرهاب.
وأعتقد أن لعبة السياسية بعد الآن ستختلف في الأداء والشكل.
ذلك لأن "أيمن نور" ليس بالشخص الذي يستسلم أبداً.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
اجمالي القراءات
1776