بايدن وتحديات الشرق الأوسط
أمريكا بايدن، ليست هي أمريكا ترمب، فالأولى دولة تقوم على المبادئ لا المصلحة، والثانية تقوم على المصلحة لا المبادئ، وها هي أمريكا تفرض عليها الديمقراطية أن تعود إلى رفع المبادئ فوق المصالح، وها هو جو بايدن .. يقبع على عرش إمبراطورية تحكم العالم.
ويعلن بأعلى صوت : (من يريد التعامل معنا، عليه أن يحترم قيم حقوق الإنسان، والديمقراطية).
إذاً نحن الآن أمام نظام عالمي جديد، سيختلف طبقاً لطبيعة الرئيس جو بايدن، والحزب الديمقراطي، وبالتالي يجب أن نعلم أن قواعد اللعبة ستختلف عالمياً ايضاً، والتي ستقوم على التالي :
مواجهة أمريكية مباشرة ضد ستة أنظمة في الشرق الأوسط :
1- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو.
2- المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
3- ولي العهد السعودي محمد إبن سلمان.
4- الرئيس التركي رجب أردوغان.
5- الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
6- ولي عهد أبوظبي محمد إبن زايد.
بالإضافة إلى مواجهة مع كل من :
1- الحزب الشيوعي الصيني.
2- الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
هذه الدول من وجهة نظر الرئيس جو بايدن، هي : دول مارقة، خرجت عن النهج المتعارف عليه دولياً فيما يخص الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي دول ليست بالصغيرة، ولا الضعيفة، فلكل منها وزن إقليمي، وتأثير مدوي عالمياً، وشرق أوسطياً تحديداً.
ومنطقة الشرق الأوسط ينظر إليها جموع الأمريكيين ديمقراطيون وجمهوريين، على أنها منطقة خطرة، وبؤرة إرهاب، ووباء، وحكمها إما شمولي أو ديكتاتوري، وبالتالي فإن المواجهة معها، تعد عبثاً !، بل إنها خروج عن أي حسابات عقللانية، فمواجهة إحدها ليس بالأمر السهل ..
ولكن .. إذا ما كانت المواجهة مع (( أمريكا ))، فعلينا أن نعلم أنها باتت ممكنة، لأننا نتحدث عن دولة، هي اتحاد من 50 دولة قوية، أضف إلى ذلك أن لديها صداقة وثيقة مع ستة دول قوية (كندا – المكسيك – أستراليا – فرنسا – بريطانيا – كوريا الجنوبية)، هذا بالإضافة إلى هيمنتها على أكبر حلف سياسي وعسكري (حلف الناتو).
ما أسطره هنا ليس من نتاج مراكز بحثية، إنما هو بحث ورؤية شخصية للوضع العالمي المرتقب، وآلية التعامل معه، أو بالأحرى، آلية وضعيته القادمة في ظل حكم الرئيس جو بايدن، والذي سيواجه عدة عقبات تتمثل في التالي :
أولاً/ المواجهة مع دول لا تعد بالصغيرة ولا بالضعيفة.
ثانياً/ عدم منطقية المواجهة على أكثر من جبهة في الوقت ذاته.
إلا أن الواقع يقف بجانب الرئيس بايدن في ظل تلك المواجهة، من خلال محورين :
المحور الأول/ وجود صراعات فيما بين الدول الثمانية.
المحور الثاني/ أن أمريكا لن تقوم بالمواجهة في آن واحد، وإنما سترتب جدولاً زمنياً خاص بكل نظام حاكم لتلك الدول على حده.
وبالتالي لن تعاني أمريكا في التعامل مع دول الثمانية، والتي ترى جميعها : مارق وخطير.
- فــ إيران لم ولن تتفق مع السعودية مهما حدث، فالإختلاف أيدولوجي، وإيران تسعى لحكم أرض الحرمين.
- وفي الوقت ذاته، لن تتخلى روسيا أو الصين عن إيران، في ظل مواجهتها الخليجية، والسعودية وباقي دول مجلس التعاون، منذ نشأتهم .. هم شركاء لأمريكا.
- كما أن ألرئيس التركي أردوغان، لن يتفق بأية حال، مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حتى وإن أصبح كل منهما هدفاً رئيسياً لأمريكا، فإنهما لن يتفقا أبداً، فخلافات الماضي القريب، لن تداويها الآلام المشتركة اليوم.
وبالتالي فإن نظرية قصة الأسد مع الثيران والتي مفادها : (أكلت يوم أن أُكل الثور الأبيض)، هي التي ستطبقها أمريكا في مواجهتها للدول الثمانية، فإما الإلتزام بالمبادئ، وإما التدخل المباشر والعلني في تلك الدول، لكن .. سيتم محاسبة كل نظام على حده.
وآليات أمريكا في الضغط والتدخل كثيرة، منها ما هو إقتصادي، أو سياسي، أوعسكري، وكل آلية مما سبق لا يستهان بها، فواحدة منها فقط كفيلة على تغيير أنظمة.
لكن : ألا تقوم دول الثمانية، أو بعضها بمحاولات توفيق أوضاعها مع أمريكا، والإجابة هي :
نعم ستحاول كافة دول الثمانية توفيق أوضاعها مع أمريكا، ولكن .. لن تقبل أمريكا أي تفاوض من تلك الدول أو بالأحرى من تلك الأنظمة الحاكمة لتلك الدول، لأن مشكلة الحزب الديمقراطي الآن، هي مع أنظمة وليس مع دول، وبداية علينا أن نعلم التالي :
- أمريكا لن تغفر لأي نظام كان يسعى لتوطيد أركان حكم ترمب لولاية ثانية.
- أمريكا اليوم ترفع شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلاهما غائب عن دول الثمانية.
وبالتالي سيكون لتوفيق أي دولة من دول الثمانية، ثمن باهظ، لكن في كل الأحوال فإن خيار دفع الثمن الباهظ، سيكون هو القرار الحكيم، عن إختيار المواجهة مع أمريكا.
فالمواجهة مع أمريكا بلا أية مبالغات، تعد إنتحار سياسي، وإقتصادي، وعسكري، والأمثلة في التاريخ عديدة.
نسأل المولى الحكمة والهدى
شادي طلعت
اجمالي القراءات
1545