الفصل الخامس : التساوى فى النفس البشرية ذكرا وأنثى فى الأعذار والحرية والمسئولية
الفصل الخامس : التساوى فى النفس البشرية ذكرا وأنثى فى الأعذار والحرية والمسئولية
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السُّنّى الذكورى )
الباب الأول : لمحة عامة
الفصل الخامس : التساوى فى النفس البشرية ذكرا وأنثى فى الأعذار الحرية والمسئولية
مقدمة :
على النفس البشرية ــ من الذكور والاناث ـ تشريعات وفرائض ، ولها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت ، ولها نفس الأعذار ، ولها الحرية فى أن تهتدى أو أن تضل ، أن تطيع وأن تعصى ، أن تؤمن أو أن تكفر . ثم هناك المسئولية على هذه الحرية فى الدين يوم الدين ، وما يترتب عليه من حساب وخلود فى الجنة أو خلود فى النار . كل هذا بتفصيلاته تنطبق على الأنفس البشرية بلا تخصيص أو محاباة لذكر على أنثى أو أنثى على ذكر .
الوعظ الدعوة للهداية لكل الأنفس البشرية ذكورا وإناثا
1 ـ فى موضوع الافك قال جل وعلا للمؤمنين والمؤمنات قال جل وعلا : ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) النور). أى كان ينبغى عليهم ذكورا وإناثا أن يستنكروا حديث الافك وألا يتداولوه فيما بينهم .
2 ـ يدعو رب العزة جل وعلا كل العصاة من الذكور والاناث الذين أسرفوا على أنفسهم ألا ييأسوا من رحمته جل وعلا : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56) الزمر )
3 ـ المصائب والابتلاءات كلها على الذكور والاناث مقدرة سلفا ، قال جل وعلا : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) (22) الحديد )، ومنها الابتلاء فى المال وفى فقدان الأحبة ، وفى هذا الابتلاء ينجح الصابرون من الذكور والاناث . قال جل وعلا :( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة )
4 ـ تحريم تزكية النفس ( من ذكر وأُنثى ) بالتقوى ، قال جل وعلا: ( فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم )
5 ـ وعلى كل نفس ( من ذكر وأُنثى ) أن تتقى ربها جل وعلا بأن تحاسب نفسها فى الدنيا ، أى يعلو فيها ( الضمير / الأنا العليا / النفس اللوامة ) وتنهى نفسها عن الهوى ، و تنظر كل نفس ما تقدمه من خير لنفسها يوم الدين ، ولا تكون من الذين ينسون يوم الحساب فينساهم رب العزة جل وعلا من رحمته يومئذ ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (19) الحشر )
7 ـ شر الأنفس ( من ذكر وأُنثى ) هى التى تحترف التدين والتلاعب بالكتاب الالهى ، تجعل نفسها ( مرجعية ) و ( رجال دين ) و ( كهنوت ). يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، ولا يقبلون أن يقال لهم ( إتّقوا الله). ، قال جل وعلا: ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (44) البقرة )
التكليف حسب طاقة كل نفس من ذكر أو أنثى . وهذا طبقا للاسلام المؤسس على التخفيف ورفع الحرج والعنت والمشقة . قال جل وعلا :
( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) (286) البقرة ) ( لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا البقرة 233 )( وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) (62) المؤمنون )( لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا الانعام 152 )( لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا )(42) الاعراف ) ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا ) (7) الطلاق )
عن الحرية الدينية المطلقة للنفس البشرية ( من ذكر وأُنثى ) فى مشية الهداية أو الضلال ، الطاعة أو المعصية ، ومسئولية كل نفس على ما تقوول وما تفعل وما تؤمن :
1 ـ كل نفس تتحمل نتيجة عملها ، خيرا أو شرا ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ، قال جل وعلا : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) (286) البقرة )
2 ـ من يفعل سوءا فعلى نفسه، قال جل وعلا: ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ) (111) النساء ).
3 ـ كل نفس تفعل ( الاثم ) أو ( الوزر ) من ذكر وأنثى ستأتى يوم القيامة تحمل وزرها . يقول جل وعلا : ( وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الأنعام ) ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) النحل ).
وقد تكرر فى القرآن الكريم قاعدة ( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) ، قال جل وعلا : ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (164) الأنعام ) ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (15) الاسراء ) ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (18) فاطر )( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(7)الزمر)( أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) النجم ). صلة هذا بالنفس البشرية أن ( وازرة ) هى وصف للنفس البشرية هنا . وطبقا للإيجاز بالحذف تم حذف الموصوف وهو ( النفس ) وجىء بالوصف ( وازرة ) ليدل على المحذوف . وهذا اسلوب من الفصاحة القرآنية .
4 ـ من أبصر بقلبه الايمان فلنفسه ، ومن عمى عن الهدى فعلى نفسه ، قال جل وعلا : ( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ) (104) الانعام )
5 ـ من اهتدى فقد اهتدى لنفسه ومن ضل فقد ضلّ على نفسه ، قال جل وعلا : ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )(15) الاسراء )( فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )(41) الزمر ) ( فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) (92) النمل ) ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) (108) يونس )
6 ـ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعلى نفسه ، قال جل وعلا : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) (46) فصلت )،( الجاثية (15) )
7 ـ نفس الحال ، قال جل وعلا : ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ) (6) العنكبوت )( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) (18) فاطر) ( وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) (40) النمل ) ( وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) (12) لقمان )( فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ )(38) محمد ) ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) (10) الفتح )
تسجيل الأعمال
هو على كل نفس من ذكر وأنثى ، وعلى كل نفس رقيب وعتيد يسجلان عملها ، ثم تأتى كل نفس ومعها رقيب وعتيد وقد تحولا الى سائق وشهيد ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق )
فى تفصيلات اليوم الآخر
قراءة كتاب العمل لكل نفس : كل نفس تقرأ كتاب أعمالها ، قال جل وعلا : ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) الاسراء )
لذا فإن ما تقدمه النفس ( من ذكر وأُنثى ) من خير فى الدنيا تجده فى انتظارها فى الآخرة ، قال جل وعلا : ( وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ) (110) البقرة )( وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ) (20) المزمل )،
لا شفاعة لنفس بشرية فى نفس بشرية ، وهذا بالتناقض لما تفتريه الأديان الأرضية من شفاعة مزعومة للأنبياء والأولياء والأئمة والكهنوت ، قال جل وعلا : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً )البقرة (48) (123)). ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19) الانفطار ).
تأتى كل نفس ( من ذكر وأُنثى ) تدافع عن نفسها وفى الحساب توفى عملها وسعيها دون أدنى ظلم ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ) ( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر ) ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه )
ولا تستطيع نفس أن تتكلم يومئذ إلا باذن الرحمن سواء كانت من الأشقياء أو من السعداء، قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود )
وتكون كل نفس ( من ذكر وأُنثى ) أسيرة ورهينة لما عملته فى الدنيا ، قال جل وعلا : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) المدثر )
ولا ظلم فى توفية كل نفس ( من ذكر وأُنثى ) عملها ، قال جل وعلا : ( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281) البقرة )
ولا ظلم فى ميزان الأعمال لكل نفس بل هو بالقسط ، مع :
1 ـ إن الحساب على كل شىء مهما كان ضئيلا ، قال جل وعلا : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (47) الانبياء) .
2 ـ إن الله جل وعلا سريع الحساب ، قال جل وعلا عن كل نفس ( من ذكر وأُنثى ) : ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) غافر )( لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) ابراهيم )
الجزاء على العمل ، سواء كان عملا صالحا أم سيئا . قال جل وعلا عن جميع البشر والأمم وهم ينتظرون الحساب جُثاة : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) الجاثية )، وبالتالى فلا ظلم ، لأنه جزاء على نفس العمل ، قال جل وعلا : ( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس )
أصحاب الجنة يتنعمون فيها بعملهم الصالح ، قال جل وعلا : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43)الاعراف )
اصحاب الجحيم يتعذبون فيها بعملهم السىء ، قال جل وعلا : ( إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (39) الصافات ). ( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) يونس )( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90) النمل ) تتحول سيئاتهم فى الدنيا الى عذاب فى الآخرة ، لذا تدعو الملائكة أن يقى الله جل وعلا المؤمنين المتقين من سيئاتهم ، وبهذا تكون الرحمة الالهية بهم : ( وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر ). والغفران يوم الدين يعنى تغطية السيئات ، وتحولها الى حسنات تكون نعيما لأصحابها وهم فى الجنة .
عموما فإن الظالم يلقى جزاءه فى الدنيا وفى الآخرة ، أى فالظالمون هم الذين يظلمون أنفسهم ، وما ظلمهم الله جل وعلا ولكن أنفسهم يظلمون ، قال جل وعلا عن كل الأنفس ( من ذكر وأُنثى ):
( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )(1) الطلاق )( وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) النحل )( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) النحل ) ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت )( فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) الروم )( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44) يونس ) ( وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) البقرة ) ( فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) التوبة ) ( سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) الاعراف) . بالتالى فهم لا يخدعون سوى أنفسهم : ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) البقرة )
والذى يظلم الغير يظلم نفسه ، ولكن من يستكين للظلم راضيا به خانعا له يكون أيضا ظالما لنفسه ، مثل الذى يتعرض للاضطهاد فى دينه ويقدر على الهجرة ولا يهاجر ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) النساء ) .
ثم يكون الندم ، قال جل وعلا يعظ الأنفس البشرية ( من ذكر وأُنثى ) مقدما : ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ ) (54) يونس )
اجمالي القراءات
3240