وزارة الثقافة تقصي رواد فن الروايس من الدعم الاستثنائي هي فضح لاكذوبة المصالحة مع الثقافة الامازيغية
وزارة الثقافة تقصي رواد فن الروايس من الدعم الاستثنائي هي فضح لاكذوبة المصالحة مع الثقافة الامازيغية
مقدمة متواضعة
ان الفن الامازيغي عموما و فن الروايس خصوصا يعبر عن هموم مجتمعه المختلفة حسب السياق التاريخي و السياسي و الاجتماعي.
ان قصائد الروايس تعتبر وثائق تاريخية تؤرخ لتاريخ المغرب منذ دخول وسائل التسجيل الى المغرب اوائل القرن الماضي بفعل الاستعمار الفرنسي الى الان حيث يقول الاستاذ محمد ولكاش بصفته باحث كبير في هذا الميدان من خلال كتابه تيروسا الجزء الاول ان بداية حركة تسجيل الروايس الاوائل ترجع الى عقد الثلاثينات من قرن 20 مع اسماء كبار مثل الحسين اشبان الذي سجل في سنة 1930 حيث اذ يعتبر هذا الاخير اول رايس قد سجل حسب قول الاستاذ وكاش في كتابه القيم .
ان الجيل الاول من الروايس هم الحاج بلعيد و بوبكر انشاد و عبد النبي اتنان و محمد ساسبو الخ من هؤلاء الروايس الذين وضعوا الاسس الاولى لتيروسا في المغرب ككل و ليس في منطقة سوس الكبير لان اهل سوس قد هاجروا الى مدن المركز .
ان قصائد فن الروايس تختلف مواضيعها من سياق الى اخر بحكم ان الرايس يتوفر على مقام كبير لدى المجتمع باعتباره يرشد الناس الى الخير و الصلاح عبر النصائح بكل ابعادها الدينية و الاجتماعية و السياسية سواء في عهد الحماية او في عهد الاستقلال مع ظهور الارهاصات الاولى لتمهيش الملف الامازيغي من طرف السلطة على مختلف الاصعدة و المستويات بمعنى ان الرايس استطاع ان يكون شاهدا على عصره حسب ارضيته المعرفية و الدينية بالخصوص لان اغلب كبار الروايس كانوا في المدارس العتيقة اي حفظوا القران الكريم كاملا او نصفه الخ اي ان الرايس يمثل الوعي الديني لدى مجتمعنا الامازيغي قبل الغزو الوهابي للمغرب سنة 1979.
ان اغلب الروايس استطاعوا ان يؤرخون لاحداث حاسمة في تاريخنا المعاصر من قبيل الاستعمار من خلال شعر المقاومة الغزير لديهم حيث ساذكر اسماء بعضهم مثل الرايس الحسين جانطي و الرايس احمد امنتاك و الرايس عمر واهروش الخ من هؤلاء الروايس الذين شعروا بدورهم الفعال في التوعية بالوطنية الخالصة لوجه الله .
و في فترة الاستقلال استطاع اغلب الروايس مسايرة تلك الفترة الحساسة على مختلف المستويات و الاصعدة من خلال شعر الحمد و مدح السلطة و انجازاتها السياسية الخ
لكن مع انطلاقة الحركة الثقافية الامازيغية سنوات اواخر الستينات و السبعينات شعر الرايس بان هويته الثقافية و اللغوية هي بلا قيمة و حقوق في مجالات عديدة مثل التلفزة او الاذاعة او المدرسة الخ بمعنى ان ظهور البوادر الاولى للوعي الثقافي الامازيغي ببلادنا قد انطلق منذ منتصف السبعينات مع المرحوم الحاج البنسير و بعد وفاته سنة 1989 قد حمل هذا الهم الثقيل الرايس احمد اوطالب المزوضي و الرايسة العظيمة بالنسبة لي فاطمة تاباعمرانت و المرحوم الرايس حسن اكلالو بمعنى ان فن تيروسا ساهم بشكل كبير في تربية جيلنا الشاب على النضال الامازيغي حيث كانت انتاجات الرايس اوطالب و الفنانة العظيمة فاطمة تاباعمرانت في بيتنا منذ منتصف التسعينات و كنت استمع اليها و كبرت معها و اتمنى الان لقاء الاستاذة فاطمة تاباعمرانت قريبا للتعارف بيننا .
قد شكل موضوع الوحدة الثرابية في شعر تيروسا موضوعا جوهريا منذ حدث المسيرة الخضراء سنة 1975 حيث ان الروايس قد ابدعوا العشرات من القصائد الجميلة و التي تصف ابعاد هذا الحدث التاريخي و تدعو الى عدم التخلي عن اراضينا المسترجعة للجزائر و الدفاع عن مغربية الصحراء اي ان البعد الوطني هو موجود بالقوة في قصائد تيروسا منذ عقود طويلة .
لعل الحدث البارز الان وطنيا و عالميا هو انتشار وباء كورونا الخطير حيث ابدع بعض الروايس قصائد جميلة جمعت بين التوعية بمخاطر الوباء و الدين باعتبارنا مسلمين حيث ان استعمال الروايس الدين في هذه القصائد هو امر عادي لا يضر التقدم او الدولة الحديثة عكس فقهاء الاسلام الوهابي كما اسميهم الذين يركزون على ان كورونا هو عقاب من الله كاحتمال بين مئات الاحتمالات كما اقوله دائما .
اذن ان هذه القصائد جاءت بدفع التوعية العامة التي يقومها بها الاطباء و رجال و نساء الاعلام و حتى الفقهاء الرسميين في اذاعاتنا الخ بمعنى ان فن الروايس هو يؤرخ للاحداث الحاسمة في تاريخنا المعاصر لكن لا احد يهتم بهم سواء السلطة او الاحزاب السياسية او الفقهاء حيث للاسف قد سمعنا تفاوى وهابية منذ شهور تحرم الغناء الامازيغي اعتمادا على تاويلات القدامى لبعض ايات كتاب الله العزيز...
الى صلب الموضوع
بعد هذه المقدمة المتواضعة للغاية لانني باحث متواضع في فن الروايس منذ سنة 2006 تقريبا حيث من المفروض الان اي في سنة 2020 ان تكون الفنون الاصيلة الامازيغية في اعلى سلم الفنون المغربية الاخرى لان الامازيغية هي صلب الهوية المغربية كما قال الملك محمد السادس في خطابه التاريخي ليوم 9 مارس 2011 لكن حدث العكس بعد صعود الاسلاميين لرئاسة الحكومة و بعد حدوث التراجعات المؤلمة للقضية الامازيغية بشموليتها حيث اصبحنا نقول اننا مازلنا نعيش في ظل دستور سنة 1996 علنا على كل المستويات و الاصعدة .
ان دعم الفنون في العالم يعبر عن مدى تقدم الامم الى الامام لان الفنون وسيلة للتعبير عن المشاعر و الهموم و ثقافات الشعوب و الامم حيث ان وزارة الثقافة قد خصصت دعما استثنائيا لفائدة فناني المغرب بمناسبة جائحة كورونا التي اوقفت كل الانشطة الثقافية و الفنية منذ مارس الماضي الى الان.
الا ان هذه الوزارة قد اقصت رواد فن الروايس من هذا الدعم الاستثنائي علما ان هؤلاء الرواد قد ارسلوا ملفاتهم الى هذه الاخيرة قصد الاستفادة حسب كلام الاستاذ محمد ولكاش لي عبر الفايسبوك يومه الاربعاء 7 اكتوبر الجاري لان البعض سيتهمني بالتحامل على وزارة الثقافة بنشر اخبار غير صحيحة في الانترنت.
ان هذا السلوك الخطير قد فضح اكذوبة المصالحة مع الثقافة الامازيغية منذ سنة 2001 علما انني لم اعتبر على الاطلاق ان ما قدمه المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كان سيئا لثقافتنا الاصيلة لكن الواقع يقول ان ثقافة المركز العربية الاندلسية هي اكبر مستفدة من وزارة الثقافة و وزارة الاوقاف و الشؤون العروبية منذ سنة 1956 و اما ثقافة الهوامش فهي على الهامش تناضل من اجل البقاء في وسط يسوده شيوخ الاسلام السياسي .
و هنا اتساءل اين تطبيق الجهوية المتقدمة السليم على ارض الواقع لان منطقة سوس الكبير تستحق اكثر باعتبارها تتوفر على حضارة امازيغية اسلامية متميزة على مختلف الاصعدة و المستويات و من اجل ابراز هذه الحضارة المتميزة لا بد من مقومات الجهوية الحقيقية اي الحكم الذاتي اي اقامة المسارح و المعاهد لتعليم تيروسا و احواش و انشاء القنوات التلفزيونية الجهوية الخ من هذه المقومات جيث اتكرر انني مغربي و احب ملكنا الشاب محمد السادس و لا اسعى الى الانفصال نهائيا .
لكنني بالمقابل اكره الظلم و الاقصاء تجاه ثقافتنا الام في زمن كورونا و في زمن ترسيم الامازيغية دون اي تفعيل على ارض الواقع حيث سمعنا العديد من الروايس و الفنانين الخ على قناة الرايس سعيد اوتجاجت في يوثوب يتحدثون عن مظاهر تهميشهم و اقصاءهم .
تحرير المهدي مالك
اجمالي القراءات
2596