آحمد صبحي منصور Ýí 2020-09-09
خرافة نزول عيسى آخر الزمان : الكتاب كاملا :
هذا الكتاب :
بدأ بسؤال جاءت عليه الإجابة بمقال ، ثم تتابعت المقالات لتكون هذا الكتاب .
الفهرس
1 ـ ( موت المسيح وعودة الضمير )
2 ـ ( القصص القرآنى الحقُّ عن عيسى عليه السلام ينفى خرافة نزوله )
3 ـ ( الحديث الشيطانى في البخارى عن نزول المسيح )
4 ـ ( النبى محمد لم يكن يعلم الغيب فكيف يخبر عن نزول المسيح ؟! )
5 ـ ( السياق الموضوعى في القرآن الكريم عن قوله جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ )
6 ـ ( القرآن الكريم هو (علم الساعة ) وليس نزول المسيح )
7 ـ ( لمحة تاريخية عن إدخال خرافة نزول المسيح في الأديان الأرضية للمحمديين )
8 ـ ( مقدمة عن خرافات الطبرى في ( تفسيره ) عن اسطورة نزول المسيح )
9 ـ ( خرافات ( تفسير الطبرى ) في نزول المسيح )
10 ـ ( رؤية تحليلية لخرافات ابن كثير في ( تفسيره ) عن نزول المسيح )
11 ـ ( عرض لخرافات ابن كثير في ( تفسيره) عن نزول المسيح )
12 ـ ( إيمان الوهابيين في عصرنا بخرافة نزول المسيح ) .
مقالات الكتاب
المقال الأول :
موت المسيح وعودة الضمير
مقدمة :
1 ـ جاءنى هذا السؤال ، والاجابة تحتاج الى مقال .
2 ـ السؤال يقول : ( توجد مواضع في آيات ألقرآن ألكريم يكون فيها من ألصعب ألجزم بعائديه ألضمائر فيحصل نتيجه ذلك أرباك من فهم ألمعنى ألمقصود من ألآيه.
على سبيل ألمثال في ألآيه ألتاليه :(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا). عندما يقول "ألذين أختلفوا فيه لفي شك منه" هل ألمقصود أختلفوا على مقوله ألقتل من عدم ألقتل وهل شكوا من شخصيه ألقتيل عيسى ألحقيقي أم شكوا في مقوله ألقائلين بقتل عيسى ألحقيقي وليس ألمزيف? وفي آيه لاحقه يقول (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا).هل ألمقصود هنا أن جميع أهل ألكتاب يؤمن بعيسى ألحقيقي قبل موت ألكتابي أم يؤمن بمقوله أن عيسى قتل ? السؤال هو هل توجد قاعدة نحويه قرآنيه نستطيع بها تمييز عائدية ألضمائر داخل ألآيات ? هناك آيات تستخدم ضمائر عائديتها ترجع لآيات سابقة لها بمسافه بعيدة فكيف بالمستطاع ألتيقن من معانيها من خلال معرفه عائدية ألضمائر ألواردة في ألآيات مع ألشكر...)
3 وأقول :
أولا :
1 ـ منشور لنا في الموقع ( كيف نفهم القرآن الكريم ) وفيه تحديد المصطلح القرآنى من داخل القرآن نفسه وليس من خارجه ، ثم تتبع الموضوع في الآية في سياقها المحلى ما قبل الآية وما بعدها وفى سياقها العام الموضوعى في موضوع الآية في القرآن كله . وبهذا يتم حل مشكلة الضمائر وعودها على ما قبلها .
2 ـ وقلنا كثيرا إن القرآن الكريم فوق ( علم النحو ) الذى ظهر مع الخليل بن أحمد ثم تلميذه سيبويه في العصر العباسى . ونتمنى أن يتوفر لنا وقت لإكمال كتاب عن هذا.
ثانيا :
عن عودة الضمير
في السياق المحلى للآيات نتتبع عودة الضمير ، وهو كالآتى :
1 ـ يعود على ( اهل الكتاب / بنى إسرائيل ) في قوله جل وعلا : ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّـهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ ۚ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُّبِينًا ﴿١٥٣﴾ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ﴿١٥٤﴾ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّـهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿١٥٥﴾ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴿١٥٦﴾ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّـهِ) 157 ) ، هم الذين ( سألوا ) وهم الذين ( قالوا ) وهم الذين :( اخذتهم الصاعقة بظلمهم والذين اتخذوا العجل بكفرهم وهم الذين رفع الله جل وعلا الطور ..وهم الذين إفتروا على مريم ، وهم الذين قالوا انهم قتلوا المسيح مع إعترافهم بأنه رسول الله .
2 ـ ثم يعود الضمير المفرد على عيسى وضمير الجمع الى بنى إسرائيل ، في قوله جل وعلا : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴿١٥٧﴾ بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٥٨﴾
3 ـ ويجتمع عود الضمير على اهل الكتاب بالجمع وعلى المسيح بالمفرد في قوله جل وعلا : ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴿١٥٩﴾ النساء ) هنا في ( لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) أي من أهل الكتاب من يؤمنن ( بأسلوب التأكيد ) بالمسيح رسولا نبيا ، ويوم القيامة سيكون المسيح عليهم شهيدا .
4 ـ ثم بعدها في الآيات التالية عود الضمير على أهل الكتاب في قوله جل وعلا عن الظالمين والمؤمنين منهم : ( فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرًا ﴿١٦٠﴾ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٦١﴾ لَّـٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ۚ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ۚ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿١٦٢﴾ النساء ).
5 ـ بإيجاز : عودة الضمير واضحة بيّنة ، فالقرآن الكريم كتاب ( مبين ) وآياته ( بينات ) ( مبيّنات ).
ثالثا :
الاختلاف بينهم
1 ـ قال جل وعلا : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴿١٥٧﴾ بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٥٨﴾. هنا التأكيد على :
1 / 1 : أنهم ما قتلوه يقينا وبالتالي فما صلبوه .
1 / 2 : رفعه الله جل وعلا اليه ، بما يفيد أنه جل وعلا أنقذه منهم بالموت العادى وليس بالقتل .
1 / 3 : الاختلاف بينهم يحكمه الشّكُّ والظن بغير علم ، وهو يمتد الى كل شيء .
2 ـ الأساس في الاختلاف في ناحيتين :
2 / 1 : ناحية أشار اليها رب العزة جل وعلا في القرآن وليست مذكورة في (سيرة المسيح ) في الأناجيل ، تلك التي كتبوها بعد موته عليه السلام . وهى صراع مُسلّح دار بين عيسى وأتباعه من جانب وأعدائه من جانب آخر. وقد إنتصر فيها عيسى والمؤمنون ، قال جل وعلا للمؤمنين في المدينة في عصر النبى محمد عليه السلام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) الصف 14 ).
2 / 2 : تقديسهم لعيسى عليه السلام بعد موته ، وما نجم عن هذا من إختلاف في المسيح : هل هو إله كامل ؟ أم يجمع بين الألوهية والناسوتية ؟ ، ثم إختلاف في تحديد مدى الناسوت اللاهوت فيه ، أي مدى البشرى واللاهوتية ، ومدى الاختلاط بينهما . تشعبت الخلافات وعُقدت من أجلها المجامع ، وتمسك المصريون بالطبيعة الألوهية الواحدة للمسيح مخالفين للرومان ، وإضطهد الرومان المسيحيون المصريين المسيحيين ، وظل هذا حتى ظهور خاتم النبيين محمد عليه وعليهم السلام ولا يزال . وهناك من تمسك ببشرية المسيح ، وأن له طبيعة واحدة هي البشرية . الاختلاف في طبيعة المسيح وصل الى موضوع ولادته وموته والزعم بقتله وصلبه ، وأنزل الله جل وعلا الرّد على من زعم ألوهية المسيح ( ألوهية كاملة ) أو ناقصة جزئية . قال جل وعلا :
2 / 2 / 1 : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) ( لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) النساء 171 : 172 )
2 / 2 / 2 : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ )المائدة 72 : 77 ).
رابعا :
المسيح سيكون شاهد خصومة على من عايشهم فقط .
1 ـ قال جل وعلا : (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا).
2 ـ بعض أهل الكتاب مؤمنون ببشرية المسيح ، منهم من كان في عهده ، ومنهم من لا يزال يعيش فيعصرنا . قال جل وعلا عن أهل الكتاب فيسورة آل عمران :
2 / 1 : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) ( يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ( وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) آل عمران 113 : 115 ) . جاء هذا بالجملة الاسمية التي تفيد الثبوت ، أي موجودون دائما .
2 / 2 : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) آل عمران 199 ). جاء هذا بأسلوب التأكيد.
المستفاد أن المؤمنين ببشرية عيسى مستمرون .
3 ـ ولكن عيسى يوم القيامة سيكون شاهد خصومة على الذين عايشهم فقط . وهذا معنى الشهادة ، أي أن تكون شاهدا معايشا وليس غائبا . قال جل وعلا عن شهادة عيسى : ( وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿١١٦﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١١٨﴾ المائدة ) .يلفت النظر هنا :
3 / 1 : حصر شهادته بمن عاصرهم فقط ، والإشارة الى وفاته : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ .
3 / 2 : موضوع الشهادة هو تأليههم المسيح وأُمّه .
3 / 3 : التبرؤ الكامل للمسيح منهم فلا يهمه تعذيبهم أو الغفران لهم . لم يقل ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْغفور الرحيم ) حتى يكون متعاطفا معهم ، بل قال : ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١١٨﴾ )
خامسا :
كل نبى سيأتى يوم القيامة شاهد خصومة على قومه الذين عايشهم .
1 ـ قال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام عن قومه :
1 / 1 :( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَابِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴿٤١﴾ النساء )
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴿٨٤﴾ النحل
1 / 2 : : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ ) ﴿١٥﴾ المزمل )
1 / 3 : موضوع شهادة المسيح عليه السلام على قومه الزعم بتألييهه وأُمّه . موضوع شهاد النبى محمد عليه السلام هو التبرؤ من الأكاذيب التي نسبوها اليه ، أي ما يخص القرآن الكريم . قال له جل وعلا :
1 / 3 / 1 : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴿٨٩﴾ النحل ). موضوع شهادته هنا هو تبيان القرآن الكريم لكل شيء يحتاج التبيان ، بالتالى فلا مكان لافتراءات السُنّة والأحاديث .
1 / 3 / 2 : وعن إتخاذهم القرآن مهجورا : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)
( الفرقان 30 : 31 )
سادسا :
عن موت المسيح ووفاته :
1 ـ وفاة المسيح جاءت فيما سيقوله يوم القيامة ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ . الوفاة تعنى توفية العُمر والرزق والعمل . هذا ينفى زعمهم بنزول المسيح آخر الزمان . وسنتعرض لهذا بعونه جل وعلا لاحقا .
2 ـ موت المسيح يؤكده قوله جل وعلا :
2 / 1 : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) وتكررت ثلاث مرات في : ( آل عمران 185 )(
الأنبياء 35 ) ( العنكبوت 57 ). وعيسى ضمن الأنفس .
2 / 2 : عن المسيح بالذات نقرأ في سورة ( مريم ) عن معجزة ولادة النبى يحيى من ( زكريا ) عليه السلام وهو شيخ كبير في العُمر وزوجة عقيم . بعدها قال جل وعلا عن يحيى عليه السلام : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ( وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ) ( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ) ( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) بعدها جاء الحديث عن معجزة ولادة عيسى عليه السلام : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ) ) مريم 12 : 16 ) الى ما نطق به عيسى في المهد : ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) مريم 30 : 34).
عن موت( يحيى ): ( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )، وعن موت عيسى : ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ).
3 ـ قوله جل وعلا عن عيسى : ( بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ۚ) ﴿١٥٨﴾ النساء ) يفسره قول الله جل وعلا :عن إدريس عليه السلام : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ) ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم 56 : 57 )
4 ـ أخيرا :
4 / 1 : لا ننسى قوله جل وعلا بصيغة التأكيد : ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا). الكلام هنا عن بعض أهل الكتاب الذين عايشوا المسيح والذين سيكون عليهم شهيدا يوم القيامة . الضمير في ( موته ) يعود على المسيح ، وقد جاء بالمفرد. فالمسيح مات . لو كان الضمير يعود على ( اهل الكتاب ) لكانت الصياغة ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِم وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)..
4 / 2 : وقال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ) أي لا خلود لمن سبقه ومنهم عيسى عليه السلام ، لأن : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ )( الأنبياء 34 ، 35 ).
المقال الثانى
القصص القرآنى الحقُّ عن عيسى عليه السلام ينفى خرافة نزوله
مقدمة :
1 ـ قلنا كثيرا إن القصص القرآنى ليس تاريخا يحدد الأسماء والمكان والزمان وسائر التفصيلات ، ولكن منهجه هو في العظة والعبرة ، وبسببها يأتي التكرار في قصص الأنبياء مع التأكيد على أنه ( لا إله إلا الله ).
2 ـ وجاءت كلمة ( المسيح ) في القرآن الكريم 11 مرة ووردت كلمة ( عيسى ) 25 مرة ، ومع التكرار في قصص المسيح عيسى عليه السلام والتأكيد على رفض تأليهه ، إلا إنه لم يرد مطلقا نزوله بعد موته . لو كان هذا حقيقة إسلامية إيمانية لنزل فيها تفصيل وتكرار ، ولكن الذى جاء في القرآن الكريم
2 / 1 : غيب لا يعلمه إلا الله وذكره رب العزة ، ولم يكن النبى محمد يعلمه من قبل .
2 / 2 : هو الصدق .
3 ـ بالتالى فإن أي حديث عن عيسى خارج القرآن هو خرافة ، وأى كلام في الغيبيات هو خرافة وهجص ، ينطبق هذا على خرافة نزول المسيح .
4 ـ نستعرض ما جاء في القرآن الكريم عن المسيح عيسى عليه السلام .
أولا : ميلاد المسيح
جاءت تفصيلاته مرتين
1 ـ في سورة ( آل عمران ).
1 / 1 : بدأت بتفضيل آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين . قال جل وعلا :
( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) ) آل عمران )
1 / 2 : وبعد لمحة عن زكريا وولادة إبنه يحيى عليهما السلام ، جاء الحديث عن مريم وتبشيرها بولادة عيسى. قال جل وعلا : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) ( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ).
1 / 3 : ثم الإشارة الى أن ذلك غيب جاء ذكره في القرآن الكريم : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) 1 / 4 : ثم العودة الى تبشير مريم بولادة عيسى وشىء من صفاته وآياته وجزع مريم العذراء : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) ( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) ( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )
1 / 5 : ثم نقلة الى عيسى وقد أصبح رسولا لبنى إسرائيل ، وما قاله لهم : ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) .
1 / 6 : ثم التأكيد على أنه لا إله الله جل وعلا :( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( 42: 51)
2 ـ في سورة ( مريم ) (16 : 35 )
2 / 1 : بعد البدء بالنبى زكريا وإبنه يحيى عليهما السلام جاء ذكر مريم عليها السلام وإعتزالها قومها ومجىء الروح جبريل لها في خلوتها يحمل كلمة ( كُن ) لتحمل به بالمسيح ، قال جل وعلا : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ) ( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ) ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ) ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ) ( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ) ( قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا )
2 / 2 : ثم تتابع الحمل فالمخاض فالولادة وكلام المولود لأمه ينصحها ، قال جل وعلا : ( فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ) ( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) ( فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ) ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ) ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا )
2 / 3 : ثم عودتها لقومها تحمل طفلها وإستنكار قومه ونُطق المسيح عيسى في المهد معلنا كونه رسولا لهم . قال جل وعلا :( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا )( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا )
2 / 4 : ثم سلامه على نفسه يوم ولادته ويوم موته ويوم بعثه :( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) لم يقل يوم أنزل من السماء للأرض .!
2 / 5 : في النهاية تقرير أن هذا المذكور في القرآن الكريم هو الحق ، وأنه جل وعلا ما إتّخذ ولدا . قال جل وعلا : ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) ( مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )
ثانيا : هذا عن ولادته ، فماذا عن وضعه بين الأنبياء
1 ـ كان مصدقا لمن سبقه وكان مبشرا بالرسول الخاتم بعده : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (6) الصف )
2 ـ كان آخر نبى من أنبياء بنى إسرائيل الذى جاءوا بعد موسى . قال جل وعلا :
2 / 1 : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) البقرة 87 )
2 / 2 : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) المائدة 46 )
2 / 3 : ( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ)(الحديد 27 )
3 ـ وأوتى نفس الوحى الذى نزل على الأنبياء من قبل والذى أنزل على خاتم النبيين بعده ، قال جل وعلا : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) النساء 163 )
4 ـ ونفس أساس التشريع في إقامة الدين الالهى وعدم الاختلاف فيه : ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى 13 )
5 ـ ونفس الميثاق ، قال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) الأحزاب 7 )
6 ـ وهو مذكور في عدم التفريق بين الرسل ، قال جل وعلا :
6 / 1 : ( قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ( البقرة 136 )
6 / 2 : ( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) آل عمران 84 ) . وقد خالف هذا المحمديون والمسيحيون معا .
7 ـ وهو من ذرية نوح وإبراهيم ضمن باقة من الأنبياء ، قال جل وعلا عن إبراهيم عليه السلام : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ) ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) ) الانعام 84 : 86 )
ثالثا : ذكر حقائق مجهولة عن عيسى عليه السلام
الصراع الحربى بين عيسى وكفار قومه :
1ـ قال جل وعلا يمتنُّ على عيسى : ( وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُواْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) ( المائدة 110 : 111)
2 ـ بدأ عداؤهم لهم بمجرد أن دعاهم الى ( لا إله إلا الله ). أحسّ منهم الكفر فاستنفر المؤمنين ليكونوا أنصار الله جل وعلا : ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ( رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) ، ومع هذا لم يكن الحواريون وقتها مخلصين ، قال جل وعلا عنهم ( وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) آل عمران 52 : 54 )
3 ـ وصل الصراع الى الإقتتال ، قال جل وعلا : ( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) البقرة 253 )
4 ـ في هذا الصراع آمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة ، وانتصر عيسى والمؤمنون قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) الصف 14 )
5 ـ وبسبب عدوان الكافرين من بنى إسرائيل فقد لعنهم عيسى ، قال جل وعلا : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) المائدة 78 )
6 ـ وانتهى الصراع الحربى بوفاة عيسى في ميتة طبيعية ، والتعبير عن هذا بأن رفعه الله جل وعلا اليه وطهّره من الكافرين ، وبهذا خاطبه ربه خطابا مباشرا : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ( فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ( وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) ( آل عمران 55 : 57 )
7 ـ بهذا نفهم قوله جل وعلا في الرد على مزاعم الكافرين من بنى إسرائيل : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) ( بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) النساء 157 : 159 ) . تكرر موت عيسى ووفاته . ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) . الذى يتوفاه الله جل وعلا يعنى يكون قد أوفى عمره المقدر له والحتميات المقررة عليه من الرزق والمصائب ، ثم يتم قفل كتاب أعماله . فكيف يستأنف عيسى حياة أخرى بعد موته ووفاته ؟
الحواريون وطلب إنزال مائدة
حقيقة قرآنية مجهولة . قال جل وعلا : ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) ( قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ( قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) ) المائدة 110 : 115 )
رابعا : المسيح عيسى قضية حيّة من عصر نزول القرآن الكريم وحتى الآن
1 ـ وقت نزول القرآن ، جادل كفار قريش في المسيح باعتباره إلاها ، وسألوا من الأفضل هو أم آلهتهم . وردّ عليهم رب العزة جل وعلا : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) ( وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) ( إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) (الزخرف 57 : 59 ).
2 ـ ولا يزال تأليه المسيح ساريا ، وبالتالي لا يزال الوعظ القرآنى بهذا الشأن ساريا . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) ( لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) ( النساء 171 : 172 )
2 / 2 :( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة 17 )
2 / 3 : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) المائدة 72 : 77 )
2 / 4 : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة 30 : 31 ).
خامسا : عيسى في يوم القيامة
1 ـ القصص القرآنى يمتد من الماضى الى المستقبل . وجاء قصص عيسى عن حياته وموته ، وجاء أيضا عن مساءلته يوم القيامة . وهو ما لم يحدث بعدُ . قال جل وعلا :( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (المائدة 116 : 119 )
2 ـ كان شهيدا عليهم مدة حياته فيهم . فلما توفّاه الله جل وعلا إنقطعت صلته بهم . لم يأت هنا سؤال له عما فعله بعد نزوله من السماء وكسره الصليب وقتله الخنزير كما يزعم شياطين الإنس .
أخيرا : صدق رب العزة في قصص عيسى
1 ـ يكفر شياطين الإنس بهذه الآيات التي جاءت في سياق قصص المسيح عيسى عليه السلام : ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ) ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ ) ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ) آل عمران 58 : 63 ).
2 ـ لماذا يكفرون بالقرآن ؟
لأنهم يؤمنون بحديث البخارى عن نزول المسيح .
3 ـ نتوقف معه في المقال القادم .
المقال الثالث :
الحديث الشيطانى في البخارى عن نزول المسيح
مقدمة
1 ـ لو كان نزول المسيح حقيقة إيمانية تجعله متميزا ومختلفا عمّن سبقه من الأنبياء لما قال جل وعلا عن محمد رسول الله إنه خاتم النبيين ولأكّد نزول عيسى في آيات كثيرة ليكون هذا إخبارا مستقبليا عن غيب سيحدث فيما بعد .
2 ـ ولو كان نزول عيسى من علامات الساعة لذكره رب العزة بالتحديد كما جاء عن علامات الساعة المذكورة في القرآن الكريم مثل خروج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض : ( الكهف 94 : 99 ) ( الأنبياء 96 : 97 ) والدابة التي تكلم الناس ( النمل 82 ) وقبله أن تأخذ الأرض زخرفها وأن تتزين ويظن أهلها أنهم قادرون عليها ( يونس 24 ) ، وهذا عصر دخلناه فعلا . وكتبنا في هذا مقالا بعنوان ( علامات الساعة واقتراب الفزع الأكبر ) .
3 ـ العادة السيئة في الأديان الأرضية أنها تنشىء عقائد جديدة مغايرة للدين الالهى ، ولا تلبث أن تصبح ثوابت يعيش عليها الناس ويحرفون من أجلها الرسالة الإلهية ، الى أن يرسل الله جل وعلا رسولا يعيد الحق ، ويموت النبى وتعود ( الثوابت ) وتحريف الرسالة الإلهية ويستلزم الأمر مبعث رسول جديد ، وتتكرر القصة وتحريف الرسالة الإلهية ، إلى أن أرسل الله جل وعلا خاتم النبيين بالقرآن الكريم المحفوظ من لدن رب العالمين .
عادت العقائد الشيطانية ولكن أصحابها لا يستطيعون تحريف النصوص القرآنية فاحتالوا على ذلك بأحاديث شيطانية وبتحريف معانى الآيات القرآنية ، واجتمع هذا وذاك في حديث البخارى في نزول عيسى ، يزعم البخارى الملعون أنه ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها). ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به من قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا). هنا حديث شيطانى منسوب للنبى محمد عليه السلام ، ثم تحريف لمعنى آية ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) النساء )
هو حديث واحد في البخارى تكرر ثلاث مرات ، ومن أحل هذا الحديث الواحد يكفر المحمديون بالقرآن الكريم ويؤمنون بنزول عيسى لأن إلاههم البخارى ذكر هذا.
نتوقف مع حديث البخارى نقدا وتحليلا .
أولا :
حديث البخارى من حيث الاسناد والعنعنة :
( حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب: أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).
( حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب: سمع أبا هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما، مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) .
( حدثنا إسحاق: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب: أن سعيد بن المسيب: سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها). ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به من قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا).
نقول :
1 ـ البخارى هو ابن برزدويه ، مولود في منطقة أوزبكستان الحالية عام 194 ، وتوفى عام 256 هجرية . ما علاقته من حيث الزمان والمكان بمن يزعم الرواية عنهم من الزهرى المتوفى في الشام عام 124 هجرية ؟، والليث بن سعد المتوفى بمصر عام 175 ؟ وسعيد بن المسيب المتوفى بالمدينة عام 94 ؟ وهل رأى وسمع أبا هريرة المتوفى عام 59 ؟ هل سافر البخارى عبر الزمن وقابلهم في البرزخ أو في العالم الآخر ؟ أم أرسلوا له إيميلا يخبرونه بهذا الحديث وغيره ؟
2 ـ ناقشنا خرافة الإسناد في الحديث في بحث منشور هنا . وقد بدأ ( مالك بن أنس ) ( 93 : 179 ) في كتابه ( الموطأ ) خرافة الاسناد في الحديث ، وكان يروى الحديث من دماغه ويصنع له إسنادا أيضا من دماغه ، وتجاوزت أحاديث الألف في الموطأ ، وهو لم يكتب ( الموطأ ) بل كان يقول شفويا ، ويرويه عنه تلامذته ، لذا توجد للموطأ أكثر من عشرين رواية ، كل راو يخالف الآخرين ، وأشهر رواة الموطأ الشيبانى و يحيى وأسد بن الفرات . ثم جاء الشافعى ( ت 204 ) فروى أيضا من دماغه كتابه ( الأم ) ذكر فيه عدة آلاف من الأحاديث ، كتبها عنه تلميذه ( المزنى ) المتوفى عام 264 ، ثم أصبحت عادة سيئة أن ينقل اللاحقون أسانيد مالك والشافعى ويفترون مئات الألوف من الأحاديث كما فعل البخارى .
3 ـ حاول بعضهم ضبط الأسانيد وتنقيتها بفحص أحوال الرواة السابقين من حيث العدالة والصدق ، كما لو كانوا يعلمون الغيب ، وإختلفوا ولا يزالون مختلفين من القرن الثالث الهجرى حتى عصرنا ( الألبانى ). وتبقى خرافة الإسناد عورة وعارا تفضح أديان المحمديين الأرضية الشيطانية .
ثانيا :
حديث البخارى من حيث ( المتن ) : كلمات الحديث :
موضوع نزول المسيح يستلزم تحديد الزمان ( متى سينزل ) وتحديد المكان ( أين سينزل ) والكيفية ، وتحديد المهمة ( لماذا ينزل ، وماذا سيفعل ). نناقشه من هذه الزوايا :
تحديد الزمان :
1 ـ يقول : ( والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم ). هنا أسلوب تأكيد بالقسم ( والذي نفسي بيده،) وب (نون التوكيد الثقيلة ) : ( ليوشكن ) . هذا التأكيد على أن نزول المسيح قريب جدا . والمفروض أن النبى في حياته قد قال هذا لأبى هريرة ، فالتعبير المؤكد ب ( يوشكن ) يعنى أن المسيح سينزل بعد وقت قليل من وفاة النبى ، أو قل بعد موت أبى هريرة عام 59 هجرية . ولكن المسيح لم ينزل حتى عصر البخارى الذى زعم هذا ؟ ولم ينزل حتى الآن بعد مرور كل هذه القرون . فماذا حدث ؟ هل السبب في المواصلات ؟
تحديد المكان :
هذا في قوله ( فيكم ) : ( ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم ). هنا خطاب موجّه لأبى هريرة يؤكد ان المسيح سينزل فيهم . أي ليس في أوربا ولا الصين ولا اليابان ولا أفريقيا ولا العالم الجديد ( الأمريكتين وأستراليا فضلا عن سيبيريا وانتاركتيكا ) . أي هو نزول في ( مطار محلى ) وليس مطارا دوليا .
الكيفية
1 ـ سينزل من السماء طبعا . فما هو تحديد السماء ؟
هل هي الغلاف الجوى الذى ينزل منه المطر ( وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ) ) البقرة 22) أم السماوات السبع : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة 29 ) أو ما بينهما من نجوم ومجرات : ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) المائدة 17 ، 18 )( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) فصلت 12 ) ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ) الصافات 6 )
2 ـ وكيف سينزل من السماء ؟
هل بسفينة فضائية ؟ أم راكبا البراق كما جاء في خرافة المعراج ؟ أم سيهبط بمظلة ( براشوت )
3 ـ والمفهوم أنه سينزل بمهمة إصلاح ، فهل سيسمح له المستبدون بالنزول في أرضهم ؟
4 ـ والمفهوم أنه طالما لم ينزل في العصور الماضية ( عصور الخلفاء ) فهو سينزل في عصرنا حيث لا دخول إلا بتأشيرة فهل يستطيع الحصول على تأشيرة ؟ وهل سيكون معه جواز سفر ؟ وماذا عن الحقائب التي معه وعن الجمارك ؟ وماذا عن أجهزة الأمن في المطارات ؟ وهل سيعلن عن نفسه ؟ وإذا لم يعلن عن نفسه كيف سيتعرف الناس عليه يقولون : هذا هو المسيح ؟! وما الذى يجعلهم متأكدين أنه المسيح ؟ هل لديهم شفرته الوراثية وال دى إن إيه الخاصة به ؟ وهل سيأتى وحده أم ستأتى معه الملائكة مقترنين ؟ وهل ستسمح له الأجهزة بالدخول أم تعتقله عند الوصول ؟ وهل ستكون هناك جماهير في إستقباله ؟ وهل سيسمحون للجماهير باستقباله ؟ ولو إفترضنا أنه خدع الأجهزة وخرج آمنا من المطار كيف سيتصرف مع الناس وكيف سيتصرف معه الناس ؟ وهل سيرتدى الزى الذى يرتديه في اورشليم أم يرتدى جلابية بيضاء أم قميص وبنطلون ؟ ليس مزاحا .. هي أسئلة جادة في ضوء الواقع الذى نعيشه.
تحديد المهمة :
يقول : ( حكما، مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ). نتوقف مع كل كلمة :
( حكما ).
1 ـ أي يأتي للحكم ، أي يقوم بقلب أنظمة الحكم الفاسدة الطاغية ليحكم بدلها بالقسط . معنى هذا يا محترم أن عصر الخلفاء الراشدين وغير الراشدين ظالمة طاغية تستلزم نزول المسيح لتدميرها . وإذا تذكرنا أن نظام الخلافة الدينى ظل سائدا وساريا حتى سقوط الخلافة العثمانية فإن من يرى أن الحديث عن نزول المسيح ممتد الى عصرنا الحديث يعنى وصم الخلافة بالظلم والطغيان ، وأن أئمة المحمديين الذين يعتقدون بنزول المسيح حتى عصرنا يتهمون حكامهم بالظلم والطغيان لأن المسيح سينزل للقضاء على ظلمهم وطغيانهم ، لا فارق هنا بين الخليفة أبى بكر الصديق أو الخليفة أبى بكر البغدادى الداعشى ، ولا فارق هنا بين خامئنى واردوغان وابن سلمان .
2 ـ المشكلة هنا أن البخارى لم يقل ( كيف ) . كيف سيتولى المسيح الحكم ؟ هل بانقلاب عسكرى ؟ هل بانتخابات نزيهة ؟ وما هي القوة التي تجعله يتغلب على الحكام المستبدين الطغاة ؟ لا بد من حرب ، فكم مليونا سيكون عدد الضحايا ؟
( مقسطا )
1 ـ وبعد أن ينتصر يقيم القسط ، فهل يشمل القسط في العلاقات الزوجية والأُسرية بين الأولاد والأقارب ؟ والقسط في السياسة ( الديمقراطية المباشرة ) والقسط في توزيع الثروة ( العدالة الاجتماعية ) والقسط في التقاضى بين الناس ؟ هل لديه وقت ليباشر كل هذا بنفسه وحده ؟ أم سيكون معه ملايين الأعوان ؟ هذا يستلزم بشرا من نوع جديد ، ولا يمكن وجوده في مجتمعات عاشت قرونا من الظلم والتهميش والفساد وثقافة العبيد . هذا يعنى أن المسيح سيقوم وحده بكل هذا القسط . هذا يدخلنا في مشكلة أخرى
2 ـ هي النظام السياسى الذى سيقيمه المسيح . واضح أنه نظام فردى لأنه وحده الحاكم ، وهو وحده الذى سيقوم بإقامة القسط . وهذا مخالف للقرآن الكريم لأن إقامة القسط مسئولية كل الناس رجالا ونساءا ، طبقا لقوله جل وعلا : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (الحديد 25 ). لا يستطيع فرد واحد إقامة القسط بين الناس في قرية صغيرة لأنه لا يعلم الغيب ، فكيف بالعالم كله أو بجزء منه ؟ قيام شخص وحده بإقامة القسط يعنى إنه سيكون مستبدا ظالما ، والإستبداد هو الذى ــ من المفترض ـ أن المسيح سينزل لإزالته .
( فيكسر الصليب )
1 ـ هل من القسط ( كسر الصليب )؟ . وهل بكسر الصليب يتحقق القسط بين الناس ؟ وهل كسر الصليب يتفق مع الحرية الدينية المطلقة في الإسلام ؟ وهل كسر الصليب يتفق مع حصانة بيوت العبادة لكل الطوائف ، والتي من أجلها نزل الإذن بالقتال في قوله جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج 39 : 40 ) . وهل كسر الصليب شريعة إسلامية ؟ وهل قام النبى محمد عليه السلام بكسر الصليب ؟ وإذا كان كسر الصليب فريضة دينية فهل أهملها النبى محمد ليقوم بها المسيح فيما بعد ؟ حتى في الأحاديث المفتراة كلها لم يأت حديث عن أن النبى محمدا كسر الصليب ، أي إن كسر الصليب ليس من ( السُنّة النبوية ) عندهم ، فهل هي ( سُنّة ) المسيح ؟ وهل سيكون الكسر لكل الصلبان في الكرة الأرضية كلها أم فقط في الشرق الأوسط الحزين ؟ وكيف سيتم كسر الصلبان كلها في الكنائس وفى البيوت وعلى الجدران والحيطان وعلى السواعد والمرافق وفى السلاسل الذهبية حول الأعناق وعلى الصدور ؟ هل ستتخصص جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بهذه المهمة ؟ وماذا عن الصلبان الذهبية هل نحطمها أم ننهبها ؟ ثم هل بكسر الصليب تزول المسحية ويدخل المسيحيون في الإسلام أفواجا ؟
ويقتل الخنزير :
وما ذنب الخنزير ؟ وهل ينزل المسيح من السماء لقتل الخنزير ؟ ألا يكفى أن يرسل برقية ؟ وما الداعى لقتل الخنزير إذا كان مصيره هو الذبح ؟ وهل القتل لكل الخنازير ، سواء الوحشى البرى أو في البيوت والحظائر ؟ وإذا كان وجود الخنازير عند المحمديين ليس شائعا فكيف سيتم قتل كل خنازير العالم ؟. وهل سيرسل المسيح في سلطانه حملات حربية تتخصّص في قتل الخنازير ؟ وهل سيرضى أصحاب الخنازير عن قتل خنازيرهم ؟ وإذا قامت حروب ( الخنازير ) فمن هو المعتدى ؟ هل هم أصحاب الخنازير أم أعداء الخنازير ؟ وفى حروب الخنازير هذه سيكون آلاف القتلى ، معظمهم طبعا من مالكى الخنازير المُعتدى عليهم ، أي قتلى أبرياء . لقد قال جل وعلا في عقوبة قتل فرد واحد مؤمن مسالم ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء 93 ) فماذا عن ألاف الآلاف من الضحايا المدافعين عن أملاكهم وخنازيرهم ؟ وهل هذه مهمة المسيح التي سينزل من أجلها ؟
( ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد )
هنا مربط الفرس .
من صنع هذا الحديث متأثر بما جاء في المسيحية وهو أيضا متعصّب ضد المسيحية . ليس فقط في جعل مهمة المسيح كسر الصليب وقتل الخنزير ، ولكن أيضا في فرض الجزية عليهم ، وبفرض الجزية يفيض المال ويتكاثر حتى يزهد فيه المحمديون .
أخيرا
يجب البصق على البخارى ولو كره الكافرون.
للمزيد يمكنك قراءة: اساسيات اهل القران
التعليقات(3)
1 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الخميس 20 اغسطس 2020
[92771]
برهان من القرآن الكريم على بطلان هذه العودة
تؤكد أساطير عودة المسيح ونزول المهدى أن جميع الأمم ستتوحد فى أمة واحدة تدين بدين الله الواحد تحت قيادة السيد المسيح حيث يسود السلام وتُسك السيوف إلى مناجل ويرعى الذئب الحملان،إلى آخر هذه الترهات وذلك فى ألفية سعيدة لن تأتى أبدا!!بينما يؤكد القرآن الكريم أن جميع الملل ستظل فى خلاف إلى يوم القيامة،يقول جل شأنه فى سورة المائدة(ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)فالآية هنا تؤكد أن الخلاف سيدوم إلى يوم القيامة ،كما قال تعالى فى سورة هود(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون،ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين،إلا من رحم ربك)أى أن الله تعالى لم يشأ أن يجعل الناس أمة واحدة ،فمن أين أتى هؤلاء الكذبة بتلك الخرافات؟ .
أعتقد أن المقصود من وضع الجزية ليس فرضها بل إسقاطها حيث سيكون الناس أمة واحدة وهذا المعنى ورد فى قوله تعالى(يضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم)،وكذلك فى قوله جل وعلا(ووضعنا عنك وزرك).فهم يعنون بكسر الصليب أن النصارى سيعودون إلى دين التوحيد كما أن اليهودسيعودون إلى الدين الحق ،وهكذا تسقط الجزية عن أهل الكتاب،ثم ما هو الجديد فى فرض السيد المسيح للجزية التى كانوا-ومازالوا-يعتقدون أنها مفروضة فعلا.
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الخميس 20 اغسطس 2020
[92772]
شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ،
ـ هناك تفصيلات كثيرة فى خرافة نزول المسيح ، وقد اكتفينا هنا بما جاء فى البخارى إلاههم المفضّل.
ـ ( وضع ) وحدها تفيد هنا فرض الجزية ، ( وضع عن ) تفيد رفع الشىء . السياق فى حديث البخارى هو عن قهر المسيحيين بكسر الصليب وقتل الخنزير.
تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الثلاثاء 25 اغسطس 2020
[92782]
شكرا على التوضيح.
شكرا على التوضيح د صبحى وجزاك الله خيرا
المقال الرابع
النبى محمد لم يكن يعلم الغيب فكيف يخبر عن نزول المسيح ؟!
أولا : من عشرين عاما قلنا في كتابنا ( القرآن وكفى ) ــ وهو منشور هنا ـ الآتى :
( * وأكثر من ذلك فهناك حقيقة قرآنية مؤكدة وكررها القرآن ، وهى أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد قيام الساعة ولا ما سيحدث له أو للناس ، واقرأ في ذلك قوله تعالى ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ (الأنعام 50) ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ..﴾ (الجن 25: 27) ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ (الأنبياء 109) وهل هناك أوضح من قوله تعالى ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ..﴾ (الأحقاف 9)
ومع ذلك فهناك آيات أخرى كثيرة تؤكد أن علم الساعة عند الله وحده ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ (لقمان 34) ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ (فصلت 47) ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (الزخرف 85)
كلها آيات تؤكد أن النبي لا يعلم الغيب وأن علم الساعة لله وحده وكانت تكفى آية واحدة ولكنهم سألوا النبي مرة ومرات عن الساعة ، ومع ذلك لم يبادر بالإجابة بأن يقرأ عليهم الآيات السابقة ، وإنما انتظر الوحى ، وكان الوحى ينزل دائماً بنفس الإجابة وهى أن علم الساعة لله وحده وأن النبي لا يعلم الغيب.
سألوا النبي عن الساعة فلم يبادر بالإجابة وهو بلا شك يعلم أن القرآن لا يمكن أن يأتي بإجابة تناقض ما سبق ، وأن الإجابة ستكون نفس المعنى الذى تكرر وتأكد من قبل،.. انتظر النبي الإجابة ونزل قوله تعالى ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ...﴾ (الأعراف 187: 188) وهذا توضيح فيه أكثر من الكفاية.
ولكنهم سألوه أيضاً عن الساعة ونرى النبي عليه السلام أيضاً ينتظر الإجابة فنزل قوله تعالى يجيب ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ (النازعات 42: 45) والآيات الأخيرة ملئت بأسلوب الاستفهام الإنكاري ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴾ وجاء أسلوب القصر يقصر علم الساعة على رب العزة ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ﴾ ويقصر وظيفة النبي على الإنذار ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾.
كان ذلك في مكة ثم في المدينة سألوا النبي عن الساعة، وانتظر النبي أيضا نفس الجواب من رب العزة ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾ (الأحزاب 63)
كان بإمكان النبي أن يجيب، ولديه الكفاية من الآيات، ولكنه كان ينتظر الإجابة، وينزل الوحى بالإجابة المعروفة سلفاً، ثم يسألون النبي نفس السؤال وينتظر النبي إلى أن تأتى الإجابة.. وتأتى نفس الإجابة ثم يسأله آخرون نفس السؤال ، وأيضاً ينتظر الإجابة التي يعرفها إلى أن ينزل الوحى.. وهكذا.. ولو كان من حقه الاجتهاد لأجاب منذ السؤال الأول.
على أن هذه التأكيدات القرآنية لم تأت عبثاً- وتعالى الله عن العبث- فمع كل التأكيدات التي كانت تكرر وتكرر وتؤكد أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم شيئاً عن الساعة وموعدها وأحداثها - مع ذلك فإن الناس أسندوا للنبي بعد موته عشرات الأحاديث عن علامات الساعة وأحداثها والشفاعات وأحوال أهل الجنة وأهل النار. وهذه الأحاديث التي ملأت الكتب (الصحاح) تؤكد اعجاز القرآن لأننا نفهم الآن لماذا كرر القرآن تلك التأكيدات سلفا ومسبقا ليرد عليها سلفا ومسبقا. هذه الأحاديث الضالة تضعنا في موقف اختبار أمام الله تعالى فإما أن نصدق القرآن ونكذبها، وإما أن نصدقها ونكذب الله وقرآنه.. ولا مجال للتوسط.. ونسأل الله السلامة والهداية.. ). انتهى النقل.
ثانيا : ونقول المزيد :
1 ـ قال جل وعلا عن من يكذّب بآيات القرآن الكريم : ( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) ، بعدها كان الأمر له عليه السلام أن يعلن أنه لا يعلم الغيب : ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) ( الانعام 49 : 50 ) . المحمديون ضمن الذين كذبوا ويكذبون بآيات الله جل وعلا ، ولذلك يمسهم عذاب الدنيا ، ثم سيمسهم عذاب الآخرة بما كانوا يفسقون .
2 ـ قال جل وعلا عن كُفر من يؤمن بحديث آخر غير حديث القرآن الكريم : ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) ، ثم قال جل وعلا عن إستحالة هدايتهم :( مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ، بعدها كان الأمر له عليه السلام بأن يعلن أنه لا يعلم شيئا عن الساعة لأن علمها عند الله جل وعلا ولأنه عليه السلام لا يعلم الغيب : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف 185 : 188) .
3 ـ في القصص القرآنى عن تعامل محمد عليه السلام مع الناس تتأكّد حقيقة أنه كان لا يعلم الغيب . ولو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما مسّه السوء ، وما وقع في هزيمة ( أُحُد ) مثلا . ونعطى أمثلة أخرى :
3 / 1 : قال جل وعلا عن المنافقين المعروفين الظاهرين الذين فضحهم نفاقهم :
3 / 1 / 1 : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) ( فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ) ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا ) النساء 61 : 63 ). الله جل وعلا وحده هو الذى يعلم ما في قلوبهم ، وليس النبى مع إنه كان يعايشهم ويُعانى منهم ، وأمره ربه جل وعلا بالاعراض عنهم .
3 / 1 / 2 : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) النساء 81 ) . بعضهم كان يدخل على النبى يقدم له فروض الطاعة ، ثم يخرج من عنده يتآمر عليه ويكذب عليه ، وهو عليه السلام لا يعلم الغيب ، لذا كشفهم عالم الغيب والشهادة وأمره بالاعراض عنهم.
3 / 1 / 3 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) ( هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )( آل عمران 118 : 120 ). المؤمنون ومعهم النبى محمد إنخدعوا بقول المنافقين ( آمنا ) ، وهم لا يعرفون ما في قلوبهم من كفر وبغض .
3 / 1 / 4 : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة 41 ). كان النبى ينخدع بإعلان بعضهم الايمان ، ثم يحزن إذا سارع في الكفر بعد إيمانه القولى الزائف .
3 / 1 / 5 : ( وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ) المائدة 61 ). بعضهم كان يدخل على النبى بقلب كافر ولسان يزعم الايمان. يدخل بالكفر القلبى ويخرج بنفس الكفر القلبى، والنبى محمد لا يعلم . الذى يعلم ما يكتمون هو علام الغيوب جل وعلا.
3 / 2 : ثم هناك الذين مردوا على النفاق ، وهم شياطين وأساطين النفاق ، الذين كتموا الكفر وضبطوا سلوكهم وأقوالهم بحيث لا يمكن تسجيل قول أو فعل يدينهم ، وبهذا أحرزوا مكانة بالقرب من النبى ، ثم كانوا بعد موته هم الخلفاء ، وهم الذين أنبأ الله جل وعلا مقدما أنه جل وعلا سيعذبهم مرتين في الدنيا ثم ينتظرهم عذاب أشد في الآخرة . هؤلاء كانوا أقرب الناس للنبى ، ولم يكن يعرف نفاقهم لأنه عليه السلام لا يعلم السرائر ، قال جل وعلا عنهم : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة 101 )
4 ـ وهناك مؤمنون من الصحابة وصفهم رب العزة جل وعلا بالخائنين الذين يختانون انفسهم والذين يتآمرون في الخفاء يستخفون من الناس ولا يستخفون من علام الغيوب . سرق إبن لهم ، وشاع أمره فأصبح الأمر عارا عليهم ، فتآمروا بوضع المسروق عند شخص برىء ، ولفّقوا التهمة للبرىء ، وأظهروا براءة مزيفة لابنهم ، ولم يكتفوا بهذا بل ذهبوا للنبى محمد يطلبون منه أن يدافع عن إبنهم الذى ظهرت براءته . ولأنه عليه السلام لا يعلم الغيب فقد صدّقهم ودافع عن إبنهم . ونزلت آيات تلوم النبى محمدا عليه السلام ، وتؤكد أنه عليه السلام ليس معصوما من الخطأ ، وأن القرآن الكريم هو الذى يوضّح له ويرشده ، وأنه لا يعلم الغيب ، وأنه عليه السلام لا يشفع ، وانهم كادوا بكذبهم وتآمرهم ـ أن يضلوا النبى ، لولا أن الله جل وعلا تفضّل عليه وأنقذه من تضليلهم . الله جل وعلا لم يذكر أسماء الناس ، وكالعادة كان التركيز على العبرة ، لأن العادة السيئة أن كبار المجرمين يضعون الأبرياء في السجون بالتلفيق والتآمر .
نقرأ قوله جل وعلا في سورة النساء ( 105 : 113 ): ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) ( وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ) ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) ( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )
5 ـ المؤمنون والنبى محمد سواء في عدم العلم بالغيب ، لأنه جل وعلا لا يطلع على بعض الغيب سوى بعض الرسل ، وليس منهم النبى محمد عليه السلام. قال جل وعلا : ( مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ( آل عمران 179 ) .
6 ـ بعد الهجرة ظل في مكة مؤمنون يُخفون إيمانهم ، لا يعلمهم المؤمنون في المدينة . الله جل وعلا وحده هو الأعلم بهم . لو حدث صدام حربى في مكة فسيكون أولئك المؤمنون ضحايا إذ سيحسبهم المؤمنون كفارا، لذا أوقف الله جل وعلا القتال . قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) ( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) الفتح 24 : 25 ).
أخيرا
كل هذه الآيات يكفر بها المحمديون لأن دينهم الشيطانى مؤسس على أكاذيب تعتدى على غيب الله جل وعلا. ومنها خرافة نزول المسيح .
المقال الخامس
القرآن الكريم هو (علم الساعة ) وليس نزول المسيح ( 1 من 2 )
مقدمة
1 ـ قال جل وعلا : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) آل عمران )
2 ـ الكافرون بالقرآن الكريم في عجزهم عن تحريف النصوص القرآنية يلتفُّون عليها بطريقين : تحريف المعنى ، وصناعة أحاديث شيطانية تناقض القرآن الكريم ويجعلونها حكما على القرآن ( تنسخ / أي تُلغى وتُبطل آيات القرآن ).
3 ـ حدث هذا مع خرافة نزول المسيح ، صنعوا أحاديث شيطانية ثم إلتفتوا الى القرآن الكريم ، يؤولون المعنى بما يتفق وأهواءهم الشيطانية الكافرة . الراسخون في العلم يؤمنون بالقرآن كله ، وفى تدبرهم لآياته في موضوع ما يتتبعون الآيات في سياقها المحلى ، في نفس السورة ما قبل الآية وما بعدها ، ثم يتتبعون الآيات التي تتكلم عن نفس الموضوع في القرآن كله ( أي في سياقها الموضوعى ) .
4 ـ رددنا عليهم في أحاديث البخارى عن نزول المسيح في مقال خاص ، وأتبعناه بمقال يؤكد أنه عليه السلام لم يكن يعلم الغيب . هنا نتوقف مع تحريفهم وتلاعبهم بآيات القرآن ليجعلوا بالتحريف والتلاعب سندا لهم في خرافة نزول المسيح . يزعمون أن قوله جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) يعنى أن نزول المسيح هو علم للساعة . ونردّ على هذا التحريف والتخريف بتدبّر قرآنى في السياق المحلى لسورة ( الزخرف ) ثم بعده في السياق الموضوعى في القرآن الكريم كله .
أولا : السياق المحلى في سورة الزخرف
سورة الزخرف :
( بسم الله الرحمن الرحيم ( حم ) ( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ )( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )( أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ) ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ ) ( وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون) ( فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ )( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ( وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ) ( وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ) ( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) ( وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) ( وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ ) ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ ) ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) ( وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )( أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ) ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ) ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) ( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ) ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ ) ( إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ( بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاء وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ ) ( وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ) ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )( وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ) ( وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ ) ( وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ )( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) ( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) ( وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) ( أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) ( أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ ) ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ) ( وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ) ( فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ) ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) ( فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) ( فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ) ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلْآخِرِينَ ) ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) ( وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) ( إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) ( وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )( وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) ( الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ) ( يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ) ( الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ) ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) ( يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ) ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) ( لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ) ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ ) ( لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) ( سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ) ( وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ( وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لّا يُؤْمِنُونَ ) ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ).
صدق الله العظيم .!
تدبر في السورة :
1 ـ القرآن الكريم ( بما فيه من لا إله إلا الله )هو المحور الذى تدور حوله السورة الكريمة ، من البداية والوسط الى النهاية .
1 / 1ـ في البداية قوله جل وعلا مدحا للقرآن الكريم :(حم ) ( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ) ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )
1 / 2 ـ ثم قوله جل وعلا عن كفرهم بالقرآن الكريم تمسكا بالثوابت وما وجدوا عليه آباءهم : ( أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ) ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ) ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) ( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ) ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) 21 : 25 )
1 / 3 ـ وقوله جل وعلا عن كفرهم بالقرآن : ( ( وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ) ، وقولهم (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) والرد عليهم :( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) ) ( 30 : 32 )
1 / 4 ـ والتأكيد على أن من يهجر القرآن يتسلط عليه قرين شيطانى يصدُّه عن السبيل ( القرآن / الإسلام / الهداية ).قال جل وعلا:( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) ( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) ( وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ )36 : 39 ).
1 / 5 ـ بعدها عن الكافرين بالقرآن الكريم وإستحالة هدايتهم : ( أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) ( أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ ) ( 40 : 42 )
1 / 6 ـ بعدها أمر النبى بالتمسك بالقرآن الكريم الصراط المستقيم ، وأن القرآن ذكر له ولقومه وسوف يسألهم رب العالمين يوم القيامة، قال جل وعلا : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) 43 : 44 )
1 / 7 ـ ثم قوله جل وعلا عن القرآن الكريم إنه علم الساعة : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ، ثم تذكير بصدّ الشيطان عن القرآن : ( وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) ) 61 : 62 )
1 / 8 / 1 : ثم قوله جل وعلا عن بعض مظاهر علم الساعة وأصحاب الجنة المؤمنين بالكتاب: ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)
1 / 8 / 2 : وعن أصحاب النار الكافرين بالحق :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)
1 / 9 :وعن خوضهم في آيات القرآن الكريم : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
1 / 10 :وعن علم الساعة يقول جل وعلا : ( وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) )
1 / 11 : نهاية السورة :( وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لّا يُؤْمِنُونَ ) ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
2 ـ وبين الآيات المحورية عن القرآن الكريم جاءت آيات أخرى تساعد الموضوع الأساس ، عن خلقه جل وعلا الأرض والأزواج كلها والأنعام ، وعن الكافرين وعبادتهم الملائكة ، ثم عن موسى وفرعون وإبراهيم وقومه والمسيح وقومه . وكلها في تأكيد الايمان بالكتاب والساعة ولا إله إلا الله جل وعلا .
3 ـ في السياق المحلى في سورة الزخرف جاء تعبير ( علم الساعة ) منسوبا لرب العزة جل وعلا ، وبالتالي يكون هذا في كتابه جل وعلا ، فالقرآن الكريم هو ( علم الساعة ) وليس الأحاديث الشيطانية التي تطعن في رب العزة جل وعلا ورسوله وكتابه . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) ) 61 : 62 ). وقد صدّهم الشيطان فتلاعبوا بالقرآن بزعم نزول المسيح آخر الزمان .
تلاعبهم جاء في الضمير . لو كان الضمير يعود على المسيح لقال جل وعلا : (( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَ )، أي بالمسيح ونزوله ، ويكون الضمير مفردا مذكرا في ( وإنه ) و ( به ) . لكنه جل وعلا أرجع الضمير للساعة فقال (فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ). والعادة أن الكافرين بالساعة يمترون ( اى يشككون ويكذّبون )، وهكذا يفعل المحمديون في خرافاتهم عن الساعة في علاماتها وفى أحوالها من البعث الى الحشر الى الحساب ، وأشهرها خرافاتهم عن الشفاعة والخروج من النار ودخول الجنة بلا حساب والعشرة المبشرين بالجنّة .
3 / 2 : ( وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85 ) . وهنا الرّدُّ أيضا في أن الذى عنده علم الساعة هو مالك السماوات والأرض ، وأنزل علمها في كتابه واضحا لا لبس فيه .
للمزيد يمكنك قراءة: اساسيات اهل القران
التعليقات(3)
1 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الأحد 23 اغسطس 2020
[92776]
ملاحظة
فى الفقرة 1-3من تدبر السورة السطر الأول عنهم والمقصود عن
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الإثنين 24 اغسطس 2020
[92778]
شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ،
وتم التصحيح.
3 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الثلاثاء 25 اغسطس 2020
[92781]
شهادة حق
سمعت من بعضهم معلومة أن الضمير فى هذه الآية الكريمة يعود إلى القرآن الكريم وذلك فى خُطبة له منذ نحو ثلاث سنوات ولم يذكر الرجل من أين أتى بها، والحقيقة أن المعلومة راقتنى جدا فأكبرت هذا الرجل واحترمته،ولكن منذ شهور قرأت هذه المعلومة للدكتور صبحى فى مقال قديم نُشر منذ أكثر من عشر سنوات،تأكدت عندها من أن معظم ما يأتى به الآخرون فى هذا المضمار قد اقتبسوه من الدكتور صبحى ،فَتَحية له ودعاءً بأن يعطيه الله القدرة على إكمال مسيرته.
المقال السادس
القرآن الكريم هو (علم الساعة ) وليس نزول المسيح ( 2 من 2 )
ثانيا :
السياق الموضوعى في القرآن الكريم عن قوله جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ )
1 ـ جاء التعبير بالتأكيد في قوله جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) وجاء النهى بالتأكيد أيضا بعدها عن الساعة ( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا )، ثم التأكيد في النهى في الآية التالية عن صدّ الشيطان : ( وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) الزخرف) 61 : 62 ).، ومع ذلك فقد نجح الشيطان في صدّ المحمديين عن علم الساعة في القرآن الكريم ، ونجح في صدّهم عن القرآن الكريم بأكمله .
2 ـ يلفت النظر صلة : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) بالآية السابقة : ( وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) 60 ).المعنى واضح ، إنه لو شاء الله جل وعلا لجعل منهم ملائكة تعيش في الأرض وتتناسل . ولكنه جل وعلا لم يشأ .
ما صلة هذه الآية ( وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) 60 ) بالقرآن الكريم الذى هو (علم للساعة ) ؟ نجيب :
2 / 1 : رفض الكافرون القرآن الكريم وطالبوا بآيات حسية بدلا منه ، ومنع رب العزة جل وعلا الإتيان بآية حسية لأن :
2 / 1 / 1 :الآيات الحسية لم تؤد الى هداية الكافرين السابقين ، وكان يعقبها إهلاك كامل لهم ، قال جل وعلا :
2 / 1 / 1 / 1 : ( وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا ) الاسراء 59 )
2 / 1/ 1 / 2 : ( بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ )( مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ )الأنبياء 5 : 6 )
2 / 1 / 1 / 3 :( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7) الانعام ) . أي لو أنزل الله جل وعلا عليهم كتابا حسيا ماديا ولمسوه بأيدهم لقالوا إنه سحر.
2 / 1 / 1 / 4 : ( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ ) ( لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ) الحجر 14 : 15 ). يعنى لو أصعدهم الله جل وعلا في السماء لاتهموا أبصارهم .
2 / 1 / 1 / 5 : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109)الانعام )، يعنى لا فائدة من المعجزة أو الآية الحسية مع قوم مصمّمين على رفض القرآن الكريم .
2 / 1 / 2 : الاكتفاء بالقرآن وحده آية للبشر . قال جل وعلا : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت 50 : 51 ).
2 / 2 : كانت ( الملائكة ) من ضمن الآيات الحسية التي طالبوا بها الإتيان بها بديلا عن القرآن الكريم .
2 / 2 / 1 : فرعون نفسه طلب من موسى أن تأتى معه ملائكة ، قال في مؤتمر حاشد لقومه : ( فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) الزخرف ).
2 / 2 / 2 : وكان رفض نزول الملائكة لهم أنهم لن يؤمنوا بمشيئتهم . قال جل وعلا : ( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) (111) الانعام )
2 / 2 / 3 : وأن رؤيتهم الملائكة يعنى الموت ( حين يرون ملائكة الموت ) ويعنى قيام الساعة : (كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) الفجر) ، وفى هذا وذاك لا تأجيل ولا مهرب. قال جل وعلا :
2 / 2 / 3 / 1 :( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ (8) ) الانعام )
2 /2 / 3 / 2 :( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) الانعام )
2 / 2 / 3 / 3 :( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (8) الحجر )
2 / 2 / 3 / 4 ( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22) الفرقان )
2 / 2 / 4 : وقال جل وعلا عن مجموعة من الآيات الحسية التي طلبوها ، ومنها مجىء الله جل وعلا والملائكة : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94) الاسراء ) . وجاء الرد الإلهى : ( قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً (95) الاسراء )، وهذا يوافق قوله جل وعلا في نفس الموضوع : ( وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) 60 )
2 / 3 : هنا نعرف الصلة بين قوله جل وعلا : ( وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) 60 ). وقوله جل وعلا بعدها : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) 62 ) كلاهما عن القرآن الكريم الآية الوحيدة والذى هو علم للساعة .
3 ـ القرآن (علم ) : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ )
3 / 1 : يوصف الكتاب الإلهى بأنه (علم ) . والعادة أن يأتي الكتاب علما إلاهيا للبشر يعبّر عن الإسلام دين الرحمن ، والعادة أن يقوم الكافرون بالبغى والاعتداء على الكتاب الالهى ، وبابتعادهم عنه يقعون في التفرق ، ويقضى جل وعلا بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . قال جل وعلا :
3 / 1 / 1 :( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)آل مران:19 ). بهذا جاء وصف الكتاب الالهى بالعلم .
3 / 1 / 2 : (وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنْ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) (الجاثية:17 )
3 / 2 : وفى مواجهة أهل الكتاب وما إعتادوه من البغى على الكتاب الالهى ( العلم ) قال جل وعلا يحذّر النبى محمدا من إتّباع أهوائهم من بعد ما جاءه من العلم ، أي القرآن الكريم. قال جل وعلا له في خطاب مباشر:
3 / 2 / 1 : ( وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)البقرة:20
3 / 2 / 2 : ( وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ) البقرة:145 )
3 / 2 / 3 : وفى موضوع المسيح قال جل وعلا عمّا نزل من العلم القرآنى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)آل عمران:61 )
3 / 2 / 4 : نزل القرآن الكريم كاملا مكتوبا في قلب النبى محمد ليلة القدر التي هي ليلة الاسراء ، ثم بعدها كان ينزل ( قرآنا ) مقروءا بلسانه ، وأحيانا كان بسبب كتابة القرآن في قلبه يتذكر فيتعجل بالنطق ، فقال له جل وعلا : ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة ). فيما يخص موضوع القرآن علما قال جل وعلا : ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) طه ). أي زدنى من علم القرآن . وهذه الآية المكية رقمها 114 ، أي عدد سور القرآن ، أنبأ رب العزة بذلك مسبقا في مكة.
4 ـ القرآن هو ( علم للساعة ) وهو ( لا ريب فيه ) و الساعة واليوم الآخر أيضا ( لا ريب فيه ) :
4 / 1 : القرآن الكريم لا ريب فيه. قال جل وعلا :
4 / 1 / 1 : ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة 2)
4 / 1 / 2 : ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة 32 )
4 / 1 / 3 :( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ) يونس 37 )
4 / 1 / 4 :(الم ) ( تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )السجدة 1 : 2)
4 / 2 : والساعة ويوم القيامة لا ريب فيه . قال جل وعلا :
4 / 2 / 1 : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) آل عمران 9 )
4 / 2 / 2 : ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) آل عمران 25 )
4 / 2 / 3 : ( قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ) الانعام 12 )
4 / 2 / 4 : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ ) الاسراء 99 )
4 / 2 / 5 : ( وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا ) الكهف 21 )
4 / 2 / 6 :( وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا الحج 7 )
4 / 2 / 7 :( إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ )غافر59
4 / 2 / 8 : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ ) الشورى 7 )
4 / 2 / 9 :( قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ) الجاثية 26 )
4 / 2 / 10 :( وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ ) الجاثية 31 : 32 )
5 ـ الله جل وعلا هو الذى أنزل القرآن الكريم ، وهو مالك يوم الدين وعالم الغيب والشهادة وصاحب العلم بالساعة ، قال جل وعلا :
5 / 1 : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)سبأ:3
5 / 2 : (إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)فاطر:38
6 ـ لذا فإن ( علم الساعة ) هو عند الله جل وعلا وحده ، أنزله في كتابه . قال جل وعلا :
6 / 1 : (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)الأحزاب:63 )
6 / 2 : (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) لقمان :34
6 / 3 : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ) فصلت:47
6 / 3 : وجاء مرتين في سورة الزخرف ، قال جل وعلا :
6 / 3 / 1 : (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )الزخرف:85)
6 / 3 / 2 : ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلا يَصُدَّنَّكُمْ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) الزخرف ).
ودائما : صدق الله العظيم.!!
للمزيد يمكنك قراءة: اساسيات اهل القران
التعليقات(4)
1 تعليق بواسطة المصطفى غفاري في الثلاثاء 25 اغسطس 2020
[92783]
روعة التدبر في كلي الحلقتين
شكرا أستاذي أحمد ،والله إنك أزحت علامة استفهام ثقيلة ناء عقلي عن حملها لمدة طويلة ،يتعلق الأمر بآية ( وإنه لعلم للساعة ) ،بركة الله عليك ورحمته.
صدقت إذ علمتنا محذرا من أن ندخل على القرءان الكريم بفكرة مسبقة ،ونسلس مقادتنا ،إلى القرءان الكريم ،إلى حيث يقودنا ،ونقول سمعا وطاعة ،ولا نتحيز لهوى او مزاج او غرض او مرض والعياذ بالله ، استاذي زادك الله تعالى من فضله ونفع به ( من شاء ) من المحمديين ،المفسراتية التراثيون اقعدوا القرءان وحرفوا كلامه عن مواضعه ،ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . ودائما صدق الله العظيم ،
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الأربعاء 26 اغسطس 2020
[92784]
شكرا استاذالغفارى واكرمك الله جل وعلا
سنقدم بعون الرحمن جل وعلا مقالا اضافيا عن خرافات ابن كثير فى موضوع نزول المسيح ليتضح الفارق بين عظمة القرآن وتهافت ما يسمى بالتفسير . والله جل وعلا هو المستعان.
3 تعليق بواسطة سعيد علي في الجمعة 28 اغسطس 2020
[92787]
القران الكريم علامة واضحة مفصلة و جلّية ليوم الساعة و علمها.
حفظكم الله جل و علا و أمدكم بالصحة و العافية و عطفا على المقال الرائع كالعادة فيكفي أن القران الكريم هو ( آخر ) كتب الله عز و جلا و لانه آخر الكتب فهو علامة ( لقرب ) اليوم الذي نأتيه جل و علا و قد خاب من حمل ظلما و ما أعظم من حمل ظلما لهذا الكتاب العزيز كما و أن بانتهاء نزول الملائكة ( لتوحي لبشر ) انتهى فخاتم النبيين عليه السلام هو آخرهم.
ويبقى القران الكريم هو ( العلم ) و هو ( علم الساعة ) و فيه دلالات الحدث العظيم و ما عيسى عليه السلام الا بشر و كل بشر له نهاية بالموت و قد مات عليه السلام و سوف يبعث و يُسال كالنبيين عليهم جميعا السلام . لكن من لم يقدر الله عز و جلا حق قدره تجده في دوامة عيسى و الموت و النزول و البعث.!!
4 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الجمعة 28 اغسطس 2020
[92788]
شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:
غبت عن بيتك موقع أهل القرآن فقلقنا عليك . حفظك الله جل وعلا وأهلك من كل سوء.
معكم أحبتى نتوكل على الله جل وعلا ونواصل الجهاد السلمى راجين أن يجمعنا ربنا جل وعلا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
المقال السابع
لمحة تاريخية عن إدخال خرافة نزول المسيح في الأديان الأرضية للمحمديين
أولا :
الأصل المصرى لخرافة نزول المسيح
1 ـ ( الجبت ) هو إسم الديانة المصرية القديمة ، وعندما إنتشرت هذه الديانة فى الامبراطورية الرومانية وفى اوربا وأثّرت على المسيحية أطلقوا هذا الاسم على (مصر) منبع هذه الديانة ، فقالوا (أيجبت Egypt) من ( الجبت)،خصوصا وأن المصريين قاموا بتمصير المسيحية فإختلفت المسيحية المصرية عن المسيحية الرومية فى روما وعن المسيحية الشرقية فى بينزطة ( القسطنطينية ) .المسيحية المصرية ( جبتية / قبطية ) تقول بالالوهية الكاملة للمسيح ، وتعتبر له طبيعة الاهية واحدة ، عكس الكنيسيتين الرومانية الكاثولوكية و البيزنطية الشرقية . بهذا ترسّخ وصف هذه المسيحية المصرية بالقبطية ، وترسخ إسم مصر بأنه ( أيجيبت Egypt) نسبة لهذه الديانة . وحدث بعدها أن انتشرت المعرفة فى اوربا بأسطورة ايزيس وأوزوريس وحورس ( الثالوث الالهى ) فى العصور الوسطى والذى أثّر فى شكل المسيحية الأوربية نفسها ، فتأكد ترسيخ ( إيجيبت ) إسما لمصر .
وعند الغزو العربى لمصر وجد العرب فيها مذهبين مسيحيين : المسيحية الشرقية التى يعتنقها البيزنطيون المحتلون بزعامة المقوقس ( قيرس ) ، ثم ( المسيحية المصرية القبطية ) التى يؤمن بها أغلبية المصريين ، فأطلقوا على المصريين إسم ( القبط ) نسبة لمذهبهم، ولم يقولوا عنهم ( مسيحيون) أو(مصريون). وظلت تسمية المصريين بالقبط سائدة حتى دخل معظم المصريين الى دين الغزاة العرب من العصر الفاطمى ( تشيع ، ثم تصوف سنى ، وأخيرا وهابية سنية متطرفة ) .وإحتفظ المسيحيون المصريون بإسم القبط أو (الأقباط ) ، وحتى الآن .
2 ـ وقد نزل القرآن الكريم باللسان العربى ، وهذا اللسان العربى إستعار كثيرا من المفردات اليونانية والرومانية والفارسية والمصرية القديمة ، وصارت جزءا من نسيجه المقروء المنطوق والمسموع والمكتوب .والتأثير المصرى كان هائلا فى الجزيرة العربية ، فتسربت كثير من المفردات المصرية القديمة الى اللسان العربى ، إذ انه بعد إكتمال وإزدهار الحضارة الفرعونية بعشرات القرون ظهر العرب ، وحين زاروا مصر ورأوا عمائرها إستعاروا كلمة ( مصر / أمصار ) بمعنى المدن ، و ( مصّر ) أى أقام مدينة . فقد رأوا المدن لأول مرة فى مصر . ولهذا فإن كلمة ( مصر ) فى القرآن الكريم تأتى اربع مرات بمعنى ( مصر الوطن ) وتأتى بمعنى المكان الحضرى غير الصحراوى : ( اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ) (61) البقرة ) .
وكان الحجاز ـ ولا يزال ـ أقرب مناطق الصحراء العربية تأثرا بمصر . وكانت (مكة) ــ حاضرة الحجاز والجزيرة العربية ــ أكثر إنفتاحا والأكثر تأثرا بمصر ، لذا إستوردت من مصر عبادة الثالوث ( ايزيس / أوزوريس / حورس ) . أسماؤها فى اللسان المصرى القديم ( عزى،عزير) ولكنها تحولت فى اللسان اليونانى الى ( ايزيس، أوزيريس ) حيث لا يوجد فيه حرف العين . إتخذ العرب من ( عزى / ايزيس ) المصرية إلاهة أسموها ( العزى ) وأكملوا الثالوث من إختراعاتهم، وقال جل وعلا عن هذه الأسماء التى إخترعوها وقدسوها : (أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23) النجم ).
3 ـ بنو اسرائيل ( بنو يعقوب ) الذين تكاثروا بمصر بعد موت يعقوب ويوسف عليهما السلام تشربوا الديانة الفرعونية ، وظلت مؤثرة فيهم برغم الاضطهاد الفرعونى وبرغم ما رأوه من الآيات التى أعطاها رب العزة جل وعلا لموسى عليه السلام . بل إنه بمجرد أن أنجاهم الله جل وعلا وأغرق فرعون وجنده وصاروا فى سيناء رأوا معبدا فرعونيا فطلبوا من موسى أن يجعل لهم آلهة فرعونية مماثلة :(الاعراف 138 ). ثم كانت فضيحتهم الكبرى حين عبدوا ( عجل أبيس المصرى) الذى صنعه لهم السامرى . الأجيال التالية من بنى إسرائيل حافظوا على المؤثرات الفرعونية ، باعتبارها ( الثوابت ) التى وجدوا عليها آباءهم . وكان منها عبادة ( أوزيريس ) أو ( عوزير ) وتقديس الكهنة . وبنو اسرائيل وغيرهم ممّن دخل فى المسيحية ما لبث أن إتبع الانحراف الذى قال به بولس ، والذى ربط فيه شخصية المسيح بالديانة الفرعونية . وبالتالى تشابهت المسيحية واليهودية فى القول بألوهية المسيح ( عند المسيحيين ) وعزير ( أو عوزير / أوزيريس ) عند بنى اسرائيل فى عهد نزول القرآن الكريم . لذا يقول جل وعلا : (وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة ) . ( اليهود ) فى المصطلح القرآنى هم الضالون المعتدون فقط من بنى اسرائيل ، وهم الذين كانوا وقتها يزعمون أن ( عزير ) المصرى ابن لله ، تعالى الله جل وعلا عن ذلك علوا كبيرا . المسيحيون يقولون بأن المسيح ابن الله ـ جل وعلا ـ تعالى عن ذلك علوا كبيرا . والله جل وعلا يقول عن الفريقين عنهم وعن أولئك اليهود وقت نزول القرآن الكريم : (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) أى يتشابهون مع قول اذين كفروا من قبل ، أى قدماء المصريين .
4 ـ وقد عاش فى يثرب قبائل يهودية وعاصرت دولة النبى محمد عليه السلام حين أصبحت يثرب هى المدينة . وقد نشر هؤلاء اليهود ثقافتهم الدينية المتأثرة بالفرعونية بين عرب المدينة ، ولأنهم كانوا فى عداوة مع النبى والمؤمنين فقد ظاهروا كفار قريش ، وزعموا لكفار قريش أن دين قريش هو الصحيح وهو الأقرب للهدى من الاسلام . لذا قال جل وعلا عنهم: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51)النساء). هنا يذكر رب العزة إسم الديانة الفرعونية صراحة ( الجبت ) من ( Egypt) ، وهذا فى معرض تأثر اليهود بالديانة الفرعونية . كما ذكر من قبل وصف اليهود حين ألّهوا (عزير / أوزيريس )بأنهم : (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) أى يتشابهون مع قول اذين كفروا من قبل ، أى قدماء المصريين .
5 ـ وظلت التأثيرات اليهودية حية فى المدينة ببقاء وتطور النفاق فيها . لقد تحدث رب العزة فى كتابه الكريم عن المنافقين فى المدينة فى عشرات الآيات ، وكانت الآيات تنزل تفضح مكائدهم . وتوقف الحديث عنهم بإنتهاء القرآن الكريم نزولا وبموت خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . ولا نتصور أن المنافقين قد إنتهى وجودهم بموت النبى ، بل العكس هو المؤكد ، خصوصا وقد كانوا غاية فى النشاط فى أواخر ما نزل من القرآن الكريم فى سورة التوبة . وبالتالى فإن أيسر ما ننتظره منهم هو محفاظتهم على الثقافة اليهودية المخالفة للاسلام ، وهى التى أظهرها الامام مالك في كتابه ( الموطأ ) ، وفيه أول إشارة الى المسيح الدجال . المعادل الموضوعى لنزول المسيح آخر الزمان بزعمهم .
6 ـ وطبقا للأسطورة الدينية المصرية القديمة فالإله جب إله الأرض كان متزوجا من آلهة السماء نوت ، وأنجب منها أربعة أبناء : هم إيزيس (عزى ) واوزيريس (عزير)، و ( ست ) واختهم نيفتيس . تزوج عزير عزى ، وتزوج ست نفتيس . كان عزير طيبا عادلا بينما كان ست قويا باطشا شريرا . قتل ست أخاه عزير، ووزع جسده فى انحاء مصر . قامت عزى ( إيزيس ) بتجميع اشلاء زوجها عزير ، وبتعويذة سحرية أعادت له الحياة ، وأنجبت منه ابنهما حورس . وانتقم حورس فقتل عمه ست . وفقد حورس فى تلك المعركة عينه اليسرى .
حدثت تحورات شتى فى هذه الاسطورة عبر القرون ، أبرزه أن ظل ست إله القوة والبطش ، وخصما لأخيه عوزير إله الخير ، وتحول عزير الى إله الموت الذى يحاسب الموتى فى قبورهم ، وتحول فى اليهودية الى ( عزير ) الذى جعلوه إبنا لله جل وعلا ، وتحول لاحقا الى ( عزرائيل ) ملك الموت عند ( المحمديين ) .
ما يهمنا هنا أن ملامح من اسطورة ( ايزيس( عزى ) أوزيريس ( عزير ) و ست ) ظهرت فيما يسمى برجوع المسيح قبيل قيام الساعة عند ( المسيحيين ) ، أما عند ( المحمديين ) فى الدين الشيعى فقد ظهر تحت مسمى ( المهدى المنتظر ) ، وفى الدين السنى تحت مسمى عودة المسيح ، وعودة ست خصم المسيح باسم المسيح الدجال .
ثانيا :
نماذج من الأناجيل عن نزول المسيح آخر الزمان
1 ـ ( لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ. )
( أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. )
2 ـ ( وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، وَقَالاَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ. حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ. )
3 ـ ( ثُمَّ قَالَ لِي: هذِهِ الأَقْوَالُ أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ. وَالرَّبُّ إِلهُ الأَنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا، هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، وَأَنَا يُوحَنَّا الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هذَا. وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ، خَرَرْتُ لأَسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِي هذَا. فَقَالَ لِيَ: انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هذَا الْكِتَابِ. اسْجُدْ ِللهِ!. وَقَالَ لِي: لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ. مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ)
4 ـ ( وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ. طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا. )
5 ـ ( أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ. وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: «تَعَالَ!». وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: «تَعَالَ!». وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا. لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ. يَقُولُ الشَّاهِدُ بِهذَا: «نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعًا». آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ. ) .
ثالثا :
تدوين هذا الإفك في العصر العباسى
1 ـ قبل العصر الأموى وحتى عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز لم يكن هناك سوى القرآن الكريم ، وهذا ما جاء في أول خطبة عمر بن عبد العزيز حين قال ليس مع القرآن كتاب .
2 ـ فى العصر الأموى لم يكن هناك التفات كبير للعلم خصوصا مع قصر العصر الأموى وإنشغال خلفائه بالحروب مع الخارج حيث توسع الأمويون فيما بين حدود الصين الى جنوب فرنسا ، وكان الخلفاء الأمويون عربا يهتمون بالشعر ولا إهتمام لديهم بالعلوم ، لذا إتّسمت الحركة العلمية وقتها بالسذاجة والسطحية والتناقل الشفهى وتعدد الاتجاهات من تاريخ وقصص وشعر وأنساب في المجلس الواحد . جاء العصر العباسى بتطور هائل ساعد عليه طول العصر والهدوء النسبى في المعارك في الداخل والخارج والانفتاح على الثقافات المختلفة من الشرق والغرب ، وفيه كان التدوين .
3 ـ من التدوين ما كان إيجابيا عايش الحضارة ، وهو إنجازات العلماء في العلوم الطبيعية والفلسفية ، فالعصر العباسى هو الذى شهد أفذاذ العلم في العصور الوسطى من الكندى والبيرونى وابن سينا والخوارزمى وابن حيان والرازى الطبيب والفارابى ..الخ . ثم منه ما كان سلبيا رجعيا مؤسسا على العداء لله جل وعلا ورسوله فيما يعرف بالفقه والحديث والتفسير وعلوم القرآن . وكلها ( ترجع ) الى الماضى عبر إسنادها كذبا وبُهتانا الى رواة من الصحابة والتابعين ، ماتوا دون أن يعرفوا شيئا عن المنسوب اليهم .
4 ـ كانت الدولة العباسية كهنوتية مؤسسة على صناعة الحديث ، وفى نفس الوقت تضطهد خصومها ، فقد قتل أبو جعفر المنصور أبا حنيفة لعدم إعترافه بالأحاديث المسندة للنبى محمد عليه السلام ، وكاد هارون الرشيد أن يقتل أميرا عباسيا في مجلسه لأنه تساءل عن حديث ، فاتهمه الرشيد بالطعن في الحديث، وأنقذه تدخل الحاضرين . استعمل العباسيون في مرحلة الدعوة أحاديث في الترويج لدولتهم القادمة ، ثم إصطنعوا أحاديث تتنبأ بأسماء الخلفاء العباسيين ، وقد جمعها السيوطى في كتابه ( تاريخ الخلفاء ). ثم قامت دولتهم فازدهرت بهم صناعة الأحاديث ، وبعد أن كانت حوالى ألف حديث في الموطأ أصبحت بعد قرن من الزمان مئات الألوف .
5 ـ قامت الدولة العباسية على أكتاف الفُرس وزعيمهم أبى مسلم الخراسانى ، وفى صراع على السُّلطة قتل أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراسانى فثارت ابنته فاطمة ، ونشبت حروب متكررة بين العباسيين والفرس في خراسان واقصى الشرق ، وكان هناك أعوان سريون للثوار الفرس داخل بغداد ، فتتبعهم الخليفة المهدى ــ إبن الخليفة المنصور ــ يقتلهم بتهمة الزندقة. إستمرت المعارك الحربية بين العباسيين والثوار الفُرس حتى القرن الثالث الهجرى ، وتتبعناه في كتابنا ( مسلسل الدماء في عصور الخلفاء ). بإنتصار العباسيين إضطر أعيان الفرس الى الحرب الفكرية ، بالدخول في ( الإسلام ) للكيد للاسلام . وهذا يفسر الظهور المفاجئ لعلماء الحديث من خراسان وغيرها في القرن الثالث الهجرى وما بعده.
6 ـ للتقرب الى العباسيين والنجاة من اضطهادهم جعل ( علماء ) الحديث والتفسير والقصص من عبد الله بن عباس ( جد الخلفاء العباسيين ) المرجعية الكبرى ، إسندوا اليه روايات الحديث والتفسير والقصص. والى جانبه أضافوا رواة آخرين أقل شأنا ، وربما إخترعوهم إختراعا . مجرد أسماء زعموا أنها عاشت في العصر الأموى .
الثابت تاريخيا أن إبن عباس لم يكن لديه وقت ليتفرّغ لمجالس العلم . كان منهمكا في الفتنة الكبرى الأولى مع ابن عمه على بن أبى طالب ضد الخوارج ومعاوية ، ثم هرب منه وسرق بيت المال ، ثم بعدها إنهمك في صراع مع ابن الزبير في الفتنة الكبرى الثانية حتى لقد كاد ابن الزبير أن يحرق الهاشميين وزعيمهم ابن عباس لولا أن أنقذهم جيش بعث به المختار بن عبيدة الثقفى، وقد فصلنا هذا وذاك في كتابى ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) و ( الفتنة الكبرى الثانية ). ثم أصيب ابن عباس بالعمى في شيخوخته . لا نتصور شخصا بهذه السيرة الحافلة يجد وقتا للتفرغ للعلم والرواية .
7 ـ في العصر العباسى كان هناك الإسلام الحقّ المحفوظ في القرآن الكريم ، والذى تمّ إتّخاذه مهجورا ، ثم كان هناك ( إسلام مصنوع ) . أطلقوا على الإسلام المصنوع إسم الإسلام ، وهو تدين واقعى وموجود يناقض الإسلام القرآنى . هو إستمرار للكفر السلوكى في الغزو والاحتلال والاستبداد والفساد من عهد الخلفاء ( الراشدين والأمويين )، ثم أضيف له في العصر العباسى الكفر العقيدى القلبى بتقديس النبى محمد والخلفاء ( الراشدين ) والصحابة ، ثم الأئمة والأولياء وآل البيت . ثم جعلوا خرافات هذا الدين الشيطانى هي الإسلام .
ولأنه يناقض الإسلام الذى نزل في القرآن الكريم فلا بد من تسويغ وتشريع هذا التدين بالتلاعب في القرآن الكريم وبصناعة أحاديث مزورة ، وجعلها حاكمة على القرآن الكريم ثم الطعن في القرآن الكريم بالتفسير والتأويل والنسخ بمعى إلغاء تشريعات القرآن واتهام الآيات بالتعارض وان بعضها يلغى بعضها .
8 ـ دخل أبناء الأمم المفتوحة في هذا ( الإسلام المصنوع ) بخلفياتهم الثقافية ومهارتهم العلمية ، فكان ( الموالى ) هم أساتذة العلوم في العصر الأموى ، ثم أصبح أئمة الحديث والتفسير والفقه من الطبقات التالية من الموالى في العصر العباسى الثانى ، وجاء معظمهم من أواسط آسيا . دخلوا في ( الإسلام المصنوع ) يحملون أوزار أدينهم القديمة ، فجعلوها معالم هذا ( الإسلام المصنوع ).
ونتوقف مع نموذج له في تفسير الطبرى عن نزول المسيح .
المقال الثامن
مقدمة عن خرافات الطبرى في ( تفسيره ) عن اسطورة نزول المسيح
أولا :
1 ـ يقول جل وعلا :( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (33) الفرقان ). القرآن فيه تفسير القرآن ، القرآن يفسر بعضه بعضا . إذ أن بيان القرآن هو في داخل القرآن . سورة ( النور ) من أوائل ما نزل في المدينة ، ونزلت فيها تشريعات جديدة ، وتردد فيها التأكيد على البيان القرآنى ، قال جل وعلا :
1 / 1 : ( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)) النور )، مع ذلك إفتروا عقوبة الرجم .!
1 / 2 : ( وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18 )
1 / 3 : ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ) (34)
1 / 4 : ( لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ ) (46)
1 / 5 : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)
1 / 6 : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)
2 ـ إن الله جل وعلا قد جعل كتابه مُيسّرا للذكر للجميع ، قال جل وعلا :
2 / 1 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) الدخان )
2 / 2 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم )
2 / 3 : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) القمر : 17 ، 22 ، 32 ، 40 )
أي من يريد حقائق الإسلام يجدها واضحة مباشرة يسيرة الفهم طالما يريد المؤمن ( الذكر ) ، أو الهداية. المطلوب من المؤمن أن يدخل على القرآن الكريم بقلب مفتوح للهداية مؤمنا بالقرآن الكريم وحده حديثا . عندها يمسُّه نور القرآن الكريم طالما كان قلبه مطهّرا من الايمان بأحاديث الشيطان. قال جل وعلا عن القرآن الكريم : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) بعدها يقول جل وعلا لمن يكفر بالقرآن وحده حديثا من أئمة الأديان الأرضية : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة ).
3 ـ ومع تيسير فهم القرآن فإن فيه أعماقا للتدبر للراسخين في العلم . ومنهج التدبر القرآنى جاء في الآية السابعة من سورة ( آل عمران ): ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) . الآية واضحة ، ففي الكتاب آيات محكمات المعنى ، وفيه آيات متشابهات تكرر وتؤكد وتفصّل معنى الآية المحكمة ، والراسخون في العلم يؤمنون بالكتاب كله ، وهم يتدبرون آياته ، أي يتتبعونها ، يجعلون الآيات ( أمامهم ) بالهمزة المفتوحة ، وهم خلفها ، ويجعلون القرآن إماما ( بالهمزة المكسورة ) ، وكل ذلك بدون فكرة مسبقة يريدون فرضها على القرآن الكريم ، بل طلب الهداية وتعلم العلم منه. في تدبرهم يحددون مفهوم اللفظ القرآنى من داخل القرآن نفسه من خلال السياق المحلى بالآية وما قبلها وما بعدها ، ثم يتتبعون موضوع الآية في القرآن الكريم كله ، سواء الآيات الخاصة بالموضوع والآيات القريبة من الموضوع ، بهذا يجدون الآيات المتشابهة تشرح وتفصل وتبين الآيات المحكمة .
4 ـ هم بهذا يؤمنون بالقرآن الكريم كله كتابا مبينا ، قد فصّل الله جل وعلا آياته على علم ، قال جل وعلا : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الأعراف ). أما من يدخل على القرآن الكريم يريد التلاعب به فهم يتتبعون المتشابه يضربون بعضه ببعض ويضربونه بالمحكم . وهم بهذا لا يزدادون بالقرآن إلا خسارا ، عكس المؤمنين به الذين يزدادون به شفاءا ورحمة. قال جل وعلا : (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء )
ثانيا :
1 ـ يتناقض تفسيرهم مع القرآن الكريم في المعنى القرآنى وتخاريف المفسراتية ، وفي وضوح الآية القرآنية وغموض وتشتت ما يسمونه بالتفسير. المفترض في التفسير إنه تفسير لشىء غامض مُبهم يستعصى على الفهم . ولكن تجد العكس ، ففعلا القرآن الكريم كتاب ( مُبين ) بذاته ، وآياته ( مُبينات ) بنفسها ( بيّنات ) بنفسها ، والمُبهم هو ( التفسير ) بكل ما فيه من غباء وتخلف وتناقض وإختلاف .
2 ـ وقد تعرضنا للآية السابعة من سورة آل عمران ووضوحها . ننقل ما قاله الطبرى في ( تفسيرها ) . ونترك القارىء يتبيّن بنفسه انه ليس تفسيرا بل تتويها وتعتيما .
3 ـ قال الطبرى :
3 / 1 :
( وَأَمَّا قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } فَإِنَّهُ يَعْنِي مِنْ الْكِتَاب آيَات , يَعْنِي بِالْآيَاتِ آيَات الْقُرْآن . وَأَمَّا الْمُحْكَمَات : فَإِنَّهُنَّ اللَّوَاتِي قَدْ أُحْكِمْنَ بِالْبَيَانِ وَالتَّفْصِيل , وَأُثْبِتَتْ حُجَجهنَّ وَأَدِلَّتهنَّ عَلَى مَا جُعِلْنَ أَدِلَّة عَلَيْهِ مِنْ حَلَال وَحَرَام , وَوَعْد وَوَعِيد , وَثَوَاب وَعِقَاب , وَأَمْر وَزَجْر , وَخَبَر وَمَثَل , وَعِظَة وَعِبَر , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . ثُمَّ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَؤُلَاءِ الْآيَات الْمُحْكَمَات بِأَنَّهُنَّ هُنَّ أُمّ الْكِتَاب , يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَصْل الْكِتَاب الَّذِي فِيهِ عِمَاد الدِّين وَالْفَرَائِض وَالْحُدُود , وَسَائِر مَا بِالْخَلْقِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَمَا كُلِّفُوا مِنْ الْفَرَائِض فِي عَاجِلهمْ وَآجِلهمْ . وَإِنَّمَا سَمَّاهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , لِأَنَّهُنَّ مُعْظَم الْكِتَاب , وَمَوْضِع مَفْزَع أَهْله عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب , تُسَمِّي الْجَامِع مُعْظَم الشَّيْء أَمَّا لَهُ , فَتُسَمِّي رَايَة الْقَوْم الَّتِي تَجْمَعهُ فِي الْعَسَاكِر أُمّهمْ , وَالْمُدَبِّر مُعْظَم أَمْر الْقَرْيَة وَالْبَلْدَة أُمّهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَوَحَّدَ أُمّ الْكِتَاب , وَلَمْ يَجْمَع فَيَقُول : هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب , وَقَدْ قَالَ هُنَّ لِأَنَّهُ أَرَادَ جَمِيع الْآيَات الْمُحْكَمَات أُمّ الْكِتَاب , لَا أَنَّ كُلّ آيَة مِنْهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلّ آيَة مِنْهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , لَكَانَ لَا شَكّ قَدْ قِيلَ : هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب . وَنَظِير قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا فِي تَوْحِيد الْأُمّ وَهِيَ خَبَر لِ " هُنَّ " قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَجَعَلْنَا اِبْن مَرْيَم وَأُمّه آيَة } 23 50 وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَجَعَلْنَا جَمِيعهمَا آيَة , إِذْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا فِيمَا حُمِلَا فِيهِ لِلْخَلْقِ عِبْرَة . وَلَوْ كَانَ مُرَاده الْخَبَر عَنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى اِنْفِرَاده , بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْخَلْقِ عِبْرَة , لَقِيلَ : وَجَعَلْنَا اِبْن مَرْيَم وَأُمّه آيَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لَهُمْ عِبْرَة . وَذَلِكَ أَنَّ مَرْيَم وَلَدَتْ مِنْ غَيْر رَجُل , وَنَطَقَ اِبْنهَا فَتَكَلَّمَ فِي الْمَهْد صَبِيًّا , فَكَانَ فِي كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لِلنَّاسِ آيَة . وَقَدْ قَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنَّمَا قِيلَ : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } وَلَمْ يَقُلْ : " هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب " عَلَى وَجْه الْحِكَايَة , كَمَا يَقُول الرَّجُل : مَا لِي أَنْصَار , فَتَقُول : أَنَا أَنْصَارك , أَوْ مَا لِي نَظِير , فَتَقُول : نَحْنُ نَظِيرك . قَالَ : وَهُوَ شَبِيه " دَعْنِي مِنْ تَمْرَتَانِ " , وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ فَقْعَس : تَعَرَّضَتْ لِي بِمَكَانٍ حَلّ تَعَرُّض الْمُهْرَة فِي الطِّوَلِّ تَعَرُّضًا لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلًا لِي حَلَّ أَيْ يَحِلّ بِهِ , عَلَى الْحِكَايَة , لِأَنَّهُ كَانَ مَنْصُوبًا قَبْل ذَلِكَ , كَمَا يَقُول : نُودِيَ : الصَّلَاة الصَّلَاة , يَحْكِي قَوْل الْقَائِل : الصَّلَاة الصَّلَاة ! وَقَالَ : قَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا هِيَ أَنَّ قَتْلًا لِي , وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ " عَنْ " لِأَنَّ أَنَّ فِي لُغَته تُجْعَل مَوْضِعهَا " عَنْ " وَالنَّصْب عَلَى الْأَمْر , كَأَنَّك قُلْت : ضَرْبًا لِزَيْدٍ . وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنًى لَهُ , لِأَنَّ كُلّ هَذِهِ الشَّوَاهِد الَّتِي اِسْتَشْهَدَ بِهَا , لَا شَكّ أَنَّهُنَّ حِكَايَات حَالَتهنَّ بِمَا حَكَى عَنْ قَوْل غَيْره وَأَلْفَاظه الَّتِي نَطَقَ بِهِنَّ , وَأَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَد قَوْله : أُمّ الْكِتَاب , فَيَجُوز أَنْ يُقَال : أَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَج الْحِكَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله { وَأُخَر } فَإِنَّهَا جَمْع أُخْرَى . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا لَمْ يُصْرَف " أُخَر " , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَمْ يُصْرَف أُخَر مِنْ أَجْل أَنَّهَا نَعْت وَاحِدَتهَا أُخْرَى , كَمَا لَمْ تُصْرَف جُمَع وَكُتَع , لِأَنَّهُنَّ نُعُوت . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا لَمْ تُصْرَف الْأُخَر لِزِيَادَةِ الْيَاء الَّتِي فِي وَاحِدَتهَا , وَأَنَّ جَمْعهَا مَبْنِيّ عَلَى وَاحِدهَا فِي تَرْك الصَّرْف , قَالُوا : وَإِنَّمَا تُرِكَ صَرْف أُخْرَى , كَمَا تُرِكَ صَرْف حَمْرَاء وَبَيْضَاء فِي النَّكِرَة وَالْمَعْرِفَة لِزِيَادَةِ الْمَدَّة فِيهَا وَالْهَمْزَة بِالْوَاوِ , ثُمَّ اِفْتَرَقَ جَمْع حَمْرَاء وَأُخْرَى , فَبُنِيَ جَمْع أُخْرَى عَلَى وَاحِدَته , فَقِيلَ : فُعَل أُخَر , فَتُرِكَ صَرْفهَا كَمَا تُرِكَ صَرْف أُخْرَى , وَبُنِيَ جَمْع حَمْرَاء وَبَيْضَاء عَلَى خِلَاف وَاحِدَته , فَصُرِفَ , فَقِيلَ حُمْر وَبِيض . فَلِاخْتِلَافِ حَالَتَيْهِمَا فِي الْجَمْع اِخْتَلَفَ إِعْرَابهمَا عِنْدهمْ فِي الصَّرْف , وَلِاتِّفَاقِ حَالَتَيْهِمَا فِي الْوَاحِدَة اِتَّفَقَتْ حَالَتَاهُمَا فِيهَا . وَأَمَّا قَوْله : { مُتَشَابِهَات } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مُتَشَابِهَات فِي التِّلَاوَة , مُخْتَلِفَات فِي الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } 2 25 يَعْنِي فِي الْمَنْظَر : مُخْتَلِفًا فِي الْمَطْعَم , وَكَمَا قَالَ مُخْبِرًا عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنَّهُ قَالَ : { إِنَّ الْبَقَر تَشَابَهَ عَلَيْنَا } 2 70 يَعْنُونَ بِذَلِكَ : تَشَابَهَ عَلَيْنَا فِي الصِّفَة , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَنْوَاعه . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : إِنَّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء , هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك يَا مُحَمَّد الْقُرْآن , مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات بِالْبَيَانِ , هُنَّ أَصْل الْكِتَاب الَّذِي عَلَيْهِ عِمَادك وَعِمَاد أُمَّتك فِي الدِّين , وَإِلَيْهِ مَفْزَعك وَمَفْزَعهمْ فِيمَا اِفْتَرَضْت عَلَيْك وَعَلَيْهِمْ مِنْ شَرَائِع الْإِسْلَام , وَآيَات أُخَر هُنَّ مُتَشَابِهَات فِي التِّلَاوَة , مُخْتَلِفَات فِي الْمَعَانِي . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } وَمَا الْمُحْكَم مِنْ آي الْكِتَاب , وَمَا الْمُتَشَابَه مِنْهُ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْقُرْآن : الْمَعْمُول بِهِنَّ , وَهُنَّ النَّاسِخَات , أَوْ الْمُثْبِتَات الْأَحْكَام ; وَالْمُتَشَابِهَات مِنْ آيِهِ : الْمَتْرُوك الْعَمَل بِهِنَّ , الْمَنْسُوخَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5163 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : هِيَ الثَّلَاث الْآيَات الَّتِي هَهُنَا : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ } 6 151 إِلَى ثَلَاث آيَات , وَاَلَّتِي فِي بَنِي إِسْرَائِيل : { وَقَضَى رَبّك أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } 17 23 إِلَى آخِر الْآيَات . 5164 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلَى بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } الْمُحْكَمَات : نَاسِخه , وَحَلَاله , وَحَرَامه , وَحُدُوده , وَفَرَائِضه , وَمَا يُؤْمَن بِهِ , وَيُعْمَل بِهِ . قَالَ : { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } وَالْمُتَشَابِهَات : مَنْسُوخه , وَمُقَدَّمه , وَمُؤَخَّره , وَأَمْثَاله , وَأَقْسَامه , وَمَا يُؤْمَن بِهِ , وَلَا يُعْمَل بِهِ . 5165 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى : { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } فَالْمُحْكَمَات الَّتِي هِيَ أُمّ الْكِتَاب : النَّاسِخ الَّذِي يُدَان بِهِ وَيُعْمَل بِهِ ; وَالْمُتَشَابِهَات : هُنَّ الْمَنْسُوخَات الَّتِي لَا يُدَان بِهِنَّ . 5166 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ , عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } أَمَّا الْآيَات الْمُحْكَمَات : فَهُنَّ النَّاسِخَات الَّتِي يُعْمَل بِهِنَّ ; وَأَمَّا الْمُتَشَابِهَات : فَهُنَّ الْمَنْسُوخَات . 5167 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } وَالْمُحْكَمَات : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ مَا أَحَلَّ اللَّه فِيهِ حَلَاله وَحَرَّمَ فِيهِ حَرَامه ; وَأَمَّا الْمُتَشَابِهَات : فَالْمَنْسُوخ الَّذِي لَا يُعْمَل بِهِ وَيُؤْمَن 5168 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : الْمُحْكَم : مَا يُعْمَل بِهِ . 5169 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمُحْكَمَات : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ , وَالْمُتَشَابِهَات : الْمَنْسُوخ الَّذِي لَا يُعْمَل بِهِ , وَيُؤْمَن بِهِ . 5170 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : النَّاسِخَات , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : مَا نُسِخَ وَتُرِكَ يُتْلَى . * - حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَالَ : الْمُحْكَم مَا لَمْ يُنْسَخ , وَمَا تَشَابَهَ مِنْهُ : مَا نُسِخَ . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : النَّاسِخ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمَنْسُوخ . 5171 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمُحْكَمَات : الَّذِي يُعْمَل بِهِ . * - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يُحَدِّث , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } يَعْنِي : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } يَعْنِي الْمَنْسُوح , يُؤْمَن بِهِ وَلَا يُعْمَل بِهِ . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : مَا لَمْ يُنْسَخ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : مَا قَدْ نُسِخَ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْكِتَاب : مَا أَحْكَمَ اللَّه فِيهِ بَيَان حَلَاله وَحَرَامه ; وَالْمُتَشَابِه مِنْهَا : مَا أَشْبَهَ بَعْضه بَعْضًا فِي الْمَعَانِي وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5172 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } مَا فِيهِ مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام وَمَا سِوَى ذَلِكَ , فَهُوَ مُتَشَابِه يُصَدِّق بَعْضه بَعْضًا , وَهُوَ مِثْل قَوْله : { وَمَا يُضِلّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ } 2 26 وَمِثْل قَوْله : { كَذَلِكَ يَجْعَل اللَّه الرِّجْس عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } 6 125 وَمِثْل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } 47 17 * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْكِتَاب : مَا لَمْ يَحْتَمِل مِنْ التَّأْوِيل غَيْر وَجْه وَاحِد ; وَالْمُتَشَابِه مِنْهُ : مَا اِحْتَمَلَ مِنْ التَّأْوِيل أَوْجُهًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5173 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } فِيهِنَّ حُجَّة الرَّبّ , وَعِصْمَة الْعِبَاد , وَدَفْع الْخُصُوم وَالْبَاطِل , لَيْسَ لَهَا تَصْرِيف وَلَا تَحْرِيف عَمَّا وُضِعَتْ عَلَيْهِ . وَأُخَر مُتَشَابِهَة فِي الصِّدْق , لَهُنَّ تَصْرِيف وَتَحْرِيف وَتَأْوِيل , اِبْتَلَى اللَّه فِيهِنَّ الْعِبَاد كَمَا اِبْتَلَاهُمْ فِي الْحَلَال وَالْحَرَام , لَا يُصْرَفْنَ إِلَى الْبَاطِل وَلَا يُحَرَّفْنَ عَنْ الْحَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الْمُحْكَم : مَا أَحْكَمَ اللَّه فِيهِ مِنْ آي الْقُرْآن وَقَصَص الْأُمَم وَرُسُلهمْ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ , فَفَصَّلَهُ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ وَأُمَّته . وَالْمُتَشَابِه : هُوَ مَا اِشْتَبَهَتْ الْأَلْفَاظ بِهِ مِنْ قَصَصهمْ عِنْد التَّكْرِير فِي السُّوَر فَقِصَّة بِاتِّفَاقِ الْأَلْفَاظ وَاخْتِلَافه الْمَعَانِي , وَقِصَّة بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ وَاتِّفَاق الْمُعَانَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5174 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد وَقَرَأَ : { الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آيَاته ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيم خَبِير } 11 1 قَالَ . وَذَكَرَ حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْبَع وَعِشْرِينَ آيَة مِنْهَا , وَحَدِيث نُوح فِي أَرْبَع وَعِشْرِينَ آيَة مِنْهَا . ثُمَّ قَالَ : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب }
11 49 ثُمَّ ذَكَرَ : { وَإِلَى عَاد } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَاسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ } 11 90 ثُمَّ مَضَى ثُمَّ ذَكَرَ صَالِحًا وَإِبْرَاهِيم وَلُوطًا وَشُعَيْبًا , وَفَرَغَ مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا يَقِين , ذَلِكَ يَقِين أُحْكِمَتْ آيَاته ثُمَّ فُصِّلَتْ . قَالَ : وَالْمُتَشَابِه ذِكْر مُوسَى فِي أَمْكِنَة كَثِيرَة , وَهُوَ مُتَشَابِه , وَهُوَ كُلّه مَعْنًى وَاحِد وَمُتَشَابِه : { اُسْلُكْ فِيهَا } 23 27 { اِحْمِلْ فِيهَا } 11 40 { اُسْلُكْ يَدك } 28 32 { أَدْخِلْ يَدك } 27 12 { حَيَّة تَسْعَى } 20 20 { ثُعْبَان مُبِين } 7 107 قَالَ . ثُمَّ ذَكَرَ هُودًا فِي عَشْر آيَات مِنْهَا , وَصَالِحًا فِي ثَمَانِي آيَات مِنْهَا وَإِبْرَاهِيم فِي ثَمَانِي آيَات أُخْرَى , وَلُوطًا فِي ثَمَانِي آيَات مِنْهَا , وَشُعَيْبًا فِي ثَلَاث عَشْرَةَ آيَة , وَمُوسَى فِي أَرْبَع آيَات , كُلّ هَذَا يَقْضِي بَيْن الْأَنْبِيَاء وَبَيْن قَوْمهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , فَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى مِائَة آيَة مِنْ سُورَة هُود , ثُمَّ قَالَ : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْقُرَى نَقُصّهُ عَلَيْك مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } 11 100 وَقَالَ فِي الْمُتَشَابِه مِنْ الْقُرْآن : مَنْ يُرِدْ اللَّه بِهِ الْبَلَاء وَالضَّلَالَة , يَقُول : مَا شَأْن هَذَا لَا يَكُون هَكَذَا , وَمَا شَأْن هَذَا لَا يَكُون هَكَذَا ؟ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمُحْكَم مِنْ آي الْقُرْآن : مَا عَرَفَ الْعُلَمَاء تَأْوِيله , وَفَهِمُوا مَعْنَاهُ وَتَفْسِيره ; وَالْمُتَشَابِه : مَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ إِلَى عِلْمه سَبِيل مِمَّا اِسْتَأْثَرَ اللَّه بِعِلْمِهِ دُون خَلْقه , وَذَلِكَ نَحْو الْخَبَر عَنْ وَقْت مَخْرَج عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَوَقْت طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا , وَقِيَام السَّاعَة , وَفَنَاء الدُّنْيَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ أَحَد . وَقَالُوا : إِنَّمَا سَمَّى اللَّه مِنْ آي الْكِتَاب الْمُتَشَابِه الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الَّتِي فِي أَوَائِل بَعْض سُوَر الْقُرْآن مِنْ نَحْو الم , وَالمص , وَالمر , والر , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , لِأَنَّهُنَّ مُتَشَابِهَات فِي الْأَلْفَاظ , وَمُوَافَقَات حُرُوف حِسَاب الْجُمَل . وَكَانَ قَوْم مِنْ الْيَهُود عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَمِعُوا أَنْ يُدْرِكُوا مِنْ قِبَلهَا مَعْرِفَة مُدَّة الْإِسْلَام وَأَهْله , وَيَعْلَمُوا نِهَايَة أُكْل مُحَمَّد وَأُمَّته , فَأَكْذَبَ اللَّه أُحْدُوثَتهمْ بِذَلِكَ , وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ مَا اِبْتَغَوْا عِلْمه مِنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَل هَذِهِ الْحُرُوف الْمُتَشَابِهَة لَا يُدْرِكُونَهُ وَلَا مِنْ قِبَل غَيْرهَا , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه . وَهَذَا قَوْل ذُكِرَ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْره مِمَّنْ قَالَ نَحْو مَقَالَته فِي تَأْوِيل ذَلِكَ فِي تَفْسِير قَوْله : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ } 2 1 : 2 وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَشْبَهَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيع مَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ آي الْقُرْآن عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ بَيَانًا لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ , وَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون فِيهِ مَا لَا حَاجَة بِهِمْ إِلَيْهِ , وَلَا أَنْ يَكُون فِيهِ مَا بِهِمْ إِلَيْهِ الْحَاجَة , ثُمَّ لَا يَكُون لَهُمْ إِلَى عِلْم تَأْوِيله سَبِيل . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَكُلّ مَا فِيهِ لِخَلْقِهِ إِلَيْهِ الْحَاجَة , وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضه مَا بِهِمْ عَنْ بَعْض مَعَانِيه الْغِنَى , وَإِنْ اِضْطَرَّتْهُ الْحَاجَة إِلَيْهِ فِي مَعَانٍ كَثِيرَة , وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبَت فِي إِيمَانهَا خَيْرًا } 6 158 فَأَعْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته أَنَّ تِلْكَ الْآيَة الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَمْ يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل ذَلِكَ , هِيَ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا . فَاَلَّذِي كَانَتْ بِالْعِبَادِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ عِلْم ذَلِكَ هُوَ الْعِلْم مِنْهُمْ بِوَقْتِ نَفْع التَّوْبَة بِصِفَتِهِ بِغَيْرِ تَحْدِيده بَعْد بِالسِّنِينَ وَالشُّهُور وَالْأَيَّام , فَقَدْ بَيَّنَ اللَّه ذَلِكَ لَهُمْ بِدَلَالَةِ الْكِتَاب , وَأَوْضَحَهُ لَهُمْ عَلَى لِسَان رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفَسَّرًا . وَاَلَّذِي لَا حَاجَة لَهُمْ إِلَى عِلْمه مِنْهُ هُوَ الْعِلْم بِمِقْدَارِ الْمُدَّة الَّتِي بَيْن وَقْت نُزُول هَذِهِ الْآيَة وَوَقْت حُدُوث تِلْكَ الْآيَة , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا حَاجَة بِهِمْ إِلَى عِلْمه فِي دِين وَلَا دُنْيَا , وَذَلِكَ هُوَ الْعِلْم الَّذِي اِسْتَأْثَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ دُون خَلْقه , فَحَجَبَهُ عَنْهُمْ , وَذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي طَلَبَتْ الْيَهُود مَعْرِفَته فِي مُدَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته مِنْ قِبَل قَوْله : الم , وَالمص , والر , وَالمر , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الْمُتَشَابِهَات , الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَ تَأْوِيل ذَلِكَ مِنْ قِبَله , وَأَنَّهُ لَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه . فَإِذَا كَانَ الْمُتَشَابِه هُوَ مَا وَصَفْنَا , فَكُلّ مَا عَدَاهُ فَمُحْكَم , لِأَنَّهُ لَنْ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُون مُحْكَمًا بِأَنَّهُ بِمَعْنًى وَاحِد لَا تَأْوِيل لَهُ غَيْر تَأْوِيل وَاحِد , وَقَدْ اُسْتُغْنِيَ بِسَمَاعِهِ عَنْ بَيَان يُبَيِّنهُ , أَوْ يَكُون مُحْكَمًا , وَإِنْ كَانَ ذَا وُجُوه وَتَأْوِيلَات وَتَصَرُّف فِي مَعَانٍ كَثِيرَة , فَالدَّلَالَة عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْهُ إِمَّا مِنْ بَيَان اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْهُ أَوْ بَيَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ , وَلَنْ يَذْهَب عِلْم ذَلِكَ عَنْ عُلَمَاء الْأُمَّة لِمَا قَدْ بَيَّنَّا . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَان عَنْ تَأْوِيل ذَلِكَ بِالدَّلَالَةِ الشَّاهِدَة عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِيهِ , وَنَحْنُ ذَاكِرُو اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } هُنَّ اللَّائِي فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام , نَحْو قِيلنَا الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5175 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمَر أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ يَحْيَى : هُنَّ اللَّاتِي فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَعِمَاد الدِّين , وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ : أُمّ الْقُرَى مَكَّة , وَأُمّ خُرَاسَان مَرْو , وَأُمّ الْمُسَافِرِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ إِلَيْهِ أَمْرهمْ , وَيُعْنَى بِهِمْ فِي سَفَرهمْ , قَالَ : فَذَاكَ أُمّهمْ . 5176 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : هُنَّ جِمَاع الْكِتَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنِيّ بِذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر الَّتِي مِنْهَا يُسْتَخْرَج الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5177 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ أَبِي فَاخِتَة أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : أُمّ الْكِتَاب : فَوَاتِح السُّوَر , مِنْهَا يُسْتَخْرَج الْقُرْآن ; { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } 2 1 : 2 مِنْهَا اُسْتُخْرِجَتْ الْبَقَرَة , وَ { الم اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } مِنْهَا اُسْتُخْرِجَتْ آل عِمْرَان.
3 / 2 :
( الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ , وَانْحِرَاف عَنْهُ . يُقَال مِنْهُ : زَاغَ فُلَان عَنْ الْحَقّ , فَهُوَ يَزِيغ عَنْهُ زَيْغًا وَزَيَغَانًا وَزُيُوغَة وَزُيُوغًا , وَأَزَاغَهُ اللَّه : إِذَا أَمَالَهُ , فَهُوَ يُزِيغهُ , وَمِنْهُ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبنَا } لَا تُمِلْهَا عَنْ الْحَقّ { بَعْد إِذْ هَدَيْتنَا } 3 8 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5178 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَيْ مَيْل عَنْ الْهُدَى . 5179 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : شَكّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 5180 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : مِنْ أَهْل الشَّكّ . 5181 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَمَّا الزَّيْغ : فَالشَّكّ . 5182 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { زَيْغ } شَكّ . قَالَ اِبْن جُرَيْج { الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } الْمُنَافِقُونَ.
3 / 3 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه وَتَصَرَّفَتْ مَعَانِيه بِوُجُوهِ التَّأْوِيلَات , لِيُحَقِّقُوا بِادِّعَائِهِمْ الْأَبَاطِيل مِنْ التَّأْوِيلَات فِي ذَلِكَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة وَالزَّيْغ عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ تَلْبِيسًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَته بِوُجُوهِ تَأْوِيل ذَلِكَ وَتَصَارِيف مَعَانِيه . كَمَا : 5183 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فَيَحْمِلُونَ الْمُحْكَم عَلَى الْمُتَشَابِه , وَالْمُتَشَابِه عَلَى الْمُحْكَم , وَيُلَبِّسُونَ , فَلَبَّسَ اللَّه عَلَيْهِمْ . 5184 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } أَيْ مَا تَحَرَّفَ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ , لِيُصَدِّقُوا بِهِ مَا اِبْتَدَعُوا وَأَحْدَثُوا , لِيَكُونَ لَهُمْ حُجَّة عَلَى مَا قَالُوا وَشُبْهَة . 5185 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } قَالَ : الْبَاب الَّذِي ضَلُّوا مِنْهُ وَهَلَكُوا فِيهِ اِبْتِغَاء تَأْوِيله . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 5186 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَتَّبِعُونَ الْمَنْسُوخ وَالنَّاسِخ , فَيَقُولُونَ : مَا بَالُ هَذِهِ الْآيَة عُمِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مَجَاز هَذِهِ الْآيَة , فَتُرِكَتْ الْأُولَى وَعُمِلَ بِهَذِهِ الْأُخْرَى ؟ هَلَّا كَانَ الْعَمَل بِهَذِهِ الْآيَة قَبْل أَنْ تَجِيء الْأُولَى الَّتِي نُسِخَتْ . وَمَا بَالُهُ يُعَدّ الْعَذَاب مَنْ عَمِلَ عَمَلًا يَعُدّ بِهِ النَّار وَفِي مَكَان آخَر مِنْ عَمَله فَإِنَّهُ لَمْ يُوجِب النَّار . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ الْوَفْد مِنْ نَصَارَى نَجْرَان الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَحَاجُّوهُ بِمَا حَاجُّوهُ بِهِ , وَخَاصَمُوهُ بِأَنْ قَالُوا : أَلَسْت تَزْعُم أَنَّ عِيسَى رُوح اللَّه وَكَلِمَته ؟ وَتَأَوَّلُوا فِي ذَلِكَ مَا يَقُولُونَ فِيهِ مِنْ الْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5187 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : عَمَدُوا - يَعْنِي الْوَفْد الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَصَارَى نَجْرَان - فَخَاصَمُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالُوا : أَلَسْت تَزْعُم أَنَّهُ كَلِمَة اللَّه وَرُوح مِنْهُ ؟ قَالَ : " بَلَى " , قَالُوا : فَحَسْبنَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } ثُمَّ إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ : { إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْد اللَّه كَمَثَلِ آدَم } . .. الْآيَة . 3 59 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي يَاسِر بْن أَخْطَب , وَأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالنَّفَر الَّذِينَ نَاظَرُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدْر مُدَّة أُكْله وَأُكْل أُمَّته , وَأَرَادُوا عِلْم ذَلِكَ مِنْ قِبَل قَوْله : الم , وَالمص وَالمر , والر فَقَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِمْ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ قُلُوبهمْ مَائِلَة عَنْ الْهُدَى وَالْحَقّ , { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَعْنِي مَعَانِي هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الْمُحْتَمِلَة التَّصْرِيف فِي الْوُجُوه الْمُخْتَلِفَة التَّأْوِيلَات اِبْتِغَاء الْفِتْنَة . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل فِي أَوَّل السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا الْبَقَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ كُلّ مُبْتَدِع فِي دِينه بِدْعَة مُخَالِفَة لِمَا اِبْتَعَثَ بِهِ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْوِيلِ يَتَأَوَّلهُ مِنْ بَعْض آي الْقُرْآن الْمُحْتَمِلَة التَّأْوِيلَات , وَإِنْ كَانَ اللَّه قَدْ أَحْكَمَ بَيَان ذَلِكَ , أَمَّا فِي كِتَابه وَإِمَّا عَلَى لِسَان رَسُوله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5188 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } . وَكَانَ قَتَادَة إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : إِنْ لَمْ يَكُونُوا الْحَرُورِيَّة وَالسَّبَئِيَّة فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ . وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ فِي أَهْل بَدْر وَالْحُدَيْبِيَة الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَة الرِّضْوَان مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , خَبَر لِمَنْ اِسْتَخْبَرَ , وَعِبْرَة لِمَنْ اِسْتَعْبَرَ , لِمَنْ كَانَ يَعْقِل أَوْ يُبْصِر . إِنَّ الْخَوَارِج خَرَجُوا وَأَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ كَثِير بِالْمَدِينَةِ وَالشَّام وَالْعِرَاق وَأَزْوَاجه يَوْمئِذٍ أَحْيَاء , وَاَللَّه إِنْ خَرَجَ مِنْهُمْ ذَكَر وَلَا أُنْثَى حَرُورِيًّا قَطُّ , وَلَا رَضُوا الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ وَلَا مَالَئُوهُمْ فِيهِ , بَلْ كَانُوا يُحَدِّثُونَ بِعَيْبِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ وَنَعْته الَّذِي نَعَتَهُمْ بِهِ , وَكَانُوا يُبْغِضُونَهُمْ بِقُلُوبِهِمْ وَيُعَادُونَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَتَشْتَدّ وَاَللَّه عَلَيْهِمْ أَيْدِيهمْ إِذَا لَقُوهُمْ . وَلَعَمْرِي لَوْ كَانَ أَمْر الْخَوَارِج هُدًى لَاجْتَمَعَ , وَلَكِنَّهُ كَانَ ضَلَالًا فَتَفَرَّقَ , وَكَذَلِكَ الْأَمْر إِذَا كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه وَجَدْت فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَقَدْ أَلَاصُوا هَذَا الْأَمْر مُنْذُ زَمَان طَوِيل , فَهَلْ أَفْلَحُوا فِيهِ يَوْمًا أَوْ أَنْجَحُوا ؟ يَا سُبْحَان اللَّه كَيْفَ لَا يَعْتَبِر آخِر هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِأَوَّلِهِمْ ؟ لَوْ كَانُوا عَلَى هُدًى قَدْ أَظْهَرَهُ اللَّه وَأَفْلَجَهُ وَنَصَرَهُ , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَاطِل أَكْذَبَهُ اللَّه وَأَدْحَضَهُ , فَهُمْ كَمَا رَأَيْتهمْ كُلَّمَا خَرَجَ لَهُمْ قَرْن أَدْحَضَ اللَّه حُجَّتهمْ , وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتهمْ , وَأَهْرَقَ دِمَاءَهُمْ ; وَإِنْ كَتَمُوا كَانَ قَرْحًا فِي قُلُوبهمْ وَغَمًّا عَلَيْهِمْ , وَإِنْ أَظْهَرُوهُ أَهْرَقَ اللَّه دِمَاءَهُمْ , ذَاكُمْ وَاَللَّه دِين سُوء فَاجْتَنِبُوهُ . وَاَللَّه إِنَّ الْيَهُود لَبِدْعَة , وَإِنَّ النَّصْرَانِيَّة لَبِدْعَة , وَإِنَّ الْحَرُورِيَّة لَبِدْعَة , وَإِنَّ السَّبَئِيَّة لَبِدْعَة , مَا نُزِّلَ بِهِنَّ كِتَاب وَلَا سَنَّهُنَّ نَبِيّ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة وَابْتِغَاء تَأْوِيله } طَلَبَ الْقَوْم التَّأْوِيل فَأَخْطَئُوا التَّأْوِيل , وَأَصَابُوا الْفِتْنَة , فَاتَّبَعُوا مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَهَلَكُوا مِنْ ذَلِكَ . لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَاب بَدْر وَالْحُدَيْبِيَة الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَة الرِّضْوَان . وَذَكَرَ نَحْو حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْهُ . 5189 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } فَقَالَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : قَرَأَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } . قَالَتْ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ " أَوْ قَالَ : وَيَتَجَادَلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ قَالَ مَطَر , عَنْ أَيُّوب أَنَّهُ قَالَ : " فَلَا تُجَالِسُوهُمْ , فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِ مَعْنَاهُ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه .
. 5190 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَارِث , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : قَرَأَ رَسُول اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . .. الْآيَة كُلّهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ وَاَلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالَ اللَّه : فَلَا تُجَالِسُوهُمْ " . 5191 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ يَزِيد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يُحَدِّث عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : تَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } ثُمَّ قَرَأَ إِلَى آخِر الْآيَات , فَقَالَ : " إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ , فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . 5192 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : نَزَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ حَذَّرَكُمْ اللَّه , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاعْرِفُوهُمْ " . 5193 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , عَنْ نَافِع , عَنْ عُمَر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ! " , ثُمَّ نَزَعَ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } " وَلَا يَعْلَمُونَ بِمُحْكَمِهِ " . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمِّي , قَالَ : أَخْبَرَنِي شَبِيب بْن سَعِيد , عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة وَابْتِغَاء تَأْوِيله وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } فَقَالَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا خَالِد بْن نِزَار , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } . .. الْآيَة . يَتَّبِعهَا : يَتْلُوهَا , ثُمَّ يَقُول : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَاحْذَرُوهُمْ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه " . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : " هُمْ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّه , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُتَشَابِهِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ كِتَاب اللَّه إِمَّا فِي أَمْر عِيسَى , وَإِمَّا فِي مُدَّة أُكْله وَأُكْل أُمَّته , وَهُوَ بِأَنْ تَكُون فِي الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُتَشَابِهِهِ فِي مُدَّته وَمُدَّة أُمَّته أَشْبَه , لِأَنَّ قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } دَالّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِخْبَار عَنْ الْمُدَّة الَّتِي أَرَادُوا عِلْمهَا مِنْ قِبَل الْمُتَشَابِه الَّذِي لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه . فَأَمَّا أَمْر عِيسَى وَأَسْبَابه , فَقَدْ أَعْلَمَ اللَّه ذَلِكَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته وَبَيَّنَهُ لَهُمْ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ إِلَّا مَا كَانَ خَفِيًّا عَنْ الْآحَاد.
3 / 4 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : اِبْتِغَاء الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5194 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : إِرَادَة الشِّرْك . 5195 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } يَعْنِي الشِّرْك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ اِبْتِغَاء الشُّبُهَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5196 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات بِهَا أُهْلِكُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } الشُّبُهَات , قَالَ : هَلَكُوا بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات , قَالَ : وَالشُّبُهَات مَا أُهْلِكُوا بِهِ . 5197 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } أَيْ اللَّبْس . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِرَادَة الشُّبُهَات وَاللَّبْس . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذًا : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ وَحَيْف عَنْهُ , فَيَتَّبِعُونَ مِنْ آي الْكِتَاب مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه , وَاحْتَمَلَ صَرْفه فِي وُجُوه التَّأْوِيلَات , بِاحْتِمَالِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَة إِرَادَة اللَّبْس عَلَى نَفْسه وَعَلَى غَيْره , اِحْتِجَاجًا بِهِ عَلَى بَاطِله الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبه دُون الْحَقّ الَّذِي أَبَانَهُ اللَّه فَأَوْضَحَهُ بِالْمُحْكَمَاتِ مِنْ آي كِتَابه . وَهَذِهِ الْآيَة وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّهُ مَعْنِيّ بِهَا كُلّ مُبْتَدِع فِي دِين اللَّه بِدْعَة , فَمَالَ قَلْبه إِلَيْهَا , تَأْوِيلًا مِنْهُ لِبَعْضِ مُتَشَابِه آي الْقُرْآن , ثُمَّ حَاجَّ بِهِ وَجَادَلَ بِهِ أَهْل الْحَقّ , وَعَدَلَ عَنْ الْوَاضِح مِنْ أَدِلَّة آيِهِ الْمُحْكَمَات إِرَادَة مِنْهُ بِذَلِكَ اللَّبْس عَلَى أَهْل الْحَقّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَطَلَبًا لِعِلْمِ تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ , وَأَيّ أَصْنَاف الْبِدْعَة كَانَ مِنْ أَهْل النَّصْرَانِيَّة كَانَ أَوْ الْيَهُودِيَّة أَوْ الْمَجُوسِيَّة , أَوْ كَانَ سَبَئِيًّا , أَوْ حَرُورِيًّا , أَوْ قَدَرِيًّا , أَوْ جَهْمِيًّا , كَاَلَّذِي قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ بِهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . وَكَمَا : 5198 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : وَذُكِرَ عِنْده الْخَوَارِج , وَمَا يَلْقَوْنَ عِنْد الْفِرَار , فَقَالَ : يُؤْمِنُونَ بِمُحْكَمِهِ , وَيَهْلِكُونَ عِنْد مُتَشَابِهه . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } . .. الْآيَة . وَإِنَّمَا قُلْنَا : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } لِأَنَّ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة كَانُوا أَهْل شِرْك , وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِطَلَبِ تَأْوِيل مَا طَلَبُوا تَأْوِيله اللَّبْس عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالِاحْتِجَاج بِهِ عَلَيْهِمْ لِيَصُدُّوهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقّ , فَلَا مَعْنًى لِأَنْ يُقَال : فَعَلُوا ذَلِكَ إِرَادَة الشِّرْك , وَهُمْ قَدْ كَانُوا مُشْرِكِينَ.
3 / 5 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى التَّأْوِيل الَّذِي عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَى ذَلِكَ : الْأَجَل الَّذِي أَرَادَتْ الْيَهُود أَنْ تَعْرِفهُ مِنْ اِنْقِضَاء مُدَّة أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْر أُمَّته مِنْ قِبَل الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة مِنْ حِسَاب الْجُمَل " الم " , وَ " المص " , وَ " الر " , وَ " المر " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْآجَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5199 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَعْنِي تَأْوِيله يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ . عَوَاقِب الْقُرْآن . وَقَالُوا : إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا مَتَى يَجِيء نَاسِخ الْأَحْكَام الَّتِي كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَرَعَهَا لِأَهْلِ الْإِسْلَام قَبْل مَجِيئِهِ , فَنَسَخَ مَا قَدْ كَانَ شَرَعَهُ قَبْل ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5200 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا تَأْوِيل الْقُرْآن , وَهُوَ عَوَاقِبه , قَالَ اللَّه : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } , وَتَأْوِيله عَوَاقِبه , مَتَى يَأْتِي النَّاسِخ مِنْهُ فَيَنْسَخ الْمَنْسُوخ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَابْتِغَاء تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ مِنْ آي الْقُرْآن يَتَأَوَّلُونَهُ - إِذْ كَانَ ذَا وُجُوه وَتَصَارِيف فِي التَّأْوِيلَات - عَلَى مَا فِي قُلُوبهمْ مِنْ الزَّيْغ , وَمَا رَكِبُوهُ مِنْ الضَّلَالَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5201 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } وَذَلِكَ عَلَى مَا رَكِبُوا مِنْ الضَّلَالَة فِي قَوْلهمْ , خَلَقْنَا وَقَضَيْنَا . وَالْقَوْل الَّذِي قَالَهُ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ اِبْتِغَاء التَّأْوِيل الَّذِي طَلَبَهُ الْقَوْم مِنْ الْمُتَشَابِه هُوَ مَعْرِفَة اِنْقِضَاء الْمُدَّة , وَوَقْت قِيَام السَّاعَة , وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ السُّدِّيّ مِنْ أَنَّهُمْ طَلَبُوا وَأَرَادُوا مَعْرِفَة وَقْت هُوَ جَاءَ قَبْل مَجِيئِهِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , وَإِنْ كَانَ السُّدِّيّ قَدْ أَغْفَلَ مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ وَجْه صَرَفَهُ إِلَى حَصْره عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ الْقَوْم طَلَبُوا مَعْرِفَة وَقْت مَجِيء النَّاسِخ لِمَا قَدْ أُحْكِمَ قَبْل ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ طَلَب الْقَوْم مَعْرِفَة الْوَقْت الَّذِي هُوَ جَاءٍ قَبْل مَجِيئِهِ الْمَحْجُوب عِلْمه عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرهمْ بِمُتَشَابِهِ آي الْقُرْآن , أَوْلَى بِتَأْوِيلِ قَوْله : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } لِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ قَبْل مِنْ إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ ذَلِكَ التَّأْوِيل لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , وَلَا شَكّ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : " قَضَيْنَا " وَ " فَعَلْنَا " , قَدْ عَلِمَ تَأْوِيله كَثِير مِنْ جَهَلَة أَهْل الشِّرْك , فَضْلًا عَنْ أَهْل الْإِيمَان وَأَهْل الرُّسُوخ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ.
3 / 6 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم وَقْت قِيَام السَّاعَة وَانْقِضَاء مُدَّة أُكْل مُحَمَّد وَأُمَّته وَمَا هُوَ كَائِن , إِلَّا اللَّه , دُون مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْبَشَر الَّذِينَ أَمَلُوا إِدْرَاك عِلْم ذَلِكَ مِنْ قِبَل الْحِسَاب وَالتَّنْجِيم وَالْكَهَانَة . وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , فَيَقُولُونَ : آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا , لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ , وَلَكِنْ فَضَّلَ عِلْمهمْ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرهمْ الْعِلْم بِأَنَّ اللَّه هُوَ الْعَالِم بِذَلِكَ دُون مَنْ سِوَاهُ مِنْ خَلْقه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَهَلْ الرَّاسِخُونَ مَعْطُوف عَلَى اِسْم اللَّه , بِمَعْنَى إِيجَاب الْعِلْم لَهُمْ بِتَأْوِيلِ الْمُتَشَابِه , أَوْ هُمْ مُسْتَأْنَف ذِكْرهمْ بِمَعْنَى الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِالْمُتَشَابِهِ , وَصَدَّقْنَا أَنَّ عِلْم ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَّا اللَّه وَحْده مُنْفَرِدًا بِعِلْمِهِ . وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم فَإِنَّهُمْ اُبْتُدِئَ الْخَبَر عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : آمَنَّا بِالْمُتَشَابِهِ وَالْمُحْكَم , وَأَنَّ جَمِيع ذَلِكَ مِنْ عِنْد اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5202 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا خَالِد بْن نِزَار , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , قَوْله : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَتْ : كَانَ مِنْ رُسُوخهمْ فِي الْعِلْم أَنْ آمَنُوا بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهه , وَلَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيله . 5203 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَقُول الرَّاسِخُونَ : آمَنَّا بِهِ . 5204 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن أَبِي الزِّنَاد , قَالَ : قَالَ هِشَام بْن عُرْوَة : كَانَ أَبِي يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيله , وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } 5205 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي نَهِيك الْأَسَدِيّ قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } فَيَقُول : إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الْآيَة وَإِنَّهَا مَقْطُوعَة { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } فَانْتَهَى عِلْمهمْ إِلَى قَوْلهمْ الَّذِي قَالُوا . 5206 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهَب , قَالَ : سَمِعْت عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز يَقُول : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } اِنْتَهَى عِلْم الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم بِتَأْوِيلِ الْقُرْآن إِلَى أَنْ قَالُوا : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا }
5207 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْهَب , عَنْ مَالِك فِي قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } قَالَ : ثُمَّ اِبْتَدَأَ فَقَالَ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } وَلَيْسَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , وَهُمْ مَعَ عِلْمهمْ بِذَلِكَ وَرُسُوخهمْ فِي الْعِلْم { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5208 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : أَنَا مِمَّنْ يَعْلَم تَأْوِيله . 5209 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . 5210 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . 5211 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله } الَّذِي أَرَادَ مَا أَرَادَ إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . ( فَكَيْفَ يَخْتَلِف وَهُوَ قَوْل وَاحِد مِنْ رَبّ وَاحِد ؟ ) ثُمَّ رَدُّوا تَأْوِيل الْمُتَشَابِهَة عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ تَأْوِيل الْمُحْكَمَة الَّتِي لَا تَأْوِيل لِأَحَدٍ فِيهَا إِلَّا تَأْوِيل وَاحِد , فَاتَّسَقَ بِقَوْلِهِمْ الْكِتَاب , وَصَدَّقَ بَعْضه بَعْضًا , فَنَفَذَتْ بِهِ الْحُجَّة , وَظَهَرَ بِهِ الْعُذْر , وَزَاحَ بِهِ الْبَاطِل , وَدَمَغَ بِهِ الْكُفْر . فَمَنْ قَالَ الْقَوْل الْأَوَّل فِي ذَلِكَ , وَقَالَ : إِنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيل ذَلِكَ , وَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ وَتَصْدِيقهمْ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه , فَإِنَّهُ يَرْفَع " الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم " بِالِابْتِدَاءِ فِي قَوْل الْبَصْرِيِّينَ , وَيَجْعَل خَبَره " يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ " . وَأَمَّا فِي قَوْل بَعْض الْكُوفِيِّينَ فَبِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرهمْ فِي " يَقُولُونَ " , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ بِجُمْلَةِ الْخَبَر عَنْهُمْ , وَهِيَ وَيَقُولُونَ " . وَمَنْ قَالَ الْقَوْل الثَّانِي , وَزَعَمَ أَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيله عَطَفَ بِالرَّاسِخِينَ عَلَى اِسْم اللَّه فَرَفَعَهُمْ بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ . وَالصَّوَاب عِنْدنَا فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمْ مَرْفُوعُونَ بِجُمْلَةِ خَبَرهمْ بَعْدهمْ وَهُوَ " يَقُولُونَ " , لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيل الْمُتَشَابِه الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة , وَهُوَ فِيمَا بَلَغَنِي مَعَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " وَيَقُول الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم " كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ ; وَفِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : إِنَّ تَأْوِيله إِلَّا عِنْد اللَّه " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ " . وَأَمَّا مَعْنَى التَّأْوِيل فِي كَلَام الْعَرَب : فَإِنَّهُ التَّفْسِير وَالْمَرْجِع وَالْمَصِير , وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْض الرُّوَاة بَيْت الْأَعْشَى : عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوَّل حُبّهَا تَأَوُّل رِبْعِيّ السِّقَاب فَأَصْحَبَا وَأَصْله مِنْ آلَ الشَّيْء إِلَى كَذَا , إِذَا صَارَ إِلَيْهِ وَرَجَعَ يَئُول أَوْلًا وَأَوَّلْته أَنَا : صَيَّرْته إِلَيْهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ قَوْله : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } 4 59 أَيْ جَزَاء , وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاء هُوَ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ أَمْر الْقَوْم وَصَارَ إِلَيْهِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَتَأَوُّل حُبّهَا " : تَفْسِير حُبّهَا وَمَرْجِعه , وَإِنَّمَا يُرِيد بِذَلِكَ أَنَّ حُبّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبه , فَآلَ مِنْ الصِّغَر إِلَى الْعِظَم , فَلَمْ يَزَلْ يَنْبُت حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ قَدِيمًا كَالسَّقَبِ الصَّغِير الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَشِبّ حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ كَبِيرًا مِثْل أُمّه . وَقَدْ يُنْشَد هَذَا الْبَيْت : عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَوَابِع حُبّهَا تَوَالَى رِبْعِيّ السِّقَاب فَأَصْحَبَا
3 / 7 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } يَعْنِي بِالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم : الْعُلَمَاء الَّذِينَ قَدْ أَتْقَنُوا عِلْمهمْ وَوَعَوْهُ فَحَفِظُوهُ حِفْظًا لَا يَدْخُلهُمْ فِي مَعْرِفَتهمْ وَعِلْمهمْ بِمَا عَلِمُوهُ شَكّ وَلَا لَبْس , وَأَصْل ذَلِكَ مِنْ رُسُوخ الشَّيْء فِي الشَّيْء , وَهُوَ ثُبُوته وَوُلُوجه فِيهِ , يُقَال مِنْهُ : رَسَخَ الْإِيمَان فِي قَلْب فُلَان فَهُوَ يَرْسَخ رَسْخًا وَرُسُوخًا . وَقَدْ رُوِيَ فِي نَعْتهمْ خَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مَا : 5212 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا فَيَّاض بْن مُحَمَّد الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد بْن آدَم , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَأَبِي أُمَامَة , قَالَا : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم ؟ قَالَ : " مَنْ بَرَّتْ يَمِينه , وَصَدَقَ لِسَانه , وَاسْتَقَامَ لَهُ قَلْبًا , وَعَفَّ بَطْنه , فَذَلِكَ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم "
. 5213 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى وَأَحْمَد بْن الْحَسَن التِّرْمِذِيّ , قَالَا : ثنا نُعَيْم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا فَيَّاض الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْأَوْدِيّ - قَالَ : وَكَانَ أَدْرَكَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه - قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك وَأَبُو أُمَامَة وَأَبُو الدَّرْدَاء : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم , فَقَالَ : " مَنْ بَرَّتْ يَمِينه , وَصَدَقَ لِسَانه , وَاسْتَقَامَ بِهِ قَلْبه , وَعَفَّ بَطْنه وَفَرْجه ; فَذَلِكَ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم " . وَقَدْ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : إِنَّمَا سَمَّى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم بِقَوْلِهِمْ : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5214 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَ : الرَّاسِخُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا
. 5215 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } هُمْ الْمُؤْمِنُونَ , فَإِنَّهُمْ { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } بِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخه { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } 5216 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } وَعِلْمهمْ قَوْلهمْ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } وَهُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ : { رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبنَا } وَيَقُولُونَ : { رَبّنَا إِنَّك جَامِع النَّاس لِيَوْمٍ لَا رَيْب فِيهِ } . .. الْآيَة . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ صَدَّقْنَا بِمَا تَشَابَهَ مِنْ آي الْكِتَاب , وَأَنَّهُ حَقّ , وَإِنْ لَمْ نَعْلَم تَأْوِيله . وَقَدْ : 5217 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَ : الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه.
3 / 8 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } كُلّ الْمُحْكَم مِنْ الْكِتَاب وَالْمُتَشَابِه مِنْهُ مِنْ عِنْد رَبّنَا , وَهُوَ تَنْزِيله وَوَحْيه إِلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا : 5218 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } قَالَ : يَعْنِي مَا نُسِخَ مِنْهُ , وَمَا لَمْ يُنْسَخ .
5219 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } قَالُوا : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ , وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ . 5220 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يَقُولُونَ : الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه مِنْ عِنْد رَبّنَا . 5221 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يُؤْمِن بِالْمُحْكَمِ وَيَدِين بِهِ , وَيُؤْمِن بِالْمُتَشَابِهِ وَلَا يَدِين بِهِ , وَهُوَ مِنْ عِنْد اللَّه كُلّه . 5222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْمَلُونَ بِهِ , يَقُولُونَ : نَعْمَل بِالْمُحْكَمِ وَنُؤْمِن بِهِ , وَنُؤْمِن بِالْمُتَشَابِهِ وَلَا نَعْمَل بِهِ , وَكُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي حُكْم " كُلّ " إِذَا أُضْمِرَ فِيهَا . فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ : إِذَا جَازَ حَذْف الْمُرَاد الَّذِي كَانَ مَعَهَا الَّذِي " الْكُلّ " إِلَيْهِ مُضَاف فِي هَذَا الْمَوْضِع لِأَنَّهَا اِسْم , كَمَا قَالَ : { إِنَّا كُلّ فِيهَا } 40 48 بِمَعْنًى : إِنَّا كُلّنَا فِيهَا , قَالَ : وَلَا يَكُون " كُلّ " مُضْمَرًا فِيهَا وَهِيَ صِفَة , لَا يُقَال : مَرَرْت بِالْقَوْمِ كُلّ , وَإِنَّمَا يَكُون فِيهَا مُضْمَر إِذَا جَعَلْتهَا اِسْمًا لَوْ كَانَ إِنَّا كُلًّا فِيهَا عَلَى الصِّفَة , لَمْ يَجُزْ , لِأَنَّ الْإِضْمَار فِيهَا ضَعِيف لَا يَتَمَكَّن فِي كُلّ مَكَان . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ يَرَى الْإِضْمَار فِيهَا وَهِيَ صِفَة أَوْ اِسْم سَوَاء , لِأَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يُحْذَف مَا بَعْدهَا عِنْده إِلَّا وَهِيَ كَافِيَة بِنَفْسِهَا عَمَّا كَانَتْ تُضَاف إِلَيْهِ مِنْ الْمُضْمَر , وَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون كَافِيَة مِنْهُ فِي حَال , وَلَا تَكُون كَافِيَة فِي أُخْرَى , وَقَالَ : سَبِيل الْكُلّ وَالْبَعْض فِي الدَّلَالَة عَلَى مَا بَعْدهمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَكِفَايَتهمَا مِنْهُ , بِمَعْنًى وَاحِد فِي كُلّ حَال , صِفَة كَانَتْ أَوْ اِسْمًا , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى بِالْقِيَاسِ , لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ كَافِيَة بِنَفْسِهَا مِمَّا حُذِفَ مِنْهَا فِي حَال لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ , فَالْحُكْم فِيهَا أَنَّهَا كُلَّمَا وُجِدَتْ دَالَّة عَلَى مَا بَعْدهَا , فَهِيَ كَافِيَة مِنْهُ.
3 / 9 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا يَتَذَكَّر وَيَتَّعِظ وَيَنْزَجِر عَنْ أَنْ يَقُول فِي مُتَشَابِه آي كِتَاب اللَّه مَا لَا عِلْم لَهُ بِهِ إِلَّا أُولُو الْعُقُول وَالنُّهَى . وَقَدْ : 5223 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } يَقُول : وَمَا يَتَذَكَّر فِي مِثْل هَذَا , يَعْنِي فِي رَدّ تَأْوِيل الْمُتَشَابِه إِلَى مَا قَدْ عُرِفَ مِنْ تَأْوِيل الْمُحْكَم حَتَّى يَتَّسِقَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب ).
اجمالي القراءات 679
للمزيد يمكنك قراءة: اساسيات اهل القران
التعليقات(2)
1 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الأحد 30 اغسطس 2020
[92794]
ملاحظة
فى الفقرة4من أولا السطر الثالث يضربنه والمقصود يضربونه ،وأشهد ان هذا الطبرى لم يكن له من هم سوى التنفير من كتاب الله.
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الأحد 30 اغسطس 2020
[92795]
شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ،
وتم التصحيح.
المقال التاسع
خرافات ( تفسير الطبرى ) في نزول المسيح
مقدمة
بين الطبرى المؤرخ والطبرى ( المُفسّر )
1 ـ أشهر مؤلفات الطبرى في التاريخ و ( التفسير ) .
2 ـ الكتابة التاريخية ليست دينا . هي تأريخ للبشر يقوم بتسجيله بشر . الأحداث والأقوال فيه هي صناعة بشرية . الطبرى ( ابن جرير الطبرى / أبو جعفر ) في تاريخه كان يعتمد على الاسناد ( روى فلان عن فلان ) بمنهج المحدثين ، ويأتي بروايات متعددة في الموضوع الواحد . مهمة الباحث التاريخى هو فحص متن الروايات ، المتعارض منها والمتداخل ، وترجيح رواية عن أخرى ، أو تجميع أجزاء من روايات مختلفة في رواية واحدة يرى أنها هي الأقرب للصدق. ما يصل اليه الباحث التاريخى ليس حقيقة مطلقة ، بل هو ــ مثل كل الأحداث التاريخية ـ إن صحّت فهى حقيقة نسبية ، أي يجوز فيها الصدق والكذب . الحقيقة التاريخية المطلقة توجد في ( القصص القرآنى ) وفى كتاب الأعمال الذى يشهده البشر يوم القيامة .
3 ـ الطبرى في تفسيره لا يكتب دينا إلاهيا . بل دين عصره السُّنّى ، فيما ينسبه للنبى من أحاديث مفتراة . والأحاديث التي يرويها فيها التعارض والتناقض ، وهو ــ بكل جُرأة ــ يوردها كلها ، وقد يقول رأيه . وهو لا يملّ من الاستطراد ، ويطوف بالقارىء في متاهات تؤكد أن ما يكتبه عن آيات القرآن الكريم البيّنات المبيّنات الواضحات ليس سوى غموض ولوغاريتمات وإسفاف . وبرغم أنها أكاذيب إلّا إنها تعبر عن عورات الدين الأرضى السُّنّى .
ولكن لأنه يكتب في دين أرضى فلا توجد هنا حقائق نسبية مثل كتاباته التاريخية . هنا كذب مطلق يناقض الحق المطلق في القرآن الكريم والإسلام العظيم.
4 ـ ينطبق هذا على ما قاله الطبرى في ( تفسيره ) لآيتى ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) . في ( تفسيره ) للآية الأولى أطال فبلغت كلماته 2678 ، وبلغت في الآية الأخرى ( 718 ) .
5 ـ هذا الإسفاف والتطويل دار في تأكيد نزول المسيح آخر الزمان ، وفيه ذكر الطبرى ( المتوفى عام 310 ) حديثا لم يعرفه البخارى المتوفى عام 156 ، وهو : ( حدثني بشر بن معاذ قال ، حدثني يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم ، عن أبي هريرة : أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : الأنبياء إخوة لعَلاتٍ ، أمهاتهم شتى ودينهم واحدٌ. وإنيّ أولى الناس بعيسى ابن مريم ، لأنه لم يكن بيني وبينه نبيٌّ. وإنه نازلٌ ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربُوع الخَلق ، إلى الحمرة والبياض ، سَبْط الشعر ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بَلل ، بين ممصَّرتين ، فيدُقّ الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلَّها غير الإسلام ، ويهلك الله في زمانه مسيحَ الضلالة الكذابَ الدجال ، وتقع الأمَنَة في الأرض في زمانه ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، وتلعب الغِلمان أو : الصبيان بالحيات ، لا يضرُّ بعضهم بعضًا. ثم يلبث في الأرض ما شاء الله وربما قال : أربعين سنة ثم يتوفَّى ، ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه. ) .
وأكثر الروايات منسوبة الى ابن عباس ، ويجمعها كلها التعارض والتناقض .
6 ـ لم يقتصر الأمر على صناعة الروايات في نزول المسيح ، بل تعدى هذا الى :
6 / 1 : التشكيك في النّص القرآن بزعم أن قراءة الاية هي كذا . ونعطى أمثلة :
6 / 1 / 1 : قال ( عن ابن عباس : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال :هي في قراءة أبيّ : ( قبل موتهم ) ( حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا يعلى ، عن جويبر في قوله : " ليؤمنن به قبل موته " ، قال : في قراءة أبيّ : ( قبل موتهم ). هنا تغيير للكلمة القرآنية ( موته ) جعلوها ( موتهم )
6 / 1 / 2 : ( حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قالا نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما " وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ " . ). (حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : ثنا غالب بن قائد ، قال : ثنا قيس ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم. ) ( حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، قال : كان ابن عباس يقول : ما أدري علم الناس بتفسير هذه الآية ، أم لم يفطنوا لها ؟ " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم. ) ( حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم.) ( حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قالا نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما " وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ " .) .
في الآية الكريمة كسر العين من العلم ، جعلوها بفتح العين اى العلم أو السارية المرفوعة .
6 / 2 : زعموا لأنفسهم العلم بالغيب الذى لم يكن يعلمه النبى محمد عليه السلام . فقالوا :
6 / 2 / 1 ( ليس يهودي يموت أبدًا حتى يؤمن بعيسى. قيل لابن عباس : أرأيت إن خرّ من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهُوِيِّ. فقيل : أرأيت إن ضربَ عنق أحد منهم ؟ قال : يُلجلج بها لسانُهُ. )
6 / 2 / 2 : ( قال : قبل موت عيسى. والله إنه الآن لحيٌّ عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. قال : قبل موت عيسى ، إذا نزل آمنت به الأديان كلها. )
6 / 2 / 3 : ( قال : إذا نزل عيسى ابن مريم فقتل الدجال ، لم يبق يهوديٌّ في الأرض إلا آمن به. قال : فذلك حين لا ينفعهم الإيمان. )
، قال : ( لا تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى ، وإن غرق ، أو تردَّى من حائط ، أو أيّ ميتة كانت. )
6 / 2 / 4 : ( ، عن ابن عباس قال : لا يموت اليهودي حتى يشهد أنّ عيسى عبد الله ورسوله ، ولو عُجِّل عليه بالسِّلاح.)
6 / 2 / 5 : ( ليس يهودي يموت أبدًا حتى يؤمن بعيسى. قيل لابن عباس : أرأيت إن خرّ من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهُوِيِّ. فقيل : أرأيت إن ضربَ عنق أحد منهم ؟ قال : يُلجلج بها لسانُهُ. )
6 / 2 / 6 : (قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ابن مريم. قال : وإن ضُرب بالسيف ، يتكلم به. قال : وإن هوى ، يتكلم به وهو يَهْوِي. )
6 / 2 / 7 : ( عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لو أن يهوديًّا وقع من فوق هذا البيت ، لم يمت حتى يؤمن به يعني : بعيسى. )
6 / 2 / 8 : ( سمعت عكرمة يقول : لو وقع يهوديٌّ من فوق القَصر ، لم يبلغ إلى الأرض حتى يؤمن بعيسى. )
6 / 2 / 9 : ( قال : لا يموت رجل من أهل الكتاب حتى يؤمن به ، وإن غرق ، أو تردَّى ، أو مات بشيء. )
6 / 2 / 10 : ( قال ابن عباس : ليس من يهودي [يموت] حتى يؤمن بعيسى ابن مريم. فقال له رجل من أصحابه : كيف ، والرجل يغرق ، أو يحترق ، أو يسقط عليه الجدار ، أو يأكله السَّبُع ؟ فقال : لا تخرج روحه من جسده حتى يقذف فيه الإيمان بعيسى.)
7 ـ رأينا أن نعطى هذه المقدمة قبل أن يملّ القارىء ممّا ننقله من ( تفسير ) الطبرى.
وهو الآتى :
أولا :
(1) القول في تأويل قوله : { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ }
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك :
فقال بعضهم : معنى ذلك : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به " ، يعني : بعيسى " قبل موته " ، يعني : قبل موت عيسى يوجِّه ذلك إلى أنّ جميعهم يصدِّقون به إذا نزل لقتل الدجّال ، فتصير الملل كلها واحدة ، وهي ملة الإسلام الحنيفيّة ، دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
*ذكر من قال ذلك :
10794 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قبل موت عيسى ابن مريم.
10795 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قبل موت عيسى.
10796 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حصين ، عن أبي مالك في قوله : " إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم ، لا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به. (1)
10797 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن قال : " قبل موته " ، قال : قبل أن يموت عيسى ابن مريم.
10798 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قبل موت عيسى. والله إنه الآن لحيٌّ عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون.
10799 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، يقول : قبل موت عيسى.
10800 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قبل موت عيسى.
10801 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قبل موت عيسى ، إذا نزل آمنت به الأديان كلها.
10802 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن الحسن قال : قبل موت عيسى.
10803 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن الحسن : " إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال عيسى ، ولم يمت بعدُ.
10804 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن أبي مالك قال : لا يبقى أحدٌ منهم عند نزول عيسى إلا آمن به.
10805 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حصين ، عن أبي مالك قال : قبل موت عيسى.
10806 - حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : إذا نزل عيسى ابن مريم فقتل الدجال ، لم يبق يهوديٌّ في الأرض إلا آمن به. قال : فذلك حين لا ينفعهم الإيمان.
10807 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، يعني : أنه سيدرك أناسٌ من أهل الكتاب حين يبعث عيسى ، فيؤمنون به ، " ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا " .
10808 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن أنه قال في هذه الآية : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " قال أبو جعفر : أظنه إنما قال : إذا خرج عيسى آمنت به اليهود.
* * *
وقال آخرون : يعني بذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى ، قبل موت الكتابي. يوجِّه ذلك إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل ، لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسُه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه.
[ذكر من قال ذلك] :
10809 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى.
10810 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى ، وإن غرق ، أو تردَّى من حائط ، أو أيّ ميتة كانت.
10811 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " إلا ليؤمنن به قبل موته " ، كل صاحب كتاب ليؤمنن به ، بعيسى ، قبل موته ، موتِ صاحب الكتاب.
10812 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ليؤمنن به " ، كل صاحب كتاب ، يؤمن بعيسى
" قبل موته " ، قبل موت صاحب الكتاب قال ابن عباس : لو ضُربت عنقه ، لم تخرج نفسُه حتى يؤمن بعيسى.
10813 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح قال ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لا يموت اليهودي حتى يشهد أنّ عيسى عبد الله ورسوله ، ولو عُجِّل عليه بالسِّلاح.
10814 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال ، حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : هي في قراءة أبيّ : ( قبل موتهم ) ، ليس يهودي يموت أبدًا حتى يؤمن بعيسى. قيل لابن عباس : أرأيت إن خرّ من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهُوِيِّ. فقيل : أرأيت إن ضربَ عنق أحد منهم ؟ قال : يُلجلج بها لسانُهُ.
10815 - حدثني المثنى قال ، حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين قال ، حدثنا سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ابن مريم. قال : وإن ضُرب بالسيف ، يتكلم به. قال : وإن هوى ، يتكلم به وهو يَهْوِي.
10816 - وحدثني ابن المثنى قال ، حدثني محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن أبي هارون الغنوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لو أن يهوديًّا وقع من فوق هذا البيت ، لم يمت حتى يؤمن به يعني : بعيسى.
10817 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الصمد قال ، حدثنا شعبة ، عن مولى لقريش قال : سمعت عكرمة يقول : لو وقع يهوديٌّ من فوق القَصر ، لم يبلغ إلى الأرض حتى يؤمن بعيسى.
10818 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن أبي هاشم الرماني ، عن مجاهد : " ليؤمنن به قبل موته " ، قال : وإن وقع من فوق البيت ، لا يموت حتى يؤمن به.
10819 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن منصور ، عن مجاهد : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " . قال : لا يموت رجل من أهل الكتاب حتى يؤمن به ، وإن غرق ، أو تردَّى ، أو مات بشيء.
10820 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا تخرج نفسه حتى يؤمن به.
10821 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت أحدهم حتى يؤمن به يعني : بعيسى وإن خَرَّ من فوق بيت ، يؤمن به وهو يهوِي.
10822 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : ليس أحدٌ من اليهود يخرج من الدنيا حتى يؤمن بعيسى.
10823 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن فرات القزاز ، عن الحسن في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت [يعني : اليهود والنصارى].
10824 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا إسرائيل ، عن فرات ، عن الحسن في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت أحدٌ منهم حتى يؤمن بعيسى قبل أن يموت.
10825 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا الحكم بن عطية ، عن محمد بن سيرين : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : موتِ الرجل من أهل الكتاب.
10826 - حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : قال ابن عباس : ليس من يهودي [يموت] حتى يؤمن بعيسى ابن مريم. فقال له رجل من أصحابه : كيف ، والرجل يغرق ، أو يحترق ، أو يسقط عليه الجدار ، أو يأكله السَّبُع ؟ فقال : لا تخرج روحه من جسده حتى يقذف فيه الإيمان بعيسى.
10827 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، قال : لا يموت أحد من اليهود حتى يشهد أن عيسى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
10828 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا يعلى ، عن جويبر في قوله : " ليؤمنن به قبل موته " ، قال : في قراءة أبيّ : ( قبل موتهم ) . وقال آخرون : معنى ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قبل موت الكتابي.
*ذكر من قال ذلك :
10829 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن حميد قال ، قال عكرمة : لا يموت النصراني واليهوديُّ حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم يعني في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصحة والصواب ، قول من قال : تأويل ذلك : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى " .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال ، لأن الله جل ثناؤه حكم لكل مؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم بحكم أهل الإيمان ، في الموارثة والصلاة عليه ، وإلحاق صغار أولاده بحكمه في الملة. فلو كان كل كتابيّ يؤمن بعيسى قبل موته ، لوجب أن لا يرث الكتابيّ إذا مات على مِلّته إلا أولاده الصغار ، أو البالغون منهم من أهل الإسلام ، إن كان له ولد صغير أو بالغ مسلم. وإن لم يكن له ولد صغير ولا بالغٌ مسلم ، كان ميراثه مصروفًا حيث يصرف مال المسلم يموت ولا وارث له ، وأن يكون حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه وغَسْله وتقبيره. لأن من مات مؤمنًا بعيسى ، فقد مات مؤمنًا بمحمد وبجميع الرسل. وذلك أن عيسى صلوات الله عليه ، جاء بتصديق محمد وجميع المرسلين صلوات الله عليهم ، فالمصدّق بعيسى والمؤمن به ، مصدق بمحمد وبجميع أنبياء الله ورسله. كما أن المؤمن بمحمد ، مؤمن بعيسى وبجميع أنبياء الله ورسله. فغير جائز أن يكون مؤمنًا بعيسى من كان بمحمد مكذِّبًا.
فإن ظن ظانٌّ أنّ معنى إيمان اليهودي بعيسى الذي ذكره الله في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، إنما هو إقراره بأنه لله نبيٌّ مبعوث ، دون تصديقه بجميع ما أتى به من عند الله فقد ظن خطأ.
وذلك أنه غير جائز أن يكون منسوبًا إلى الإقرار بنبوّة نبي ، من كان له مكذبًا في بعض ما جاء به من وحْي الله وتنزيله. بل غير جائز أن يكون منسوبًا إلا الإقرار بنبوة أحد من أنبياء الله ، لأن الأنبياء جاءت الأمم بتصديق جميع أنبياء الله ورسله. فالمكذب بعض أنبياء الله فيما أتى به أمّته من عند الله ، مكذِّب جميع أنبياء الله فيما دعوا إليه من دين الله عبادَ الله. وإذْ كان ذلك كذلك وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن كلَّ كتابي مات قبل إقراره بمحمد صلوات الله عليه وما جاء به من عند الله ، محكوم له بحكم الملّة التي كان عليها أيام حياته ، غيرُ منقولٍ شيء من أحكامه في نفسه وماله وولده صغارهم وكبارهم بموته ، عما كان عليه في حياته دلَّ الدليل على أن معنى قول الله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ، إنما معناه : إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى ، وأن ذلك في خاصٍ من أهل الكتاب ، ومعنيٌّ به أهل زمان منهم دون أهل كل الأزمنة التي كانت بعد عيسى ، وأن ذلك كائن عند نزوله ، كالذي : -
10830 - حدثني بشر بن معاذ قال ، حدثني يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم ، عن أبي هريرة : أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : الأنبياء إخوة لعَلاتٍ ، أمهاتهم شتى ودينهم واحدٌ. وإنيّ أولى الناس بعيسى ابن مريم ، لأنه لم يكن بيني وبينه نبيٌّ. وإنه نازلٌ ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربُوع الخَلق ، إلى الحمرة والبياض ، سَبْط الشعر ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بَلل ، بين ممصَّرتين ، فيدُقّ الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلَّها غير الإسلام ، ويهلك الله في زمانه مسيحَ الضلالة الكذابَ الدجال ، وتقع الأمَنَة في الأرض في زمانه ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، وتلعب الغِلمان أو : الصبيان بالحيات ، لا يضرُّ بعضهم بعضًا. ثم يلبث في الأرض ما شاء الله وربما قال : أربعين سنة ثم يتوفَّى ، ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
وأما الذي قال : عنى بقوله : " ليؤمنن به قبل موته " ، ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبلَ موت الكتابي - فمما لا وجه له مفهوم ، لأنه مع فساده من الوجه الذي دَللنا على فساد قول من قال : " عنى به : ليؤمنن بعيسى قبل موت الكتابي " يزيده فسادًا أنه لم يجر لمحمد عليه السلام في الآيات التي قبلَ ذلك ذكر ، فيجوز صرف " الهاء " التي في قوله : " ليؤمنن به " ، إلى أنها من ذكره. وإنما قوله : " ليؤمنن به " ، في سياق ذكر عيسى وأمه واليهود. فغير جائز صرف الكلام عما هو في سياقه إلى غيره ، إلا بحجة يجب التسليم لها من دلالة ظاهر التنزيل ، أو خبر عن الرسول تقوم به حُجَّة. فأما الدَّعاوى ، فلا تتعذر على أحد.
قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذْ كان الأمر على ما وصفنا : وما من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن بعيسى ، قبل موت عيسى وحذف " مَن " بعد " إلا " ، لدلالة الكلام عليه ، فاستغنى بدلالته عن إظهاره ، كسائر ما قد تقدم من أمثاله التي قد أتينا على البيان عنها.
ثانيا:
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) }
اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله : ( وَإِنَّهُ ) وما المعنيّ بها ، ومن ذكر ما هي ، فقال بعضهم : هي من ذكر عيسى ، وهي عائدة عليه. وقالوا : معنى الكلام : وإن عيسى ظهوره علم يعلم به مجيء الساعة ، لأن ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا ، وإقبال الآخرة.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن يحيى ، عن ابن عباس ، ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال : خروج عيسى ابن مريم.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس بمثله ، إلا أنه قال : نزول عيسى ابن مريم.
حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : ثنا غالب بن قائد ، قال : ثنا قيس ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم.
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، قال : كان ابن عباس يقول : ما أدري علم الناس بتفسير هذه الآية ، أم لم يفطنوا لها ؟ " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم.
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم.
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قالا نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما " وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ " .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال : آية للساعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة : القيامة.
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة.
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال : خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) يعني خروج عيسى ابن مريم ونزوله من السماء قبل يوم القيامة.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة حين ينزل.
وقال آخرون : الهاء التي في قوله : ( وَإنَّهُ ) من ذكر القرآن ، وقالوا : معنى الكلام : وإن هذا القرآن لعلم للساعة يعلمكم بقيامها ، ويخبركم عنها وعن أهوالها.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول : " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ " هذا القرآن.
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : كان ناس يقولون : القرآن علم للساعة. واجتمعت قرّاء الأمصار في قراءة قوله : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) على كسر العين من العلم. ورُوي عن ابن عباس ما ذكرت عنه في فتحها ، وعن قتادة والضحاك.
والصواب من القراءة في ذلك : الكسر في العين ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ ، وإنه لذكر للساعة ، فذلك مصحح قراءة الذين قرءوا بكسر العين من قوله : ( لَعِلْمٌ ). ) . انتهى .
المقال العاشر
رؤية تحليلية لخرافات ابن كثير في ( تفسيره ) عن نزول المسيح
أولا :
بين ابن كثير والطبرى :
سار ابن كثير ( 701 : 774 ) في العصر المملوكى على طريقة الطبرى ( 224 : 310 )، في التأريخ و( التفسير ) من حيث الاعتماد على الروايات والأحاديث ، ولكن مع بعض الاختلافات :
1 ـ . إبن كثير في ( تفسيره ) إختلف عن الطبرى في كثرة الأحاديث التي يستشهد بها ، فقد تضاعفت أعداد الأحاديث المصنوعة من عصر الطبرى ( القرن الثالث ) الى عصر ابن كثير ( القرن الثامن ) ومنها أحاديث في خرافة نزول المسيح والمسيخ الدجال.
2 ـ وإذا كان الطبرى في العصر العباسى قد أسند الكثير من الروايات لابن عباس فإن إبن كثير تجاهل تماما إبن عباس في هذا الموضوع ، فقد إنتهت دولة بنى العباس ، واصبح الخليفة العباسى في الدولة المملوكية خادما للسلطة المملوكية . وبينما كان الطبرى يبدأ بروايات منسوبة لابن عباس بدأ إبن كثير كلامه في خرافة نزول المسيح بالبخارى. أي إستعاض ابن كثير عن الروايات المنسوبة لابن عباس بالأحاديث الكثيرة ، واهمها ( صحيح البخارى ) الذى وصفه بقوله ( المتلقى بالقبول ) أي الذى تلقّاه الناس بالقبول . في عصر الطبرى لم تكن شُهرة البخارى المتوفى عام 256 قد حلّقت في الآفاق ، ولكن أصبح البخارى إلاها في العصر المملوكى .
3 ـ مع أحاديث البخارى أضاف ابن كثير أحاديث ذكرها أئمة الدين السُنّى في العصر العباسى ، أبرزهم أحمد بن حنبل ، وهذا لأن ابن كثير المتوفى عام 774 ، كان حنبليا من كبار أتباع ابن تيمية الحنبلى المتوفى 728،وكان رفيقه ابن القيم الجوزية المتوفى عام 751.
4 ـ وحيث تكاثرت الأحاديث بمئات الألوف ، وتعدد الرواة وتعددت الأسانيد ،واختلفت صياغة الأحاديث ، فقد أظهر ابن كثير مهارته في جمعها ونقلها ، وطرق روايتها عن الصحابى فلان والصحابى علان . وهذا بعد موت الصحابى فلان والصحابى علان بقرون من الزمان . فأصبح ( تفسيره ) أكثر تعقيدا وتطويلا من ( تفسير الطبرى )
5 ـ مثل الطبرى تلاعب ابن كثير بقوله جل وعلا ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ )(159) النساء )، ومثل الطبرى تلاعب ابن كثير بقوله جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) (61) الزخرف )، قال : (وقرىء (لعلم) بالتحريك أي أمارة ودليل على اقتراب الساعة, وذلك لأنه ينزل بعد خروج المسيح الدجال فيقتله الله على يديه ). إلّا إنّ إبن كثير ركّز أكثر من الطبرى على نزول المسيح والمسيخ الدجال .
6 ـ يجتمع الطبرى وابن كثير وأئمة الأديان الأرضية في الكفر بالقرآن الكريم في موضوع أن النبى محمدا لم يكن يعلم الغيب ، وأنه لم يتكلم من عنده عن علامات الساعة .
ثانيا:
ملامح من خرافات ابن كثير في أحاديث علامات الساعة
1 ـ ربط ابن كثير بينها وبين الخرافات المصنوعة عن الاسراء والمعراج . يروى :
( قال أحمد: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب, عن جبلة بن سحيم, عن مؤثر بن غفارة, عن ابن مسعود, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقيت ليلة أسري بي, إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام, فتذاكروا أمر الساعة, فردوا أمرهم إلى إبراهيم, فقال: لا علم لي بها, فردوا أمرهم إلى موسى فقال: لا علم لي بها, فردوا أمرهم إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله, وفيما عهد إليّ ربي عز وجل أن الدجال خارج ومعي قضيبان, فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص, قال: فيهلكه الله إذا رآني, حتى إن الحجر والشجر يقول: يامسلم إن تحتي كافراً فتعال فاقتله, قال: فيهلكهم الله, ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم, فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون, فيطئون بلادهم, فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه, ولا يمرون على ماء إلا شربوه, قال: ثم يرجع الناس يشكونهم, فدعوا الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم, وينزل المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر, ففيما عهد إليّ ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك, أن الساعة كالحامل المتم, لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلاً أو نهاراً», رواه ابن ماجه عن محمد بن بشار, عن يزيد بن هارون, عن العوام بن حوشب, به نحوه )
2 ـ وفى رواية أو خرافة أخرى يقوم بتجميع خرافاتهم عن علامات الساعة فيقول : ( قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن فرات, عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري, قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة, فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها, والدخان, والدابة, وخروج يأجوج ومأجوج, ونزول عيسى بن مريم والدجال, وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب, وخسف بجزيرة العرب, ونار تخرج من قعر عدن تسوق ـ أو تحشر ـ الناس تبيت معهم حيث باتوا, وتقيل معهم حيث قالوا». هنا جعل نزول عيسى وظهور الدجال ضمن خرافاتهم عن علامات الساعة .
ثالثا :
خرافات ابن كثير في أحاديث علامات الساعة تعبّر بصدق عن ثقافة عصرها
1 ـ عن الصراع الحربى بينهم وبين الروم
أضاف لعلامات الساعة حروبا بين (المسلمين والروم ) يظهر فيها نزول المسيح وظهور المسيخ الدجال: قال : ( لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق, فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ, فإذا تصافوا, قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتله, فيقول المسلمون: لا والله, لا نخلي بينكم وبين إخواننا, فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً, ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله, ويفتح الثلث لا يفتنون أبداً, فيفتحون قسطنطينية, فبينما هم يقسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون, إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم, فيخرجون وذلك باطل, فإذا جاؤوا الشام خرج, فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف, إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم, فيؤمهم, فإذا رآه عدو الله, ذاب كما يذوب الملح في الماء, فلو تركه لذاب حتى يهلك, ولكن يقتله الله بيده, فيريهم دمه في حربته ).
كانت هناك حروب بين العباسيين والروم البيزنطيين ، فشل العرب مرتين في غزو القسطنطينية ، فتحول فتحها الى أحلام يقظة عبّرت عنها تلك الأحاديث عن نزول المسيح والدجال، فتخيلوا فتح القسطنطينية ضمن علامات الساعة . لم يعرفوا أنه ستأتى الدولة العثمانية بعد قرون من البخارى ومسلم وابن حنبل تحارب البيزنطيين ثم تفتح القسطنطينية عام 857 ، أي بعد موت ابن كثير بحوالي قرن من الزمان .
2 ـ عن التعصب ضد اليهود والنصارى
بدأ العرب في الهجوم على البيزنطيين في فتوحات ابى بكر وعمر ، وتوقفت وقت الفتنة الكبرى ، ثم عادت في عهد معاوية وخلفائه خصوصا سليمان بن عبد الملك . وتابع العباسيون الهجوم على البيزنطيين حتى عهد الخليفة المعتصم ، ثم بدأ الميزان العسكرى يميل نحو البيزنطيين في العصر العباسى الثانى فبدأوا حرب إسترداد وتخريب ، ووصلوا الى حلب . ثم جاءت الحروب الصليبية. ومع أن السلطان الأشرف خليل بن قلاوون المتوفى عام 666 قد أزال الوجود الصليبى في الشام ، ولكن إستمر الصراع بينهما بحريا .
كل هذا عمّق التعصب بين ( المسلمين ) والأوربيين، وأنشأ عقيدة ( معسكر السلام ومعسكر الكفر ) وعرضنا لهذا في كتاب منشور هنا . انعكس هذا في إضطهاد النصارى ، وإمتدّ الى اليهود الذين لا شأن لهم بتلك الحروب بين (المسلمين) و( النصارى).
على أن التعصّب ضد أهل الكتاب بدأ مبكرا في عصر ابى بكر وعمر بالاحتلال وفرض الجزية واعتبار أهل البلاد رعيّة من الدرجة السفلى ( اهل ذمة ) وتطرف فيه الأمويون ، ثم أصدر هارون الرشيد العباسى مرسوما بتحقير أهل الكتاب في الزّى ، واصبح هذا سياسة رسمية في عهد حفيده الخليفة المتوكل . في هذه البيئة نبتت أحاديث نزول المسيح وظهور المسيح الدجال ، وفى ثناياها ما ينبىء عن تعصب هائل ليس فقط ضد النصارى ولكن أيضا ضد الاسرائيليين ، أو ما يقال عنهم: ( اليهود ).
الطريف هنا أنهم : أخذوا عقيدة مسيحية ( نزول المسيح ) آخر الزمان للكيد للمسيحيين.
رابعا :
بعض نصوص من ( تفسير ) ابن كثير تعبّر عن هذا :
1 ـ ( .. حتى إذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته, فيذهب نحو الدجال, فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص, فيضع حربته بين ثندوته فيقتله, ويهزم أصحابه, فليس يومئذ شيء يواري منهم أحداً, حتى إن الشجرة تقول: يامؤمن هذا كافر, ويقول الحجر: يامؤمن هذا كافر» تفرد به أحمد من هذا الوجه. ) ( قال: فيهلكه الله إذا رآني, حتى إن الحجر والشجر يقول: يامسلم إن تحتي كافراً فتعال فاقتله, قال: فيهلكهم الله,) الكفر هنا هو من أهل الكتاب.
2 ـ ( ومع الدجال سبعون ألفاً عليهم السيجان, وأكثر من معه اليهود والنساء ).
3 ـ ( .. ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج, فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً, فيقول عيسى: إن لي فيك ضربة لم تسبقني بها, فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله, ويهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة ـ إلا الغرقدة, فإنها من شجرهم لا تنطق ـ إلا قال: ياعبد الله المسلم, هذا يهودي فتعال اقتله.)
4 ـ ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر: يامسلم هذا يهودي فتعال فاقتله» وله من طر يق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر والشجر: يامسلم ياعبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ـ إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود..)
5 ـ وابن كثير كان شديد الكراهية للنصارى . يقول عن تلك الأحاديث: ( وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه من أنه بالشام بل بدمشق عند المنارة الشرقية, وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح, وقد بنيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء من حجارة منحوتة عوضاً عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ وكان أكثر عمارتها من أموالهم, وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام, فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية, فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين.).
خامسا:
مضحكات في خرافات المسيخ الدجال.
قال في أحاديثه :
1 ـ ( وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي: إنه يبدأ فيقول : أنا نبي فلا نبي بعدي, ثم يثني فيقول: أنا ربكم, ولا ترون ربكم حتى تموتوا, وإنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور, وإنه مكتوب بين عينيه: كافر, يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب, وإن من فتنته أن معه جنة وناراً, فناره جنة وجنته نار, فمن ابتلي بناره فليستغث بالله, وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه برداً وسلاماً, كما كانت النار برداً وسلاماً على إبراهيم, وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت أمك وأباك, أتشهد أني ربك ؟ فيقول: نعم, فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه, فيقولان: يابني اتبعه فإنه ربك, وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين, ثم يقول: انظر إلى عبدي هذا فإني أبعثه الاَن, ثم يزعم أن له رباً غيري, فيبعثه الله فيقول له الخبيث: من ربك ؟ فيقول: ربي الله, وأنت عدو الله الدجال, والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم» قال أبو حسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي, حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية, عن أبي سعيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة» قال أبو سعيد: والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب, حتى مضى لسبيله )
2 ـ ( ثم قال المحاربي: رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر, فيأمر الأرض أن تنبت فتنبت, وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه, فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت, وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر, ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت.. ) .
سادسا
مضحكات في خرافات المسيخ الدجال
تكررت عبارة فى رواية بشعة الكفر ، يقول :
1 ـ ( وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال, وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم, وهو خارج فيكم لا محالة, فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم, فأنا حجيج كل مسلم, وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه, وإن الله خليفتي في كل مسلم. )
2 ـ ( قلنا: يارسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه, ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل, قال: «غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم, فأنا حجيجه دونكم, وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه, والله خليفتي على كل مسلم.). يجعل الله جل وعلا خليفة للنبى .!!
سابعا :
تعبير ابن كثير عن دينه الأرضى
1 ـ يقول واصفا تلك الخرافات بالأحاديث المتواترة : ( فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص, وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم.). يصنعون أكاذيب خرافية ثم يجعلونها أحاديث متواترة.
2 ـ هذا للتأكيد على حقيقة واضحة : إن الدين الشيطانى الأرضى يصنعه أئمته ، وهو في تطور مستمر حسب ظروف كل عصر وثقافته .
أخيرا
بدأنا بهذا التحليل ، وبعده ننقل ما قاله ابن كثيرا كما هو .
للمزيد يمكنك قراءة: اساسيات اهل القران
التعليقات(3)
1 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في الجمعة 04 سبتمبر 2020
[92797]
اليهود المساكين
ذكرتم أن الفتوحات وصلت أوجها فى عهد سليمان بن عبد الملك ولكن الحقيقة أنها بدأت فى الإنحسار فى عهد هذا الحاكم الذى نكل بالقادة العظام-عسكريا-موسى بن نصير وقتيبةبن مسلم ومحمد بن القاسم الثقفى وغيرهم بدعوى أنهم من اختيار الحجاج بن يوسف أما من بلغ المدى بفتوحاته فهو الوليد بن عبد الملك.
( انعكس هذا في إضطهاد النصارى ، وإمتدّ الى اليهود الذين لا شأن لهم بتلك الحروب بين (المسلمين) و( النصارى).
هل حقا لم يكن لليهود شأن فى هذه الحروب؟ألم يتشكل منهم الطابور الخامس على مدى التاريخ كله ضد المسلمين ؟ألم يقتل محمداً الفاتح طبيبُه اليهودى بالسم فى العملية الغادرة (سقوط النسر)؟وإذا كانت هذه كلها أكاذيب فهل نكذب قول الله تعالى عن غدرهم منذ بداية الدعوة الإسلامية وحربهم وعدوانهم على رسول الله؟يقول الله تعالى فى سورة الحشر(سَبَّحَ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١﴾ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿٢﴾ وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّـهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ﴿٣﴾ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۖ وَمَن يُشَاقِّ اللَّـهَ فَإِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٤﴾( هل تنتظر ممن شاقوا الله ورسوله أن يكفوا عن شقاقهم؟يا سيدى هم الذين اختاروا الكيد للإسلام والمسلمين من البداية ،وتكفلوا بتحريف الكلم عن مواضعه ومن بعد مواضعه، وثبتواأنفسهم فى خندق أعداء الإسلام على مدى التاريخ وإلى قيام الساعة. إذن كفانا بكاء على ماتعرض له اليهود المساكين من ظلم مزعوم،الذين نكلوا باليهودحقا هم الكلدانيون والهيليون والرومان ،ومن يدرى ربما كانوا محقين فى ذلك.
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الجمعة 04 سبتمبر 2020
[92798]
شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ، واقول
ـ لم أقل إن الفتوحات بلغت أوجها فى عهد سليمان بن عبد الملك ، ولكن تكلمت بالتحديد عن الهجوم على البيزنطيين ، وكانت آخر حملة حربية ضد القسطنطينية فى عهد سليمان. والتفاصيل فى كتابنا ( مسلسل الدماء فى عصر الخلفاء ).
ـ قلنا كثيرا إن أهل الكتاب وبنى اسرائيل منهم السابقون ومنهم المقتصدون ومنهم الفاسقون المعتدون ، نفس التقسيم لنا ونفس التقسيم للبشر عند الاحتضار ويوم القيامة كما جاء فى سورة الواقعة . الله جل وعلا أطلق على المعتدين منهم اسم ( اليهود ) .العرب جعلوا جميعهم يهودا . المعتدون من بنى اسرائيل واصلوا إعتداءهم ومكرهم . والعادة أن التاريخ يسجل أخبار أكابر المجرمين ويهمل أخبار المؤمنين المتقين من البشر على كل المستويات من الصحابة الى أهل الكتاب وغيرهم.
ـ ما قرأته كباحث تاريخى عن اضطهاد أهل الكتاب من الاسرائيليين والنصارى مفزع ومسكوت عنه ، سواء فى عصور الخلفاء أو فى العصر المملوكى . ونحن مع المستضعفين فى كل زمان ومكان ولسان . نتحرى العدل فى أحكامنا ولا تأخذنا فى قول الحق لومة لائم.
3 تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد في السبت 05 سبتمبر 2020
[92799]
عذرا يا دأحمد
لا أدرى كيف اختلط على الأمر بين الصراع العربى البيزنطى وبين الفتوحات فمعذرة
المقال الحادى عشر
عرض لخرافات ابن كثير في ( تفسيره ) عن نزول المسيح
ننقل ما قاله ابن كثير تحت عنوان ( ذكر الأحاديث الواردة في نزول عيسى بن مريم إلى الأرض من السماء في آخر الزمان قبل يوم القيامة وأنه يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له )
1ـ ( قال البخاري رحمه الله في كتاب ذكر الأنبياء من صحيحه المتلقى بالقبول: نزول عيسى ابن مريم عليه السلام, حدثنا إسحاق بن إبراهيم, حدثنا يعقوب بن إبراهيم, عن أبي صالح عن ابن شهاب, عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده, ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً, فيكسر الصليب, ويقتل الخنزير, ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد, وحتى تكون السجدة خيراً لهم من الدنيا وما فيها», ثم يقول أبو هريرة اقرؤا إن شئتم{وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ) . وكذا رواه مسلم عن الحسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب به, وأخرجه البخاري ومسلم أيضاً من حديث سفيان بن عيينة, عن الزهري به. وأخرجاه من طريق الليث عن الزهري به, ورواه ابن مردويه من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري, عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً, يقتل الدجال, ويقتل الخنزير, ويكسر الصليب, ويضع الجزية ويفيض المال, وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين» قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {وإن من موت عيسى بن مريم, ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ). }
2 ـ (طريق أخرى)
عن أبي هريرة, قال الإمام أحمد: حدثنا روح بن أبي حفصة عن الزهري, عن حنظلة بن علي الأسلمي, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليهلنّ عيسى بفج الروحاء بالحج أو العمرة, أو ليثنينهما جميعاً», وكذا رواه مسلم منفرداً به من حديث ابن عيينة, والليث بن سعد ويونس بن يزيد, ثلاثتهم عن الزهري به. وقال أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا سفيان هو ابن حسين عن الزهري, عن حنظلة, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل عيسى بن مريم فيقتل الخنزير, ويمحو الصليب, وتجمع له الصلاة, ويعطى المال حتى لا يقبل, ويضع الخراج, وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما» قال: وتلا أبو هريرة{وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} الاَية, فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: يؤمن به قبل موت عيسى, فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة, وكذا رواه ابن أبي حاتم, عن أبيه عن أبي موسى محمد بن المثنى, عن يزيد بن هارون, عن سفيان بن حسين عن الزهري به )
3 ـ (طريق أخرى)
قال البخاري: حدثنا ابن بكير, حدثنا الليث عن يونس, عن ابن شهاب عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف بكم إذا نزل فيكم المسيح بن مريم وإمامكم منكم» تابعه عقيل والأوزاعي, وهكذا رواه الأمام أحمد عن عبد الرزاق, عن معمر, عن عثمان بن عمر, عن ابن أبي ذئب, كلاهما عن الزهري به. وأخرجه مسلم من رواية يونس والأوزاعي وابن ذئب به )
4 ـ (طريق أخرى)
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان, حدثنا همام, أنبأنا قتادة عن عبد الرحمن, عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأنبياء إخوة لعلات, أمهاتهم شتى, ودينهم واحد, وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم, لأنه لم يكن نبي بيني وبينه, وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض, عليه ثوبان ممصران, كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل, فيدق الصليب, ويقتل الخنزير, ويضع الجزية, ويدعو الناس إلى الإسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإِسلام, ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال,ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل, والنمار مع البقر, والذئاب مع الغنم, ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم, فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى, ويصلي عليه المسلمون» وكذا رواه أبو داود عن هدية بن خالد, عن همام بن يحيى ورواه ابن جرير ولم يورد عند هذه الاَية سواه, عن بشر بن معاذ, عن يزيد بن هارون, عن سعيد بن أبي عروبة, كلاهما عن قتادة, عن عبد الرحمن بن آدم وهو مولى أم برثن صاحب السقاية, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه, وقال: يقاتل الناس على الإسلام, وقد روى البخاري عن أبي اليمان, عن شعيب, عن الزهري, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم, والأنبياء أولاد علات, ليس بيني وبينه نبي», ثم رواه محمد بن سنان عن فليح بن سليمان عن هلال بن علي, عن عبد الرحمن بن أبي عمرة, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والاَخرة, الأنبياء إخوة لعلات, أمهاتهم شتى, ودينهم واحد». وقال إبراهيم بن طهمان, عن موسى بن عقبة, عن صفوان بن سليم, عن عطاء بن بشار, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
5 ـ (حديث آخر) قال مسلم في صحيحه: حدثني زهير بن حرب, حدثنا يعلى بن منصور, حدثنا سليمان بن بلال, حدثنا سهيل عن أبيه, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق, فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ, فإذا تصافوا, قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتله, فيقول المسلمون: لا والله, لا نخلي بينكم وبين إخواننا, فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً, ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله, ويفتح الثلث لا يفتنون أبداً, فيفتحون قسطنطينية, فبينما هم يقسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون, إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم, فيخرجون وذلك باطل, فإذا جاؤوا الشام خرج, فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف, إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم, فيؤمهم, فإذا رآه عدو الله, ذاب كما يذوب الملح في الماء, فلو تركه لذاب حتى يهلك, ولكن يقتله الله بيده, فيريهم دمه في حربته )
6 ـ (حديث آخر)
قال أحمد: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب, عن جبلة بن سحيم, عن مؤثر بن غفارة, عن ابن مسعود, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقيت ليلة أسري بي, إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام, فتذاكروا أمر الساعة, فردوا أمرهم إلى إبراهيم, فقال: لا علم لي بها, فردوا أمرهم إلى موسى فقال: لا علم لي بها, فردوا أمرهم إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله, وفيما عهد إليّ ربي عز وجل أن الدجال خارج ومعي قضيبان, فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص, قال: فيهلكه الله إذا رآني, حتى إن الحجر والشجر يقول: يامسلم إن تحتي كافراً فتعال فاقتله, قال: فيهلكهم الله,ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم, فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون, فيطئون بلادهم, فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه, ولا يمرون على ماء إلا شربوه, قال: ثم يرجع الناس يشكونهم, فدعوا الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم, وينزل المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر, ففيما عهد إليّ ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك, أن الساعة كالحامل المتم, لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلاً أو نهاراً», رواه ابن ماجه عن محمد بن بشار, عن يزيد بن هارون, عن العوام بن حوشب, به نحوه )
7 ـ (حديث آخر)
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة, عن علي بن زيد, عن أبي نضرة, قال: أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة لنعرض عليه مصحفاً لنا على مصحفه, فلما حضرت الجمعة, أمرنا فاغتسلنا, ثم أتينا بطيب فتطيبنا, ثم جئنا المسجد فجلسنا إلى رجل فحدثنا عن الدجال, ثم جاء عثمان بن أبي العاص, فقمنا إليه فجلسنا, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين, ومصر بالحيرة, ومصر بالشام, فيفزع الناس ثلاث فزعات, فيخرج الدجال في أعراض الناس, فيهزم من قبل المشرق, فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين, فيصير أهلها ثلاث فرق: فرقة تقول نقيم نشامة ننظر ما هو, وفرقة تلحق بالأعراب, وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم, ومع الدجال سبعون ألفاً عليهم السيجان, وأكثر من معه اليهود والنساء, وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق, فيبعثون سرحاً لهم, فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم, ويصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله, فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر: يا أيها الناس أتاكم الغوث «ثلاثاً» فيقول بعضهم لبعض: إن هذا لصوت رجل شبعان, وينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر, فيقول له أميرهم: يا روح الله, تقدم صل, فيقول: هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض, فيتقدم أميرهم فيصلي, حتى إذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته, فيذهب نحو الدجال, فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص, فيضع حربته بين ثندوته فيقتله, ويهزم أصحابه, فليس يومئذ شيء يواري منهم أحداً, حتى إن الشجرة تقول: يامؤمن هذا كافر, ويقول الحجر: يامؤمن هذا كافر» تفرد به أحمد من هذا الوجه.
8 ـ (حديث آخر)
قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه: حدثنا علي بن محمد, حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن إسماعيل بن رافع أبي رافع, عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو, عن أبي أمامة الباهلي, قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته حديثاً حدثناه عن الدجال وحذرناه, فكان من قوله أن قال: «لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم عليه السلام أعظم من فتنة الدجال, وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال, وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم, وهو خارج فيكم لا محالة, فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم, فأنا حجيج كل مسلم, وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه, وإن الله خليفتي في كل مسلم, وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يميناً ويعيث شمالاً, ألا ياعباد الله: أيها الناس فاثبتوا, وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي: إنه يبدأ فيقول : أنا نبي فلا نبي بعدي, ثم يثني فيقول: أنا ربكم, ولا ترون ربكم حتى تموتوا, وإنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور, وإنه مكتوب بين عينيه: كافر, يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب, وإن من فتنته أن معه جنة وناراً, فناره جنة وجنته نار, فمن ابتلي بناره فليستغث بالله, وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه برداً وسلاماً, كما كانت النار برداً وسلاماً على إبراهيم, وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت أمك وأباك, أتشهد أني ربك ؟ فيقول: نعم, فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه, فيقولان: يابني اتبعه فإنه ربك, وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين, ثم يقول: انظر إلى عبدي هذا فإني أبعثه الاَن, ثم يزعم أن له رباً غيري, فيبعثه الله فيقول له الخبيث: من ربك ؟ فيقول: ربي الله, وأنت عدو الله الدجال, والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم» قال أبو حسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي, حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية, عن أبي سعيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة» قال أبو سعيد: والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب, حتى مضى لسبيله.
ثم قال المحاربي: رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر, فيأمر الأرض أن تنبت فتنبت, وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه, فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت, وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر, ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت,وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعاً, وأنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه, إلا مكة والمدينة, فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة, فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات, فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه, فينفى الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد, ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص. فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يارسول الله, فأين العرب يومئذ ؟ قال: «هم قليل وجلهم يومئذ ببيت المقدس, وإمامهم رجل صالح, فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى بن مريم عليه السلام, فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى عليه السلام, فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول: تقدم فصل, فإنها لك أقيمت, فيصلي بهم إمامهم, فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب, فيفتح, ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج, فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً, فيقول عيسى: إن لي فيك ضربة لم تسبقني بها, فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله, ويهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة ـ إلا الغرقدة, فإنها من شجرهم لا تنطق ـ إلا قال: ياعبد الله المسلم, هذا يهودي فتعال اقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإن أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة, والسنة كالشهر, والشهر كالجمعة, وآخر أيامه كالشررة, يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الاَخر حتى يمسي» فقيل له: كيف نصلي يانبي الله في تلك الأيام القصار ؟ قال: «تقدرون الصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال, ثم صلوا» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكماً عدلاً, وإماماً مقسطاً, يدق الصليب ويذبح الخنزير, ويضع الجزية, ويترك الصدقة, فلا يسعى على شاة ولا بعير, وترتفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره, وتفر الوليدة الأسد فلا يضلها, ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها, وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الماء, وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله, وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها, وتكون الأرض لها نور الفضة وتنبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم, ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم, ويكون الثور بكذا وكذا من المال, ويكون الفرس بالدريهمات» قيل: يا رسول الله, وما يرخص الفرس ؟ قال: «لا تركب لحرب أبداً» قيل له: فما يغلي الثور ؟ قال: يحرث الأرض كلها, وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد, يصيب الناس فيها جوع شديد, ويأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها, ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها, ثم يأمر الله السماء في السنة الثانية, فتحبس ثلثي مطرها, ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها, ثم يأمر الله عز وجل السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله, فلا تقطر قطرة, ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء, فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله» قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال: «التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد, ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام».
قال ابن ماجه: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب, هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه, ولبعضه شواهد من أحاديث أخر, من ذلك ما رواه مسلم, وحديث نافع وسالم عن عبد الله بن عمر وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر: يامسلم هذا يهودي فتعال فاقتله» وله من طر يق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر والشجر: يامسلم ياعبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ـ إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود».
ولنذكر حديث النواس بن سمعان ههنا لشبهه بهذا الحديث. قال مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا أبو خيثمه زهير بن حرب, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر, حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص, حدثني عبد الرحمن بن جبير عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي (ح) وحدثنا محمد بن مهران الرازي, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن يحيى بن جابر الطائي, عن عبد الرحمن بن جبير, عن أبيه جبير بن نفير عن النواس بن سمعان, قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة, فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل, فلما رحنا إليه عرف ذلك في وجوهنا, فقال: «ما شأنكم ؟» قلنا: يارسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه, ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل, قال: «غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم, فأنا حجيجه دونكم, وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه, والله خليفتي على كل مسلم. إنه شاب قطط, عينه طافية كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن, من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف, إنه خارج من خلة بين الشام والعراق, فعاث يميناً وعاث شمالاً, ياعباد الله فاثبتوا» قلنا: يارسول الله فما لبثه في الأرض ؟ قال: «أربعون يوماً, يوم كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم» قلنا: يارسول الله, وما إسراعه في الأرض ؟ قال: «كالغيث استدبرته الريح فيأتي على قوم فيدعوهم فيؤمنون به, ويستجيبون له, فيأمر السماء فتمطر, والأرض فتنبت, فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى, وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر, ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله, فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم, ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل, ثم يدعوا رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض, ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك, فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم عليه السلام, فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين, واضعاً كفيه على أجنحة ملكين, إذا طأطأ رأسه قطر, وإذا رفعه تحدر منه جمان اللؤلؤ, ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات, ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه, فيطلبه حتى يدركه بباب لد, فيقتله, ثم يأتي عيسى عليه السلام قوماً قد عصمهم الله منه, فيمسح على وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة, فبينما هو كذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم, فحرز عبادي إلى الطور, ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون, فيمر أولهم على بحيرة طبريا فيشربون ما فيها, ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء, ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خير من مائة دينار لأحدكم اليوم, فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه, فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض, فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأ زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله, فيرسل الله, طيراً كأعناق البخت, فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله, ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر, ولا وبر, فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض: أخرجي ثمرك وردي بركتك, فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها, ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام, فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة, فتأخذهم تحت آباطهم, فيقبض الله روح كل مؤمن وكل مسلم, ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر, فعليهم تقوم الساعة» ورواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به. وسنذكره أيضاً من طريق أحمد عند قوله تعالى في سورة الأنبياء: {حتى إذا فتحت يأجوج
(حديث آخر)
قال مسلم في صحيحه أيضاً: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري, حدثنا أبي, حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم, قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو, وجاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به, تقول إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا ؟ فقال: سبحان الله, أو لا إله إلا الله, أو كلمة نحوهما, لقد هممت أن لا أحدث أحداً شيئاً أبداً, إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمراً عظيماً: يحرق البيت ويكون ويكون, ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين, لا أدري يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً, فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه, ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة, ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام, فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير ـ أو إيمان ـ إلا قبضته, حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه» قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم «فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع, لا يعرفون معروفاً, ولا ينكرون منكراً, فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون ؟ فيقولون: فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان, وهم في ذلك دار رزقهم, حسن عيشهم, ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً, قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله, قال: فيصعق ويصعق الناس, ثم يرسل الله ـ أو قال ـ ينزل الله مطراً كأنه الطل ـ أو قال الظل ـ نعمان الشاك ـ فتنبت منه أجساد الناس, ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس هلموا إلى ربكم{وقفوهم إنم مسؤولون} ثم يقال: أخرجوا بعث النار, فيقال: من كم ؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين, قال: فذلك يوماً يجعل الولدان شيباً, وذلك يوم يكشف عن ساق» ثم رواه مسلم والنسائي في تفسيره جميعاً عن محمد بن بشار, عن غندر, عن شعبة, عن نعمان بن سالم به.
(حديث آخر)
قال الإمام أحمد: أخبرنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن الزهري, عن عبد الله بن عبيد الله بن ثعلبة الأنصاري, عن عبد الله بن زيد الأنصاري, عن مجمع بن جارية, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول «يقتل ابن مريم المسيح الدجال بباب لد ـ أو إلى جانب لد ـ» ورواه أحمد أيضاً عن سفيان بن عيينة من حديث الليث والأوزاعي, ثلاثتهم عن الزهري, عن عبد الله بن عبيد الله بن ثعلبة, عن عبد الرحمن بن يزيد, عن عمه مجمع بن جارية, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقتل ابن مريم الدجال بباب لد» وكذا رواه الترمذي عن قتيبة عن الليث به, وقال: هذا حديث صحيح, وقال: وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة, وأبي برزة وحذيفة بن أسيد, وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وجابر, وأبي أمامة وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم, ومراده برواية هؤلاء ما فيه ذكر الدجال وقتل عيسى بن مريم عليه السلام له, فأما أحاديث ذكر الدجال فقط فكثيرة جداً, وهي أكثر من أن تحصى لانتشارها وكثرة روايتها في الصحاح والحسان والمسانيد وغير ذلك.
(حديث آخر)
ـ قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن فرات, عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري, قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة, فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها, والدخان, والدابة, وخروج يأجوج ومأجوج, ونزول عيسى بن مريم والدجال, وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب, وخسف بجزيرة العرب, ونار تخرج من قعر عدن تسوق ـ أو تحشر ـ الناس تبيت معهم حيث باتوا, وتقيل معهم حيث قالوا»وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث فرات القزاز به. ورواه مسلم أيضاً من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل, عن أبي سريحة, عن حذيفة بن أسيد الغفاري موقوفاً, والله أعلم, فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص, وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم, وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه من أنه بالشام بل بدمشق عند المنارة الشرقية, وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح, وقد بنيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء من حجارة منحوتة عوضاً عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ وكان أكثر عمارتها من أموالهم, وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام, فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية, فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين, وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان, حيث تنزاح عللهم وترتفع شبههم من أنفسهم, ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى عليه السلام وعلى يديه, ولهذا قال تعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} الاَية, وهذه الاَية كقوله: {وإنه لعلم للساعة} وقرىء (لعلم) بالتحريك أي أمارة ودليل على اقتراب الساعة, وذلك لأنه ينزل بعد خروج المسيح الدجال فيقتله الله على يديه, كما ثبت في الصحيح أن الله لم يخلق داء إلا أنزل له شفاء, ويبعث الله في أيامه يأجوج ومأجوج فيهلكهم الله تعالى ببركة دعائه, وقد قال تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق) } الاَية.)
المقال الثانى عشر
إيمان الوهابيين في عصرنا بخرافة نزول المسيح
أولآ :
الموقع الرسمي لابن باز
( قد تواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بالإخبار عن نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وأنه ينزل في آخر الزمان في دمشق، وأنه يتوجه إلى فلسطين بعد نزول الدجال، وأنه يقتله هناك في باب لد والمسلمون معه، وثبت عنه ﷺ أنه يأتي المسلمين وهم قائمون للصلاة فيريد أميرهم أن يتأخر حتى يؤم الناس نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام فيأبى عليه عيسى ويقول: إنها أقيمت لك فصل بهم . وجاء في بعض الروايات الجيدة أن أميرهم ذاك الوقت المهدي وهو محمد بن عبد الله، من بيت النبي عليه الصلاة والسلام ومن ذرية فاطمة، فيقول له المهدي: تقدم يا روح الله، فيأبى ويقول: صل أنت؛ لأنها أقيمت لك، ثم يتولى القيادة بعد ذلك عيسى عليه الصلاة والسلام .
ونزوله أمر مجمع عليه عند أهل العلم وثابت بالنصوص الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد تواترت به الأحاديث وليس فيه شك بحمد الله، وهو ينزل في آخر الزمان بعد خروج الدجال الكذاب فيبين للناس كذبه وضلاله ويتولى قتله عليه الصلاة والسلام، وقد أشار القرآن إلى هذا في قوله جل وعلا لما ذكر عيسى قال: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا[الزخرف:61] يعني: نزوله ومجيئه، وقرأ بعض القراء (عَلَم) بفتح العين واللام؛ أي: دليل على قربها، وقال جل وعلا في سورة النساء: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا[النساء:158]، ثم قال بعده: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ[النساء:159] يعني: ما من أحد من أهل الكتاب وقت نزوله إلا يؤمن به قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام، فيكون الضمير في موته يعود على عيسى، وقيل: يعود على اليهودي أو النصراني وأنه قبل موته يؤمن بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
وبكل حال فالآية تشير إلى ذلك سواء قيل: إنه الضمير يعود إلى الواحد من أهل الكتاب وأنه يؤمن به قبل خروج روحه، أو بمعنى: أن عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل آمن به أهل الكتاب ذلك الوقت قبل أن يموت عيسى عليه الصلاة والسلام فإنه يموت بعد ذلك، يمكث في الأرض ما شاء الله ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
وجاء في بعض الروايات ما يدل على أنه يدفن في الحجرة النبوية ولكن في صحة ذلك نظر، وبكل حال فهو ينزل بلا شك ويحكم بشريعة محمد ﷺ في الأرض، ويتبعه المسلمون، ويفيض المال في وقته وتأمن البلاد ويسلم الناس كلهم، فإنه لا يقبل من الناس إلا الإسلام أو السيف، ويهلك الله في زمنه الأديان كلها ما عدا الإسلام، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية يعني يترك الجزية لا يأخذها من أحد، وتكون العبادة لله وحده في زمانه بسبب ما حصل به من الأمارات العظيمة والدلالات القاطعة على قرب الساعة، فالناس يؤمنون في زمانه وهو يجاهدهم بالسيف حتى يدخل الناس في دين الله، فمنهم من يدخل بسبب ظهور أدلة الحق وصدق ... محمد ﷺ فيما أخبر به، ومنهم من يكون إسلامه على أثر الجهاد الذي يقوم به عيسى عليه الصلاة والسلام والمسلمون.
والخلاصة أن نزوله حق وأنه ثابت بإجماع المسلمين، وأصله الأحاديث المتواترة، ثبت في الأحاديث المتواترة القطعية بنزوله عليه الصلاة والسلام وأشار القرآن الكريم إلى ذلك كما تقدم، فالواجب على جميع المسلمين الإيمان به واعتقاد نزوله في آخر الزمان، وأنه ينزل حقيقة، وأنه يدعو إلى توحيد الله والإيمان به وأنه يعمل بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام ويحكم بها في الأرض؛ لأنه لا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فهو ينزل تابعًا لـمحمد ﷺ حاكمًا بشريعته لا بشريعة التوراة السابقة، ولكن يحكم بشريعة محمد ﷺ يحكم بالقرآن، هذا هو الذي أجمع عليه أهل الإسلام ودلت عليه الأحاديث الصحيحة المتواترة وأشار إليه القرآن الكريم .
فالواجب على جميع المسلمين اعتقاد هذا وعدم الالتفات إلى ما قد قاله بعض المتأخرين من إنكار نزوله وتأويل ذلك بأنه يظهر الخير في آخر الزمان وأنه عبر بهذا عن ظهور الخير، وأنه عبر بالدجال عن ظهور الشر، كل هذه أقوال فاسدة وباطلة، ويخشى على قائليها من الكفر بالله U لأنهم كذبوا بأمر واضح جاءت به السنة الصحيحة المتواترة فلا يجوز الالتفات إلى ذلك، بل يجب الإيمان والقطع بأن خروج الدجال حق في آخر الزمان وهو كذاب من بني آدم يخرج في آخر الزمان يدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالمين، وهكذا ينزل عيسى في إثر ذلك فيقتل هذا الدجال ويكون إمام المسلمين في زمانه ويحكم بشريعة الله، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأجمع عليه أصحاب النبي ﷺ والمسلمون بعدهم. )
ثانيا :
شبكة الالوكة الشرعية
نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام
هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، مِنْ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَنُزُولُهُ عليه السلام فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنَ العَلَامَاتِ الكُبْرَى لِلسَّاعَةِ.قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ﴾ [الزخرف: 61]، وَفِي قِرَاءَةٍ مَرْوِيَّةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا: (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) بِفَتْحِ العَيْنِ وَاللَّامِ
• أَدِلَّةُ وُجُودِ عِيسَى عليه السلام حَيًّا إِلَى الآنِ:
يَعْتَقِدُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مْرَيَمَ عليه السلام قُتِلَ وَصُلِبَ، وَأَنَّهُ الآنَ فِي عِدَادِ المَوْتَى، قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 157]. وَأَمَّا المُسْلِمُونَ فَيَعْتَقِدُونَ فِيهِ مَا أَخَبَرَ اللهُ تعالى بِهِ، مِنْ كَوْنِهِ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَيًّا، وَلَا يَزَالُ حَيًّا إِلَى أَنْ يَنْزِلَ فِي آخِرِ الزِّمَانِ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصِّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَقْتُلُ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ يَمُوتُ فِي الأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى رَادًّا عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ قَوْلَهُمْ بموت المسيح: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 157، 158].وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران:55].
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ:"عِيسَى عليه السلام حَيٌّ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي "الصِّحِيحِ" عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "يَنْزِلُ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ"، وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْهُ: أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقَيْ دِمَشْقَ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَمَنْ فَارَقَتْ رُوحُهُ جَسَدَهُ، لَمْ يَنْزِلْ جَسَدُهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِذَا أُحْيِيَ فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ قَبْرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [آل عمران: 55]. فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ المَوْتَ؛ إِذْ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ المَوْتَ لَكَانَ عِيسَى فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ المُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ وَيَعْرُجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ خَاصِّيَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَلَوْ كَانَ قَدْ فَارَقَتْ رُوحُهُ جَسَدَهُ لَكَانَ بَدَنُهُ فِي الأَرْضِ كَبَدَنِ سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 157، 158]فَقَوْلُهُ هُنَا: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ يُبَيِّنُ أَنَّهُ رَفَعَ بَدَنَهُ وَرُوحَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ يَنْزِلُ بِبَدَنِهِ وَرُوحِهِ؛ إِذْ لَوْ أُرِيدَ مَوْتُهُ لَقَالَ: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ، بَلْ مَاتَ. وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ العُلَمَاءِ: ﴿ إِنِّي مُتَوَفِّيك ﴾ َ أَيْ: قَابِضُكَ، أَيْ: قَابِضُ رُوحَكَ وَبَدَنَكَ، يُقَالُ: تَوَفَّيْتُ الحِسَابَ وَاسْتَوْفَيْتُهُ. وَلفْظَةُ التَّوَفِّي لَا يَقْتَضِي نَفْسُهُ تَوَفِّي الرُّوحِ دُونَ البَدَنِ، وَلَا تَوفَيِّهِمَا جَمِيعًا، إِلَّا بِقَرِينَةٍ مُنْفَصِلَةٍ.وَقَدْ يُرَادُ بِهِ تَوَفِّي النَّوْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42] ، وَقَوْلِهِ:﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ﴾ [الأنعام: 60] ، وَقَوْلِهِ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾ [الأنعام: 61] "اهـ
صِفَةُ نُزُولِهِ، وَمَهَامُّهُ عليه السلام:
بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَإِفْسَادِهِ فِي الأَرْضِ، يَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام لِيَقْتُلَهُ، وَيَحْكُمَ بِالقِسْطِ،ِ وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَعُمَّ الخَيْرُ.وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ صِفَةُ نُزُولِهِ وَالمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ، وَقَتْلُهُ لِلدَّجَّالِ، فَفِي الحَدِيثِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِلدَّجَّالِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ،فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ .
وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159 . فَقَدْ فَسَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه الآيَةَ، بِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ سَيُؤْمِنُ بِهِ عليه السلام قَبْلَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِهِ عليه السلام آخِرَ الزَّمَانِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ؛ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنِي نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ... فَيُهْلِكُ اللهُ فِي زَمَانِهِ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ البَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الغَنَمِ، وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟" وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"، قَالَ: "فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءَ، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ "
مُدَّةُ بَقَائِهِ فِي الأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ، وَوَفَاتُهُ عليه السلام:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ . وَجَاءَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ" . وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى بَعْضِ العُلَمَاءِ، وَحَاوَلَ بَعْضُهُمُ الجَمْعَ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه: "وَيُشْكَلُ بِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ السَّبْعَ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُضَافًا لِمُكْثِهِ بِهَا قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً بِالمَشْهُورِ" . قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه نَصٌّ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ بَقَائِهِ عليه السلام عَلَى الأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ فَلَيْسَ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ بَقَائِهِ، وَإِنَّمَا فِي تَحْدِيدِ المُدَّةِ الَّتِي يَمْكُثُ فِيهَا النَّاسُ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.) .
أخيرا
أحسن الحديث :
قال جل وعلا عن الكافرين :
1 ـ ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171) البقرة ).
2 ـ ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104) المائدة )
3 ـ ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان )
4 ـ ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات )
5 ـ ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) الزخرف ).
ودائما : صدق الله العظيم .!!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,057,982 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
لا للمماطلين : أعطيت ديونا لأناس لما طلبوا مني ،وأنا عندما...
المتقون ..والخمر: انتم تقولو ن ان الخمر کان حراما من...
ينصحنا بالشتم : هذة الرسا لة انصحك م لله انتم تفرقو ن بين...
الشيطان والخشوع: عندما أحاول الخشو ع فى الصلا ة يراود نى ...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : قرأت لك إن الكفر يعنى...
more
حفظكم الله جل و علا و مقال رائع و أكثر من رائع كالعادة و فوق العادة و مقارنة رائعة و ربط أكثر من رائع : ( موضوع شهادة المسيح عليه السلام على قومه الزعم بتألييهه وأُمّه . موضوع شهاد النبى محمد عليه السلام هو التبرؤ من الأكاذيب التي نسبوها اليه ، أي ما يخص القرآن الكريم ) .
و القارئ يقف متأملا بعمق على هذه العبارة الغير عادية و هذا الفكر الغير مسبوق و يشاهد حجم و هول اللغط و الانحراف العقيدي بين الطرفين .. الحمد لله على نعمة القران و كفى .
حفظكم الله جل و علا و متعكم بموفور الصحة و العافية .