أسامة قفيشة Ýí 2019-02-18
أنواع الشهادة
الشهادة نوعان , النوع الأول شهادة عملية و هنا يشهد الشاهد بما شاهده أو سمعه , فهي مبنية على المشاهد الحسية ( البصر أو السمع ) ,
و النوع الثاني شهادة نظرية و هنا يشهد الشاهد بما يعلمه من علمٍ و اختصاص , فهي مبنية على امتلاك الكفاءة العلمية و الاختصاص الذي يمتلكه الشاهد ,
و الشهادتان فيهما الحضور مع الرقابة بكل ما تحمله الرقابة من معنى , ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) و الشهادة هنا هي شهادة عمليه لعيسى عليه السلام قبل وفاته , و تقتصر على السمع و البصر , أي أقوالهم و أفعالهم الظاهرة , و لا تعتمد على ما كان في السر أو في سرائرهم ,
و هذا أيضا في قوله سبحانه ( ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) ,
الشهادة العملية ( شهيدا عليهم من أنفسهم ) ما دام الشاهد فيهم , و الشهادة الثانية ( و جئنا بك شهيدا على هؤلاء ) هي أيضاً شهادة عملية و هي شهادة محمد عليه السلام على قومه ما دام فيهم , فكلمة على هؤلاء المقصود بها قومه الذين عايشهم , و لا يقصد بها الشهداء من كل أمه ,
في حال غياب المشاهد المرئية أو السمعية , تتحول شهادة هؤلاء الشهداء من الأنبياء و أولوا العلم إلى شهادة نظرية تعتمد على العلم و الاختصاص , أي المؤهلات ,
فالشهادة النظرية تعتمد على البرهان , أي بموجب الكتاب المنزل و العلم الذي فيه , فشهادة محمد عليه السلام في ذلك اليوم ستعتمد على علمه بالقرآن الكريم لأنه البرهان الوحيد لديه , و شهادة باقي الأنبياء عليهم جميعا السلام تعتمد على الكتب السماوية التي كانت بين أيديهم , و كذلك الأمر بالنسبة لأولي العلم ,
و الحضور هنا يقتضي الزمن اللحظي للشهادة و المكان اللحظي لأداء الشهادة , فأداء الشهادة مؤجل لجلسة الشهادة , و هذا ينطبق على كل الأمور التي يتطلب فيها شهداء , بمعنى آخر فالمطلب هو تواجد الشهود في مجلس الشهادة و عدم غيابهم عن تلك الجلسة , فلا يشترط بشهود ( الشهادة النظرية ) بأن يكونوا قد شاهدوا بأنفسهم فقط أو سمعوا فقط أو تواجدوا في مكان الحادثة و زمانها فقط , بل الشرط هو حضورهم للشهادة و تقديمهم لها بناءاً على ما نزل عليهم من العلم , و هذا لأن كثيراً من القضايا تحتاج لشهادة نظرية و لا تحتاج لشهادة عملية , علماً بأن الشهادة النظرية ذلك اليوم تطغى على الشهادة العملية , لأن ما نزل إليهم من العلم سيكون يومها هو الميزان .
كما تأتي الشهادة بمعنى الحضور و التواجد فقط كقوله جل وعلا ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها واطعموا البائس الفقير ) و قوله ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) و قوله ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) و قوله ( وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ) و قوله ( أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ) ,
فالشهادة هي ما يشاهده الشاهد و يتلمسه كدليل قاطع , و قد وضع الله جل و علا في هذا الكون و في أنفسنا الكثير من الدلائل المادية على وجوده سبحانه , و لكن الإنسان بطبعه أكثر شيءٍ جدالا , فهو يطالب بالمعجزات الخارقة إثباتاً لوجود الله جل وعلا , و على هذا الأساس تم تزويد الرسل بتلك المعجزات كدليلٍ على صدقهم و صدق دعوتهم كي يؤمن الناس بالغيب و بأنه لا إله إلا الله , و نحن اليوم أمام معجزته الخالدة التي نتلمسها بين أيدينا كل يوم و هي القرآن الكريم , فالقرآن هو ما نشهده و نشهد به , و هو المرسل و الرسول الدائم , فلا نشهد أو نستشهد بغيره .
يقول جل وعلا جامعاً بين نوعي الشهادة ( العملية و النظرية ) :
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) :
شهادة عملية ( و أنتم تشهدون ) و شهادة نظرية ( و أنتم تعلمون ) ,
فالشهادة العملية تتمثل بما شهدوه و سمعوه من الرسول محمد عليه السلام , و الشهادة النظرية تتمثل بما يعلموه من الحق ,
كما نلاحظ بأن بعضاً من أهل الكتاب في كيفية انقلاب شهادتهم تلك إلى إيمانٍ مطلق مبنيٌ على يقين شهادتهم العملية و النظرية معاً ( وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) , و هنا لا يسعنا سوى التفكر بعمقٍ كبير في ضرورة انقلاب الشهادة إلى أيمان , و هذا ما سنتحدث عنه في مقالٍ لاحق .
و من ضمن الشهادات النظرية أيضاً قوله سبحانه ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) :
فشهادة ذرية آدم عليه السلام هي شهادة نظرية مبنية على العلم اليقيني بوجود الرب الخالق لا إله إلا هو , و الراسخ في فطرة تلك الذرية , حيث يقول جل وعلا نافياً لشهادة هؤلاء العملية ( مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ) , و من هنا نلاحظ بأن شهادة ذرية آدم عليه السلام بوجود الرب الخالق لهم هي شهادة نظرية فقط تعتمد على العلم , و ليست شهادة عملية تعتمد على المشاهدة أو السمع ,
و يقول جل وعلا مؤكداً على يقين تلك الفطرة و علمها المطلق بالخالق سبحانه و تعالى , كما يبين بأن تلك الفطرة بشهادتها الثابتة لا تتبدل في هذا الخلق أبداً ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .
تقديم الشهادة في الدنيا و تقديمها في الآخرة :
في الحياة الدنيا تأتي الشهادة مبنية على اليمين أو القسم بأنك قد سمعت أو شاهدت و تلك شهادة عملية , أو بأنك متخصص و مختص بعلمٍ ما و قولك هو شهادتك النظرية ,
أما يوم الحساب في الآخرة فالموضوع مختلف تماماً , فالشهادة هناك لا تكون بالأيمان و القسم , بل تقترن تلك الشهادة و تعتمد على البرهان و الدليل فيقول جل وعلا ( وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) , لذا يقول جل وعلا ( وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) ,
و البرهان الثابت يوم القيامة و الشاهد علينا نحن اليوم , هو القرآن الكريم فقط ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) فهو ميزان الحكم و دستوره ,
نحن اليوم و بعد وفاة النبيّ محمد عليه السلام و لكل من جاء بعد وفاته لم يشاهدوه بأعينهم و لم يسمعوا منه بشكلٍ مباشر , فشهادتنا له و به تفتقر للأسس الشهادة العملية ( السمع و البصر ) , و شهادتنا العملية اليوم تقتصر على القرآن الكريم كونه بين أيدينا شاهداً على كل شيء , ثم تنقلب شهادتنا العملية على القرآن إلى شهادة نظرية مبنية على علمه و الإيمان الغيبي المطلق بكل ما جاء فيه ,
شهادتنا النظرية تلك تأمرنا بالأيمان المطلق , و على رأس هذا الإيمان يأتي الإيمان بالغيب ( بالله و ملائكته و كتبه و رسله ) و الرسل جميعاً من ضمن الغيب فنحن لم نعايشهم , لذا كان الإيمان بهم من ضمن الغيب الذي لم نطلع عليه كشهودٍ عمليين ,
و يوم الحساب أيضاً تأتي شهادة الشفعاء من الملائكة المطلعين , و هي شهادة شفعيه كما قلنا في مقالٍ سابق , و شهادتهم تلك تأتي تأكيداً على شهادة الشهداء و شفعاً لها , و شهادتهم أيضاً شهادة مزدوجة , شهادة عملية بما كانت تسمعه تلك الملائكة و تشاهده , و شهادة نظرية بما تعلمه تلك الملائكة لما كان يجول بخواطر الخلق ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ,
شهادة الملائكة المختصين و المطلعين لا تقتصر على شهادتهم للمؤمنين فقط , بل تشمل الكافرين كذلك , لذا فهي شفعيه لكل نفس , أي أن تلك الأنفس لابد لها من تقديم شهادتها أولاً , و تلك الشهادة الأولى ( وتريه ) , ثم تأتي شهادة الملائكة ثانياً فتكون شهادة ( شفعيه ) أي نصبح أمام شهادتين اثنتين ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) ,
تحدثنا سابقاً بأن جميع الخلق سيدلون بشهادتهم يوم الحساب في محكمة الحق سبحانه و تعالى ,
و ينقسم الخلق إلى قسمين في أدائهم لتلك الشهادة ( شهادة الشهداء و شهادة الأشهاد ) , و قلنا بأن الفارق بين هؤلاء الشهود هو :
شاهد الشهداء سيدلي بشهادته النظرية المبنية على العلم الذي اتبعه و هو برهانه , فلا يختم على أفواههم , و هذا النوع لا تشهد عليهم أيديهم أو أرجلهم أو جلودهم أو أسماعهم و أبصارهم .. الخ , و دون إغفالٍ لشهادته العملية كذلك ,
في حين شاهد الأشهاد فهو فاقدٌ لشهادته النظرية المبنية على العلم , لذا يقول الله جل وعلا و يبين لنا هذا بأنهم لا برهان لهم , لذا سيختم على أفواههم , و حينها تتقدم أيديهم و أرجلهم و جلودهم و أبصارهم و سمعهم ... بتقديم الشهادة عوضاً عنهم , و شهادة الأعضاء تلك هي شهادة عمليه و ليست نظرية , أي أنهم سيدلون بشهادة عملية فقط ,
ثم بعد هذا الإدلاء تأتي شهادة الملائكة المختصين و المطلعين و تكون كما يلي :
بالنسبة للشهداء و هم المؤمنين فتكون شهادة الملائكة توثيقاً و انسجاماً لما شهدوا به , و هنا نقول بأن شهادة الملائكة الشفعيه قد حققت الشفاعة لهم ,
أما بالنسبة للأشهاد و هم من ختم الله على أفواههم , و تم تقديم شهادة جلودهم و أيديهم و أرجلهم و سمعهم و أبصارهم ... فشهدت عليهم و اعترفت بكل ما اقترفه هؤلاء , ثم تأتي شهادة الملائكة توثيقاً و انسجاماً مع ما شهدت به جلودهم و أيديهم .... عليهم , أي ضدهم , فهنا نقول بأن شهادة الملائكة الشفعيه كانت ضدهم أي عليهم فلم تنفعهم , لذا لا تتحقق الشفاعة لهم ,
لذا فهم حينها سيقولون ( فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ) , أي يقدموا شهادة في صالحهم و ليست ضدهم , و يؤكد الله جل وعلا على عدم وجود من يشفع لصالحهم فيقول ( ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ) ,
كما نلاحظ بان شهادة الملائكة الشفعيه و التي جاءت ضدهم و لم تكن في صالحهم فلم تنفعهم في قوله جل وعلا (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .
وماذا لو امتلكت فلسطين قنبلة نووية !
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
دعوة للتبرع
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : ما رأيك فى المدا ئح ...
خبرتى فى الزواج : عدت من الخلي ج بثروة واسست شركة فى القاه رة ،...
دعوة أهل القرآن: قلت ان القرآ نيين لا يهتمو ن بدعوة الاخر ين ...
بين الشبع والاسراف: يقولو ن لنا:ا شبع أوزيا دةالأ كل والشر ب ...
التحيات: ابني الآن هو في الصف الثان ي الإبت دائي ...
more