التعذيب فى رؤية قرآنية ( 15 ) : الوعظ تبشيرا بالنعيم وبالعذاب

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-10-16


التعذيب فى رؤية قرآنية ( 15 ) : الوعظ تبشيرا بالنعيم وبالعذاب

مقدمة :

أنزل الله جل وعلا الكتب وأرسل الرسل لهداية الناس ولانقاذهم من عذاب السعير ولإدخالهم نعيم الجنة ، ولذلك يأتى المصطلح القرآنى ( بشّر ) فى التبشير وفى الانذار معا . وليس هذا معتادا فى حديث البشر ، فالتبشير هو فى الأخبار المفرحة فقط ، وليس فى الأخبار السيئة ، وليس معتادا أن ( تبشّر ) شخصا بدخوله النار وإستحقاقه العذاب ، إلا إذا كان هذا عن رغبة فى هدايته ، وهو على قيد الحياة يسعى فى الأرض ، إذ يمكنه أن يتوب . وحينئذ يكون فى إنذاره تبشيرا ضمنيا له أنه لو إهتدى فسيتنعم فى الجنة . يؤكّد هذا أن رب العزة فى كتابه يخاطب الأحياء ، وليس الموتى  . وبهذا يكون الوعظ بالتبشير بالجنة أو النار ضمن رحمة الله جل وعلا للبشر . ونعطى بعض التفصيلات

أولا : التبشير والإنذار وظيفة الرسل :

1 ـ يقول جل وعلا باسلوب الحصر والقصر عن وظيفة الرسل : ( وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) الانعام ). ويأتى ختم الآية بمصير من آمن واصلح بأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .ويقول جل وعلا : ( وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً (56) الكهف ). ويأتى هنا ختم الآية بموقف الكافرين فى كل عصر بالجدال وبالاستهزاء بآيات الله جل وعلا وكتبه .

2 ـ وبالنسبة لخاتم النبيين ، يتكرر قوله جل وعلا له فى خطاب مباشر وبأسلوب القصر والحصر أيضا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (56) الفرقان ). ويأتى بتفصيل فى قوله جل وعلا : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) الفتح ) وبتفصيل أكثر فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46) الاحزاب)

ثانيا :التبشير والانذار بالقرآن الكريم

1 ـ القرآن الكريم ـ كلام رب العالمين ـ هو كتاب الانذار والتبشير ، آياته بيّنات وهو كتاب مبين ، يكفى تلاوة آياته لتعبّر بنفسها بمجرد النطق بها ، ولهذا جعله رب العزة جل وعلا ميسّرا للفهم بما يُعين على الهداية ، قال جل وعلا لخاتم النبيين فى خطاب مباشر عن القرآن الكريم ووظيفته:( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم). وعن وظيفة خاتم النبيين مبشرا ونذيرا بالحق القرآنى قال جل وعلا :( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) الاسراء ).

2 ـ وخاتم المرسلين محمد عليه السلام هو بشر عاش ومات ، والقرآن بعده محفوظ الى نهاية العالم بقدرة الرحمن جل وعلا . والقرآن بذلك مستمر يؤدى دوره رحمة للعالمين ، وبهذا أرسل الله جل وعلا رسوله بهذا القرآن : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الانبياء )، وبهذا القرآن ( الفرقان ) يكون الانذار للعالمين ، قال جل وعلا : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الفرقان ). وفى الحالين فالقرآن هو البشرى والانذار للعالمين الى قيام الساعة . كان عليه السلام يبشر به وينذر به فى حياته وهو مستمر بعد موته ، يبشر به دعاة الحق ، وبه ينذرون .

3 ـ لذا تكرر وصف القرآن الكريم نفسه بأنه البشرى ، عن الكتاب مبشرا قال جل وعلا :( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل )، هنا جاءت بعض صفات القرآن الكريم ، أنه الذى نزل تبيانا لكل شىء يحتاج الى تبيين ، وهو هدى ورحمة لمن شاء من البشر أن يستقيم . أى هو ( هداية ) للصراط المستقيم وهو أيضا إنذار لمن لا يؤمن بالآخرة ، قال جل وعلا  عنه مبشرا ونذيرا : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (10) الاسراء )، وقال جل وعلا  أيضا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1) قَيِّماً لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) الكهف ) . ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) الاحقاف). ومن أوصاف الكتاب : الإحكام والتفصيل ليكون أبلغ فى التبشير وفى الانذار ، قال جل وعلا عن كتابه الحكيم : ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) هود ) ( تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4) فصلت ).

4 ـ جئنا بهذه الآيات لتأكيد كون القرآن بشيرا ونذيرا بنفسه . القرآن الكريم لا ينطق بذاته ، لا بد من لسان بشرى ينطق به ، يتلوه مجرد تلاوة . وهذا ما كان يفعله خاتم النبيين ، وهذا الذى يجب أن يفعله دُعاة الحق بعده عليه السلام .

ثالثا : الأمر للدعاة بالتبشير والانذار :

1 ـ بحفظ رب العزة جل وعلا لكتابه تقع مسئولية التبشير والانذار على الدعاة المستمسكين بالقرآن . وهنا نلاحظ أنه لم يأت مطلقا فى القرآن الأمر بالتبشير لجموع الدعاة ، لم يقل جل وعلا لهم ( بشّروا ) بل جاء بالأمر للفرد المؤمن كما جاء للنبى محمد نفسه ، فطالما هو ينطق بالقرآن الكريم يعظ به فهو على منهج النبوة فى الدعوة بالقرآن وحده . وبهذا تستمر الدعوة القرآنية بعد النبى خاتم المرسلين الى نهاية الزمان يقوم بها من يسير متبعا القرآن البصائر الذى كان يدعو به خاتم النبيين فى حياته ، نفهم هذا من قوله جل وعلا أمرا لخاتم النبيين : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف  )

2 ـ وقد يقال أن هذه الآيات تخص النبى محمدا عليه السلام وعصره فقط : ( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25) الانشقاق ) . ولكنها تنطبق بحذافيرها على المحمديين فى عصرنا . هم مع تقديسهم المصحف فهم لا يؤمنون بالقرآن الكريم المكتوب فيه . بدليل معاناتنا نحن أهل القرآن منهم . ليست بيننا وبينهم خصومة شخصية . سيتركوننا فى حالنا لو توقفنا عن الوعظ بالقرآن الكريم وحده وعن الاحتكام اليه فيما يقوله المحمديون وما يفعلون وما يقدسون ويعبدون من دون الله ومع الله . أى هى كراهية للقرآن الكريم الذى يزعمون الايمان بهم . ولذلك إذا قرآنا عليهم القرآن لا يسجدون طاعة وإيمانا بل يجادلون مكذبين لآيات الله البيّنات الواضحات . لذا يكون وعظهم بتبشيرهم بعذاب أليم عسى أن يتوبوا . وهنا موقع التكفير فى دعوتنا أهل القرآن ، تكفيرنا هو لما يقولون ولما يفعلون عسى أن يتوبوا . هو تنبيه على خطئهم ودعوة لهم للتصحيح بالقرآن الكريم خوفا عليهم من عذاب يوم قادم لا مهرب منه ولا مرد له من الله جل وعلا . يكفى قوله جل وعلا : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) الروم ) (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) الشورى )

3 ـ وهناك ( منذرون ) من غير الأنبياء يتطوعون إبتغاء وجه ربهم جل وعلا وليكونوا يوم القيامة أشهادا على أقوامهم . ولتتحقق هذه الشهادة ويتم تسجيلها فى كتاب أعمالهم لا بد لهم بالقيام بالأنذار والتبشير عمليا وفعليا أملا فى نجاة قومهم من عذاب السعير ، فإن أعرض القوم عنادا فهم وما يستحقون ، ويوم القيامة سيأتى كتاب الأعمال الجماعى لكل أمة ومجتمع ومنه تأتى نسخ الكتب الأعمال الفردية لكل فرد ، الداعية الى الحق يمتلىء كتاب أعماله بمعاناته ، والضالون يمتلىء كتاب أعمالهم برفضهم الحق . فى تصوير هذا يقول جل وعلا :(وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29)  الجاثية )( وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر )

رابعا : الأمر لدعاة الحق بمواجة الكهنوت  فى زمنهم وهم أحياء

1 ـ يوم القيامة سيشهد دُعاة الحق على رجال الكهنوت الذين كانوا يفترون على الله ورسوله بأحاديث ضالة يتكسبون من دينهم الأرضى متمتعين بنفوذ هائل فى زمنهم يستخدمونه فى الصّدّ عن سبيل الله جل وعلا  ، يظنون أنهم معجزين فى الأرض . قال جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود).

2 ـ إذا أردت أن تكون من هؤلاء الأشهاد يوم القيامة فلتملأ صحيف أعمالك بما يؤهلك لهذا يوم الحساب . المجال مفتوح لمن شاء أن يتخذ الى ربه سبيلا . فى النهاية فالله جل وعلا حدّد عمرك سلفا ، وحدّد موعد موتك مسبقا ، ولا يستطيع أحد أن يميتك قبل موعدك ، ولو إنتهت حياتك بالقتل فهذا أكبر نصر لك . لن تموت بل ستنتقل الى حياة برزخية عند الله جل وعلا تتمتع فيها برزقه . فى مواجهتك للطغاة والكهنوت ستكسب أيضا ذكرا حسنا فى الدنيا ، يكون لك به تقدير فى الأجيال القادمة . سينتهى المستبد وكهنوته الى صحيفة الزبالة ، وتظل كلمة الحق التى جهرت بها مذكورة بعدك . أيضا لن يذهب جهدك هباءا فى الدنيا ، فالشمعة التى تنيرها ستبدد بعض الظلمات ، وستنير بعض العقول وتنقذ بعض الناس. فالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء ، وما ينفع الناس يمكث فى الأرض أما الباطل فهو فقاعات صابون تذهب جفاءا مهما تلونت وتزخرفت .

3 ـ  لا بد من تبشير الطُّغاة بالنار : الطاغية المتمسك بطغيانه لا بد له أن يصادر حرية الرأى وأن يطارد المصلحين ، لا بد له أن يسكتهم بالقتل المادى أو بالقتل المعنوى بتشويه سيرتهم ومطاردتهم بالاتهامات والاشاعات . هؤلاء المستبدون يسيرون سيرة العُصاة من بنى اسرائيل الذين كانوا يكذبون بآيات الله ويقتلون النبيين ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، لا بد للداعية المؤمن من تبشيرهم بالنار . يقول جل وعلا :  ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ). هذا أمر إلاهى لا بد من تنفيذه ، بأن تقول لهم علنا أنهم فى النار إن لم يتوبوا .

4 ـ لا بد من تبشير المنافقين بالعذاب : لم ينقطع وجود المنافقين ، بل هم نجوم كل عصر ، وفى عصرنا هم الملأ الذى يحيط بالمستبد ، هم المسيطرون على الإعلام والثقافة والحياة الدينية والسياسية ، يرقصون فى موكب المستبد يهتفون :( بالروح بالدم نفديك يا عتريس ) فإذا مات ( عتريس ) إنفضوا عنه وهتفوا للعتريس القادم . لا بد من تبشير هؤلاء المنافقين بعذاب أليم ، عسى أن يتوبوا ، قال جل وعلا آمرا : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) النساء )

5 ـ أسوأ المنافقين هم رجال الكهنوت . وقد أمر  رب العزة جل وعلا بتبشيرهم بالعذاب الأليم . وجاء هذا فى توضيح ملامحهم :

5 / 1 : فهم المتخصصون فى نشر الأحاديث الضالة ليصدوا عن القرآن الكريم ، وإذا ذكّرته بالقرآن ولّى مستكبرا كأن لم يسمعها، وهو بها عالم وعارف.يقول جل وعلا :( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) لقمان ). يقول جل وعلا عنه (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) . هذا أمر إلاهى واجب التنفيذ . أهمية تنفيذه أن هذا الأفّاق الأفّاك يزعم أنه منبع الهداية وانه يهدى الى ( سبيل الرشاد ) مثل فرعون . لو واجهته بتبشيره بالنار فقد أبطلت سحره وأطفأت دجله .

5 / 2 : هم فى عصرنا يكفرون بالقرآن الكريم الحديث الوحيد الذى يجب الايمان به ، قال جل وعلا  عن القرآن الكريم :( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ) . وقال جل وعلا بعدها عن أولئك الأفّاكين الآثمين المؤمنين بالبخارى والكلينى والغزالى وغيرهم المكذبين بالقرآن الكريم : ( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) الجاثية ). هنا أمر إلاهى بتبشيرهم بالعذاب الأليم (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) .

5 / 3 : تخيل شخصا شجاعا وقف فى وجه القرضاوى أو مفتى السعودية أو شيخ الأزهر أو السيستانى أو الحكيم أو النجفى أو مقتدى الصدر أو خامئنى أوالحوثى  .الخ ..وقال له بأعلى صوت : ( إتق الله ..وإلا فأنت من أصحاب النار ) . عندها ستأخذ هذا الكهنوتى العزة بالإثم : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) البقرة ) الذى يفعل هذا يكون قد باع نفسه لربه جل وعلا قائلا كلمة حق فى وجه طاغوت أفّاك ، قال جل وعلا فى الآية التالية : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) البقرة ) .

5 / 2 : هو حق مشروع أن نعرف ثروات رجال الكهنوت المشهورين فى ايران والعراق والسعودية وقطر والامارات ومصر . كم تبلغ ثروة القرضاوى أو مفتى السعودية أو شيخ الأزهر أو السيستانى أو الحكيم أو النجفى أو مقتدى الصدر أو خامئنى أوالحوثى وبابا الأقباط وبابا الفاتيكان .. هؤلاء يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله . قال جل وعلا يخاطبنا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) التوبة ). هنا أمر إلاهى أن نبشرهم علنا بالنار :  ( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ). هذا لو حدث حطمنا قدسيتهم المزعومة ورحمنا الناس من خداعهم وضلالهم وإفكهم وجهلهم . وبالتأكيد فسيعرف كثيرون الحق بتعرية وكشف هذا الباطل . 

اجمالي القراءات 8910

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ١٧ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87261]

هل المجرم المصر على موقفه هو من المبشرين بالنار أيضا ، كما ذُكر في الآية التالية ؟


جزاك الله خيرا أستاذنا في التأكيد على وظيفة الرسل في حالتي التبشير والإنذار ، والتبشير بالنار لقوم يعينهم كما  قرأنا في المقال  ، فهل الآية التالية تخص هذه النوعية التي تحارب وتعادي من يتمسك بالقرآن ، هل وصف المجرمين ينطبق عليهم ؟ قال تعالى :( كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201)الشعراء



ودائما صدق الله العظيم



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ١٧ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87263]

شكرا استاذة لطفية سعيد ، وأقول :


لا إلحاح فى الدعوة الاسلامية . 

نقول الحق كاملا وصريحا ثم نعرض عن المشركين . نبشر وننذر ثم نعرض . بمجرد التبشير والانذار تنتقل المسئولية لمن يسمع وتصله الدعوة وتنتهى مسئولية الداعية . 

الدعوة فى الاسلام هى لإقامة الحجّة ، ويوم الحساب يكون الداعية للحق شهيدا على من دعاهم فرفضوا .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,054,756
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي