مُقبل على الموت .. قصة قصيرة
كان إسمه مُقبل، تجاوز الأربعين من عمره، لم يستقر في علاقات أو زواج، نجح في عمله الحر، وذاع صيته، عاش حياته حراً طليقاً في سماء مفتوحة، فنال من الدنيا ملذاتها، دون قلق من إنتظار المنية.
وفي يوم يتعرض لحادث بسيط، وينتقل للمشفى، وفيه يكتشف أنه مصاب بمرض عضال، وبينه وبين الموت وقت قليل، وبعد أن أفاق من الصدمة عاد ليجري لنفسه حساباً عسيرا.
تذكر إخوانه، وأهله، وأصدقائه، وعلاقاته النسائية، وما إقترفه في حق كثيرين من إجحاف أو ظلم أو قطع للأرحام.
وبعد أن إنتهى من لوم نفسه على ما إقترف في حق من كانوا حوله، ذهب خياله في اليقظة إلى الآخرة، ليجد نفسه في قاعة محاكمة، وملائكة تستجوبه، إلى أن يصدر حكم قاضي الدنيا والآخرة "الله عز وجل".
ويتعرض في المحاكمة لستة أسئلة : 1- ماذا قدمت لدينك، 2- ماذا قدمت لبني وطنك، 3- ماذا قدمت لوطنك، 4- هل قاومت الظلم، أو الظالمين، 5- هل ناصرت مظلوماً، 6- هل قلت الحق.
ثم يستيقظ مُقبل من حلم اليقظة، ليكتشف أنه لم يقدم لآخرته شيئاً، لكنه يقرر أن يقدم أي شيء، بيد أن الوقت قد لا يسعفه، فالموت مُقبل على مُقبل ! فعادت نفسه تحادثه، وتقول له : لا تيأس فأنت تستطيع، فيسأل نفسه، وفي أي مجال أسعى ؟
فتجيبه نفسه : قاوم الظلم، والظالمين، ففي مقاومتهما ستقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، وستنصر مظلومين، وستقدم شيئاً لدينك، وتفيد أبناء وطنك، وترفع من شأن وطنك.
ويجد مقُبل ضالته، ويكون آخر عهده بالدنيا، أن قاوم الظلم والظالمين، ليحمل معه إجابات لكل أسئلة حلم اليقظة الذي سبق وراوده، فكان جريئاً في مقاومته، فلا هو يخشى الموت، لأنه بالفعل ميت يمشي على الأرض.
بيد أن السلطان الجائر، لم ينتظر حتى توافي مُقبل المنية، فيطلق رجاله رصاصة قالوا عنها طائشة لتأتي في رأس مُقبل، ويفارق الحياة.
لقد أدرك مُقبل انه بمقاومته للظلم والظالمين قد نال الآخرة.
شادي طلعت
اجمالي القراءات
8090