قراءة في قمة موريتانيا العربية (اجتماع الشمبانزي)
في أحد المنازل..أقصد في أحد الأقفاص.. اجتمعت بعض قرود الشمبانزي لتجديد البيعة للقرد الأعظم (ميمون) وبعد أن جلس المدعوون على الطاولة ..وبعد عدة إشارات وصرخات (شبمانزية) فهم الحاضرون أن المتحدث هو ميمون نفسه أو القرد الأعظم ويدعو لتجديد بيعته، ويحذر بالويل والثبور وعظائم الأمور أن من يمتنع عن بيعته في هذا الاجتماع سيحرمه من الطعام شهر كامل، ولو أصر سيحرمه من الطعام للأبد..وبعد أن يموت هذا (المتمرد) من الجوع سيخاف الجميع على طريقة."اضرب المربوط يخاف السايب"..
بدأت القصة بعد أن رفضت بعض القرود استضافة هذا الاجتماع ، وذلك بعد أن علموا حجم الخلاف الرهيب بين قبيلة الشمبانزي في تجديد بيعة ميمون، وأن عنجهية وصلف ميمون أدت بقبيلة الشمبانزي أن تتفكك وتصبح أقل من قبائل الأسود والنمور والضباع المجاورة قوة، مما يترتب عليه طمع هذه القبائل في الشمبانزي وافتراسهم قرد قرد..
ميمون ليس مجرد قرد..بل هو صاحب تركة كبيرة عبارة عن (حديقة موز) ورثها عن أبيه، وبعلاقاته استطاع تحويل هذه الحديقة لمركز قوة نجح من خلالها أن يتسيد القبيلة، ووصل به الطمع أنه لم يكتفي فقط بامتلاكه للموز..بل ذهب ليجامع كل الإناث في القبيلة (على مزاجه) وأي (ذكر) يعترض ربما يجامعه هو أيضا..!
المهم..بعد أن رفضت بعض القرود استضافة الاجتماع لجأ ميمون إلى فئة (الضعفاء والمهمشين) وكانت من بينهم القردة (أنيسة) التي رحبت بعقد الاجتماع في قفصها المتواضع، وكان هدف ميمون أن يعقد الاجتماع بأي طريقة لتجديد بيعته خشية أن يصبح عدم الانعقاد سنة متبعة قد تؤدي في النهاية لضياع نفوذه ونسيان القرود له شخصيا، وبطبيعته المادية نجح ميمون في إغراء أنيسة وأرسل لها (سوباطة موز كبيرة) تكفيها للطعام أسبوع كامل، فوافقت أنيسة على الفور وخضعت للابتزاز خاصة أن ميمون هددها بأن لم تقبل (السوباطة) ربما يغتصب بناتها بعد أن اغتصبها في الماضي أكثر من مرة..
كان القرد ميمون يهدف بهذا الاجتماع ليس فقط تجديد بيعته، ولكن استغلال انعقاد المجلس وإرسال إشارات لغريمه التقليدي زعيم قبيلة (الغوريلا) يهدده فيها بعدم التدخل في شئون الشمبانزي، لأنه هو غوريلا لا يحق له أن يفكر (كشمبانزي) فانعقد الاجتماع وخرج ببيان ختامي يهدد زعيم الغوريلا بعدم التدخل مطلقا في شئون قبيلته، ولأن الشمبانزاويون لم يكونوا على علاقة جيدة بالغوريلا فاعتقدوا أن زعيم الغوريلا يريد لهم أن يسحب منهم شمبانزاويتهم، وهذا هدم لميراث الأجداد ، وربما كفر بواح في أعراف القبيلة التي تعودت منذ نشأتها أن تسير كالقطيع وراء أي قرد منهم، المهم أن يكونوا قطيع في النهاية..
إلا أن مساعي ميمون لم تفلح في توحيد الشمبانزي ضد الغوريلا، وظهر البعض منهم يقول أن الغوريلا لا تسبب خطر مباشر على قبيلة الشمبانزي، وأن قبائل الأسود والنمور والضباع هي الأولى بالمواجهة، خاصة وأنهم قد افترسوا عدد منهم في الأيام الماضية، ولأن حجة هؤلاء قوية لم يملك ميمون على معارضتهم بشدة..وذلك خشية أن يتسع الخلاف فيؤثر ذلك على تجديد بيعته كزعيم، لكنه أصر على استخدام نفس موقفه العدائي ضد الغوريلا كي لا يفكر أحد من قبيلته في التعاطف معهم أو حتى الانضمام إليهم..
وما أثار حفيظة ميمون ليس فقط تباين موقف قبيلته من الغوريلا..ولكن أيضا قلة عدد المشاركين في الاجتماع، فالأكثرية من الأسر الشمبانزية لم تحضر بحجج مختلفة، فخشي أن يصبح نكوصهم عن حضور الاجتماع هو (رفض مبطن) لبيعته، وبالتالي عليه في الأيام القادمة أن يبذل مزيد من الجهد وتقديم الرشاوى والتحذيرات لتلك الأسر ..ومن لم يردعه الموز يردعه السيف..خصوصاً وأن العديد ممن حضروا الاجتماع رفضوا عدوان ميمون على بعضهم بحجة (الشرعية) قائلين أنه لا شرعية لظالم يرى أن وسيلة نفوذه الوحيدة هي القوة..كذلك رفضوا تصنيف أحدهم (كإرهابي) فقط لأنه معارض لميمون..
انتهى الاجتماع وقد رأى المشاركون تعزيز القيم المشتركة والفاعلة في دوائر الرأي الخاص التي تبلورت في بوتقة العدالة وعقلانية الحرية، وأنه من الجدير بهم أن يساهموا في دعم السلام والشجب والتنديد بأي حاجة وخلاص، وقدم ميمون بهذه المناسبة (10 سوباطات موز) مرة واحدة تعبيراً له بحُسن النية، وأنه كما اغتصب بعض القرود الفترة الماضية بالقوة..ربما يفكر بألا يغتصب أحد المرة القادمة سوى بإرادته، وقد ختم ميمون كلامه بتلاوة آيات من الذكر الحكيم أكدت للجميع أنه قرد (مؤمن وشريف) لا يقبل الحرام على نفسه أبدا..!
اجمالي القراءات
6532