آحمد صبحي منصور Ýí 2015-08-31
أولا :
الأنبياء بشر يسرى عليهم ما يسرى على البشر من الوقوع فى الخطأ:
1 ـ للنبى نفس بشرية ، وقد قال تعالى عن كل نفس بشرية : (نَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) ( الشمس 7 ـ ) أى أن نفس النبى قد ألهمت الفجور و التقوى ، شأن أى نفس بشرية.
2 ـ النبى يدخل ضمن ( الناس ) ، والله تعالى يقول عن الناس (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ) ( النحل 61 ) (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ) ( فاطر 45 ) أى لو عاقب الله تعالى الناس بظلمهم وذنوبهم لأهلكهم جميعا و ما بقى على الأرض دابة. وهذا يشمل الأنبياء.
3 ـ النبى يدخل ضمن الانسان ـ طالما ظل حيا ، وينطبق عليه قوله تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) ( العاديات 6 ـ ) (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ) ( العلق 6 ـ ) (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) ( عبس 17 )
ثانيا :
1 ـ ولكن الأنبياء بكل ما فيهم من بشرية فهم أفضل البشر ، لأن الله تعالى إختارهم لمهمة الوحى ، يقول جل وعلا : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ( الحج 75 ) والله لا يختار إلا أفضل البشر ،وهوجل وعلا أعلم أين يضع رسالته، يقول جل وعلا : (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) ( الأنعام 124 ) .
2 ــ والله تعالى لا يرسل رسولا إلا من من جنس قومه ، فان كانوا عربا كان عربيا ، يقول جل وعلا : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ ) (الجمعة 2 )وعلى فرض كونهم ملائكة فسيكون الرسول اليهم ملكا مثلهم ، يقول جل وعلا : (قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً) ( الاسراء 95 ).
3 ـ والله تعالى يعلم النبى و يؤدبه ، قال تعالى عن بعض الأنبياء مثلا (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( يوسف 6 ) وقال عن خاتم الأنبياء (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) ( النساء 113 ) وقد نزلت هذه الآية بعد آيات تذكر كيف تعرض النبى محمد لعملية خداع فاقدم على الدفاع عن ظالم لأن أهل الظالم تآمروا على إخفاء الحقيقة عن النبى. وفى الاية الكريمة السابقة وما قبلها تاكيد على وقوع النبى محمد للخطا ، حين دافع عن الظالم ، وفى الاية السابقة تاكيد على أن الله تعالى هو الذى علّم النبى محمدا الكتاب و الحكمة وما لم يكن يعلم. ومن ذلك التعليم كان الوحى ياتى له ينبهه على ما يقع فيه من أخطاء.
ثالثا : عصمة النبى بالوحى الالهى الذى يوجهه و يؤدبه ويهديه:
1 ــ يقول تعالى لخاتم النبيين (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) ( النساء 79 )، أى إذا أصابته سيئة فان ذلك لذنب وقع فيه ، وقد غفر الله تعالى له كل ذنوبه (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) ( الفتح 2 ) أى كانت له ذنوب ، ولكن الله تعالى غفرله وهداه.
2 ــ والقانون القرآنى أن النبى إذا وقع فى ضلال فإن ذلك من نفسه ، وإذا إهتدى فإن الهداية من الله تعالى ، وهذا ما أمر الله تعالى خاتم الأنبياء ليعلنه بنفسه و ليقوله : (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ) ( سبأ 50 )
رابعا: ذكر أخطاء الأنبياء السابقين للعبرة والتعليم
1 ــ وفى إطار الهداية وأن يكون التقديس لله جل وعلا وحده تردد فى القصص القرآنى ذكر أخطاء بعض الأنبياء وتوبتهم . والله تعالى يذكر هذا ليس فقط لتعليم خاتم النبيين ولكن أيضا لنتعلم نحن أيضا أن الأنبياء بشر ،حتى مع تمتعهم بالوحى الالهى ـ فالله تعالى أمر خاتم الأنبياء أن يقول إنه فى البشرية مثلنا ، ولكنه يوحى اليه، يقول جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) ( الكهف 110 ).
2 ــ والعجيب بعد هذه الآية أن يقوم المسلمون بتقديس النبى محمد واعتباره الاها لا يخطىء..فالله تعالى هو وحده الذى لا يخطىء لذا نقول ( سبحانه و تعالى ) أى تعالى و تنزه و تقدس عن الوقوع فى الخطأ الذى يقع فيه البشر أو أن يوصف بما يوصف به البشر ، جل وعلا. إنه وحده ذو الكمال الأكبر و ذو الجلال الأعظم ، وأى وصف لمخلوق بالقداسة هو انتقاص من مساحة التقديس التى يجب أن تكون لله تعالى وحده خالصة لا يشاركه فيها أحد من خلقه.
خامسا : ونستشهد ببعض الآيات التى قيلت فى أخطاء الأنبياء:
1 ــ نوح عليه السلام :
استغفر لابنه الكافر (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) فعاتبه ربه جل وعلا ووصفه بانه من الجاهلين (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) وأسرع نوح بالتوبة (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) وتاب الله تعالى عنه (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ )( هود 45 ـ 48 ). وهذا تعليم لنا حتى نتوب .
2 ــ ابراهيم عليه السلام :
عوتب عتابا رقيقا لأنه دافع عن قوم لوط بعد أن صدر الأمر الالهى بتدميرهم ، وكان جدال ابراهيم خوفا على لوط وأهله المؤمنين.(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ )
3 ــ يونس عليه السلام :
3 / 1 : قال عنه تعالى (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) ( الأنبياء 87 : 88 ) النون هو الحوت ، ويونس هو صاحب الحوت حيث ابتلعه الحوت حين يأس من قومه فهرب منهم وركب البحر فأوشكت السفينة على الغرق فاقترعوا على القاء واحد منهم حتى لا تغرق السفينة فوقعت القرعة على يونس فالقوه فى البحر فابتلعه الحوت ، فأحياه الله تعالى فى حوف الحوت ليعطيه فرصة أخرى فظل فى بطن الحوت يسبح و يستغفر فغفر الله تعالى له ، وأنقذه. وهذا ما أوجزته الايات الكريمة السابقة.
3 / 2 : وفى آيات أخرى عوتب يونس عليه السلام بشدة ، ووصف باوصاف قاسية ،قال تعالى عنه: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ ) ( الصافات 139 ـ ) والأوصاف هنا ليونس عليه السلام قاسية ، فقد قال تعالى عنه (إِذْ أَبَقَ ) ولم يقل ( إذ هرب ) والاباق للعبد فى لسان العرب ـ و لا يوصف به الأحرار. وقال عن خسارته فى قرعة النجاة و الغرق (فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ) وحين ابتلعه الحوت قال عنه تعالى (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) أى مستحق للوم. ولولا توبته لمات دون إنقاذ. ويقول تعالى عن إنقاذه (فَنَبَذْنَاهُ ) ولم يقل فأخرجناه ، ونفس القول (فَنَبَذْنَاهُ ) (وَهُوَ مُلِيمٌ ) قيل عن فرعون وقومه عند الغرق: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) ( القصص 40 ) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ) ( الذاريات 40 ) بل وصفه الله تعالى بالمذموم فقال (لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ ) ( القلم 49 ) ولأنه تاب و أناب بعدها فقد قاتل تعالى عنه (فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ( القلم 50 ). وكل هذا تعليم لنا حتى نتوب .
4 ــ موسى عليه السلام
4/ 1 : خوف موسى : نشأ موسى فى بيت عدوه فرعون، فرضع فى طفولته لبن الخوف ، ونشأ عالما بأنه لا ينتمى للقصر الذى يعيش فيه ، و أن قومه الحقيقيين هم أعداء الفرعون المستبد العاتى ، واكتسب موسى من هذه النشأة غير الطبيعية صفات الخوف و التوجس وتوقع الشر و الانفعال الشديد والاندفاع بسبب الغريزة الطبيعية لحماية النفس و الخوف المتوقع مما قد يطرا ، ومما يحيط به. وبهذه الشخصية كان يتصرف موسى ، والله تعالى يكرر فى القصص القرآنى عنه كلمة الخوف التى تصاحبه فى تصرفاته و تقلباته ، يقول تعالى : ( قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) ( قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ) طه 19 ، 45 ـ ، 67 ـ ) ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ )( فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) الشعراء10 ، 12 ، 14 ، 21 ) ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) ( فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) ( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ )( القصص 18 ، 21 ، 25 ، 31 ، 33 ت 34 ) ( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) النمل 10)
4 / 2 : وهناك آيات تدل على تعجله واعترافه بالخطأ :منها وقوعه فى جريمة القتل بعد أن أوتى حكما وعلما ، يقول جل وعلا : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) القصص 14 ـ )
4 / 3 : وآيات تدل على سرعة غضبه، قال جل وعلا : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الاعراف 150 ، 151 ) ( وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) الاعراف 154 ـ)
4 / 4 : ولذا أرسل الله نبيا قابل موسى ليتعلم منه موسى الصبر وعدم التعجل ، إنه العبد الصالح المذكورة قصته مع موسى ـ عليهما السلام ـ فى سورة الكهف ( 60 : 82 )
4 / 5 : ومع ذلك فموسى له قدر عظيم عند الله تعالى . إقرأ قوله جل وعلا عنه : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ) مريم 51 ـ 53 )أى قرّبه جل وعلا وناجاه وكلمه تكليما، بل يقول جل وعلا لموسى : ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) طه 39 ) ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) طه 41 ).وهنا نتعلم أهمية التوبة .
خامسا : أما النبى محمد عليه السلام ، فالحديث القرآنى عنه يطول
عن عبادة الأصنام
1 ـ كان يعبد الأصنام قبل أن يكون نبيا ، أى كان ضالا ، وهداه الله جل وعلا ، وقد إمتنّ عليه ربه جل وعلا فقال : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) الضحى 7 ) . وتكرر له الأمر بعبادة الله جل وعلا وحده والنهى عن العودة للشرك ، وقال له جل وعلا: (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) القصص ) (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ (106) يونس )
2 ـ وبعد أن كفّ عن عبادة الأصنام والأوثان عوتب من قومه فأمره ربه جل وعلا أن يقول لهم إن الله جل وعلا نهاه عن عبادة هذه الآلهة عندما جاءته البينات من ربه ، وأن يُسلم وجهه وعبادته لرب العالمين : ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) غافر 66 ). وكرروا عتابهم له بأن يعود لعبادة آلهتهم ، فأمره ربه جل وعلا أن يكرر نفس الاجابة وإنه لو فعل فسيعود للضلال : ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) الانعام 56 ) . وأعلنها لهم صريحة أنه يعبد الله جل وعلا وحده ، وأنه يخاف من عذاب ربه العظيم ، وهم أحرار أن يعبدوا ما شاءوا من دونه : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) الزمر )،واستمروا فى تخويفه من غضب آلهتهم فقال له رب جل وعلا (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) الزمر ) وحين ضغطوا عليه يأمرونه أن يعود لعبادة آلهتهم أمره ربه أن يقول لهم : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) الزمر ) وقال له ربه جل وعلا بعدها يحذره من العودة للشرك : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ (66) الزمر )
عن طاعة الملأ الكافرين
1 ــ حرصا منه عليه السلام على نشر الدعوة كان يتقرب الى الملأ الكافر المسيطر فى مجتمع مكة الجاهلى ، وأوقعه هذا فى أن يطيعهم ، فنهاه رب جل وعلا فى خطاب مباشر فى بداية البعثة : ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) القلم ). ولم ينفذ الأمر فتكرر له الأمر : ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24) الانسان ). وحتى بعد هجرته الى المدينة كان يتقرب للمنافقين وحلفائهم الكفار أملا فى هدايتهم وإتقاء شرّهم ، فقال له ربه جل وعلا مرتين فى سورة الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) ، (وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48)الاحزاب )
2 ـ ومنذ بداية الدعوة حاول أساطين قريش الايقاع بالنبى عليه السلام ، وكانوا أشد الناس مكرا ، وصفهم رب العزة بأن مكرهم تزول منه الجبال : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ابراهيم ) .بمكرهم هذا كانوا يداهنون النبى يخدعونه فقال جل وعلا : ( فَلا تُطِعْ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) القلم ). واستغلوا العلاقات بينهم فى طلبهم أن يغيّر القرآن ويأتى لهم بقرآن بديل ، يقول جل وعلا : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ) ، فأمره رب العزة أن يقول لهم : ( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس ).
وبلغ مكرهم به أن كادوا يفتنوه عن القرآن وأن يفترى لهم ما يريدون لولا أن ثبته الله جل وعلا ، وهذه هى عصمته بالوحى وحفظا للوحى ، يقول جل وعلا له فى خطاب مباشر : ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75) الاسراء )
عن الترحيب بالملأ الكافرين وتجاهل المؤمنين المستضعفين
من هنا نفهم حفاوته بالملأ الكافرين وتجاهله للمؤمنين المستضعفين حرصا على إرضاء أولئك الملأ المستكبرين . بدأ هذا فى قوله جل وعلا :( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ )عبس 1 ـ ). ومع هذه التذكرة فلم يتذكر ، فكان يضيق بتجمع المستضعفين المؤمنين حوله ويطيع الملأ الكافر فقال له ربه جل : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) الكهف ). ولم يطع قول الله جل وعلا بل كان يطرد المستضعفين فقال له ربه جل وعلا : (وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ (52) الانعام )
عن حضوره خوضهم فى آيات الله
وحرصا منه على التقرب اليهم كان يحضر مجالسهم التى يخوضون فيها فى القرآن الكريم لهوا ولعبا ، وتكرر له النهى ، قال له جل وعلا : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) المعارج )( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف ) ( ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الأنعام ). ومع التكرار لم يُطع ، فقال له ربه جل وعلا : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) الانعام ). بعد هذه اللهجة الحاسمة أطاع النبى بينما ظل بعض المؤمنين فى المدينة يحضرون مجالس الخوض هذه فقال جل وعلا لهم محذرا ومهددا ومذكرا بما سبق من نهى :(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء )
هذا عدا متفرقات أخرى
مثل قوله جل وعلا له فى موضوع زيد : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) الأحزاب 37 ).
وفى زوجاته : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) التحريم 1 ) .
، وفى تعامله مع المنافقين :( عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) التوبة 43 )، وفى استغفاره لعمه أبى لهب : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التوبة 113 ـ ) .
وقوله جل وعلا عنه وعن المؤمنين ( لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة 117 ) .
الخاتمة :
1 : الأهمية العظمى هنا فى تعليم خاتم الأنبياء من سيرة أسلافه.
1/ 1 : فالله تعالى أمر خام النبيين بالاقتداء بجده ابراهيم فى مواقف عظمى نجح فيها ابراهيم ، وقد وصف الله تعالى ابراهيم بأنه قام بالوفاء بكل مسئولية أوجبها الله تعالى عليه ، فقال عنه (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) ( النجم 37 ) وأنه نجح فى كل الاختبارات التى امتحنه الله تعالى بها ، فأتم الاختبارات أو الأوامر بالنجاح الساحق فجعله الله تعالى إماما لكل المؤمنين من بعده (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) ( البقرة 124 ). ولذلك أمر الله تعالى النبى محمدا بالاقتداء بابراهيم ، وأن يكون ابراهيم له أسوة حسنة (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) ( الممتحنة 4، 6 ). وحين استغفر النبى محمد عليه السلام لعمه أبى لهب عاتبه ربه فقال : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) ثم أوضح جل وعلا للنبى أن يستفيد من تجربة ابراهيم فقال : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ( التوبة 113 ـ 114 )
1 / 2 : وفى نفس الوقت الذى أمر الله تعالى خاتم الأنبياء بالتاسى بنجاح جده ابراهيم فإنه جل وعلا حذره من أن يقع فيما وقع فيه النبى يونس عليه السلام ، فأمره أن يصبر و يتحمل ولا يقع فيما وقع فيه يونس حين خاف و تعجل وهرب فعوقب ، يقول تعالى لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ( فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ ) ( القلم 48 ـ ).
2 : والقصص القرآنى هو للعبرة وتثبيت الايمان بأن الله جل وعلا وحده هو الذى لا يخطىء قط ، يقول جل وعلا : ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى ) (111) يوسف ) (وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) هود ).
والعبرة الكبرى هى بشرية النبى ، وأن عصمته من الله جل وعلا فيما يخص الوحى فقط ليصل للناس .
ومع ذلك فالمحمديون لا يفقهون .
عذرا ان ايه (ولولا فضل الله عليك ورحمته...هي سوره النساء 113
النبي هو بشر عادي وماهو الا وسيط اختاره الله لنقل الرسالة يؤدي رسالته ويرحل غير انهم يقدسونه ويجعلونه بشر غير عادي ويفرقون بين رسول واخر ويفضلون محمد على غيره ويجعلون منه شريك لله وهذا محرم وفي كونه بشر عادى هو ابتلاء للناس يكفر به اغلبهم
ما أكثر الذنوب و المعاصي و لا يجد الإنسان له سبيلا إلا رحمة الله و مغفرته.
صرت جبانا بعد أن بلغت من العمر ما بلغت و أخاف لوم اللائمين و بطش الباطشين.
لكن سيرة الرسل تجعل الإنسان لا يقنط من رحمة الله فموسى كان يخاف البطش و محمد كان يخشى اللوم.
و في النهاية لا يسعنا إلا أن نقول
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
تلك حقائق توصل لها - قلة - من العلماء الحقيقيون و الدكتور احمد - حفظه الله جل و علا - و بأسلوب علمي رائع يؤكد دائما و أبداً أن التقديس لله جل و علا فقط و إذا ما أكد لك في العبادات كالصلاة مثلا ترى اشمئزاز الذين لا يؤمنون بالآخرة ( هم يؤمنون بآخرة أخرى حيث لخاتم النبيين الشفاعة و يبدل قول الله - وهو بعيد عن ذلك عليه الصلاة و السلام - فالله جل و علا لا يبدل قوله - تعالى و سمى علوا و سموا كبيرا ) فالدكتور أحمد في عبادة الصلاة مثلا يؤكد بأنها ذكر لله جل و علا فقط فالتشهد مثلا هو آية : ( شهد الله انه لا إله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) لذلك تشمئزا قلوبهم إذا ذكر الله جل و علا وحده لذلك يقول الواحد الأحد للنبي عليه السلام : ( و إذا ذكر الله وحده اشمازت قلوب الذين لا يؤمنون بالأخروة و إذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ) هذه الآية تلاها النبي عليه السلام في تأكد على أنه عندما يُذكَر الله فليذكر وحده جل و علا و لا يُذكَر معه - من دونه - أيا كان هذا الذي - من دونه - .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,870,472 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
أربعة أسئلة: ثلاث ة أسئلة مرتبط ة : السؤ ال الأول : جاء...
الباقى: هل الباق ى من أسماء الله الحسن ى لأن صديقى...
زكاة التوفير: ٢-ل دي مبلغ من المّا ل و ّفرته من مرتّب ي ...
هذا ما أتمناه: استا ذي ومعلم ي الدكت ور احمد السلا م ...
إلا .. زوجتى : الس لام عليكم و رحمة الله عم ري ...
more
مقال اكثر من رائع ولكن لا حياة لمن تنادي فاغلبية المسلمين ترجع في هذا الامور لا الى كتاب الله ولكن الى ما يسمونهم برجال الدين الذين يفسرون الايات بتفاسير مناقضه مع ان ايات الله جلا وعلا واضحه وبينه