على صفحتي في الفيس بوك طرحت هذا المنشور
مصر دولة نظامها.."مينستريم"..mainstream
يعني إيه؟....يعني رأي عام أو شائع أو مقبول ، بمعنى إن اللي يحكم مصر لازم يكون جزء من الرأي العام الشعبي.
لا يمكن يكون الشعب مينستريم والحكومة ضده، والعكس، وهذا معناه إن أي نظام سياسي يحكم مصر لو لم تتوفر فيه شروط المينستريم سيفشل..
نظام الملك والأسرة العلوية كانوا مينستريم، الشعب كله كان بيهتف للملك، والرأي العام -ثقافة وسياسة- ماكانش ضد الملك، حتى حركات التحرر أوائل القرن العشرين –زي مصطفى كامل وسعد زغلول-كانوا يدينوا بالولاء للملك، وفوق كدا ولائهم كان للباب العالي في اسطنبول، وتوجد كتابات لمصطفى كامل حالياً يمدح فيها السلطان التركي عبدالحميد الثاني بألفاظ لو قرأتها الآن لجزمت أن كاتبها منافق.
سعد زغلول نفسه كان مينستريم، الشعب المصري كان بيكره الانجليز وبيحب الملك، ومتصور إن الاتنين ضد بعض من أيام الخديوي عباس حلمي الثاني، اللي في رأيي كانت فترة حكمه هي اللي أسست معنى الوطنية وفصلت ما بين سلطة لندن وسلطة اسطنبول، لذلك الشعب مش بس أيد عباس، لأ وعشقه وبقى يغني له في الموالد بصفته بطل، كلنا فاكرين الأغنية الشهيرة-في التراث الشعبي- اللي بتقول.."الله حي سعد جي"..دي أصلها.."الله حي عباس جي ضرب البُمبة في (مؤخرة) العمدة وهو جي".. العمدة عندهم هو اللورد أو المعتمد البريطاني، كان عند الشعب عمدة، وسعد زغلول كان هو وريث الخديوي عباس حلمي الثاني في البطولة عند الشعب، ولما قامت ثورة 19 اتحورت الأغنية بشكلها الحالي.
سعد زغلول بقى ورث التركة دي، وظهرت جداً في أزمته مع التنوير والشيخ علي عبدالرازق، اضطر إنه يقف مع الأزهر ضد الشيخ علي وصادر كتابه.."الإسلام وأًصول الحكم"..سنة 25 ودا لسبب واحد وهو إن الشعب ماكانش متقبل أفكار الشيخ علي عبدالرازق التنويرية وقتها.
نظام عبدالناصر كان مينستريم لأنه أشعل حالة.."الظلم الاجتماعي"..عند الشعب، ونجح في تطويرها لتكون ثورة أخذت بعداً قومياً، رغم ان الشعب كان عايش في زمن الملك وكان راضي بالهمّ ومش فاهم إن دا غلط..
نظام السادات كان مينستريم لأنه تحدث بلغة المصريين- زي توفيق عكاشة كدا-وقدم نفسه على إنه.."الرئيس المؤمن"..في زمن كان التدين فيه مواكب للانفتاح، فظن الناس إن اللاتدين هو حالة قديمة تعني الانغلاق، علاوة على نصر 73 صنع من السادات شخصية كارتونية فيها كل صفات القوة والكاريزما والحكمة، مجتمعة مع البطش والتهوّر، جعلت من السادات عند المصريين رمز لرجل القانون، رغم الرجل في الأخير كان إنسان مزيج ما بين البراجماتية والعنصرية جعلته يتورط في إنشاء كيانات تكون نهايته على إيديهم.
بمناسبة السادات إحنا في مصر لا زلنا أسرى لمبادئه، كل الأنظمة التالية عجزت عن الإبداع وإنشاء مبادئ وأفكار جديدة.
أما نظام مبارك فكان مينستريم..مش عشان هو مؤهل لكدا..بالعكس مبارك كان غير مؤهل وبيخاطب الشعب بلغة عربية غير مفهومة، وكان صعب يتواصل مع الطبقات الكادحة، لكن اللي خلّاه مينستريم هو حادثة اغتيال السادات، جعلت السياسة في عيون المصريين رمز للجريمة، فخافوا يتكلموا في السياسة، واستعاد المصريين لغة.."ماليش دعوة، انت مالك ومالي، خلينا في حالنا"..حتى تغوّل مبارك وأصبح هو المينستريم نفسه، كل كلامه رأي عام، والغريب إن مبارك لما كان يتحدث لشعوب غير مصرية كان بيتحدث بلغة مصرية مفهومة، ودا كان شئ غريب، حتى ثبت في أذهان البعض إنه راجل حكيم، وفي الحقيقة مبارك حكمته في تقدميته وإنه لا ينظر أبداً للوراء، لكن على المستوى الإداري كان غبي وعنصري لدرجة جعلته يعادي شعوب ودول من غير أي مبرر أو لمجرد الظنون.
أما عمنا مرسي حاول يكون مينستريم، وفي أول ثلاث شهور حب يتفتح ع الناس ويعمل لنظامه أرضية شعبية، لكن قدراته كانت ضعيفة ماساعدتوش، علاوة على ارتباطه بجماعته حكمت عليه إنه يكون في نَظَر الشعب حالة شاذة.
أما السيسي فهو مينستريم جاء بعد تجربة حكم فاشلة في أذهان المصريين لم يعهدوها من أيام سعيد باشا والخديوي اسماعيل..رغم الفارق الشاسع ما بينهم، إنسان بسيط يتحدث بلغة مصرية وفيه نزعة أخلاقية دينية يعشقها المصريون، كنت توقعت إن نموذج السيسي هو الوحيد –على الساحة-القادر على إنقاذ مصر من الفوضى، وصدق توقعي ، لذلك دعمته بكل قوة..دا طبعاً غير رأيي فيه بخصوص حرب اليمن..وعلى رأي المثل.."الحلو مايكملش".
بالمناسبة:السيسي هو سادات القرن الواحد والعشرين، وبعد غلطته في حرب اليمن يُحتمل يمشي على نفس السيناريو
باختصار: مصر نظامها مينستريم كل حاجة فيها كدا حتى الأزهر، الأزهر نفسه لا يمكن يتطور إلا برأي عام يضغط عليه، التجديد لن يأتي في الأزهر من السلطة بل بالرأي العام، لذلك قلنا- ولا زلنا نقول-أن التنوير والتجديد والتسامح لن يكون في مصر إلا بقوانين سلطوية تفرضه فرضاً على الأزهر وعلى الجميع، كمقدمة لصناعة مينستريم شعبي يفهم التسامح ويستوعب قضية التنوير..
قالت Nefertiti Saleh
تحليل رائع .............هو احنا دخلنا الحرب فى اليمن........ الكل فاكر انه مدخلناش؟؟؟
قلت: إحنا دخلنا حرب اليمن أول ما الإعلام هلل لها باعتبارها حرب عربية ، استعادوا بها زمن عبدالناصر، رغم ان الناصريين نفسهم انشقوا طرف بيقول الحرب هي عدوان.. ودول عشان وارثين كراهية السعودية من عبدالناصر، رغم ان بعضهم مش فاهم هو بيكره السعودية ليه، بيردد شعارات وبس، يعني وارد انه يعتقد بأن السعودية رمز للتخلف والرجعية وفي نفس الوقت تلاقيه بيأيد قتل المرتد وكراهية الشيعة والفرس ودول للأسف ماليين الجرايد الخاصة، أما الطرف الثاني فاكرها عاركة ع القهوة أنا وابن عمي ع الغريب، وابن عمه دا المشكلة هو اللي بيعطيه فلوس، يعني مصلحة، لذلك لم نخطئ لما وصفنا بعضهم بالمرتزقة والأقلام المأجورة، شئ مؤسف لأن الوضع دا بيسبق دايماً أي هزيمة، لازم مصر تنشر التسامح وتؤيد التقريب بين الشعوب وتتبنى خطاب تعايش مع جميع الأمم وإلا هايرجع التاريخ لنا بكل آلامه.
قالت Nefertiti Saleh
يا خسارة . كنت فاكرة ان جيش مصر لمصر........... و اننا ما اشتركناش... يعنى احنا فى اليمن دلوقتى؟
قلت: نعمممم...ولو لم نشترك بالعمل اشتركنا باللسان، السيسي النهارده كان بيخاطب الحوثيين وبيقوللهم ارجعوا ودا قصور في النظر، لأن المتحكم في المشهد اليمني ليس الحوثيين، دول مجموعات متنازعة مع بعضها.."الشمال ضد الجنوب".."الجيش ضد هادي".."الحوثيين ضد القاعدة والإخوان"..مستحيل تعرف مين اللي غلطان أو مين اللي ع الأرض بمجرد تسمع نشرة أخبار، الدول الأوربية نفسها مش فاهمة اللي بيحصل لذلك هما استغنوا عن الكلام في اليمن أو التدخل، ولوعاوزين يفهموا هايبعتوا لجان أو مناديب..مصر كان المفروض تعمل كدا ..تبعت مندوب أو لجنة تقصي حقائق، لكن اللي بيحصل دلوقتي بيؤكد إن مصر بتاخد معلوماتها من قناة العربية وفجر السعيد...ودي حماقة تؤكد إن مصر متخلفة إعلامياً.
قال Abo Malek
كل المسالة هي ترتيب البيت السعودي الداخلي وادماج قوات متعب بالجيش ..التحالف العربي غير حقيقي بما فيه تحالف السيسي مع السعودية .......انظروا الى خلطة التحالف تجدون مكونات يستحيل تتعايش فضلا عن تتحالف.
قلت: هو تحالف حقيقي Abo Malek مركزه في الرياض، وكل الدول الغير خليجية دخلت بقاعدة.."القوة مقابل المال"..يعني ارتزاق، أما الدول الخليجية فالمصلحة واحدة، لو لم يكن حقيقياً لما شاركوا في تأسيس قوة عربية مشتركة، تأسيس هذه القوة يعني استعمالها لأغراض سياسية تخدم دول الحلف، في الأخير هايكون فيه حرب عربية عربية تانية وتالتة ورابعة لأن القوة لما بتكون في إيد الغبي ممكن يضرب بها أهله أو يروح يقف قدام القطر.
قالت Nefertiti Saleh
تفتكر عملنا كدة علشان شوية المساعدات ؟
قلت:السيسي زي ماخدع الإخوان وخدع تيار التنوير وارد إنه يخدع السعودية..لذلك قولت إن الراجل فيه لمحة ساداتية واضحة جداً، ذرائعي صِرف وإنسان بهذه الطبيعة وارد إنه يخدع أقرب الناس إليه، علاوة على حديثه بمنطق ديني جعل من نفسه قِبلة للسلفيين والأزهريين ودا شئ في منتهى الخطورة، لأن السادات عملها قبل كدا وأول ما حكّم قواعد السياسة قتلوه.
قالت: Nefertiti Saleh
طب ايه رأيك فى كلام السيسي عن الثورة الدينية ؟
قلت:كالعادة شعارات غير مفهومة ،غير مؤسسة على قواعد واضحة أو مجرد توجيه، السيسي لم يوضح طبيعة الخطاب المرفوض، مجرد كلام عائم يتفهم بأكتر من وجه، بخلاف الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة –مثلاً- لما سار في هذا الطريق كان واضح واتكلم في قضايا محددة ونجح إنه ينقل تونس نقلة كبيرة ليها آثارها دلوقتي في عقلية التونسيين، يكفي إن الشعب التونسي بيتكلم عن نقد التراث والعلمانية قبل ما نعرف الكلام دا بعشرات السنين، البخاري عند الشعب التونسي يخطئ ويصيب وكتابه غير ملزم لأحد، أما عند الشعب المصري رجل معصوم والكتاب الثاني بعد القرآن واعتقاده فرض عين..السيسي محتاج هذه اللغة لو عاوز تنوير بجد، أما بهذه الطريقة فلن ينجح، وممكن يعمل صدام مع المؤسسة الدينية في أول مواجهة هاتنتصر فيها المؤسسة حتماً بعد ما شاع بين المصريين إن السيسي وهما واحد، وبالتالي هايكون فعله عند الشعب مجرد انقلاب أو انحراف وجنون، ثقي إن الشعب المصري لو لقى نفسه بين خيارين اتنين أحدهم الدين سيختار الدين بدون تردد، حتى لو كان الخيار الثاني هو السيسي نفسه.
اجمالي القراءات
9736