.1 ب2 ف 2 تزكية النفس بين الاسلام والكُفر

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-01-09


كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

 الجزء الأول : العقائد الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف .

  الباب الثانى :  تقديس الولي الصوفي في مصر المملوكية

الفصل الثانى :  التزكية بين الاسلام والتصوف

تزكية النفس بين الاسلام  والكُفر   

 أولا : نهى  الاسلام عن الزعم بتزكية النفس أو الغير

1 ـ نقطة البداية الفاصلة تتمثل في أن المسلم الحق لا يزكي نفسه ولا يزكي على الله أحداً . وخاتم النبيين عليهم السلام كان مأمورا بألا يزكى نفسه بأن يفضل نفسه على الأنبياء ؛ أمره ربه جل وعلا فقال له:( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ ) الأحقاف 9 ) . ذلك أن الذي يملك الحكم على أفضلية الأنبياء وتفاضلهم فيما بينهم هو ربهم خالقهم (  تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) البقرة 253 ) ، (  وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) الإسراء 55 ) فذلك هو الشأن في الرسل خلاصة البشر والذين يوحى إليهم . وبالتالى فالمؤمنون حقا لا يفضل أحدهم نفسه على أحد ،  ولا يزكى نفسه أو غيره بالتقوى ،. ولو فعل هذا كان عاصيا لربه جل وعلا القائل :( فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم ) . إنّ الأعلم بتقوى القلوب ومدى إيمانها هو الله جل وعلا وحده ، يقول جل وعلا : (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ  ) النساء 25 ).

2 ــ تزكية النفس فى الاسلام هو إستمرار تطهيرها من فجورها بالايمان الخالص والعمل الصالح لتدخل الجنة ، إن النفس البشرية مجبولة على الفجور والتقوى ، والمتقى هو الذى يفلح فى ـزكية نفسه بالايمان الصحيح والعمل الصالح (  وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس ) . هذه التزكية ليست إدعاءا أو زعما أو رياءا ، بل هى عمل دءوب فى تطهير النفس وتزكيتها  يصدر عن إخلاص الدين لله جل وعلا ، ويستمر هذا طالما بقى الانسان حيا ، فيموت وقد بشرته الملائكة بأنه من أولياء الله جل وعلا ، وأنه ممّن نجح فى تزكية نفسه ، ثم تتجلى ثمرة التزكية فى الآخرة، بدخول الجنة جزاءا لمن تزكى فى حياته الدنيا : ( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) طه )

  ثانيا : تزكية النفس إسلاميا تعنى الهداية 

1 ــ وبهذا فالتزكية للنفس اى مسئولية شخصية ، فمن تزكى فلنفسه :( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) فاطر ) أى هى بمعنى الهداية ، فمن إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعلى نفسه . وقد تكرر هذا فى القرآن الكريم : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) يونس )،( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )(15) الاسراء ) ( وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92) النمل ) (إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر ).

2 ــ ولأنها مسئولية شخصية فإن البداية تبدأ بالانسان ، أى إنّ من يشاء من البشر الهداية يهده الله جل وعلا ، لذا يتكرر فى القرآن إن الله يُضلّ من يشاء ، أى يُضل من يشاء الضلال ، ويهدى من يشاء الهداية :( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر) ومن يشاء منهم تزكية نفسه يزكّه الله جل وعلا (بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) النساء ).

 3 : ولأنها مسئولية شخصية قائمة على حرية الاختيار فبعض الناس يختار الهداية وتزكية نفسه وتطهيرها ، وبعضهم يختار الغواية وإضلال نفسه وإفسادها. ويوم القيامة لن يدخل الجنة إلا من تزكى . وفى مقارنة بين أصحاب الجنة وأصحاب السعير ، يقول جل وعلا:( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) الأعلى ) ( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى (14) لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) الليل )

ثالثا :  تزكية للنفس لدى المشركين هى تدين سطحى بالرياء والاحتراف الدينى

1 ــ بعض الناس يكتفى بتكريم نفسه بزعم التقوى فيُرائى بصلاته فيكون ممّن قال جل وعلا  فيهم : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)) الماعون ).

2 ــ وبعضهم يحترف التظاهر بالتقوى ويتخذ من تظاهره بالعبادة وسيلة للإرتزاق أو الجاه الدنيوى ، فإذا وُعٍظ بالتقوى أخذته العزة بالإثم وظهر على حقيقته يسعى فى الأرض بالفساد شأن من يستغل الدين فى الحصول على طموح دنيوى ، ويخلط السياسة بالدين ، يركب الدين ليصل الى طموحه السياسى أو لكى يحتفظ  بموقعه السياسى ، يقول جل وعلا :( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)  البقرة )

3 ــ  : وبعضهم أصدر قرارا بأنه شعب الله المختار ، أى زكوا أنفسهم بهذا بدون إستحقاق من إيمان وعمل صالح ، والله جل وعلا ردّ عليهم يصفهم بالافتراء والتدخل فى حُكم الله جل وعلا الذى يُزكّى من البشر من يشاء منهم أن يزكى نفسه بالايمان والعمل الصالح وليس مجرد الزعم بلا إستحقاق:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء ). وتحداهم رب العزة بأنهم لو كانوا فعلا أولياء الله فليتمنوا الموت إن كانوا صادقين :( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) الجمعة ) وأكّد رب العزة أنهم أحرص الناس على الحياة : ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) البقرة ). وهذا ينطبق على مئات الملايين من المحمديين الذين يحترفون التدين طمعا فى حُطام دنيوى .

4 ـ ويهبط بعضهم الى أسفل سافلين حين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه . وقد وقع فى هذا بعض أهل الكتاب من أصحاب الديانات الأرضية ، وقد ذكر رب العزة مقالتهم ، ورد عليها : (وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة ) . ونفس الزعم وقع فيه الصوفية القائلون بالحقيقة المحمدية ، الذين يزعمون أن ما يسمونه بالنور هو قبس من نور ، وخلق الله جل وعلا من أجله العالم ، وأنه تنقل فى الأنبياء الى أن ظهر فى محمد ، ثم من بعده فى الأولياء الصوفية . وبالتالى فهو نفس الزعم السابق لليهود والنصارى بأنهم أبناء الله وأحباؤه ــ تعالى عن ذلك علوا كبيرا .

رابعا : تزكية النفس إسلاميا تعنى رجاء لقاء الله جل وعلا

1 ـ : الذى يزكّى نفسه مُتقيا ربه جل وعلا ويخشى الله جل وعلا بالغيب لا يوصف بأنه (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) ، بل هو من أولئك الذين يرجون لقاء الله لينال الجزاء الحسن من رب العزة الذى لا يُضيع أجر من أحسن عملا .

2 ــ فالبشر هنا نوعان : نوع يقوم بتزكية نفسه ويرجو لقاء الله ،وهو يعمل عملا صالحا ولا يُشرك بعبادة ربه أحدا : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)(الكهف  110 ). أما الذى لا يرجو لقاء ربه فقد إستغرقته الدنيا فأنسته لقاء ربه ، وفى الآخرة مأواه جهنم : ( إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7 ) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) ( يونس ) .  

خامسا : تزكية النفس لا تعنى تعطيل السعى للرزق

1 ـ الرزق من الحتميات المقررة سلفا لكل الكائنات الحية ، بدءا من الدواب الى البشر ، فما من دابة فى الأرض إلا على الله جل وعلا رزقها (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود ) حتى لو كانت فى جوف المحيط أو فى أعماق الأرض لا تستطيع أن تحمل رزقها ، يرزقها الله جل وعلا كما يرزقنا : (وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) العنكبوت ) . الأب سبب فى رزق إبنه والابن سبب فى رزق أبيه ، هما سواء فى إستحقاق الرزق من لدن الرزاق العليم صاحب الفضل وحده  : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) (151) الانعام ) (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ )ِ (31) الاسراء ) ، وبالتالى فالناس أسباب لبعضهم البعض فى استحقاق الرزق ، وكل إنسان فى هذه الدنيا له رزقه المحدد سلفا بغض النظر عن إيمانه أو كفره ، ومهما سعى فلن يحصل على أكثر من الرزق المحدد له ، والله جل وعلا هو الذى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدره على من يشاء إختبارا لهذا وذاك ، وهو وحده جل وعلا الأعلم بالبشر، وطبقا لهذا العلم جرى توزيع الرزق ، يقول جل وعلا يربط بين توزيع الرزق وعلمه بالناس : ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (30) الاسراء ) (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) العنكبوت ) (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) ، ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)  الشورى ) . هذه حقائق يجهلها من لا يؤمن بالآخرة ولا يرجو لقاء ربه ، ومن لا يقوم بتزكية نفسه بالتقوى ، والذى يفرح بالدنيا ولا يرجو غيرها ، يقول جل وعلا :( اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ (26) الرعد ) . ولو كان الرزق بيد الناس ما صار فى الدنيا فقير ، وما إغتنى فقير وما أفلس ثرى .   

2 ـ البشر الناس فى سعيهم للرزق نوعان : نوع يريد الدنيا فقط ، ونوع يريد الآخرة . الذى يرجو لقاء ربه جل وعلا لا يهُمل الدنيا ولا يهمل السعى للرزق ، بل يسعى للرزق فى الدنيا بالحلال وطاعة ربه مؤمنا باليوم الآخر وآملا فى الفوز فيه بالجنة لذلك يسعى فى الدنيا ولكن يجعل الفوز بالجنة محور حياته ، لذا يزكى نفسه بالايمان والعمل الصالح ، وهو فى هذه الدنيا ينال حظه المقسوم  سلفا من الرزق ، ثم ينتظره رزق الجنة الخالد . الصنف الآخر يجعل الدنيا العاجلة كل همٍّه ومحور حياته ، ولا يأبه باليوم الآخر ولا يرجوه ، بل يعيش حياته فى صراع محموم من أجل الرزق ، وفى النهاية لا ينال سوى الرزق المحدد المقرر له سلفا مثل غيره من البشر ، ثم ينتظره  فى الآخرة خلود فى الجحيم . يقول جل وعلا فى مقارنة بين من يريد الدنيا ويخسر نفسه ومن يريد الآخرة ويتزكى لها : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) الاسراء )

3 ـ وكل إنسان له حرية الاختيار ، وهو مؤاخذ يوم القيامة بهذه الحرية .

اجمالي القراءات 8480

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,055,940
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي