غالب غنيم Ýí 2014-10-02
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين
( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36
مقدمة :
هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.
وحين يلتقي المدلول الماديّ بالمعنوي، تحمل المفردة كل المدلول المطلوب لتعبر بكل دقة عن الموقف وكأنه صورة، أو مقطع مسجّل من الفيديو، وهنا، كما قلت سابقا عن المرفق، حين استخدم يدي كلها، في ما يمكننا تسميته بعملية مكاسرة بالأيدي، ارتكز على مرفق يدي، وأبدأ استخدام قوتها لكي اهزم خصمي، وهنا تكتمل صورة مفردة اليد في مدلولها الماديّ والمعنوي حيث انا استخدمت كلا المدلولين فيها، وهي نفس ما قاله ابن أدم لأخاه، "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني" ، فيده هنا حملت المدلولين، مدلول ماديّ في استخدامها في عملية القتل، ومدلول معنوي في استخدام القوة في هذه العمليه، وأعلم انها مقدمة طويلة، وقد تكون مملة للبعض، فما الذي يرمي اليه الباحث هنا؟ قد يتسائل البعض !
ألذي أريد أن ابينه هو أن السياق هو من يحكم فهمنا لمدلول المفردة من حيث كونه معنويّ من ماديّ !
فأن افهم المفردة بعيدا عن مساقها والمحيط الذي قيلت فيه وطُرِحت فيه، هذا سيؤدي الى عدم فهمي للمفردة، وبالتالي إلى تجريدها من مدلولها، بل وربما فهمها تجريديا كما يفعل الآن كثيرون.
______________
الترادف من عدم الترادف :
حين يستخدم الله تعالى مفردات مثل "طاعة، خاضعين، أسلمت "، فمن الطبيعي أن لا نخلط بين هذه المفردات وبين مفردات أخرى مثل " واسجدوا، واركعي، تبتّل، اذلّة، رحماء"، فإن أمَرَ الله تعالى الملائكة بأن يسجدوا لآدم، فهو لم يستخدم مفردة، وأطيعوا آدم، أو اعبدوا آدم، أو اخضعوا لآدم، بل أمرهم بالسجود لآدم! ومنه يجب علينا أن نفقه المحيط الذي وردت فيه هذه المفردة، ولا نقتلعها من محيطها ومساقها وموضوعها لنخضعها الى مفهومنا الشخصي كما نهوى، ولا يجب أن نبدلها بكلمة أخرى فنُقرٌّ بالترادف!
وبما أن كل مفردة، لها محيطها الخاص، الذي نستدل عليه، من خلال توصيفها بمجموعة صور ومجموعة مفردات أخرى لنصل الى " تلك " الخصوصية عن غيرها من المفردات، فلا بد لنا من استخدام مجموعة المفردات هذه لنبين مدلول هذه المفردة!
فحين أقول موصّفا مفردة السجود المعنوي بكونه : السجود المعنوي أي التسليم بالطاعة والخضوع لله تعالى، لا يمكنني استبدال مفردة السجود بمفردة وحيدة مثل التسليم فقط، او الطاعة فقط، أو الخضوع فقط، فالسجود أعلى من هذه كلها، ويشملها كلها، هو مستوى أعلى من مستوى هذه المفردات، فأن أطيعكَ، لا يعني أنني خاضعٌ لكَ، لكن العكس صحيح!
ومنه، فهل من المعقول أن يأمر الله تعالى الملائكة أن يسجدوا لآدم بأن يقعوا له على الأرض؟! فالهدهد استغرب من سجود أهل سبأ للشمس وليس لله تعالى! ومن هنا، من الطبيعي أن لا يكون سجودهم له ماديّ، بل وليس المحيط النصيّ يقول هذا فقط، بل المحيط الماديّ أيضا، أي ان أدم، من حيث مكان وجوده، الذي هو على الأرض، وليس في السماء! فالملائكة ماديا ليسوا على الأرض حين حدوث الحدث، وآدم لم يكن في السماء أصلا! ومن هنا، من الطبيعي أن نفهم أن القضية قضية خدمات ليس أكثر، وأهم هذه الخدمات، أن الملائكة من بعد ذلك أصبحت " تصلي علينا لتخرجنا من الظلمات إلى النور"!
______________
مرة أخرى سجود ماديّ وآخر معنوي:
من الطبيعي أنني لن أعيد تكرار ما قلته في بحثي السابق عن السجود من حيث كونه ماديّ ومعنوي، مثله مثل الخضوع مثل الطاعة، مثل كل مفردات القرءان الكريم الخاصة بالبشر والخلق!
فمن الطبيعي أن لا تسجد الشجر على الأرض، ولا القمر ولا الشمس، ومن البديهي أن ندخل البالب سجّدا، لا يكون بالوقوع والإلقاء والخرور على الأرض، بل كلها تحمل في ثناياها المدلول المعنوي، وهذا كثير في القرءان الكريم، لكنني لن أتخلى عن مفهوم يحمل في ذاته المدلول المادي للمفردات، وإلا اصبحت كل مفردات القرءان معنوية بحتة، كما بدأ جيل جدي متمثل بافكار ابن نبي وغيره، ممن جرّد القرءان من محتواه ومحيطه، فاصبح القتل ليس هو القتل، والصلوة ليست هي الصلوة بل قراءة القرءان، ولا اعلم ما الذي يجعلهم يقولون بأن الصلوة هي تسبيح وقراءة قرءان، في حين يستخدم الله تعالى كل هذه المفردات منفصلة، بل والبعض اصبح يخلط بين الصلة والصلوة، فيخلط بين يصلي عليكم، صلوا عليه، يصلون عليكم، وبين أقم الصلوة !
أعلم بالطبع أنه يجب فهم مفردات القرءان بتجرّد وبدون اي راي مسبق، بل وجلد الذات مرارا بمراجعة ما تم الظن بأننا فقهناه يوما ما! ولكنني أعلم أيضا، أن الله تعالى خمس مرات كرر، وليس عبثا، بأن هذا القرءان تم تيسيره للذكر! وبأنه أرسل بلسان قوم النبي محمد! وأنه مبيَّن وليس رموزا لاستنبط منها! فهو ليس رؤيا نراها في نومنا تكون رموزا لكي يتم لاحقا تجريدها من الرمز الى الواقع كما في في رؤيا عزيز مصر!
هذه مجرد تعليقات وملاحظات على ما تم مواجهتي به سابقا من كثيرين من ملاحظات شتى حول مفردة السجود، وحين أصل للجزء الذي يصف الصلوة كاملة، سأتعرض مرة أخرى لهذه المفردة في مساقها الذي يخصها بكونه وقوع وخرور والقاء مادي على الأرض في زمان ومكان لفعل أمر ما! ولنا لقاء آخر لاحقا في هذا الشأن بإذن الله.
إنتهى.
والله المستعان
ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة.
مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – مقدمة في فهم واقعنا بين التاريخ والتأريخ – البحث – 1
في البحث عن الإسلام – مفهوم الأرحام بين التراث والقرءان – ما هي صلة الرّحِم – الجزء الرابع
دعوة للتبرع
سيماء المجرمين: كيف يمكن التعر ف على المجر مين بسيما هم كما...
سؤالان : السؤا ل الأول ما معنى ( زلف ) ( زلفى ) فى قوله...
شيخ قليل الحياء: ما رأيك فى الشيخ الواع ظ الذى لا يحلو له إلا...
هل العشق حرام؟: هل العشق حرام؟...
غرفة للأخوات : اريد طلب غرفه للاخو ات فى الموق ع ...
more