محمد مرسي وفلسفة الاستعباط!
في زيارة الرئيس المصري لباكستان منحته إحدى الجامعات دكتوراه فخرية في الفلسفة، وهذه الشهادة لا تتطلب المناقشة- كما شهادات الدكتوراه الرسمية، وفي العادة ما تُعطى هذه الشهادات كنوع من أنواع التقدير العام لشخص معين في مجالٍ ما، وباستعراض أهم وأشهر من تًُقدّم له هذه الشهادات نجدها تًُقدم في الغالب لمسئولين كبار أو زوجاتهم..مما يُثار حولها التساؤلات والشكوك، هل هي نوع من أنواع الرشوة أم أنها تقدير حقيقي عن اجتهاد وتميز حقيقي؟.
لا يُمكننا الفصل في ذلك فمن تًُقدم لهم هذه الشهادات يتفاوتون بين الأهلية وعدم الأهلية، فالرئيس المصري السابق "حسني مبارك"يُعد من أكثر المسئولين العرب حصولاً على هذه الجائزة، رغم أن نظامه السياسي كان نظاماً جائراً ..وكان يسمح بنمو تيار الإسلام السياسي وظهور فقه التطرف والتدين الشكلي في كثيرٍ من الأحيان، حتى أنه كان يعقد صفقات مع المتشددين لمواجهة بعضهم البعض، ولم يضع استراتيجية لمواجهة هذا المد المتطرف كي تكون له أي أهلية في نيل هذه الشهادة.
إذن فليست هناك معايير واضحة أو دقيقة لنيل هذه الشهادة سوى تقلد المناصب، ولكن ما أثار لديّ العَجَب أن الشهادة كانت في مجال من أهم المجالات البحثية النظرية والعملية وهو مجال.."الفلسفة"..وهو مجال من المجالات العقلية التي تبحث في تفسير الأشياء بعمليات ذهنية يتحكم فيها المنطق بشكلٍ كبير، أي من يحصل على الدكتوراه في الفلسفة لابد وأن يتحلى أولاً بالمنطق كشرط رئيسي، ومن صفات الفيلسوف أو رواد الفلسفة أن يقفوا على تعاريف المسميات أو أن تكون لديهم القُدرة على الفصل فيما بينها والقيام بعمليات ذهنية تركيبية أو تحليلية لاختراق جُدر المعرفة...
جميع هذه الصفات أجزم يقيناً أنها ليست متوفرة في الرئيس المصري محمد مرسي، حتى أنصاره لا يجرؤون على القول بامتلاكه هذه المواهب، فالرجل فقير معرفياً، ويفتقر للمنطق، ويكذب كثيراً، وقليل الحيلة في تفسير الأشياء والمواقف، ويُسيطر عليه هاجس المؤامرة في كل من حوله، ويفتقد للحَصافة الإنسانية التي تؤهله للقيادة.
فإذا كانت شروط هذه الشهادة لا تتطلب المناقشة فعلى الأقل أن يبرع في القليل منها، لأنه وعلى هذا المنطق قد يحصل ميكانيكي السيارات على الدكتوراه الفخرية في الصيدلة بمجرد معرفته بحبوب الإسهال!..أو أن يحصل سائق التوك توك على الدكتوراه الفخرية في الطيران بمجرد معرفته بالفرامل!..أو تاجر المواشي يحصل على الدكتوراه الفخرية في الاقتصاد بمجرد معرفته بأسعار الحيوانات!..
القليل من الجدّ سنرى أن نيل الرئيس مرسي شهادة الدكتوراه الفخرية في الفلسفة هو إما استهزاء بالرجل وبقُدراته، أو هو نوع من أنواع الرِشوة -تحت أي باب ، أما أنه يستحق هذه الشهادة فيصلح فقط حين أن يخرج علينا فيلسوفاً بفلسفة جديدة وصارمة عنوانها..(فلسفة الاستعباط)..ومعناها أن تحاول خِداع واستغفال من حولك ولكن قُدراتك لا تؤهلك لهذا العمل الذي يتطلب أنواعاً وصنوفاً من الذكاء، فيكتشف الناس أنك واعٍ لما يحدث وبحقيقة نفسك وأنك تخدع نفسك وتمارس عليهم(العَبَط)لتحصيل شئ عجزت عن تحصيله بالصدق والعمل الجاد.
اجمالي القراءات
7838