(خزانة الكتب ) أو: المكتبات العلمية في الدولة المملوكية
تاريخ النشر: 2009-06-10
كان من المتعارف عليه أن تلحق بالمؤسسة التعليمية مكتبة يستفيد بها الطلبة وتحتوي على أهم المصادر المخطوطة ، ويسمح فيها بالاستعارة الداخلية.
وكان يطلق عليها ( خزانة الكتب ) مما يدل على إحتفائهم بالكتاب ، إذ جعلوا لحفظ الكتب (خزانة) مثل خزانة الجواهر والأموال والوثائق الثمينة.
وفي تلك العصور الوسطى لم تكن الطباعة معروفة ، وكانت الوسيلة الوحيدة للحصول على كتاب معين أن يتم نسخه باليد ، وهى مهنة صعبة ومكلفة ، مما جعل الحصول على نسخة من أى كتاب فوق طاقة الإنسان العادي ، ولهذا قامت المكتبات الملحقة بالمؤسسات التعليمية بدور مهم في تيسير حصول الطالب على الكتاب واستفادته منه، حيث كان يتم تزويد تلك المكتبات بكل الكتب المشهورة والمطلوب الإطلاع عليها ، مما وفر على الطلبة ومحبي الثقافة الكثير من الأموال التي كان سيدفعونها في نسخ الكتب التي يحتاجونها .
خزائن الكتب في وثائق الوقف : وفي العصر المملوكي انتشرت المؤسسات التعليمية من مدارس ومساجد وخوانق وأربطة ( جمع رباط ) وزوايا وأسبلة (جمع سبيل) وكان يتم بها تعليم الطلبة والإنفاق عليهم ، وبالتالي كان يتم تزويد المكتبات الملحقة بتلك المؤسسات بكل الكتب المطلوبة ، وكان يتم الإنفاق على ذلك كله من الأوقاف المرصودة على تلك المؤسسات، إذ كانت العادة أن يقوم السلطان أو أحد الأمراء ببناء تلك المؤسسة ويوقف عليها الأوقاف مثل الأراضي الزراعية ومن ريعها يتم الإنفاق على تلك المؤسسة ونشاطها التعليمي والخيري .
ولا تزال وثائق الوقف محفوظة حتى الآن بأرشيف وزارة الأوقاف بالقاهرة وفي دار الوثائق القومية وبأرشيف بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة وبدار الكتب المصرية، ومن دراسة تلك الوثائق نتعرف على الحياة التعليمية والعلمية والثقافية والدينية والاجتماعية في العصور التي كتبت فيها تلك الوثائق.
وحيث يثور الشك أحيانا في مدي صدق المؤرخ فيما يكتبه عن أحداث عصره فإن الشك لا محل له فيما تورده الوثائق الخاصة بالأوقاف ، لأنها عقود كتبت لاشتراطات الواقف على المؤسسة التي يقيمها للعبادة والثقافة ، فالوثيقة لم يقصد بها التاريخ وإنما مجرد تسجيل الشروط والأحكام الخاصة بالوقف ، ثم بمرور الزمن أصبحت – دون قصد – تعكس رؤية العصر ونشاطاته العلمية والتعليمية والدينية والاجتماعية ، وهي بذلك أقرب للصدق والتعبير عن الواقع التاريخي الذي تمت كتابتها فيه .
ومن خلال وثائق الوقف على بعض المؤسسات الصوفية في العصر المملوكي نتعرف على المكتبات الملحقة بالمؤسسات التعليمية في القاهرة المملوكية .
خزائن الكتب والمؤسسات الدينية والتعليمية الملاحظ أن وجود المكتبات لم يقتصر على المدارس بل كانت ملحقة أيضا بالمؤسسات الدينية مثل الجوامع والمساجد والقباب والخوانق .. لأن تلك المؤسسات كان لها دور تعليمي بالإضافة إلى دورها الديني ، ثم حدث في القرن التاسع وما بعده أن ساد التصوف وسيطر على الحياة الدينية والثقافية ، وأصبح الطلبة والمدرسون من أتباع التصوف ، وترتب على ذلك أن تم الخلط بين المدرسة وبين الخانقاه، وبين الجامع والقبة والتربة، ومن ذلك أن خانقاه جمال الدين الاستادار – أشهر الخوانق في القرن التاسع – كان اسمها مدرسة جمال الدين الاستادار ، ثم أطلق عليها المدلولان معا . وجامع السلطان حسن كان مشهورا باسم ( مدرسة السلطان حسن ) فلما انتهت فيه حركة التعليم واقتصر الأمر على الصلاة فيه أصبح اسمه كما هو الان ( جامع السلطان حسن ).
وبانقراض المماليك انقرضت معهم بعض المصطلحات التركية التى كانت رائجة فى دولتهم ، ومنها فيما يخص موضوعنا (الخوانق : جمع خانقاه ) وكانت تعنى دار العبادة ، و(القباب ) جمع (قبة ) وكانت تطلق غالبا على المسجد الذى يحوى ضريحا أو قبرا مقدسا ، ثم حل محله الان مصطلح ( مقام ).
وفى معظم تلك المؤسسات الدينية جرت حركة تعليمية احتاجت لوجود ( خزانة الكتب ) أو المكتبة بتعبير عصرنا.
المقريزي يتحدث عن خزائن الكتب : والمقريزي أبرع من سجل للعمارة المصرية في القرون الوسطي عرض في كتابه
" الخطط" لكل المؤسسات العلمية والدينية في القاهرة ، ونلاحظ أنه كان يذكر اسم المدرسة على المباني التعليمية التي أنشئت قبل القرن التاسع ويذكر ما احتوت عليه من خزائن الكتب ، أو المكتبات العامة بتعبير عصرنا .
وذكر من هذه المدارس ، المدرسة المنكوتمرية التي بناها الأمير منكوتمر الحسامي سنة 698 ، والمدرسة الملكية بناها الأمير سيف الدين آل ملك في نفس القرن السابع ، والمدرسة السابقية التي بناها الأمير سابق الدين مثقال، ثم المدرسة البشيرية التي بناها الأمير سعد الدين بشير في القرن الثامن سنة 761 ومدرسة الجاي التي بناها الأمير سيف الدين الجاي سنة 768. وقد وصف المقريزي خزانة الكتب في تلك المدارس وصفا عاما ، ولكنه حين عرض للمدرسة المحمودية التي أنشأها الأمير جمال الدين محمود الاستادار سنة 797 قال عن خزانة الكتب بها " عمل بها خزانة كتب لا يعرف اليوم بديار مصر ولا الشام مثلها ، وهي باقية إلى اليوم ، لا يخرج لأحد منها كتاب إلا أن يكون في المدرسة " أي غير مسموح فيها بالاستعارة الخارجية ، ويقول المقريزي " وبهذه الخزانة كتب الإسلام من كل فن ، وهذه المدرسة من أحسن مدارس مصر .." أي أن المقريزي أشار إلى تميز خزانة الكتب في تلك المدرسة وإلى نظام الاستعارة فيها ، واحتوائها على جميع الكتب المطلوبة ، ثم أطق عليها اسم المدرسة.
ولأن تلك المدرسة ظلت تمارس دورها حتى أواخر القرن التاسع حيث تم للتصوف السيطرة على الحياة الدينية والثقافية في المنطقة ، فإن لقب الخانقاه قد لحق بهذه المدرسة فأصبحت تسمي خانقاه جمال الدين الاستادار ، والخانقاه في الأصل هي بيوت للتصوف والصوفية وكان من المنطقي بعد أن أصبح الطلبة في تلك المدرسة الشهيرة من الصوفية أن يتحول اسمها من المدرسة إلى الخانقاه وسنعود فيما بعد إلى تلك المدرسة الخانقاه وخزانة الكتب فيها .
مصحف عثمان الأثري في خزينة كتب القاضي الفاضل وقد شهد المقريزي تدهور الأحوال في خزانة كتب شهيرة في المدرسة الفاضلية التي أنشاها أشهر الوزراء في العصر الأيوبي ، وهو القاضي الفاضل وزير صلاح الدين الأيوبي ، وهو الوزير الأديب المشهور بحب الكتب وجمعها واقتنائها ، وقد عمّر خزانة الكتب في مدرسته بأنفس الكتب سنة 580هـ وظلت تلك المدرسة وخزانة الكتب فيها تؤدي دورها الثقافي إلي أن شهد المقريزي في أوائل القرن التاسع اضمحلالها ، يقول المقريزي عن القاضي الفاضل " ( ووقف بهذه المدرسة جملة عظيمة من الكتب في سائر العلوم ، يقال إنها مائة ألف مجلد وذهبت كلها ، وكان أصل ذهابها أن الطلبة الذين كانوا بها لما وقع الغلاء بمصر في سنة 694 والسلطان يومئذ الملك العادل كتبغا المنصوري مسهم الضر فصاروا يبيعون كل مجلد برغيف خبز ، حتى ذهب معظم ما كان فيها من الكتب ، ثم تداولت أيدي الفقهاء عليها بالعارية ( أي بالاستعارة الخارجية) فتفرقت ).
ثم يصف المقريزي أحوالها في عصره في القرن التاسع فيقول ": ( وبها إلى الآن مصحف قرآن كبير القدر جدا مكتوب بالخط الأول الذي يعرف بالكوفي تسميه الناس مصحف عثمان بن عفان ، ويقال أن القاضي الفاضل اشتراه بنيف وثلاثين ألف دينار على أنه مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، وهو في خزانة مفردة له بجانب المحراب من غربيه) ،أي من جهة الغرب ، يقول المقريزى عن ذلك المصحف : ( وعليه مهابة وجلالة ..).
وهذا المصحف لا تزال بقاياه موجودة في متحف دار الكتب حتى الآن .
ويقول المقريزي عن اهتمام القاضي الفاضل بجمع الكتب ونسخها " وكان القاضي الفاضل يقتني الكتب من كل فن ويجتلبها من كل جهة .وله نساخ لا يفترون ومجلدون لا يبطلون ، وبلغ عدد الكتب 124 ألف كتاب ، وهذا قبل موته بعشرين سنة " . إذن كم صار عدد الكتب التي جمعها قبل وفاته ؟!!
خزائن كتب في المدافن والزوايا والأربطة والخوانق وانتشرت خزائن الكتب الخاصة في باقي المؤسسات الدينية ، فالمنصور قلاوون أنشأ خزانة كتب في القبة المنصورية التي أنشأها ليدفن فيها بعد موته ، وقد وصف النويري هذه القبة وافتتاحها ونقل ما جاء في شروط الوقف عليها ، وقال إن مرتب خازن الكتب في تلك الخزانة الملحقة بالقبة بلغ أربعين درهما شهريا ، وذكر من محتويات الخزانة الختمات الشريفة – أي المصاحف – وكتب التفسير والحديث والفقه واللغة والطب والأدبيات ودواوين الشعر ..
وكان الرباط من المؤسسات الصوفية الدينية ، واحتوى بعضها على خزائن للكتب ، وكان رباط الآثار النبوية أهم تلك الأربطة وقد ذكر المقريزي أن به مكتبة عامرة.
وكانت الزوايا الصوفية من أكثر المؤسسات الصوفية انتشارا ، وقد ذكر السخاوي في كتابه ( الضوء اللامع) إن في زاوية إبراهيم القسي خزانة كتب " أوقف بها كتبا جليلة ورتب فيها درسا وطلبة وحبس عليها رزقه " أي أجرى على الطلبة والمدرسين أرزاقا ومرتبات .
والمؤرخ أبو المحاسن أنشا خزانة كتب في مدفنه وعين خازنا أمينا للمكتبة وجعل له سكنا خاصا .
وإذا وصلنا إلى الخوانق أهم وأكبر المؤسسات الصوفية وجدنا وثائق الوقف عليها تمدنا بمعلومات مهمة عن خزائن الكتب بها . فقد احتوت على خزائن الكتب خوانق شتى مثل الخانقاه البكتمرية والخانقاه البرقوقية التي أنشأها السلطان فرج بن برقوق ، الذي أقام أيضا الجامع الأبيض في القلعة وجعل له أوقافا وجاء في وثيقة الوقف عليه قوله " وبالجانب الشرقي الذي يدخل منه إلى البيت منافع وحقوق وهو معد لوضع المصاحف والربعات الشريفة وكتب العلم ".
وفي خانقاه أو جامع قايتباي تقول وثائق الوقف عليها أنه " وقف خزانة الكتب الكبرى التي بالسداة " وفي وثيقة وقف الأمير مغلطاي الجمالي حديث عن خزائن الكتب بالخانقاه يقول " وأما الخزائن التي بأبوابها فيحفظ فيها ما لعله يكون بهذه الخانقاه من الكتب الموقوفة والربعات الشريفة – أي المصاحف وأجزاء المصاحف – والآلات المختصة بها ".
أسلافنا اعتبروا الكتب من النفائس التي تحفظ فــي الخزائـــن
وفي وثيقة وقف السلطان الغوري وصف لخزانة الكتب في الخانقاه بقوله " وبها خلوة كبيرة معدة لخزن الكتب ، بها جنبات خشب نقي يمنة ويسرة وصدرا مثبتة معدة لحفظ ما فيها من كتب العلم الشريف الموقوفة على طلبة العلم الشريف لانتفاعهم بها".
وفي وثيقة وقف الأبشاري يشترط وقف كتبه " على الفقراء والمساكين بالجامع الأزهر الذين لا يملكون من الكتب إلا اليسير جدا ينتفعون بذلك الانتفاع الشرعي " !!
وبعضهم كان يجدد خزائن الكتب في تلك المؤسسات ويضيف إليها كتبا جديدة ، فيذكر السخاوي في تاريخه " الضوء اللامع" أن سرور الحبشي جدد خزانة الكتب الموجودة بخانقاه انيال واشترى لها كتبا جديدة .
وكانت لبعضهم مكتبات يملكها لاستعماله الشخصي وكان يسمح للآخرين بالاستعارة منها مثل الشيخ صالح البلقيني الذي وصفه السخاوي بأنه كان ( سمحا بعارية الكتب ) ، ويذكر المؤرخ الصفدي في كتابه " الوافي بالوفيات " أن الشيخ بهاء الدين النحاس كان " لا يزال عنده كتب بألف دينار ويحضر السوق دائما ليجدد مشترياته من الكتب " أي كان سوق النسخ والوراقين رائجا ..
الخازن هو أمين المكتبة وكان الخازن هو أمين المكتبة في خزانة الكتب ، وقد أطلقت عليه وثائق الوقف ألقابا مختلفة فهو " خازن الكتب " أو " شاهد خزانة الكتب " أو " خازن الكتب والربعات الشريفة" وهذه الألقاب وصف لمهمته في حفظ الكتب ورعايتها، لذا كانت الوثائق تشترط فيه أن يكون " ثقة خيرا أمينا يقظا ذكيا فطنا عاقلا مأمونا بالغا في الأمانة والثقة ونزاهة النفس وقلة الطمع قادرا على القيام بخدمة الكتب عارفا بترتيبها".
وتقول حجة الوقف لخانقاه جمال الدين الاستادار التي أشرنا إليها فيما سبق : ( ويرتب من الصوفية المذكورين من غير المجردين " أي من غير المعتكفين للعبادة " شخصا من أهل الخير والديانة والصيانة " أي التقوى" والأمانة يكون خازنا لما بالخانقاه المذكورة من الربعات والمصاحف وكتب العلم الشريف .. وما لعله يتحصل من نفايس الأشياء على العادة.) ، أي تسمح حجة الوقف بالاستزادة من الشراء للكتب والمهمات لخزانة الكتب ، وتضيف حجة الوقف تعيين ثلاثة آخرين لخدمة الكتب ومعاونة الخازن ، وتجعل مرتب الخازن عشرة دراهم شهريا .
ويأتي في حجة وقف السلطان برسباي على خانقاته أن مرتب الخازن ثلاثمائة درهم ، تقول الحجة " ويصرف لرجل من أهل الأمانة يتولى خزانة كتب العلم على العادة مبلغ ثلاثمائة درهم " .
ويطول بنا الحديث لو استعرضنا اختلافات حجج الوقف في اشتراطاتها الخاصة بخزائن الكتب وماكان يطرأ من تعديل على حجج الوقف وما بها من اشتراطات، فذلك يستحق بحثا كاملا عن المكتبات من خلال وثائق الوقف ، وهو ما ننصح به شباب الباحثين ، فعليهم بالاتجاه الى وثائق الوقف فهى كنز للمعلومات التاريخية لم ننتبه له بعد .
الاستعارة الداخلية والخارجية ونقول هنا على عجالة بأن الوثائق – في أغلبها – حددت مهمة خازن المكتبة من حين أن يتسلم الكتب من ناظر الوقف ويشهد عليه الشهود بتسلمها ، ثم يتولى الخازن بعدها إحراز الكتب والعناية بها وتقليبها وتفقد أحوالها .
وبعض الوثائق وضعت قواعد الاستعارة أثناء حديثها عن واجبات خازن المكتبة ، وهي وثيقة وقف جمال الدين الاستادار فتقول عنه إنه ( يتسلم المصاحف والربعات والكتب الجارية بها ويشهد عليه بتسليمها ويقرها بالرواق العالي .. ويحفظها من البلل ويتعاهدها بالتقليب والإصلاح .) أى بتنظيفها من التراب والرطوبة.
ثم تبين الوثيقة كيفية الاستعارة الداخلية فنقول: (ومن حضر من طلبة العلم الشريف من أهل الخانقاه المذكورة لاستعارة شيء من الكتب المذكورة ليشتغل فيه سلمه أن كان ثقة ، وإن كان ممن يخشى منه منعه إلا أن يضمنه ثقة من أهل الخانقاه المذكورة .).
وتقول الوثيقة عن مدة الاستعارة الداخلية للمقيمين داخل الخانقاه والمترددين عليها : ( ولا يعر شيئا من الكتب المستعارة بيد المستعير أكثر من شهر واحد من حين استعارته، بل يأخذه منه عند مضي الشهر.).
وعن الاستعارة الخارجية تقول نفس الوثيقة: ( ولا يمكن أحد من إخراج شيء من الكتب إلى خارج الخانقاه المذكورة ).
وعن الاستعارة الداخلية لغير أهل الخانقاه تقول الوثيقة :( وإذا كان المستعير من غير أهل الخانقاه المذكورة سلم إليه ما يريد استعارته فيطالع فيه نهارا بالخانقاه المذكورة ثم يبيتها عند الخادم ثم يستعيدها منه نهارا ".
وجدير بالذكر أن بعضهم لم يعمل بذلك الشرط إذ كان علم الدين البلقيني وشرف الدين المناوي يستعيران من خانقاه جمال الدين الاستادار الكتب ويخرجان بها إلى بيوتهما وتمكث عندهما ما شاءا.
وقد وضع جلال الدين السيوطي مؤلفا في ذلك بعنوان " بذل المجهود في خزانة محمود " ومحمود هو اسم صاحب الخانقاه جمال الدين الاستادار ، وهذا الكتاب الذي ألفه السيوطي لا يزال مخطوطا بدار الكتب ، وقد ذكر فيه ما كان يحدث من أمور الاستعارة بخزانة الكتب بتلك الخانقاه وما كان يفعله البلقيني والمناوي من الخروج بالكتب خلافا لشرط الواقف، ويدافع السيوطي عنهما قائلا "فلولا رأيا ذلك جائزا ما فعلاه ".
أما عن أوقات الإطلاع في خزائن الكتب فقد كان أغلبها أوقات الدرس وتبعا لما يشترطه الواقف ، وتقول وثيقة وقف السلطان الغوري " ويفتح الخزانة في أيام الدروس يومين في الجمعة لطلبة العلم ".
هذا .. ولا تزال تلك الناحية الثقافية من حضارتنا الإسلامية في حاجة إلى مزيد من الدراسة، يقوم بها شباب الباحثين ، لتوضيح أثر خزائن الكتب في الثقافة والحياة الاجتماعية و نظمها وظروفها ، من خلال وثائق الوقف التي أشرنا إلى أماكن وجودها .
هذه المقالة تمت قرائتها 359 مرة
التعليقات (6)
[39928] تعليق بواسطة عابد اسير - 2009-06-11
خزائن الكتب وحضارة الغرب
أستاذى الفاضل د/ أحمد
هل إقتصرت محتويات تلك الخزائن من الكتب على العلوم الدينية أم كانت هناك فروع العلوم الأخرى كالطب والفلك والرياضة التى بنيت عليها علوم الحضارة الغربية حين كنا غارقين فى دجل وخرافات التصوف الى أن أصبحنا نتذيل ركب الحضارة الإنسانية عن جدارة وإستحقاق
مع الشكر والإمتنان لجهودكم النبيلة
[39936] تعليق بواسطة عبدالمجيد سالم - 2009-06-11
حسرة علينا ..
أقتبس هذه الفقرة من مسرحية ريا وسكينة والتي تنطبق علينا ه>ه الأيام ، حيث كان تاريخنا مع ما فيه من عيوب إلى أنه كان هناك أهتمام بالكتاب ، ولكن هذه الأيام المؤلمة والتي نقبع فيها تحت حكم المستبدين في العالم العربي ، نجد ىخر إحصائية أن الوطن العربي يصدر فيه سنويا 5000 عنوان جديد وبالطبع فإن معظمهم يعالج موضوع الثعبان الأقرع بينما في أمريكا يصدر سنويا 290000 كتاب يوميا ، بالطبع تساهم الكتب في تسيد أمريكا للعالم بينما تساهم الخمسة آلاف كتاب والتي يعالج معظمهم قضايا الثعبان الأقرع تساهم في أزديادنا تخلفنا ..!!
[39944] تعليق بواسطة سوسن طاهر - 2009-06-11
هذا البحث القيم
كعادة الدكتور أحمد يتطرق لمواضيع مهة لم يتطرق لها أحد من قبل ، ومن ضمن هذه المواضيع هو موضوع خزانة الكتب .. ولهذا سوف يبقى موقع اهل القرىن متجدد دائما بسبب الجديد ال>ي يحويه دائما ..!!
[39957] تعليق بواسطة عائشة حسين - 2009-06-12
مسجد المؤيد شيخ والخزانة الملحقة به
مسجد المؤيد شيخ يعتبر أحد مساجد عصر المماليك السلاجقة يقع هذا الجامع بشارع المعز لدين الله ملاصقا لباب زويلة أنشأه المؤيد أبو النصر شيخ بن عبد الله المحمودي الجركسي الأصل أحد مماليك الأمير برقوق وكان ذلك ابتداء من عام 818 هـ/1415 م وانتهى في عام 824 هـ/1421 م. حتى تاريخ انتهائه، كانت أجزاء من ملحقات الجامع لم يشرع في بنائها بعد، مثل القبة القبلية وبيوت الصوفية بالخانقاه
وترجع قصة بناء المسجد إلي أن "المؤيد" قد حُبس في خزانة شمال مصر التي كان يسجن فيها المجرمين، وذلك أيام تغلب الأمير منطاش وقبضه على المماليك الظاهرية، وحدث أن قاسى "المؤيد" في ليلة من البق والبراغيث، فنذر لله تعالى إن تيسر له ملك مصر أن يجعل هذه البقعة مسجدا لله عز وجل، ومدرسة لأهل العلم، وقد أوفى بنذره.
وقد زوَّد السلطان المؤيد المسجد بخزانة كتب عظيمة تحوي كتبًا في مختلف العلوم والفنون، وهو ما أورده المؤرخ المقريزي، فيُذكر أن السلطان المؤيد شيخ نزل إلى المسجد ودخل خزانة الكتب التي عُملت هناك وقد حمل إليها كتبًا كثيرةً في أنواع العلوم كانت بقلعة الجبل وقدَّم له القاضي ناصر الدين البارزي خمسمائة مجلد، قيمتها ألف دينار فأقر السلطان المؤيد شيخ ذلك بخزانة الكتب بمسجده
[39961] تعليق بواسطة نورا الحسيني - 2009-06-12
بيت الحكمة
عرف عن أبي جعفرالمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة بغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزا للترجمة إلى اللغة العربية . وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى اللغة العربية .
وفي عهد هارون الرشيد أتت إليها دفعة كبيرة من الكتب بعد فتح هرقلة وأقليم بيزنطة وقد أوكل إلى يوحنا بن ماسويه مهمة ترجمةالكتب فلم تعد تقتصر على حفظ الكتب بل وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين.
وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبهُ كثيراً من مالهِ ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة، ويـختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وقد أستقدم المامون من قبرص خزانة كتب الروم.
وبذلك كان بيت الحكمة خزانة كتب، ومركز ترجمة، والتاليف و مركز للأبحاث ورصد النجوم ،ومن أهم ما ميز بيت الحكمة هو تعدد المصادر وهي الكتب القديمة والتراجم والكتب التي ألفت للخلفاءوالكتب التي نسخت مما جعلها مجمعاً علمياً، وظل بيت الحكمة قائماً حتى أجتاحالمغول لبغداد سنة 656 هجرية، حيث تم تدمير معظم محتوياته في ذلك الوقت.
وأعيد افتتاح مكتبة بيت الحكمة من جديد قبل أعوام قليلة من الغزو المريكي للعراق 2003
[39998] تعليق بواسطة احمد صبحي منصور - 2009-06-13
شكرا أحبتى لهذه الاضافات العلمية ، وأتمنى منها المزيد
تعديل التعليق
خالص الشكر لهذا الاتجاه الجديد فى التعليق على المقالات بمعلومات إضافية . بهذا يتعزز دور موقع (أهل القرآن ) كمدرسة علمية ، نتبادل فيها المعلومات والاراء.
وأقول للاستاذ عابد أشير ان المكتبة فى اى عصر هى تعبير عن الرائج فى ثقافة العصر . وفى العصر المملوكى جرى هجر ثم تحريم العلوم العقلية و الفلسفية ، حتى ان السيوطى كتب رسالة فى تحريم ( علم المنطق ) أى فالقوم لم يكن لديهم ( منطق )أو عقل. الرائج وقتها كان التأليف بالشرح أو التعليق على الأسفار والكتب المؤلفة فى العصر العباسى خصوصا البخارى الذى جعلوا له ميعادا لتلاوته كان مناسبة احتفالية رسمية ، فى نهايتها يقام حفل لختم البخارى .وإذا كان البخارى هو الزعيم العلمى لهذا العصر فقل عليهم السلام .
وشكرا استاذ عابد أسير على هذا السؤال الذكى الذى يكمل نقص المقال.
اجمالي القراءات
27323