أحمد صبحى منصور في الجمعة ٢٢ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
"البيمارستان" كلمة فارسية تتكون من كلمتين "بيمار" أي مريض "ستان" أي محل و مكان أي دار المرضى, و قد دخلت هذه الكلمة اللغة العربية بهذا المعنى يقول الجوهري في الصحاح : المارستان بيت المرضى, وكان المراد بالمارستان مكان معالجة كافة الأمراض, ثم أقتصر بعدئذٍ على المكان المخصص لرعاية المجانين .
وأول من بنى المارستان في الإسلام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و ذلك سنة 88هـ، وجعل في المارستان الأطباء وأجرى عليهم المرتبات, وأمر بحبس المجذومين حتى لا يخرجوا و أجرى عليهم و على العميان الأرزاق و جعل لهم من يعتني بهم بأجر، وأغنى أولئك المرضى وأصحاب العاهات عن التسول.
ثم بذل عمر بن عبد العزيز رعايته بالمكفوفين ،وقد قال :" انظروا الشيخ المكفوف الذي يغدو بالأسحار فخذوا له ثمن قائد ، لا كبير فيقهره ، و ليس بصغير فيضعف عنه" ثم أصدر أمراً بأن يوزع على كل كفيف غلام من الأسرى الأرقاء يقوم بخدمته .
وانتشر بناء المارستانات في حواضر العالم الإسلامي في العصرين العباسي والمملوكي .
المارستانات في مصـــر
أبرز مارستان أنشيء بمصر الإسلامية بناه ابن طولون سنة 259 هـ , وجعل له الأوقاف واشترط ألا يعالج فيه جندي أو مملوك ، أي جعله للناس خارج الحكم ، وجعل للمارستان اثنين من الحمامات ، أحدها للرجال والآخر للنساء ، ووضع ابن طولون القواعد للإنتفاع بالمارستان ، فإذا جاء المريض تنزع عنه ثيابه وأمواله ويحفظها له أمين المارستان ، ثم تصرف له الأدوية واللباس والأغذية ويراعيه الأطباء حتى يبرأ ، فإذا بريء أكل دجاجاً وخبزاً وأخذ أمواله وثيابه وخرج .
وفي سنة 266 بلغت نفقات ابن طولون على المارستان ستين ألف دينار. وكان ابن طولون يزور المارستان ويتفقده كل يوم جمعة ، وقد آذاه بعض المجانين فرماه برمانة كادت تقضي عليه، فانقطع عن زيارة المارستان ..
وقبل أحمد بن طولون بنى الوزير العباسى الفتح بن خاقان مارستاناًت في عهد الخليفة المتوكل ، وكان أولها في مصر، وقد اندثر ..
وأنشأ كافور فى الدولة الإخشيدية فى مصر مارستاناً آخر سنة 346 وأوقف عليه بعض الحوانيت والمنازل وزوده بالآلات والأدوات وألحق به اثنتين من دورات المياة إحداهما لتغسيل الموتى, وأنشأ به اثنين من الحمامات .
واندثرت تلك المارستانات فلم تدرك العصر المملوكي الذى بدأ عام 648 هجرية / 1250 ميلادية.
في العصر المملوكــي
المارستان المؤيدى
وفي العصر المملوكي أنشأ السلطان المؤيد شيخ المارستان المؤيدي وافتتحه في رجب 823 واستقبل المرضى في الشهر التالي , وكانت مصاريفه من جملة أوقاف الجامع المؤيدي المجاور لباب زويلة , وكان موضع المارستان بجوار القلعة .
ثم تحول المارستان إلى جامع بعد موت السلطان المؤيد شيخ وأقيمت به صلاة الجمعة سنة 825 هـ .. حيث كان المارستان المنصوري يقوم بوظيفته باعتباره أشهر مارستان في العصر المملوكي .
المارستان المنصورى : أول وأشهر مارستان فى العصر المملوكى
ومن الطريف أن كان الأمير قلاوون يغزو الروم في سلطنة الظاهر بيرس سنة 675 فأصابه مرض شديد وهو في دمشق فعولج في المارستان الذي أنشأه نور الدين زنكي حتى بريء من مرضه ، وأعجبه نظام المارستان ونذر إن جعله الله تعالى سلطاناً أن يبني مارستاناً بالقاهرة .
فلما أصبح قلاوون سلطاناً وتلقب بالمنصور قلاوون أوفى بنذره ، وأنشأ المارستان المنصوري أشهر مارستان في العصور الوسطى.
وقد اختار مقرا له الدار القطبية، وكانت تملكها مؤنسة خاتون من ذرية الملك العادل الأيوبي ، فعوضها عنه بقصر الزمرد. وقام الأمير سنجر الشجاعي بتحويل الدار القطبية إلى مارستان ، فأبقى القاعة الأساسية وجعلها أساس المارستان ، وبدأ في بنائه. وحدث أن عثر العمال أثناء الحفر على قمقم نحاس مختوم برصاص ففتحه الشجاعي فوجد فيه فصوص ماس و ياقوت و لؤلؤ وذهب فذهب به للسلطان فساعدت في بناء المارستان .
وأتم الشجاعي عمارة المارستان في أسرع مدة وهىّ أحد عشر شهراً وأيام ، وكان قد شرع في البناء في أول ربيع الآخر سنة 683 هـ . وأوقف السلطان قلاوون على المارستان أملاكاً أوقافاً تدر ريعاً سنوياً قدره مليون درهم.
وكانت مجموعة عمارات قلاوون الخيرية تضم المارستان والقبة والمدرسة ومكتب تعليم الأيتام .
وجعل السلطان في المارستان فراشين من الرجال والنساء لخدمة المرضى وقرر لهم المرتبات ، وأقام لكل مريض سريراً وفرشة بكل ما يحتاج إليه ، وقسم المارستان إلى أقسام حسب المرض ، فهناك قسم للحميات وآخر للرمد وثالث للجروح ورابع للإسهال والأمراض الباطنة وقسم للنساء ، وآخر لأمراض التخمة يضم جناحاً للنساء وآخر للرجال .
وأوصل الماء إلى كل الأقسام ، وأفرد أماكن لإعداد الطعام وإعداد الدواء وتركيب الأشربة والمعاجين ، وأماكن أخرى للتخزين والحواصل ، ومواضع لتفريق الدواء وأخرى لإلقاء الدروس الطبية.
والرحالة ابن بطوطة يقول عن المارستان المنصوري " وأما المارستان الذي بين القصرين عند تربة الملك المنصور قلاوون فيعجز الواصف عن محاسنه, وقد أعد فيه من المرافق والأدوية ما لا يحصر , ويذكر أن مجباه - أي مصاريفه - ألف دينار كل يوم " .
جولة داخل المارستان المنصوري
وندخل داخل أروقة المارستان المنصوري من خلال ما كتبه قلاوون في وثيقة الوقف على ذلك المارستان , والعادة أن عقد الوقف ينص على كل النشاطات التي تقوم بها المؤسسة وكيفية توزيع مخصصات الوقف على كل نشاط .
فقد جعل السلطان الانتفاع بالمارستان من حق كل المرضى المسلمين من الرجال و النساء و الأغنياء و الفقراء من داخل القاهرة وخارجها مهما اختلفت أمراضهم ومذاهبهم, والإقامة فيه للمريض إلى أن يتم شفاؤه والإقامة مع كل التكاليف مجاناً لا يدفع فيها المريض شيئاَ .
وتعطينا وثيقة الوقف فكرة عن الخدمات التي تؤدى للمرضى مثل توفير الأِسرَّة ( جمع سرير) والفراش والأدوية والعقاقير المختلفة والطعام المناسب لكل مريض حسب حالته الصحية ، وتوفير الإضاءة والماء العذب وترتيب الفراشين والقيام بنظافة المكان وغسل ملابس المريض وعمل حوائجه ومصالحه، أي رعاية كاملة يتمناها المريض في أحدث المستشفيات المعاصرة .
وتتحدث الوثيقة عن تحضير الدواء داخل المارستان وتخزينها لحين الحاجة وصرف الدواء لكل مريض ما يحتاج إليه دون زيادة أو نقصان .واهتمت الوثيقة بحالة الجو في صيف القاهرة الحار فاشترط ضرورة صرف مراوح من الخوص لكي يستخدمها المريض أثناء الصيف. وحرص الواقف على تغطية غذاء المرضى حتى لا يتلوث ، وأن يتناول كل مريض غذاءه على حدة حتى لا تنتقل العدوى ،وكل ذلك لزيادة الحيطة ورعاية المرضى .
وعينت الوثيقة رجلين يقوم أحدهما بوظيفة الصيدلي والآخر بوظيفة الممرض ؛ يتولى الأول حفظ الأدوية والعقاقير ويصرفها حسب أوامر الأطباء ، ويسلمها للرجل الثاني ليوزعها بنفسه على المرضى ، وعليه أن يتأكد أن كل مريض قد تناول الدواء المخصص له،ومسئولية الممرض أيضاً الإشراف على طعام المرضى ..
وقسمت الوثيقة الأطباء في المارستان إلى ثلاث فئات: فئة تتخصص في الأمراض الباطنية ، وفئة للعمليات الجراحية ، والثالثة لأمراض العيون. وترتب الوثيقة كيفية فحص الطبيب للمرضى ، وضرورة تعاون الأطباء في التخصصات الثلاث في الكشف على المريض ، وحرصت الوثيقة على وجود الأطباء في المارستان ليلاً مجتمعين أو متناوبين للاحتياط .
وانتقل اهتمام المارستان المنصوري إلى المرضى الفقراء في بيوتهم ؛ فنصت وثيقة الوقف على رعايتهم وإمدادهم بالدواء والغذاء , ويذكر النويري صاحب موسوعة " نهاية الأرب" أن أولئك المرضى - من الخارج- قد بلغ عددهم أحياناً أكثر من مائتين, وجدير بالذكر أن النويري كان ناظراً للمارستان المنصوري ما بين سنة 703 , 707 هـ .
وبالإضافة إلى ذلك كان للمارستان المنصوري عيادة خارجية تستقبل المرضى الذين يترددون عليه للعلاج ثم يعودون إلى بيوتهم ، وقد بلغ عددهم في بعض الأوقات أربعة آلاف شخص يومياً حسبما يذكر البلوي في رحلته "تاج المفرق .."
والتفتت وثيقة الوقف على المارستان المنصورى إلى تدريس علم الطب والنهوض بالمعارف الطبية، وذلك يشبه ما يحدث الآن من إلحاق كليات الطب بالمستشفيات الكبرى لتقترن الدراسة النظرية بالبحث العلمي الإكلينكي ، وكان رئيس الأطباء يجلس "بالمصطبة الكبرى" بالمارستان ليشتغل بعلم الطب ويحضر معه أطباء المارستان للبحث والدراسة .
واهتمت الوثيقة بالرعاية الاجتماعية للمريض بعد خروجه من المارستان ، فكانت تصرف لهم الكسوة والإعانة ، أما إذا مات المريض في المارستان فعلى المارستان تجهيزه ودفنه حتى لو كان بين أهله .
كانت تلك لمحة سريعة عن النواحى الحضارية فى الدولة المملوكية ، التى لم تكن تخلو من حسنات ..
مع كل ما ذكر في المقال عن محاسن البيمارستان، وهو أنه قد جعل السلطان الانتفاع بالمارستان من حق كل المرضى المسلمين من الرجال و النساء و الأغنياء و الفقراء من داخل القاهرة وخارجها مهما اختلفت أمراضهم ومذاهبهم, .
والسؤال الذي يفرض نفسه، ما موقف المرضى غير المسلمين ،أليس من حقهم تلقي العلاج في البيمارستان؟ !!، أم أن مصر وقتها كانت تخلو من غير المسلمين ؟!!وهذا مستبعد فلم تخل مصر في فترة من الفترات من المسيحيين- أقباط مصر- مع العلم أنهم في الغرب وفي الدول التي تدين بالمسيحية لا يفرقون بين مسلم ومسيحي في تلقي العلاج في هذه الأيام .
يمتاز الأستاذ الدكتور (منصور) ضمن ما يمتاز به أنه ليس سوداوى النظرة لتاريخ المسلمين كما يعتقد البعض ،ولكنه يتحدث عن التاريخ الفكرى للمسلمين بحيادية تامة ،فينصف حين يستوجب الحدث ( الإنصاف والشكر لصاحبه ،سواء كان لشخصية تاريخية أو لعصر تاريخى من العصور) .ومن هذا الإنصاف ما ذكره سيادته عن تاريخ الرعاية الصحية فى تاريخ المسلمين عامة ،وفى مصر خاصة من خلال ما ذكره عن (البيمارستان) . وقد وضعتنى هذه المقالة فى حيرة بالغة وهى (هل نحن حقاً شعوباً لم تنضج كما يقول حُكامها،ولا تستحق نسيم الحرية إلا بجرعات ضئيلة تتناسب مع ما يسقط من بين اصابع حُكامنا الأشاوس ؟؟) أم ( أننا شعوب ناضجة بالفطرة وبشهادة التاريخ ونستحق التكريم الذى خلقنا ربنا سبحانه وتعالى عليه ؟؟) .
.فما ذكره استاذنا الدكتور منصور عن (الرعاية الصحية فى مصر المملوكية) يفوق ما تطبقه أعظم نظم الرعاية الصحية فى العالم الآن، وهو ،(نظام الرعاية الطبية الكندى) ،ففى (البيرمستان ) أو المستشفيات المصرية القديمة ،كانت تُقدم الرعاية الصحية من الألف للياء (مجاناً) ،بالإضافة إلى الإنفاق على غير المُقتدرين من المرضى إلى أن يتم شفاؤهم ، أو (الإنفاق على مراسم دفن موتاهم ) الذين أصابتهم مصيبة الموت .
والغريب أن هذا كان يحدث منذ( ثمانية قرون مضت ). فلماذا تغيرت الأحوال فى مصر الحديثة ؟؟
وكيف تحولت مصر إلى دولة خالية من الرعاية الصحية الحقيقية للفقراء ومتوسطى الدخل ،وتحول قسم من مُستشفياتها إلى فنادق سبعة نجوم للملونيرات وأصحاب السلطة والسلطان ؟؟
وكيف أصبحت خدمات بعض من مستشفياتها أغلى من خدمات مستشفيات أمريكا وأوربا ؟؟
وقسم آخر للأغنياء والمقربين وعلية القوم من المصريين فقط؟؟
وكيف تحول ما تبقى من مستشفياتها إلى قطعة من العذاب اليومى للمرضى من الفقراء يتجرعون مرارته فوق مرارة فقرهم وقهرهم اليومى المعتاد من حُكامهم ،حيث أصبح كل شىء فيها باهظ الثمن لا يقدرون على شراءه أبداً ،بدءاً من الدواء إلى مستلزمات العمليات الجراحية ،والتحاليل الطبية ، والأشعة ،وغيرهم،وغيرهم ،بالإضافة إلى نزيف الرشاوى التى عليهم أن يُقدموها إلى (الممرضات والممرضين وما صاحبهما ) للإهتمام بالمريض ؟
ناهيك عما يحدث فيها من سرقات مُباشرة وغير مُباشرة للأجهزة الطبية والأدوية والمستلزمات الجراحية ، ثم إعادة بيعها عبر سماسرة الموت للمرضى مرة أخرى، ناهيك أيضا عن إهدار المال العام ،فيما يُسمى بأدوية التأمين الصحى ،وعبوات مستشفيات وزارة الصحة ،فهى أدوية مغشوشة ،غير محسوبة الجرعات بشكل دقيق ،ومعبأة من مواد خام غير مطابقة لدستور الأدوية المصرى ولا للمواصفات الكيماوية والطبية السليمة .ورغم ذلك تُمرر رغم أنف كل أجهزة الرقابة الدوائية ويبلعها المريض المصرى الفقير لأن (عمولتها )وصلت الحسابات البنكية للكبار.
ونتيجة لهذا الفاسد المُستشرى فى كل جنبات المؤسسات الصحية المصرية ،إزداد الفقراء فى مصر مرضاً ، وعلى النقيض أُصيبت حسابات بعض الأطباء بالتُخمات البنكية ،بينما دخل قسم عظيم من زملاءهم تحت خط الفقر ،واصبحوا ضمن جموع الطبقة الوسطى المصرية المنهارة (وهذه إحدى مفارقات مصر المحروسة !!!!) .
وفى النهاية هل لنا أن نسأل لماذا لم نُكمل مسيرة إزدهار الرعاية الصحية فى (مصر المملوكية) والبناء عليها علمياً ،وخدمياً ؟؟
ولماذا إنهارت وتراجعت وأصبحت (مصر الحديثة ) فى مؤخرة دول العالم الثالث فى تقديم الخدمات الصحية لشعبها بالرغم من وجود النوابغ من أبنائها بين كوادر الأطباء والصيادلة والعلماء فى (مصر و العالم ) ؟؟
أعتقد أن الإجابة تكمُن فى هل هُناك إرادة سياسية راغبة فى الإصلاح أم لا؟؟ وشكراً للدكتور -منصور- مرة أخرى على كتابة سيادته عن الإشارات المُضيئة فى تاريخ مصر
قد قرأت عن هذا الموضوع أن المستشفى هو مكان لعلاج المرضى وتأهيلهم. وقد كانت تسمى في العصور الإسلامية الأولى البيمارستان. وتكون مجهزة بعيادات للأطباء وغرف للعمليات وغرف للإنعاش وغرف للمرضى عامة وخاصة. كما في بعضها عيادات خارجية لاستقبال المرضى غير المقيمين. وفيها المختبرات وأقسام الأشعة وأقسام الطوارئ. ويعمل فيها ممرضون.وهذا البيمارستان ليس العلاج فقط ولكن للتأهيل أيضا . يعني علاج على أعلى مستوى كما هو مذكور ، وبعد ذلك يأتي دور الرعاية وما يسمى بالتأهيل ما موقعنا نحن من كل ذلك أليست المقارنة صعب تحملها ، من المفروض أن عصرنا الحاضر يكون قد بدأ من حيث انتهى الآخرين ويكمل على ما وصلوا إليه يعني تزيد الإمكانيات الطبية تبعا لزيادة الرعاية للمواطن وليس العكس من انعدام وتردي !!!!!
المستشفيات العامة بالإسكندرية.. قوائم انتظار ومكاتب إذلال للمرضى والدفع قبل الكشف.. وأصحاب "الوسايط" يمتنعون
الأحد، 24 مايو 2009 - 18:56
المستشفيات الحكومية لم تعد ملجأ الفقراء الإسكندرية ـ حنان غريب
شريحة كبيرة من المواطنين بالإسكندرية ليس أمامهم إلا المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة لتلقى العلاج بالمجان أو بأسعار فى متناولهم، فيما انصب اهتمام المسئولين على المستشفيات والأقسام التى تقدم العلاج بمقابل كبير، حيث يتكلف المريض دفع تكاليف علاجه بداية من إقامته بالمستشفى، مروراً بمصاريف الجراحة وليس انتهاءً بالدواء، تاركين الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ فى مستشفيات العلاج المجانى، حيث يضطر المريض للـ"دوران" من مستشفى لآخر بسبب "عدم توافر أسرة"، يتبع ذلك أيام وربما أسابيع وأشهر على قوائم الانتظار المرير لإجراء الكشف ناهيك عن إجراء جراحة، وحين يأتى عليه الدور يفاجئ بقائمة طويلة من المشتريات التى أقلها القطن، وأكياس الدم أيضاً، وإذا قدر لجراحته أن تنجح وإذا نجا المريض من سوء المعاملة والإهمال أثناء الجراحة، فيبقى له أن يواصل الدعاء حتى لا يبعده الله عنهما فى فترة ما بعد الجراحة، وهو الوضع الذى لا يقتصر على المستشفيات الحكومية فى الإسكندرية فقط، وإنما يشمل أغلب المؤسسات العلاجية الحكومية على مستوى الجمهورية وبالتحديد تلك التى تقدم خدماتها بالمجان أو بأسعار رمزية.
الدفع قبل الولادة بمستشفى الجمهورية العام
غادة الجندى ربة منزل من الإسكندرية قالت، إن مستشفى الجمهورية العام ودار إسماعيل للولادة تحولا إلى "مستشفيات خاصة"، مشيرة إلى أن الوصول إلى تلك المستشفيات يحتاج إلى وساطة من عضو بمجلس الشعب أو "معرفة" بمكتب الشئون الاجتماعية بالمستشفى شرط أن يكون مسجلاً ببطاقة المريض، أنه "عامل" أو تكون لديه شهادة مرضية أو أوراق من الشئون تثبت تقاضى الزوج لمعاش "79 جنيهاً"، وقالت "رفض أطباء مستشفى الجمهورية دخولى للولادة، فذهبت لمستشفى دار إسماعيل وقررت الطبيبة أننى يجب أن أدخل لحجرة العمليات سريعاً، ولكن بعد دفع 750 جنيهاً، ولما قلت لهم إن المستشفى مجانى قالت إنه قرار المحافظ" وتواصل غادة بأنه اتصلت بأحد نواب مجلس الشعب "وطنى"، الذى توسط لها لدى مدير مستشفى الجمهورية "دخلت فى ثوانى وتحطمت كل القرارات"، لكنها أرغمت على دفع شيكات دم بمبلغ 400 جنيه.
وقالت صباح محمد والتى يعمل زوجها "أجرى على باب الله"، إنها ستضع قريباً مولودها الذى أكد لها الأطباء ضرورة أن تتم ولادته قيصرياً، وأنها فضلت أن تجريها بمستشفى الجمهورية العام بسبب التكاليف الكبيرة فى العيادات والمستشفيات الخاصة لمثل تلك العمليات، وتحكى صباح قصتها مع المستشفى الحكومى مشيرة إلى أنها فوجئت بقائمة طويلة من الطلبات التى تتضمن تحاليل وإشاعات يجب عملها خارج المستشفى وعلى نفقتها الخاصة "اضطررت للاستدانة لتوفير نفقات ما قبل العملية".
وكيل مستشفى الجمهورية: لا نقبل مرضى بالمجان إلا بشهادة الشئون
من جهته أكد الدكتور أحمد شحات وكيل مستشفى الجمهورية، أن عدد الأسرة بها لا يتجاوز 105 أسرة عناية مركزة ومبتسرين وجراحة عظام وباطنة ومسالك وأمراض نساء، مشيراً إلى أنه جارٍ تطوير المستشفى ليرتفع عدد الأسرة إلى 250 سريراً، وقال شحات إن أسرة المستشفى تنقسم بين مجانية سعر التذكرة فيها جنيه واحد، ويحصل فيها المريض على العلاج بعد الكشف وقرار الطبيب بأن "الحالة تحتاج لإجراء عملية"، وبعد ذلك يتم إرسال الحالة إلى مكتب الخدمة الاجتماعية بالمستشفى للإقرار بأحقية المريض لدخول القسم المجانى من عدمه، وأكد وكيل المستشفى أن عمليات نقل الدم تكون على نفقات المريض الخاصة، حيث يصل سعر نصف لتر الدم لحوالى 113جنيهاً يتم شراؤه من بنك الدم داخل المستشفى، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يتم بناءً على قرار بنك الدم المركزى الذى يخصص 90 جنيهاً من سعر كيس الدم لإجراء تحليلات على الدم، ويقول إنه فى حالة عدم قدرة المريض على تكاليف نقل الدم تقوم المستشفى بالدفع نيابة عنه للبنك.
وبالنسبة للعلاج بالأجر يشير الدكتور أحمد شحات إلى أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسم "الاقتصادى بسعر 365 جنيهاً، والأول بسعر 500 جنيه، والمميز بسعر 700جنيه"، مشيراً إلى أن تلك المبالغ يتم دفعها على سبيل التأمين وأن مدير المستشفى له الحق فى أن يكتفى بالتأمين فى حالة ما إذا كان للمستشفى مستحقات مالية تعجز الحالة عن دفعها، وأضاف "أننا تيسيراً على المواطنين نقوم بجمع كل طلباتهم للعلاج على نفقة الدولة ونسلمها لعضو مجلس الشعب لأخذ الموافقات عليها"، مشيراً إلى أن آخر إحصائية عن أعداد المرضى بالقسم المجانى بلغت 129 حالة مقابل 149 حالة للعلاج بأجر.
"مستشفى الرمد" قوائم انتظار وأسرة خالية وتبرعات لغير القادرين
من جهة أخرى تقدم عدد كبير من المواطنيين بشكوى للمجلس المحلى بمحافظة الإسكندرية يفيدون تضررهم من عدم وجود أسرة لهم بمستشفى الرمد، على الرغم من أنهم يحتاجون إلى جراحات حرجة، كما أن القرار صدر بأحقيتهم فى الجراحة. ويقول هؤلاء فى شكواهم، إن حجة عدم وجود أسرة كافية غير حقيقية، مشيرين إلى أن "حجة عدم كفاية الأسرة غير حقيقية، وأغلبها يتم إشغاله بمعرفة الأطباء العاملين بالمستشفى أو الجامعة".
وعلق هشام محمد إبراهيم الزبير عضو مجلس محلى الإسكندرية بأن المرضى تواجههم صعوبات كبيرة فى تلقى العلاج بمستشفى الرمد، وقال "توجهت بمريض من منطقتى مصاب بمياه على العين لمستشفى الرمد وتم عمل تقرير له تمهيداً لحجزه بالمستشفى لأجراء الجراحة على نفقة الدولة، والتى تمكن من الحصول عليها من خلال نائب بمجلس الشعب"، وأضاف أنه فوجئ بأن قوائم الانتظار بالمستشفى تضم العشرات لثلاثة أسابيع قادمة، "على الرغم من أن معظم أسرة المستشفى غير مشغولة"، وقال إن اثنين من كل عشرة من المرضى فقط تجرى لهم جراحات على الرغم من توافر أحدث الأجهزة الطبية بالمستشفى، وأكد الزبير أن معظم نزلاء المستشفى يتم دخولهم عن طريق الأطباء بعد الكشف عليهم فى عيادتهم الخاصه ويتلقون معاملة حسنة وتتوافر لهم كافة المستلزمات الطبية، "وهذا يعود بالضرر على المريض الفقير الذى لا يجد المال أو الوساطة"، وطالب عضو المجلس المحلى بضرورة الالتزام بالبعد الاجتماعى للمواطنين.
هذا فيما أكدت الدكتورة سلوى عبد الرازق مدير عام مستشفى الرمد بالإسكندرية، أنه لا يوجد كشوف انتظار لدى المستشفى "وأى مريض يتقدم يتم الكشف عليه وطلب التحاليل اللازمة لتحضيره لإجراء الجراحة اللازمة"، وأضافت أنه يوجد بالمستشفى إخصائى اجتماعى مسئول عن مساعدة المرضى المحتاجين من الفقراء فى توفير العدسة والمحلول والمشارط والخيوط بعد دراسة حالتهم وتقديم ما يلزمهم من جمعيه "عين" الموجودة بالمستشفى، والتى تم تأسيسها عام 2004 لإجراء عمليات "الكتاركت"، مشيرة إلى أنه تم مساعدة 94 حالة عام 2008 بعد إجراء البحث الاجتماعى لهم، وأضافت أنه توجد جمعية أخرى بالمستشفى هى جمعية "مجلس الخدمات الاجتماعى" وتستهدف مساعدة مرضى الرمد المترددين على العيادات الخارجية فى عمل نظارات مجانية لهم وتوفير العلاج اللازم بعد دراسة الحالة، "بالإضافة إلى العمليات الجراحية الخاصة على نفقة الدوله، والتى وصلت لعشرين عملية تقريباً".
وقال عياد نسيم خليل أخصائى اجتماعى بمستشفى الرمد بالإسكندرية، إن المستشفى حكومى أى أن هدفها توفير الخدمة للمواطن البسيط بإمكانياته المحدودة، والذى لا يستطيع العلاج بالمستشفيات أو العيادات الخاصة، مشيراً إلى وجود جمعية "مكافحة الإعاقة البصرية" بالمستشفى برئاسة الدكتور حسن عباس حلمى رئيس الجمعية"، ويتم من خلال هذه الجمعية جمع تبرعات من القادرين للإنفاق على غير القادرين.
المحافظ ينفى التقصير الحريرى يؤكد "خصخصة الرعاية الصحية مخالف للدستور
ونفى اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية وجود أى قرار صادر عن المحافظة يقضى بمنع دخول أى مريض يحتاج للعلاج أو الرجوع إلى أى مكتب، لكنه طالب بأن يكون لكل مستشفى مجلس أمناء لتحسين أحوال المستشفيات العامة.
فيما علق المستشار حسين السماك نائب مجلس الدولة على التغيرات التى طرأت على علاقة المستشفيات الحكومية بالمرضى، وخاصة من غير القادرين بأن "الدولة غيرت نظامها من الاشتراكى إلى الرأسمالى ومن حقها تغيير رؤيتها فيما يتعلق بمنظومة المستشفيات"، مشيراً إلى أهمية وصول الدعم لمستحقيه فقط، "والتقليل من تحميل الدولة فوق طاقتها حتى تتمكن من التوجه لتلبية احتياجات أخرى للمواطنين".
وقال أبو العز الحريرى البرلمانى السابق وعضو حزب التجمع، إنه عندما قبلت مصر اتفاقية إعادة هيكلة النظام الصحى فى عهد وزير الصحه السابق حصلت على 300 مليون دولار من الولايات المتحده والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى، ومن ثم توقفت تدريجياً عن تقديم الخدمات الصحية تاركة هذا المجال للقطاع الخاص "فيما عدا التطعيمات الإجبارية وخدمة الإسعاف فى حوادث الطرق"، وقال إن هذا التحول اعتبر المستشفيات العامة "شركات يتم خصخصتها على مراحل بغرض تطويرها ثم بيعها على اعتبار أنها من الأجهزة التى تؤدى إلى خسارة الدولة"،
وقال إن كل مدير مستشفى يديرها بمشاركة مجموعة ليحولها إلى "شركه هادفة للربح"، وقال إن أهم خدمة تقدمها الحكومة فى مصر تم تدميرها "التطوير ثم العلاج بالأجر وأخيراً سيكون البيع"، وأكد الحريرى على أن التفريط فى حق المواطن فى الرعاية الصحية "مخالفة دستورية وتملص من مسئولية الدولة التى أقرها الدستور".
إبنان لعمر بن الخطاب ضلا الطريق
الشاعر العرجى صناعة أموية
التحقيق فى جريمة قتل غامضة حدثت عام 99 هجرية
الطبرى والقرامطة وآل سعود
تعظيم سلام للصوص مصر العظام
الخليفة المأمون وإمرأة مصرية ..وأشياء أخرى
بداية محاكم التفتيش فى تاريخ المسلمين
البوليس السرى فى عهد أحمد بن طولون
بين بلال الأشعرى وحسنى مبارك
بولس الراهب الحبيس
عضد الدولة البويهى (2)
عضد الدولة البويهى
الخوارج
الصاحب ابن عباّد
عبد الله بن المبارك ..شيخ الحديث
الخلفة العباسى ..القاهر المقهور
هل قطعوا خصيتيه ..أم لا ؟
فى أروقة الحريم العثمانى (3 ) الصراع بين أم السلطان ومحظ
فى أروقة الحريم العثمانى (2) (روكسانة وترويض النمر العثم
فى أروقة الحريم العثمانى (1) طقوس الحريم العثمانى
دعوة للتبرع
العلمانية المؤمنة : - هل في الدول ة العلم انية الموم نة الكل...
لماذا هو سوأة ؟: قرأت الفتو ى الخاص ة بابنى أدم ، والغر اب ...
أن رآه إستغنى : ما معنى ( أن رآه إستغن ى ) فى سورة العلق ؟ ...
الحج باختصار هو :: أريد باختص ار شديد ـ لو سمحت ـ ان توضح لى كيف...
ليس حراما: لي جار هاجر منذ مايزي د عن 30 سنه ولجار ي شجره...
more
مقال جميل ويوضح لنا بداية انشاء المستشفيات والاهتمام بالمرضى ،والجدير بالذكر أن لم يبق من البيمارستان المنصوري سوى بقايا إيوانين: قسم من الإيوان الشرقي به سبيل، و جزء من الإيوان الغربي به سبيل كذلك، كانت تنساب إليه المياه و تخزن في حـوض، و لا يزال استعمال هذا المستشفى (بمبان حديثة) قائماً حتى الآن لعلاج أمراض العيون.
وهناك أيضا عدد من البيمارستانات من أهمها
1_ في سنة 918 م أنشأ البيمارستان المقتدري في بغداد و آخر باسم أم المقتدر و رتب له 24 من أشهر أطباء زمانه فيهم الجراحون و المجبرون و الفاصدون و الأطباء الطبيعيون و في سنة 949 م بُني البيمارستان العضدي. في 1181 م ، وأنشأت في دمشق دور للعلاج وعيادات للعلاج بجانب البيمارستان الاول الذي بناه الوليد وأنشأ صلاح الدين الأيوبي بيمارستانا في القاهرة و أحسن وصفه الرحالة ابن جبير، إلا أنه لم يبق منه أثر في يومنا هذا.
2_ أنشأ الأمويون أول مستشفى في الأندلس عام 1305 م في مدينة غرناطة, وفي ذلك العصر عرف العرب المسلمون المستشفيات المتنقلة، و منها ما كان يحمله أربعون جملا.
3_ في دمشق أنشأت مستشفيات عديدة منها البيمارستان الكبير البيمارستان النوري الذي شيده نورالدين زنكي وكان من أهم مشافى البلاد الاسلامية عمل به مشاهير العلاج والاطباء وكانت في البيمارستان النوري اقسام عديدة لكل انواع الامراض وعيادة خاصة او ( صيدلية ) تقدم الادوية والعلاج للمرضى و البيمارستان النوري في حلب، أضافة لعدد من العيادات ودور العلاج.
ومن الواضح أن رغم الاختلافات السياسية والصراع على الحكم فى تلك العصور إلا ان الحكام لم يهملوا المرضى وأنشاءو لهم البيمارستانات للعلاج والاهتمام بهم ورعايتهم الصحية ، على العكس مما يحدث الآن فى المستشفيات والتى بها من الأهمال ما لا يصدقه عقل ، فالعقل يقول أننا ننظر للتراث ونأخذ منه محاسنه ونقلدها ونبتعد عن مساوءه ولكن ما أجده يحدث هو العكس تماما .