قبل الزواج :ــ تفصيلات النكاح
قبل الزواج :ــ تفصيلات النكاح :ــ
إسلاميا من وجهة نظر قرآنية
1 ـ الوصف الإسلامى لعقد النكاح جاء مركزاً وحاسما بقوله جل وعلا يخاطب مباشرة الأزواج : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ) النساء : 21 ) ، وبهذا الميثاق الغليظ كانت صيغة العقد في النكاح تتضمن توصيات برعاية الزوجة ومعاشرتها بالمعروف حتى لو كان الزوج كارها لزوجته : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) النساء ).
1 / 1 ـ ووردت إشارات أخرى عن المهر في عقد النكاح سبقت الإشارة إليها .
1 / 2 ـ كما وردت في القرآن الكريم إشارات عن اختلاف الزواج الشرعى عن السفاح أو الزنا واتخاذ العشيقات أو الأخذان بأجر ، قال جل وعلا عن نكاح ملك اليمين: ( فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ )(25) النساء ) وعن النكاح من أهل الكتاب : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) (5) المائدة ) ، وبعد تفصيل المحرمات فى الزواج قال جل وعلا : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (24) النساء ) . فالزواج الاسلامى يتم بعقد نكاح شرعي صحيح مُعلن بشهود .
2 ـ ومع هذه الإشارات الاجمالية والعرضية فإن كيفية عقد النكاح تركها القرآن الكريم للعرف السائد الصحيح الذي يتعارف به المجتمع على أن فلانا تزوج فلانه وأن ابناءهما شرعيون في النسب وأن علاقتهما شرعية ، وكان التراضي هو الشرط الحاسم في تشريعات القرآن ، مع حفظ حقوق الزوجة لأنها الطرف المرشح دائما لانتهاك حقوقه .
ثانيا :
فى الدين السنى :
ونتعرض لبعض التفصيلات الفقيهة عندهم في عقد النكاح :ــ
الشهــود في عـقـد النـكـاح :ــ
1 ـ اشترط الشافعي في "الأم" حضور شاهدين موصوفين بالعدالة ، حتى لو كانا في حالة عداء للزوجين . ونتفق معه فى هذا .
2 ـ ، وسئل ابن حنبل عن رجل زوّج ابنته بلا شهود فقال ابن حنبل "يعجبني أن يُشْـهِد ، ولم يعتبره حراما ، لأن الولي في عقد النكاح هو والد الزوجة . وهذا مرفوض . الولى هو ولى وليس شاهدا .
3 ـ ، وروى البخاري فتوى تُجيز الزواج بشاهدي زور ، إذا كان ذلك برضا الزوجة الثيّب واثبات من القاضي .
4 ـ وبعد القرن الثالث توسعت المذاهب الفقيهة في موضوع الاشهاد على عقد النكاح وشروط الشهود ..
5 ـ وقد اتفقت المذاهب الثلاثة على وجوب الشهود عند العقد ، ولم ير المالكية وجوب حضورهما العقد ، بل يمكن ان يحضرا الدخول ليلة الزفاف .
6 ـ واتفق الشافعية والحنابلة على اشتراط العدالة في الشاهدين ، وقال المالكية أنه في حالة وجود الشاهد العدل فلا يجوز حضور غيره ، وان لم يوجد شاهد عدل فيصح الاعتماد على شهادة إنسان مستور ليس معروفا بالكذب .
7 ـ واتفقت المذاهب الثلاثة على اشتراط أن يكون الشاهد ذكراً أما الأحناف فلم يمانعوا في أن تكون المرأة شاهداً ، ولم يشترطوا أيضا العدالة في الشاهد في اثبات صحة العقد ، وقالوا ان عقد النكاح يصح بشهادة رجل وامرأتين ولكن لا يصح بالمرأتين وحدهما ، إذ لابد من وجود رجل معهما . ونرى أن الشاهد من الشهادة بالحواس بلا تمييز بين ذكر وأنثى ، أى يصح للمرأة أن تكون شاهدا .
الزواج السري :ــ
1 ـ كان مالك أول من تعرض لهذا الموضوع ، إذ روى أن عمر لم يعترف بزواج لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة ، وجاء في تعقيب محمد الشيباني أن النكاح لا يجوز في أقل من شاهدين ، وأن كان الشاهد فرداً واحداً فلا ينعقد ، ويجوز مع اكتمال الشاهدين أن يتفق الجميع على كتمان الزواج ، أي انه يرى صحة نكاح السر إذا اكتملت فيه شروط الصحة من الشهود والولي والصداق ، ويعتبر الإعلان مستوفيا بحضور الشاهدين حتى مع الاتفاق على الكتمان .
2 ـ اما ابن حنبل فقال انه يُعجبه أن يظهر النكاح ولا يكون سراً ، ويُضرب فيه بالدف حتى يشتهر ويعرف..
3 ـ ونقل الشيخ سيد سابق أنه إذا حضر الشهود وتواصوا بكتمان العقد وعدم إذاعته كان العقد صحيحاً ، واستشهد في ذلك بأحاديث موصوفة بالضعف ، إلا انه قال أنه يقوى بعضها بعضا ، كما نقل آراء تقول ان عقد النكاح يصح بغير شهود .
4 ـ أما الشيخ شلتوت فقد قال أنه الأجود بالمسلم أن يبتعد عن ذلك الزواج السري ، سواء الذي حضره شهود وتواصوا بكتمانه او لم يحضره شهود أصلاً ، لأنه يحمل صفة السرية والريبة . إلا ان الشيخ شلتوت لم يقل بتحريمه ، أي انه منطقة خلاف بين الفقهاء قديما وحديثاً ، وان كان الشيخ شلتوت قد ابدى ارتياحا أكبر للزواج العُرفي الذي لا يُكتب في الوثيقة الرسمية على يد المأذون ولم يتم تسجيله وفضّله على الزواج السري ، مع انه لم يذكر فارقاً بين النوعين إلا أنه في النهاية حثَّ على الالتزام بالحقوق وتقوى الله ، وحسناً فعل ، لأن ذلك هو الفيصل في الموضوع .
5 ـ ونرى أن توثيق عقد الزواج رسميا يكفى ، ويكون بتوقيع الزوجين وتوقيع المسئول فى الجهة المختصة .
الشروط في عقد النكاح :ــ
إسلاميا من رؤية قرآنية
1 ـ التراضي هو الأساس في عقد النكاح ، والتراضي قد يعني ان يتفق الطرفان على شروط تكون ملزمة لهما ، ومجال الشروط هو المباحات ، وليس في المحظورات والمحرمات ، فليس لأحد الطرفين أن يشترط تحليل الحرام في عقد النكاح أو غيره ، ونطاق المحظورات والمحرمات محدد ومقيد ، وبالتالي فإن مجال المباحات واسع فى شروط العقد إذا تراضى عليها الطرفان ، وذلك يعني أن يتنازل أحد الطرفين عن بعض حقوقه المباحة باختياره في مقابل ميزة يتمتع بها ، وليس لذلك علاقة بتحريم الحلال أو المباح ، لأن الشأن في شروط العقود ان يتم التنازل فيها عن بعض الحقوق في مقابل ما يعادلها من بعض المميزات ، دون ان يخطر ببال المتعاقدين أن ذلك يعني تحريما للحلال ، وعلى سبيل المثال فإن عقداً يشترط فيه تاجر جملة على تاجر قطاعي أن لا يشتري من غيره في مقابل التسهيلات التي يمنحها له ، وقد تراضيا على ذلك ، فلا يعد ذلك تحريما للحلال ، وإنما عقد متكافيء ، والعقد شريعة المتعاقدين ، والله تعالى أمر بالوفاء بالعقود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة:1
2 ـ بالتالى لو اشترطت الزوجة أن تكمل تعليمها أو أن تعمل أو أن تكون لها العصمة أو ألّا يتزوج عليها ، ورضى الزوج بذلك أصبح الزوج بذلك ملتزما . أما إذا إشترطت مثلا أن يحمل الأبناء إسمها أو إسم عائلتها فلا يجوز .
فى الدين السُنّى
1 ـ الشافعي هو اول من تعرض لموضوع الشروط في عقد النكاح ، ولكنه قيّد الشروط بألا تخالف الكتاب والسنة والإجماع ، ولذلك فإنه يرى انه ليس من حقها ان تشترط عليه ألا يتزوج عليها او ألا يضربها او ألا يمنعها من الخروج ، كما انه ليس من حقه ان يشترط عليها ألا ينفق عليها ، ويفتى بانفصالها إذا تمسكا بهذه الشروط ، ولها مهر المثل .
وقد احتج بعضهم على الشافعى بحديث صنعه يؤكد على الوفاء بالشروط في عقد النكاح بالذات يقول ( أن أحق ما وفيتم به من شروط ما استحللتم به الفروج) وقد رد الشافعي على هذا الحديث بأن الشروط المقصودة هي ما لا تحل حراما ولا تحرم حلالا . وقد بينا أن الشروط مجال عملها في المباحات ، والتنازل عن بعض المباحات بمقتضى الشروط وبالتراضي في عقد خاص بين الطرفين ـ ليس تحريماً للحلال.
2 ـ والطريف أن البخاري ومسلم ورد فيهما حديثان متناقضان في نفس الموضوع ، احدهما الحديث السابق الذي يؤكد على تنفيذ الشروط في عقد النكاح (أن أحق ما وفيتم من الشروط ما استحللتم به الفروج) والآخر ينهى عن اشتراط المرأة أن يطلق الرجل زوجته قبل أن يتزوج بها ( لا يحل لامرأة أن تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فغنما لها ما قدر لها )..
3 ـ وقد سئل ابن تيمية عن رجل تزوج بامرأة وقد شرطوا عليه ألا يتزوج عليها وألا ينقلها من منزلها ، وكانت لها ابنة لها ابنة فشرطوا عليه أن تكون البنت عند أمها وعنده ، فدخل بها على هذا الشرط ، فهل يلزمه الوفاء ..؟ وأجاب ابن تيمية بصحة هذه الشروط والالتزام بها عند بعض الأئمة والفقهاء ، وبعض الصحابة والتابعين ومخالفة بعض الأئمة والفقهاء لذلك ، ولم يعطنا ابن تيمية رأيه ولم يجتهد في ترجيح أحد الرأيين .
4 ـ أما تلميذه ابن القيم الجوزيه فقد "اجتهد" في التحايل على الشروط ، وخصوصا إذا اشترطت عليه أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يتزوج عليها ، ولكنه جعل الحيلة للمرأة إذ أفتى القاضي بأنه لا يلزمه الوفاء بالشرط .
5 ـ الفقهاء المعاصرون حاولوا تجميع آراء المذاهب في موضوع الشروط في العقد ، وما يجب الوفاء به وما لا يجب الوفاء به . وقد اوضحنا أنه لا حرج في الاشتراط في مجال المباحات بالتراضي.
صيغة العقد :ــ
1 ـ بدأ الشافعي فاشترط أن تحوى صيغة العقد على لفظ النكاح أو التزويج ، ولا يقع بألفاظ غيرهما وان كانت معه نية التزويج ، فلولا قال الولي لمن يريد الزواج : صيرتها امرأتك أو احللتها لك ، لم يصح التزويج عند الشافعي .
2 ـ ، واتفق معه في هذا فقهاء الحنابلة والمالكية ، إلا أن الأحناف قالوا يصح الزواج .
3 ـ ومن الغريب اتفاق المذاهب على انعقاد النكاح بصيغة التزويج والنكاح ولو كان هزلاً ، كأن يقولون وهم يضحكون او يسخرون . 4 ـ كما اتفقت المذاهب على ضرورة اتحاد مجلس العقد في القبول والإيجاب ، أي الاتحاد في الزمان والمكان ..
5 ـ وتسامح بعضهم فأجاز عقد النكاح بغير اللغة العربية ، بينما اوجب ابن حنبل ان يكون باللغة العربية...!!
6 ـ واستحب بعضهم ان يعقد النكاح في المسجد ، وهذا رأي ابن تيمية إلا أن الفقيه المالكي ابن الحاج اعترض على ما احدثه المصريون من عقد النكاح في المساجد وما اعتادوه من اشعال المباخر وفرش السجاجيد والأبسطة (جمع بساط)..
نكاح المريض :ــ
1 ـ أجاز الشافعي للمريض ان ينكح جميع ما احل الله له ، ولكن عليه ان يعطي مهر المثل أي المهر المناسب للزوجة ، فإذا مات كان لها الميراث .
2 ـ وبذلك قال ابن تيمية في فتاوى النساء .
اجمالي القراءات
2363