تغيير الدستور أم تغيير الرئيس

اضيف الخبر في يوم السبت ٠٢ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور


تغيير الدستور أم تغيير الرئيس

 

تبقي مأساة لو تغير الدستور أو تعدل الآن تحت القيادة الحكيمة للرئيس مبارك وفي ظل نفوذ وهيمنة نجله الأخ جمال مبارك علي مقاليد وتقاليد الحكم في البلد، ستكون مأساة مربعة ومستطيلة ودائرة خانقة حول رقبتنا!

ليه؟

من غير ليه...فهل تتوقع أنه بعد تسعة وعشرين عاماً من حكم مبارك وفي فترة يحكمنا فيها فعلياً وتنفيذياً نجله ورجال نجله سوف يسمحون بوضع دستور محترم ينزع من الرئيس صلاحيات فرعون الإله ويقيم دولة مدنية حقيقية قائمة علي تداول السلطة وتحديد مدتين حداً أقصي للبقاء في مقعد الرئيس!

من أين نأتي بهذه المثالية -لا أقول السذاجة -التي تفترض أن نظام الحكم البوليسي والمحتكر للسلطة والساعي للتوريث يمكن أن :

1-يرضخ للمطالب الشعبية.

2-يترك الساحة لعقول مستقلة وشخصيات قومية تدير عملية تعديل أو تغيير الدستور.

3-يستجيب ويسمح بكتابة دستور جديد بعيداً عن أياديهم ومخالبهم ودون تدخلاته وتعديلاته ورغباته ونزواته وتوجيهاته وتعليماته.

4- يجري استفتاء حراً غير مزور علي الدستور الجديد؟!.

بالطبع لا، من سابع المستحيلات (نعرف أن المستحيلات ثلاثة فقط!) أن نصل إلي لحظة تخلي الرئيس مبارك عملياً عن الحكم بوضع دستور يسحب منه ومن حاشيته ومن ابنه أي أمل في البقاء خمسة أيام علي عرش مملكتهم الجمهورية مصر!

إذن، هناك آلاف من المصريين يحررون توكيلات للدكتور البرادعي علي مواقع الإنترنت وفي مكاتب الشهر العقاري كي يطالب أو يشارك في تعديل الدستور، لا شك أنها ظاهرة تشكل دليلاً جليلاً علي شعبية الدكتور محمد البرادعي وتلك الآمال التي قرر أن يضعها المصريون علي كتفه.

لكنها دليل كذلك علي الأولويات الخطأ التي تربك قراراتنا فترتبك خطواتنا، طبعاً أن يطالب البعض بتغيير الدستور فهذا حق مشروع جداً ومهم وضروري.. لكن يطالب به من؟

نظام الرئيس ونجله!

الصحيح أن تغيير الرئيس هو باب تغيير الدستور كله! وليس العكس أبداً!

الأولوية هي العمل من خلال (ورغم ) الآليات المعطلة لتغييرها ونسفها نسفاً، ومن هنا تحديداً تأتي أهمية اسم محمد البرادعي أكثر من أي اسم آخر!

جزء كبير من الاختيار الشعبي للرجل يعود إلي مكانته الدولية وشهرته العالمية التي تمثل حصانة أدبية ومعنوية وسياسية في مواجهة الطغيان، ثم هو نجم سياسي بالمعني الحرفي، وهو شخصية جماهيرية آسرة وذات قبول واسع عند الناس، ثم هو مفكر بالمعني النظري للكلمة من حيث كونه منتجاً للأفكار السياسية والرؤي والتحليلات الخلاقة، وكذلك هو راغب ومبادر بالرغبة في خدمة بلده من خلال مقعد الرئاسة.

إذن يكتمل في الرجل ما هو مطلوب منه لكسر عوائق ومعوقات الترشيح من خلال دستور مقيد ومكبل لحركة غيره ممن لا يملك ما يملكه، فلا نظن إذن أن يأتي الدكتور البرادعي بعد هذه الخطوات ويقول لنا إن هدفه المطالبة بتغيير الدستور، والأدق لو كانت الأمور فعلاً جادة أن يكون برنامجه الانتخابي هو تغيير الدستور!

من المفترض، لو كنا نتكلم عن التحول من الهوام السياسي الذي يعيشه المصريون حكماً ومعارضة إلي خطوات عملية لمنافسة الحكم علي الحكم، أن يكون محمد البرادعي مرشحاً (مع آخرين إن استطاعوا!) من خلال المادة 76 وضد المادة 76 في الوقت ذاته، البعض يري في الدكتور البرادعي قدرة علي هزيمة مرشح الحزب الوطني بقواعد دستور الحزب الوطني!

إزاي؟

زي الناس، الرجل له جماهيرية، ظني أنها ستتسع أكثر مع الوقت والجهد، ثم إنه يملك سمعة دولية ستجعل عطسة ضابط أمن دولة أمامه خبراً في شبكات الأخبار الدولية مما سيكون ضاغطاً علي أعصاب نظام التزوير والتزييف وصانعاً رقابة دولية هائلة حتي دون سماح للحكم بها، ثم إن منافسته ستتبع زخماً هائلاً ضامناً لحمايته وتحصينه من التزوير الفاجر (لا أقول إن النظام سيحترم نفسه ويكف عن التزوير، لكنه مؤكد بالبرادعي لن يقدر علي التزوير الفاضح )، وفي ظل أوضاع مثل هذه فإن فرصة الدكتور البرادعي في هزيمة جمال مبارك مؤكدة، ثم هي فرصة موجودة في منع مدة سادسة لمبارك الأب إن كان ساعتها هو المرشح!

لكن كيف يخوض انتخابات الرئاسة في ظل المادة 76؟

الإجابة: بما تشترطه المادة 76 نفسها، إما أن يرشح نفسه من خلال الحزب الدستوري الحر (وليس الوفد فالوفد سيبيعه بيعاً مخجلاً للطرفين!!) أو كمرشح مستقل عبر الحصول علي توقيعات ممكنة من نواب الشعب والشوري والمحليات، وهو ما سيتوفر للبرادعي بقدره ومكانته وبلاغته ونجوميته، بل أظن أن النظام نفسه سيكون في حرج وخوف حقيقي من ألا يتمكن البرادعي من جمع التوقيعات اللازمة خشية تجريس النظام وفضحه في العالم فضيحة تهز قدرته علي ابتزاز المجتمع الدولي بخدماته للاستقرار في الشرق الأوسط وعلي الحدود مع إسرائيل..وهو ما سيشكل في المحصلة رادعاً للنظام الذي لا يردعه ضميره بل يردعه حليفه!

أما لو عشنا قصة المطالبة بتغيير الدستور كمقدمة لدخول الانتخابات الرئاسية فالأفضل ساعتها للمصريين أن يبحثوا عن توكيل جديد!

 

اجمالي القراءات 3000
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   السبت ٠٢ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[44605]

فلتهبى يا رياح التغيير

يا مرحبا بتغيير الاثنين معا ، فيكون هذا أفضل للشعب المسكين إذا حدث مع هذا التغيير أن ينال بعض حقوقه المسلوبة ويخرج من الفقر والفساد والرشاوى وقلة الضمير إلى الحرية والحياة الكريمة مثله مثل أى انسان حر يعيش حياته بحرية ويعبر عن رأيه بحرية ولا يخشى زوار نصف الليل الغير مرغوب فيهم ، فلتهبى يا رياح التغيير بما يرضى النفوس ويعيد كرامة المصريين التى اهدرت بجعل كل من هب ودب يسخر من المصريين ويسبهم و يلعنهم .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق