هل تورط «حزب الله» في أنشطة الدعارة؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٨ - فبراير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


هل تورط «حزب الله» في أنشطة الدعارة؟

كثيرًا ما تلهج ألسنة العامة بالمثل الشعبي «حاميها حراميها» حين يرون أو يسمعون عن شخص أُؤتمن على شيءٍ ما، فاستغل هذه الأمانة وجيرها لمصلحته، وقد بدا الأمر عمليًا على ألسنة اللبنانيين عندما تفاجأوا في أغسطس (أب) 2018 بخبر يتحدث عن تورط رئيس مكتب مكافحة جرائم الآداب في إدارة شبكات دعارة، وهي المرة الأولى الذي يكشف فيها عن تورّط مسؤول أمني بهذه الرتبة في مثل تلك الشبهة، لكن الصدمة الأكبر لدي اللبنانيين كانت عندما زج بالأمس باسم مسؤول كبير في منظمة «حزب الله» بقضية إدارة شبكة الدعارة هذه، فبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يُزج بالحزب في مثل هذه التهم؛ إلا أنها الأكثر وضوحًا حتى وصفت بـ«الفضيحة الجديدة الكبيرة».

فضيحة كبيرة.. رجال «حزب الله» متورطون في شبكة دعارة

في يوم الرابع والعشرون من فبراير (شباط) 2019، تلقى اللبنانيون ما أسمته وسائل إعلامهم بـ«الفضيحة الجديدة الكبيرة» التي مست اسم «حزب الله» اللبناني، وسمعة الشرطة القضائية في الدولة اللبنانية معًا.

 

 

لبنانيات في تظاهرة ضد الدعارة والاستعباد الجنسي أمام قصر العدل ببيروت

إذ تسرب إلى الإعلام خبر تورط مساعد مسؤول اللجنة الأمنية في حزب الله (أ. ص. ط) وعقيد في الشرطة القضائية (ف. ح)، في إنشاء وإدارة شبكة دعارة بالقرب من مقر اللجنة الأمنية في بعلبك الواقعة وسط سهل البقاع المشهور، وفيما تواصل «شعبة المعلومات»، التي تعتبر أكبر جهاز مخابرات في لبنان، التحقيق مع العقيد، أوكلت مهمةالتحقيق مع المسؤول في حزب الله إلى الجهات المختصة في الحزب، وتداول حديث عن تورط قيادي آخر بالحزب في القضية.

وأكد مصدر لبناني مطلع على القضية رفض الكشف عن اسمه لـ«ساسة بوست»،  صحة تورط أحد مسؤولي حزب الله إلى جانب ضابط أمني لبناني في شبكة الدعارة آنفة الذكر، لكنه استبعد أن يكون «حزب الله» متورطًا في إدارة شبكة الدعارة، بالمعنى الحرفي المتعارف عليه؛ لأن ذلك يستفز البيئة الاجتماعية للحزب، بحسب المصدر.

وتابع المصدر القول لـ«ساسة بوست»: «ثمة ما هو غطاء يستخدمه حزب الله والمعروف باسم الزواج المؤقت أو المتعة، وهذا برأيي يتم تنظيمه، ولكن بطرق سرية ومنظمة وغير علنية، وليس خفيًا أن هناك مئات أو آلاف الأرامل اللواتي يشكل هذا الزواج السري وسيلة من وسائل الحصول على موارد مالية إضافية»، مضيفًا: «فضلًا أن وجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان، أسهم في انتعاش تجارة الجنس المشروع وغير المشروع بسبب سوء أحوال اللاجئين والقدرة على استغلالهم، والأخيرة ظاهرة ليست مقتصرة على حزب الله، بل تتجاوزه إلى منافسات وعصابات خارجة، وتحظى بحماية رسمية أحيانًا».

تحدثنا أيضًا إلى رئيس مؤسسة «لايف للديمقراطية وحقوق الإنسان» نبيل الحلبي؛ فقال: إن «الجهاز الأمني لحزب الله معروف بعلاقاته مع شبكات تجارة المخدرات والرقيق الأبيض عبر العالم، وهو يتوسل بيوت الدعارة من أجل جمع المعلومات حول الأشخاص في أوروبا ولبنان وغيرها من البلدان»، وتابع القول لـ«ساسة بوست»: «ليس قانون الكونجرس الأمريكي الذي وصف منظمة حزب الله أنها منظمة إجرامية عابرة للحدود إلا نتيجة تحقيقات تثبت تورط حزب الله كمنظمة إجرامية في إدارة شبكات الدعارة باعتبارها مصدر تمويل، ولجمع المعلومات، وابتزاز شخصيات رسمية نافذة، لا سيما في العالم العربي».

هل يدير مسؤول مالي بـ«حزب الله» أخطر شبكة دعارة قسرية في لبنان؟

لم تكن القضية السابقة التي تربط اسم «حزب الله» بشبكات الدعارة هي الأولى من نوعها؛ ففي أبريل (نيسان) 2016 ضجت الساحة اللبنانية والعالمية بالكشف عن وجود أخطر شبكة للإتجار بالبشر في لبنان، حررت فيها 75 فتاة تعرضن للتعذيب، وأجبرن على ممارسة الجنس تحت التهديد بالإشهار بهن ونشر صور عارية لهن.

 

 

ضحية إتجار الجنس في لبنان

وفي هذه القضية ورد اسم «حزب الله»، حين رُبط اسم الشبكة بعلي حسين زعيتر، الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه «وكيل مشتريات حزب الله»، إذ نشر فريق التواصل بوزارة الخارجية الأمريكية، تغريدة ربط فيها شبكة دعارة السابقة بالمسؤول المالي بحزب الله اللبناني، علي زعيتر، وجاء في التغريدة: «في العام 2016، كشفت السلطات في لبنان عن شبكة دعارة كبيرة، تشغل نساء سوريات بشكل رئيس، وربطت تقارير صحافية شبكة الدعارة بعلي حسين زعيتر، الذي صنفته وزارة الخزانة الأمريكية على لائحة الإرهاب باعتباره وكيل مشتريات تنظيم حزب الله الإرهابي».

لكن الحزب رد بالنفي القاطع على أي علاقة له بالقضية، ونفت مصادر مقرّبة منه أي علاقة تربط الحزب بزعيتر، سواء من قريب أو من بعيد، ووضعت تلك المصادر كل الكلام الذي يورط الحزب في خانة الشائعات الكاذبة والمغرضة، وانتهت القضية بإصدار رئيس الهيئة الاتهاميّة في جبل لبنان، القاضي إلياس عيد بعد مرور ثمانية أشهر على انكشاف الشبكة قراره الاتهامي رقم 2211/2016، الذي تركّز على توجيه الاتهامات لزعيتر وآخرين «بالإتجار بالبشر وتأليف عصابة تمارس الرقّ والاستعباد بحق فتيات ضُربن وعُذّبن واغتُصبن وأُجبرن على ممارسة الدعارة بالقوّة والترهيب».

ولا تزال الدعارة في ازدياد يومًا بعد يوم في لبنان، خاصة مع تفاقم معاناة اللاجئات واستغلال البعض لهن. وحسب المصادر اللبنانية فإن الأكثرية الساحقة من النساء يعملن في الدعارة ضمن شبكة سرّية يديرها «قوّادون» يتحصلون على نسب كبيرة من ال أرباح. وتطورت الدعارة في لبنان لحد أنها أصبحت مؤخرًا «دليفري»؛ إذ تصل الفتاة لأي مكان وفي أي وقت بعد الطلب على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذه المهنة: «لا يمكن الخروج منها بهذه السهولة، فالقواد يخنق الفتاة بطرق عديدة، وظروف الفتيات الصعبة تدفعهن للبقاء في عالم الدعارة، وقسم كبير منهن انطلقن من الدعارة حتى وصل الأمر بهن في عالم المخدرات»، كما قال مصدر أمني معني بملف الدعارة بلبنان، في تصريح لصحيفة «النهار» اللبنانية.

أزمة حزب الله المالية والبحث عن «مصادر جديدة»

بات من المعروف أن لحزب الله مصادر تمويله التي تمتد جغرافيًا إلى ما هو أبعد من الحدود اللبنانية، فالحزب الذي تأسس خلال الثمانينات واعتمد بشكل رئيسي آنذاك على الدعم المالي الإيراني، تمكن من الاعتماد على نفسه في تمويل جزء وفير من أمواله.

فبعد أن أسس اقتصاد داخلي له في لبنان يرتكز على أنشطة مالية واقتصادية، امتد إلى الخارج حتى وصل أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتضمنت أعماله في الخارج عمليات غسيل الأموال وتجارة المخدرات وغيرها، ومع تعدد الحديث عن مصادر تمويل حزب الله يمكننا الإشارة إلى ما جاء في مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية بأن «سبب امتلاك الحزب إمبراطورية مالية خارج البلاد، رغم الجهود المبذولة لحرمانه من موارده المالية التي تأتي من أنشطته الخارجية، والتي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات القليلة الماضية، لكنها لم تساهم بوقف الأموال التي تصله من تلك المصادر»، وتضيف المجلة التي قدرت حجم ميزانية الحزب بحوالي 700 مليون دولار سنويًا ويشكل الدعم الإيراني حوالي 80% منها أن الحزب آخذ «باستغلال الدولة اللبنانية من مشاركته في الحكومة اللبنانية واستلامه عددًا من الحقائب التي تسهل له بعض العمليات المالية، هذا عدا استغلاله لمجتمعه والحلفاء لدعمه في أية لحظة».

وفيما قدرت وكالات الاستخبارات الغربية في العام 2017، حسب صحيفة «دي فيلت» الألمانية الدعم الإيراني لحزب الله بنحو 350 مليون دولار سنويً، يضاف إليها ما يصل الحزب من شحنات الأسلحة والخدمات اللوجستية إلى أكثر من 700 مليون دولار، يبدو أن أثر الأزمة الاقتصادية الإيرانية الناجمة عن العقوبات الأمريكية والحصار العالمي على إيران وصل إلى «حزب الله»، فالحزب يعيش في السنوات الأخيرة أسوأ أزمة مالية منذ تأسيسه، لاستنزافه ماليًا في الجبهات التي يقاتل فيها والمتزامنة مع تصاعد العقوبات الأمريكية التي تحجم مصادر الحزب المالية.

إذ تؤكد الولايات المتحدة التي لا تكف عن فرض العقوبات المالية والاقتصادية علي الحزب لمحاصرته وتجحيم نفوذه، على وجود جهاز عالمي معقد لغسل الأموال يسمح لـ«حزب الله» بتحويل مبالغ ضخمة من الأموال إلى النظام المالي القانوني، على الرغم من العقوبات التي تهدف إلى قطع شريان الحياة الاقتصادية، والتي عملت على تضاؤل مصادره.

 

 

حشد مؤيد لحزب الله اللبناني

كما تعمل الولايات المتحدة على استهداف تمويل الحزب داخل لبنان دون أن تزعزع استقرار القطاع المصرفي في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي أدى إلى عدم تجرأوا العديد من الشخصيات الشيعية على التعاون مع الحزب، ظهر ذلك في صيف 2016، فبعد فترة وجيزة من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عقوبات جديدة ضد ممولي الحزب، أصدر حاكم مصرف لبنان أمرًا يحمل رقم (137) يمنع حسابات المنظمات والأفراد المرتبطين بـ«حزب الله».

اجمالي القراءات 1886
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق


فيديو مختار
https://www.youtube.com/watch?v=QY00qLJMir4