تركي البنعلي مفتي داعش رجل بأسماء ووجوه كثيرة

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢٣ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


تركي البنعلي مفتي داعش رجل بأسماء ووجوه كثيرة

تركي البنعلي مفتي داعش رجل بأسماء ووجوه كثيرة

تنظيم داعش يعترف بمقتل مفتيه البنعلي الذي كان يحمل أكثر من لقب، وسيجد الباحث عنه نفسه تائها في مسارات متشابكة تقوده إلى ثلاثة رجال يحملون الاسم ذاته ويقودونه في النهاية إلى شخص واحد.

بحريني لعب دورا خطيرا في استدراج الخليجيين إلى الجهاد

باريس - وأخيراً، بدأ تنظيم داعش يتهاوى ويتداعى للسقوط وإن طال الزمن. لا يتعلق الأمر فقط بخسارته مناطق نفوذه وسيطرته سواء في العراق أم في سوريا، لكن بخساراته الكبيرة في الرجال، إذ لم تعد الضربات الجوية كما اعتدنا خلال السنوات الماضية تعود بخفّي حنين، بل إنها صارت دقيقة وقادرة على إصابة أهدافها. ولا يكاد يمرّ يوم دون أن يعلن التحالف الدولي الذي تتزعّمه الولايات المتحدة أن غاراته استهدفت رتلاً أو مجموعة أو جماعة، مع اختلاف التوصيف، لكن ذلك الاستهداف يؤتي أكله، ويحقق المرجو منه، ويندحر داعش، ودون أن ننسى طبعاً أن أيّ غارات من تلك الغارات لا بد أن تخلف وراءها ضحايا من المدنيين الذين لا يكلف التحالف نفسه عناء تجنبهم أو في أسوأ الأحوال تقديم اعتذار عن سقوطهم قتلى.

عراب بيعة البغدادي

آخر قتلى داعش هو قيادي من الصف الأول، بل قد يكون وفق تراتبية داعش العقائدية لا العسكرية الرجل الثاني بعد “الخليفة” أبي بكر البغدادي، فقد أصدر التحالف الدولي بياناً، أعلن فيه عن مقتل تركي البنعلي “مفتي” داعش في ضربة جوية في سوريا بغارة جوية على بلدة الميادين السورية قرب الحدود مع العراق في الـ31 من مايو الماضي.

وقد اعترف داعش بمقتل البنعلي والذي كان يحمل أكثر من لقب، منها “أبو همام الأثري” و”أبو سفيان السلمي” و”أبو حذيفة البحريني”. وسيجد الباحث عن معلومات عن الرجل نفسه تائهاً في مسارات متشابكة تقوده إلى ثلاثة رجال يحملون الاسم نفسه ويقودونه في نهاية المطاف إلى شخص واحد، شخص لم تستطع أجهزة الاستخبارات العالمية التي صنّفته على أنه رجل خطير أن تلقي القبض عليه وهو يتنقل بين الدول ويسافر عبر مطارات تنقله من ليبيا إلى سوريا ذهاباً وإياباً.

يعتبر البنعلي أحد القيادات البارزة في تنظيم داعش، فقد لعب دوراً كبيراً في استقطاب كثير من الشباب الخليجيين للانضمام إلى التنظيم في بدايات تأسيسه، كما يعتبر كتابه “مدّوا الأيادي لبيعة البغدادي” أحد أبرز إنتاجاته في الترويج لمبايعة إبراهيم بن عواد البدري الملقب بـ”أبوبكر البغدادي”.

وقد ترأس البنعلي المقتول قسم الفتاوى والدراسات الدينية في التنظيم. ورغم صغر سنه (مواليد عام 1984)، تمكن هذا الرجل الثلاثيني من التأثير داخل تنظيم داعش، بحيث كان له تيار يدعى “التيار البنعلي”، والذي اختلف مع التيار “الحازمي” (نسبة إلى أبوعمر الحازمي) في العديد من المسائل، وأبرزها مسألة “تكفير الجاهل”. حيث كان التيار الحازمي يكفّر “الجاهل” ولا يقدم له الأعذار، فيما تيار “البنعلي” يقول بـ”عذر الجاهل”، وهذا ما دفع بالحازمي ومن معه إلى القول بأن تركي ومن معه مشركون ومرتدون.

ولد البنعلي في مدينة المحرق البحرينية ودرس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مدرسة الإيمان، ثم أنهى المرحلة الثانوية بالقسم الأدبي بمدرسة الهداية. التحق بعدها بالدراسة في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، وأكمل فيها العام ونصف العام، حتى داهمت الحكومة الإماراتية منزله في مدينة الشارقة واعتقل بسبب “منهجه الفاسد ولعبه بعقول الشباب الإماراتيين” ومن ثم رُحّل إلى البحرين ليتوجه بعدها إلى الدراسة في “كلية الإمام الأوزاعي” في بيروت.

وخلال وجوده في لبنان أقام البنعلي صلات قوية مع عدد من الدعاة السلفيين، وقد أحسن استغلالها لاحقاً لتجنيد مقاتلين لصالح تنظيم داعش كما درس في معهد البحرين للعلوم الشرعية.

البنعلي شخص لم تستطع أجهزة الاستخبارات العالمية التي صنفته على أنه رجل خطير أن تلقي القبض عليه وهو يتنقل بين الدول ويسافر عبر مطارات تنقله من ليبيا إلى سوريا ذهابا وإيابا.

وعمل إماماً لمسجد في سوق المحرق ثم مسجد العمال، حتى أقيل من الإمامة بسبب نهج التكفير والتطرف الذي كان يدعو إليه، وعمل مدرّسا في مدرسة عمر بن عبدالعزيز في مدينة الحالة، وما لبثت الحكومة البحرينية أن أقالته بسبب نهجه المتطرف أيضاً.

وقد اعتقل من قبل السلطات البحرينية عدة مرات، ومنع من السفر، ثم سافر إلى مدينة أبين اليمنية عام 2007 وانضم إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

درس العلوم الدينية على يد عبدالله بن جبرين، كما درس على يد أبي محمد المقدسي، وعمر الحدوشي، وله مؤلفات شرعية مختلفة منها “الأقوال المهدية إلى العمليات الاستشهادية”، و”السلسبيل في قلة سالكي السبيل”، و”شروط وموانع التكفير”، و”النوافح المسكية في نقش شبهة المرحلة المكية”، و”القيافة في عدم اشتراط التمكين الكامل للخلافة”، و”مختصر المقال في مشروعية إطالة الشعر للرجال”، و”الكوكب الدري المنير في إبطال حقن التخدير عن تكفير كل حاكمٍ شرير”، ورسالة بعنوان “إعلام الرائح والغادي ببعض مناقب البغدادي”.

الرجل الشبح

وصل البنعلي إلى ليبيا في العام 2013 وتحديدا مدينة سرت، وألقى خطبة له في مسجد الرباط في أكتوبر 2013، طالب فيها سكان المدينة بإتمام البيعة لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي. عرف في ليبيا باسم أبي سفيان السلمي، وكان يقدم برنامجاً لمريديه عبر إذاعة التوحيد التابعة لتنظيم داعش التي كانت تتولى نقل خطب الجمعة التي يلقيها في مسجد الرباط أيضاَ.

حاول الانتقال من ليبيا إلى تونس لكن السلطات التونسية منعته من دخول أراضيها، فسافر إلى سوريا وتنقل في عدة مناطق، تحديداً في ريف حلب الذي كان واقعاً تحت سيطرة التنظيم. حيث ألقى هناك عدداً كبيراً من الدروس الدعوية، وعكس ما فعله في ليبيا من ضجة إعلامية فإن الأمر في سوريا كان مختلفاً إذ كان يتنقل بهدوء شديد، ودون أن تنتشر تسجيلاته ومحاضراته عبر الانترنت كما كان يحدث من قبل.

عاد إلى ليبيا مرة أخرى وتحديداً إلى مدينة سرت وسط البلاد وذلك بعد مقتل أبي نبيل الأنباري قائد تنظيم الدولة في ليبيا في غارة أميركية على منطقة الفتائح شرقي مدينة درنة عام 2015، وقد أوفد البنعلي بهدف تنظيم صفوف مقاتلي داعش، ووضع الترتيبات الإدارية بتفويض من البغدادي.

هرب بعد ذلك إلى سوريا وإلى مدينة الرقة، والتي تعتبر بمثابة عاصمة للتنظيم في سوريا حيث أصبح مسؤولًا شرعيًا وأصبح يكتب المقالات في مجلة “النبأ” تحت اسم أبي همام الأثري. وفي العام نفسه أسقطت وزارة الداخلية الجنسية البحرينية عنه باعتباره خطراً على الأمن والاستقرار.

الحكومة الإماراتية تصنف البنعلي "فاسد المنهج" منذ سنوات طويلة، فقد داهمت منزله في مدينة الشارقة وتم توقيفه بسبب (لعبه بعقول الشباب الإماراتيين) ومن ثم رُحل إلى البحرين، ليتوجه بعدها إلى الدراسة في "كلية الإمام الأوزاعي" في بيروت حيث أقام صلات قوية مع عدد من الدعاة السلفيين.

أم سمية وصوت التكفير العالي

يقول بعض متابعي منشورات تنظيم داعش إن البنعلي كان يكتب بأسماء كثيرة في مختلف القضايا التي يريد التنظيم الفصل فيها، أو توجيه أتباعه إليها، فقد كتب مقالا بعنوان “لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ”، نشرته مجلة “دابق” التابعة للتنظيم تحت اسم وهمي لكاتبه وهو “أم سميّة المهاجرة”، واتهم المقال زوجات عناصر “جبهة النصرة” وغيرها من الفصائل بجريمة الزنا، وهو الذي طرح اسمه في وقت من الأوقات بوصفه قد يكون وسيطاً لحل الخلاف بين تنظيم داعش وجبهة النصرة والتي باتت تعرف حالياً تحت مسمّى فتح الشام.

في جميع خطبه وفتاواه التي استمعت إليها وقرأتها وهي منتشرة بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يعلو صوت البنعلي متشدداً في تكفير الجميع شعوباً وحاكمين لأنهم ضلوا السبيل إلى الحق. فهو يرى الإسلام عودة إلى الوراء، لا يجيز لمريديه أن يحكّوا رؤوسهم إلا كما جاء في النص إن كان جاء نص في ذلك، ويطالب بتفكيك هذه الدول الموجودة التي لا تحكم حسب رأيه بشرع الله، فهي دول كافرة وينبغي إصلاحها بالسيف، وهو يرى مئات ملايين من المسلمين في العالم على ضلال، كما في خطبته الشهيرة “غربة الإسلام” التي ألقاها في ليبيا، ولعل هذا التشدد هو ما دفع به وبسرعة ليكون أحد قياديي تنظيم داعش ويتبوأ منصباً قيادياً وقد يكون كما أسلفنا الرجل الثاني في التنظيم.

قطعت جميع أطراف تنظيم داعش ولم يبق سوى رأسه، رأس الخليفة البغدادي الذي يبدو أنه أينع بما يكفي و بات قاب قوسين أو أدنى.

اجمالي القراءات 1879
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق