شبان أوروبا من المسلمين ضحايا الأئمة من غير المؤهلين

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٦ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


شبان أوروبا من المسلمين ضحايا الأئمة من غير المؤهلين

شبان أوروبا من المسلمين ضحايا الأئمة من غير المؤهلين

  • الأئمة غير المؤهلين من الذين يعتلون المنابر داخل مساجد المسلمين في أوروبا، كانوا وراء دفع الشبان نحو التطرف، ومن ثمّ الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وذلك باعتمادهم الخطاب المتطرف وتفسيرهم لمفاهيم الدين الإسلامي، بعيدا عن البيئة التي يعيشها هؤلاء الشبان في أوروبا.

منابر المساجد إما قلعة ضد التطرف أو مفرخة له

برلين - البعض من الذين يقدمون أنفسهم كدعاة ووعّاظ ورجال دين، يتناولون في خطبهم قوالب العقيدة بعيدا عن المشكلات المجتمعية الراهنة، وفي هذا الصدد تداركت ألمانيا والبعض من الدول الأوروبية أخطاء سياساتها تجاه الجاليات المسلمة في أعقاب موجات الإرهاب، التي كانت من أبرزها تفجيرات باريس نوفمبر 2015 وتفجيرات بروكسل مارس 2016، لتكتشف أن البعض من الخطباء يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولياتهم في هذا الاتجاه.

وكشفت بيانات التركيبة السكانية في ألمانيا أن نسبة المهاجرين تبلغ ما يقارب 9 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان البالغ تعدادهم (82 مليون نسمة)، أي ما يساوي 7 ملايين، رغم أن البعض من الإحصائيات تعطي نسبة أقل من ذلك.

ويضمن القانون الأساسي في ألمانيا حرية التدين أو العقيدة، وتأتي الديانة الإسلامية ثانيا على مستوى ألمانيا من حيث الاعتناق، إذ يشكّل المسلمون في ألمانيا ما نسبته 5 بالمئة من إجمالي عدد السكان.

وتوجد في ألمانيا أكثر من 400 هيئة إسلامية، بالإضافة إلى انتشار 300 مسجد في مختلف المدن والولايات الألمانية، كما توجد العشرات من المراكز الخاصة بالمسلمين التي تسعى إلى توطيد العلاقات بين الجاليات المسلمة، كما عمدت الحكومة إلى إنشاء المدارس الإسلامية.

واعتادت ألمانيا أن تشهد فتح أبواب المساجد يوم الثالث من أكتوبر من كل عام في ذكرى توحيد شطري البلاد أمام الجميع في فعاليات “يوم المسجد المفتوح”.

وجاءت فعاليات عام 2016 تحت شعار “الهجرة كتحدّ وفرصة”، حيث تمّت مناقشة قضية تشغيل اللاجئين وشملت جولات داخل المساجد وحلقات نقاش ومحاضرات.

أصحاب المنابر من غير المؤهلين، هم المحرك الأساسي في دفع الشبان المسلمين إلى التطرف في ألمانيا وأوروبا عموما

ويهدف “يوم المسجد المفتوح”، الذي شارك في فعالياته نحو ألف مسجد في جميع أنحاء ألمانيا، إلى تعريف غير المسلمين بالإسلام.

ونبّه رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك، إلى تنامي الأجواء المعادية للإسلام في ألمانيا، كما دعا وسائل الإعلام إلى التدقيق وعدم أخذ الأمور على عواهنها، محذرا من الربط بين الإسلام والإرهاب.

وقال “بات الكثير من الأوروبيين يعتبرون وكأن هناك سببا واحدا للإرهاب وهو الإسلام”، وأضاف “إننا نعيش اليوم تنامي الكراهية والتهديدات بشكل واضح وعلني”.

مجلس العلم في ألمانيا أوصى بتدريس مادة الدين الإسلامي في جامعات ألمانية بهدف تعليم قيم الإسلام الحقيقية بعيدا عن التطرف، وليتخرج أئمة ومعلمون يساعدون على اندماج المسلمين في المجتمع الألماني.

ويقول عاصم حنفي، الأستاذ في جامعة ماربورغ، في هذا المجال خلال لقاء له مع موقع قنطرة الألماني “بلا شك هذه مشكلة تعاني منها ألمانيا حتى الآن، ولا يوجد عدد كاف من الأساتذة المختصين، ولذلك ستتم الاستعانة بالبعض ممن ترى فيهم ألمانيا القدرة على توصيل هذه العلوم كمرحلة انتقالية، إلى أن يتخرج ألمان من أصول مسلمة، ويقومون بهذه المهمة في المستقبل”.

ويعتبر تدريس الدراسات الإسلامية والعقيدة الإسلامية في الجامعات الألمانية خطوة هامة نحو التوصل إلى تعاون مع الجامعات الإسلامية المختلفة ذات الخبرة الطويلة في تدريس الدراسات الإسلامية المختلفة وعلوم الإسلام مثل الأزهر.

ستقوم جامعات ألمانية بعقد اتفاقيات مع نظيراتها في بلاد إسلامية مختلفة، ترى فيها تقاربا في وجهات النظر حول تدريس الأئمة، وهناك خطة من جامعة “ماربورغ” تهدف إلى إيفاد طلبة يدرسون لمدة نصف عام أو أكثر في الأزهر.

وشهدت جامعة “توبينغين” الألمانية أيضا، انتظام الدراسة في المعهد الجديد للعلوم الشرعية الإسلامية، الذي يعدّ أول معهد حكومي من نوعه في ألمانيا وأوروبا، وهو مختص بإعداد أئمة المساجد ومعلمي مادة الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين بالمدارس الحكومية.

مجلس العلم في ألمانيا أوصى بتدريس مادة الدين الإسلامي في جامعات ألمانية بهدف تعليم قيم الإسلام الحقيقية بعيدا عن التطرف

ويمثل معهد العلوم الشرعية الإسلامية بجامعة توبينغين، واحدا من ثلاثة معاهد مماثلة تمّ تأسيسها لتأهيل معلمي الدين الإسلامي والأئمة، بمشاركة ثنائية بين 6 جامعات ألمانية متفرقة.

رئيسة الائتلاف الحاكم في ألمانيا إنجيلا ميركل، تحاول التقرب من الجاليات المسلمة وسدّ الفجوات، وتمثل ذلك في قولها “إن الإسلام جزء من ألمانيا” وقد واجهت الكثير من المعارضة والانتقادات، حتى من داخل حزبها الحاكم.

وسبق لميركل أن قالت في مقابلة مع صحيفة “هامبورغر آبندبلات” الألمانية، إن هناك نحو أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا، كما أن هناك حصصا دراسية في الدين الإسلامي وهناك أساتذة جامعات في مجال العقيدة الإسلامية، بالإضافة إلى مؤتمر الإسلام الذي يعقد برعاية وزارة الداخلية ويهدف إلى تحسين اندماج المسلمين المقيمين في ألمانيا، وتابعت ميركل حديثها قائلة “لذلك فهي حقيقة أن الإسلام في الوقت الراهن جزء من ألمانيا أيضا”.

ويذكر بأن تصريحات ميركل والرئيس الألماني حول أن “الإسلام جزء من ألمانيا”، قد أثارت الكثير من الجدل والسجال، خاصة مع أحزاب اليمين المتطرف والبعض من السياسيين المعارضين لميركل.

رغم جهود الحكومة الألمانية، في مواجهة أزمة اللاجئين، باتخاذها سياسات جديدة، تمثل ارتدادا عن “سياسة الأبواب المفتوحة” نحو اللاجئين والمهاجرين، فإنها تضع اليمين المتطرف تحت مراقبة أجهزة الاستخبارات الألمانية، وتعتبره تهديدا خطيرا ربما أكثر من التطرف الإسلامي.

وتدرك ألمانيا أهمية سياسات الاندماج في المجتمع ومنها الجاليات الإسلامية، وهذا ما انعكس في مشاركة أعضاء من الحكومة وآخرين من البرلمان، الجاليات المسلمة في مناسباتهم الدينية.

ويشير المراقبون إلى أنّ المشكلة ربما تكمن في تجاهل الحكومة الألمانية للجاليات المسلمة خلال السنوات السابقة، ولم تكن تولي الاهتمام بالمساجد والمراكز الإسلامية وقاعات الصلاة التي تبيّن في ما بعد أنّ بعضها كان سببا في تفريخ انتحاريين ومتطرفين.

ويعتبر أصحاب المنابر من غير المؤهلين، هم المحرك الأساسي في دفع الشبان المسلمين إلى التطرف في ألمانيا وأوروبا عموما، وذلك عبر تناولهم لأمور العقيدة بنظرة فيها الكثير من الغلوّ والتطرف.

ويلعب الأئمة دورا بدفع الشبان إلى التطرف، وهذا ما كشفته تحقيقات وزارات الداخلية في ألمانيا وأوروبا، ومن بين نقاط الضعف في سياق فتاوى المنابر، هو استقدام رجال دين من خارج أوروبا، لا يدركون البيئة والمشاكل التي يعيشها الشباب، وهذا ما ساهم في ترويج الخطاب المتطرف وأدّى إلى المزيد من الضياع في الأوساط الشبابية المسلمة.

ما تحتاجه ألمانيا وأوروبا هو مدّ الجسور مع المراكز والجامعات الإسلامية المعروفة في المنطقة، ولعلّ أبرزها مؤسسة الأزهر، وجامعات إسلامية في الدول التي تشهد استقرارا ونجاحا في دورها عند مواجهة التطرف، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي استطاعت أن تتقدم بسياساتها على بقية الدول في احتواء الجماعات المتطرفة بكل درجاتها وأنواعها، وفي نفس الوقت استقبالها للوافدين من مختلف الأعراق والأديان.

اجمالي القراءات 1342
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق