الأرامل أكثر قهرا مجتمعيا وأقل عرضة للأمراض

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٢ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


 الأرامل أكثر قهرا مجتمعيا وأقل عرضة للأمراض

 



 
 
 
 
 
 
الأرامل أكثر قهرا مجتمعيا وأقل عرضة للأمراض
  • تتعرض الأرامل في أغلب الأحيان للوصم من جانب أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، وتعاني الكثيرات من التمييز بسبب السن والنوع وتعيش بعضهن حياة يغلب عليها الإيذاء البدني والجنسي، ونتج عن ذلك أن نسبة 35 بالمئة من الأرامل العربيات تعرضن للعديد من الأمراض والحوادث.
العرب  شيرين الديداموني [نُشر في 23/06/2016، العدد: 10315، ص(21)]
 
الأرامل في الدول العربية يعانين مشاكل اجتماعية ونفسية
 
القاهرة - مفارقة عجيبة أظهرتها نتائج دراسة أجرتها جامعة بادوفا الإيطالية، حيث أعلنت أن النساء الأرامل في صحة أفضل، لأنهن أقل عرضة للضغط والتوتر والضعف النفسي، ومن ثمَّ هن أقل عرضة للأمراض بنسبة 23 في المئة من الزوجات اللاتي مازال أزواجهن على قيد الحياة، والسيدات يتمتعن بصحة أفضل حال وفاة أزواجهن ويجدن أدوارهن أقل تقييداً وإحباطاً.

جاءت الدراسة قبل أسابيع قليلة من الاحتفال باليوم العالمي للأرامل الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون 23 يونيو (الخميس) من كل عام، والذي أقرته عام 2011، للفت الأنظار إلى واقع الأرامل وأطفالهن، وسعيا لتخفيف المعاناة التي يواجهنها.

نتائج الدراسة اعتبرها الكثيرون تجميلا وتزييفا لواقع الأرملة، بسبب تعارضها بشكل كلي مع الحقيقة الدامغة التي رصدتها المنظمات المعنية بشؤون المرأة والمنظمات الحقوقية العالمية.

أكدت الكثير من المنظمات في اليوم العالمي للأرامل على وجود نحو 245 مليون أرملة في جميع أنحاء العالم، نصفهن تقريبا تحت خط الفقر المدقع، أما أكبر عدد من الأرامل فيوجد في الصين، إذ هناك حوالي 43 مليون أرملة، تليها الهند بـ42 مليونا، ثم الولايات المتحدة بـ15 مليون أرملة.

وفسر متخصصون في علم الاجتماع خروج دراسة بنتائج مخالفة لواقع الأرملة العربية، بكونها قامت على نساء أوروبيات لا يعرفن الحزن أو الهم، وليس لديهن من يتدخل في شؤونهن؛ لا الأسرة ولا التقاليد ولا المجتمع. وعلى الرغم من كل التغيُّرات التي حدثت للمجتمعات العربية جراء العولمة والغزو الثقافي، فإن الموروثات الثقافية الشرقية لا تزال ثابتة ويؤمن بها المجتمع.

نهلة عبدالمطلب، الباحثة في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أكدت لـ“العرب” أن الأرامل على عكس الدراسة، يعانين من مشاكل اجتماعية عديدة، أبرزها نظرة المجتمع الشرقي لهن وعدم مراعاته لحاجاتهن النفسية والجسدية.

السيدة عليها أن تتقبل ترملها والتآلف مع وحدتها، وتحمل أعباء عائلتها، وتقلع عن المتع الدنيوية، فالكلّ يحسب عليها حركاتها وسكناتها وهناتها، ويجب ألا تتجمل ولا تفكر في إعادة تأسيس حياة جديدة، لأنه لا يجوز للمرأة أن تدخل مجتمع الرجال وإلاّ ستُتهم بنكران الجميل للزوج الأول وعدم مراعاة مشاعر أهله.

دراسة مخالفة لواقع الأرملة العربية، لأنها أقيمت على نساء أوروبيات ليس لديهن من يتدخل في شؤونهن

محمد عبدالواحد خبير الطب النفسي في مصر، أوضح أن انفضاض مؤسسة الزواج بالترمل يولّد لدى المرأة معاناة نفسية واجتماعية مرورا بمرحلة انعزالية وانطواء وعدم اتزان، فإما أن تتماسك وتتحمل مسؤولياتها، وإما أن تنهار استسلاما لوحدتها وآلامها.

حتى عندما تفكر الأرملة في الزواج مرة أخرى تتنازعها مشاعر بين الوفاء لزوجها الراحل وزوجها الحالي، وإذا كان لديها أبناء يصعب عليهم تصور وجود بديل لوالدهم، ويحبون أن يمتلكوا الأم وأن تكون لهم من دون أن يشغلها شيء عنهم.

أما المجتمع فيرفض غالبا تفكيرها في الزواج مرة أخرى، خاصةً إذا كان لديها أبناء من الإناث، فكيف يمكن أن تأتي لهن بزوج أم قد يسيء معاملتهن وعندما يصلن إلى سن البلوغ يكون محرما عليهن التعامل معه.

نظرة المجتمع المصري للأرملة متباينة أيضا مع نتائج دراسة جامعة بادوفا، فالمصريون يرونها ضعيفة “مكسورة الجناح” ولا تستطيع أن تقوم بأي شيء بمفردها. ففقدان الزوج صدمة أولى في محنة ليس لها أول من آخر، تقصف العمر ولا تطيله بسبب معاناتها التي تضاعفت، حيث تؤدّي دور الأم والأب معا.

وأشارت تقارير الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد الأرامل من الرجال والنساء يبلغ 3 ملايين أرمل وأرملة، 14 بالمئة منهم رجالا والباقي سيدات.

من خلال الأرقام يتبين أن عدد الرجال الأرامل يبلغ نصف مليون رجل، والسيدات 2.5 مليون، أي أن عدد السيدات الأرامل يفوق عدد الرجال الأرامل 5 مرات تقريباً.

منال فتحي معيلة لثلاثة أطفال تتساءل أين راحة البال التي تتمتع بها الأرملة، وتتحدث عنها الدراسة، موضحة أنها عانت الأمرين بعد وفاة زوجها، وواجهت صعوبة في الحصول على “معاشه”، وكان عليها أن تلف المصالح الحكومية على قدميها للانتهاء من الإجراءات والأوراق المطلوبة لتتسلم “معاشا” لا يسد جوع أطفالها.

قالت لـ“العرب” إنها اضطرت إلى الاشتغال لتوفير دخل يومي لأولادها، وتكافح من أجل أن تجد “قطعة الخبز”، ورغم معاناتها فإن عليها أن تتظاهر بالقوة أمام أطفالها.

انفضاض مؤسسة الزواج بالترمل يولّد لدى المرأة معاناة نفسية واجتماعية مرورا بمرحلة انعزالية وانطواء وعدم اتزان

ولئن كانت منال قد تجاوزت الوحدة فإن غيرها لم تسلم من نظرة الناس الدونية، والصفات الخرقاء التي تُلصق بها بعد وفاة الزوج، فأغلب القرى المصرية مقتنعة بالمثل القائل “التي ربنا متمم لها سعادتها يخرج زوجها بجنازتها”، فالأرملة بفستانها الأبيض “نحس” تسببت في وفاة زوجها، ويجب عليها ألا تفكر في إعادة التجربة مرة أخرى، لأن “قدمها سيكون نذير شؤم” على من تتزوجه فهي صديقة لملك الموت، خاصة إذا كانت حديثة العهد بالزواج ومات زوجها.

أما النساء من بني جلدتها، خصوصا المتزوجات، فربما تكون المرة التي يذهبن فيها لمواساتها حين وفاة زوجها قد تكون الأخيرة التي يتعاملن فيها معها، والبعد عنها بالتأكيد مكسب، لأنها تحولت في عقلهن الباطن إلى “خاطفة وصائدة للرجال”.

حالة منال أقل حدة من الحالة الأكثر شهرة في مصر وهي “صيصة أبو دوح”، أرملة صعيدية تبلغ من العمر 65 عامًا من محافظة الأقصر جنوب مصر، تخلت عن أنوثتها شكلا ومضمونا لتتكيف مع المجتمع الذكوري، وتنكرت في زي الرجال لمدة 43 عاما بعد وفاة زوجها، من أجل العمل وتربية ابنتها، ولم يفرق أحد بينها وبين الرجال، حتى صوتها صار خشنًا.

سميرة سالم -استشاري العلاقات الأسرية في مصر- نفت أن تكون الحالة النفسية للمرأة جيدة بعد ترملها، وقالت “العكس هو الصحيح”، كونها ترزح تحت ضغط نفسي وعصبي هائل سببه الشعور بالوحدة وتختلف درجته من امرأة إلى أخرى، وهو ما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى عزلتها وتجنبها الاختلاط مع الناس.

الابتعاد، بصرف النظر عن دوافعه، يجعل الأرملة فريسة لمعاناة يولدها كبت جنسي مرافق للاكتئاب ويتحول في بعض الأحيان إلى أعراض مرضية جسدية.

وأكدت سالم لـ“العرب” أنه لا يمكن لهذا الشعور أن يزول إلا بوجود بديل، إذا كانت المرأة صغيرة السن، وتزداد حينئذ حاجتها النفسية والعاطفية التي يلبيها الزواج، وليس صحيحا أن البديل ينهكها صحيا أو نفسيا كما تدعي الدراسة.

اجمالي القراءات 1962
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق