السجال الفكري في السعودية يتحول من منابر المساجد إلى الصحف

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٣ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ايلاف



--------------------------------------------------------------------------------


أقطابه رموز في التيارين الإسلامي والليبرالي
السجال الفكري في السعودية يتحول من منابر المساجد إلى الصحف

سعدون السعدون من الرياض: تشهد الصحافة السعودية حاليًا سجالاً متواصلاً بين أقطاب في التيارين الليبرالي والإسلامي، أربع شخصيات تصدرت أسماؤهم منتديات الإنترنت والصحف ويتداولها الناس في مجالسهم في السعودية حاليًا إلى جانب أحاديثهم عن "لميس" بطلة المسلسل التركي (سنوات الضياع)، وإلى جانب أحاديثهم عن إنخفاضات سوق الأسهم، هذه السجالات هي ما تدور أحداثها الآن بين كل من الكاتبين بصحيفة الجزيرة السعودية محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ وزميله الكاتب عبدالله بن بخيت، وفي الجانب الآخر كلاً من عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان وعضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية محمد النجيمي. في القراءة التالية، تستعرض إيلاف، تاريخ السجالات وأبرزها قبل وبعد أحداث سبتمبر، وكيف تحولت من المنابر في مساجد وجوامع المملكة العربية السعودية,إلى وسائل الإعلام وخصوصًا الصحافة.

أحداث 11 سبتمبر... بداية التحول

كثير من السعوديين يشكرون أحداث 11/9 المعروفة بأحداث سبتمبر، والتي قلبت المعادلة الفكرية في السعودية، ونقلت السجال من منابر المساجد إلى ورق الصحف ومنتديات الإنترنت. فأصبح الجدل واضحًا للجميع، يستطيع أيًا من كان أن يقرأ ويحلل، ويعرف الكاتب (أ) أن الداعية الإسلامي (ب) قام بالقدح في عقيدته في صحيفة ما أو على الشبكة العنبكوتية . لكن لماذا هذا التحول في وسيلة الخلاف والجدل والمحاورة؟.

بعد ثورة الحرم المعروفة بقائدها "جهيمان",كانت الوسيلة منذ ذلك الوقت حتى عام 1421هـ /2001م هي منبر المسجد,فلم يكن لدى التيار الليبرالي وسيلة للرد ولا الدفاع,وكان العلماء يحظون بحصانة سياسية وإجتماعية ضد النقد . فلم يكن للقريب أو البعيد حق النقد أو التعرض للمؤسسة الدينية أو أحد منتسبيها بحرف واحد,في الوقت الذي كان الداعية السعودي سعد البريك هو الوحيد من بقايا الصحوة من يمارس الهجوم على رموز الفكر السعودي من فترة لأخرى في مسجده في العاصمة الرياض .

وكانت السجالات البارزة تسجل لمجموعة من قادة الصحوة في بداية التسعينات الميلادية وهم ناصر العمر,سلمان العودة,عائض القرني,سفر الحوالي,عوض القرني,عبدالوهاب الطريري وكانت هذه المجموعة الناشطة في التأليف الصوتي والكتابي,والذي يكون في كثير من الأحيان تفريغاً للخطب التي كانت تلقى من على منابر المساجد دون رقيب. وكانت جماهيرية داعية مثل عائض القرني تجاوزت ما لا يصدقه إنسان في مسجده الذي كان يصلي فيه في خميس مشيط جنوب السعودية .

سلمان العودة,لم تكن آرائه الرنانة تصدر من خلال تأليف كتاب في ذلك الوقت أو لقاء تلفزيوني,وإنما كان في بريده,لا منافس له في مجاله,وكان خطيباً يجمع السياسة والدين في قالب محاربة الإنحراف,الذي يعنونه في ذلك الوقت بالهجوم على صحيفة الشرق الأوسط وقناة mbc وتركي الحمد وغازي القصيبي,فكانت هذه المحاور التي ينطلق منها العودة,وهي المحاور التي ينطلق منها معظم الصحويين ومنهم عوض القرني الذي ذاع صيته في أوساط الإسلاميين بأنه المتصدي للحداثة والانفتاح.

كل ما سبق كانت الوسيلة الأولى فيه,منبر المسجد,لكن الحادثة التي لم يحسب الصحويون حسابها هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر,قبل 8 سنوات,حين تغيرت المعادلة . وأصبح الحديث السياسي على منبر الجمعة من المحرمات التي يحاسب صاحبها,ولعل المثال الأبرز,هو الداعية محمد الهبدان الذي منع من الخطابة لفترة بعد خطبته في جامع العز بن عبد السلام في الرياض,والتي حرض المصلين فيها على الاعتراض على قرار مجلس الوزراء السعودي بدمج وزارتي التربية والتعليم – المعارف سابقاً – برئاسة تعليم البنات,وهي الخطوة التي توقع الهبدان في خطبته تلك أنها الممهد للإختلاط في مراحل التعليم المختلفة في البلد.

الصحوة والصحافة

في العام 2000,كانت السعودية على موعد من صدور صحيفة من جنوبها أطلق عليها "الوطن",لكنه لم يكن ببال أحد أن تكون الصاعق الأكبر للصحوة,وأن تكون شريكاً أساسياً في الحراك الإجتماعي,(8) أشهر متواصلة من النقد لسلوكيات المجتمع ورجال الدين,لكنها لم تكن بتلك الحدة . لكن هدية قدمها تنظيم القاعدة لليبراليين في السعودية,وهي "أحداث سبتمبر" التي جعلت الصحف السعودية,وخصوصاً الوطن,تكون منبراً حقيقاً لليبراليين ويمارس هجوماً شرساً كان أقرب ما يطلق عليه "التشفي" على الصحوة وسلوكياتها,ومن أبرزها مقالات لكتاب لم يشاركوا في معترك الصراع الأولي في بداية التسعينات,فكانوا في الصف الأمامي في الألفية الثانية ومنهم الكاتب علي بن سعد الموسى ومحمد بن عبداللطيف آل الشيخ وقينان الغامدي وخالد الغنامي وعبدالله بن بجاد العتيبي ومشاري الذايدي,ومجموعة أخرى,ساهمت في تعرية التيار الإسلامي ونقده المتواصل ومحاولة الهجوم على ممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,ونقدها لخطب الجمعة والمحاضرات التي تلقى . فكانت الصحافة هي المحرك الأساسي لأي جدل ديني في البلاد,وكانت المقالات تنقل في المنتديات الإلكترونية بشكل يومي.

مايو 2003 / الهدية الثانية

كان الليبراليون,بعد كبح جماحهم أكثر من 25 سنة,يتحركون متحرك الخجلان من أعين الناس,حتى قدم لهم التطرف هدية أخرى وهي أحداث مايو 2003م والتي كانت متمثلة بتفجير تنظيم القاعدة لثلاثة مجمعات سكنية في الرياض,فكانت المقالات والتحقيقات الصحافية المتتالية التي هزت أركان الصحوة الإسلامية,وجعلت المجتمع يشارك في نقد بقايا الصحوة,إلا أن جزءًا كبيراً من الكتاب الليبراليين إختار المواجهة ومحاولة ربط ما يحدث بسيطرة الإسلاميين على التعليم والمساجد طيلة العقدين الماضيين.
التعليم,خطب المساجد,المراكز الصيفية والجمعيات الخيرية,كانت عناصر أربعة للمواجهة بين الإسلاميين والليبراليين في السعودية,وكانت الصحافة هي منبر الجدل,لكنها كانت إلى عام 2006م أشبه بأحادية الرأي,فلم تكن الفرصة سانحة للإسلاميين للرد مثل ما كانت لليبراليين.

مشاهير السجال الحديث

بعد ما أصبحت الصحافة الورقية هي منبر الهجوم والدفاع,بدأ الإسلاميون يغازلون صفحاتها,فكانت صحيفة المدينة متمثلة في ملحق الرسالة الذي كان يشرف عليه الدكتور عبدالعزيز قاسم,هو منبر السجال للإسلاميين,ومن الصحف الأخرى ينطلق الرد على ما يكتب في هذا الملحق,فكان السجال الأول بين الداعية سعد البريك وبين رئيس تحرير صحيفة الوطن سابقاً قينان الغامدي,وكان عن الدولة هل هي دينية أم مدنية,واستمر السجال أكثر من اسبوعين.

ظهر نجم آخر في الساحة الإسلامية,يعشق الشاشة والورق وهو عضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية الدكتور محمد النجيمي,الذي أصبح عضوًا رئيسًا في أي سجال ليبرالي – إسلامي,حتى لو لم يكن السجال يعنيه,فإنه يصبح طرفًا في المعادلة حين يعقب على السجال ويصبح جزءً منه.

الفوزان وآل الشيخ

عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان,كان الطرف الرئيس في ثاني أشهر السجالات,والذي مازال مستمراً حتى كتابة هذا الملف,وهو بين الكاتب في صحيفة الجزيرة السعودية محمد بن عبداللطيف آل الشيخ,وبين الشيخ الفوزان,وهو سجال لا يعتمد الكاتبان على نقطة معينة أثناء الإنطلاق منه. بل هو سجال عام حول أمور كثيرة.

الحالات السابقة برموزها,تثبت عدم قدرة المساجد على عودة قوية لقيادة الخطاب الصحوي,مما أجبر كثيراً من الصحويين على التواصل مع وسائل الإعلام ومحاولة خطب ودها والكتابة فيها والرد على من ينشرون فيها. حتى أصبح عضو هيئة كبار علماء في السعودية يتابع الصحف بشكل يومي ويرد على ما فيها.

اجمالي القراءات 2070
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق