الأحاديث (النبوية):
السجود

م.صهيب نور Ýí 2012-03-11


السجود  

بقلم:صهيب نور

 

       السجود لله تعالى مطلوب من جميع المخلوقات، و إذا كان الله لا يحويه المكان ولا يجوز عليه الزمان،فهو خالق المكان و الزمان، فالسجود له مباشرة غير ممكن، فحدد لكل مخلوق نقطة مرجعية يسجد باتجاهها، فحدد في وقت ما للملائكة نقطة مرجعية للسجود نحوها هي آدم، و حدد للناس نقطة مرجعية للسجود نحوها هي الكعبة، و حدد لكواكب المجموعة الشمسية نقطة مرجعية للسجود نحوها هي الشمس، و حدد للبروتونات و النيوترونات و الالكترونات في الذرة نقطة مرجعية للسجود نحوها هي النواة، و هذا معنى قوله تعالى { وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } (الرعد : 15 )

هذا السجود للمخلوقات هو في الحقيقة سجود لله تعالى، و لكن لا يكون السجود لله تعالى إلا بالسجود بالاتجاه الذي يريده الله تعالى لنا، أما ابتداع نقطة مرجعية أخرى غير التي حددها الله تعالى لنا فهو الكفر، من هنا لم يكن امتناع إبليس عن السجود لآدم اعتراضاً على السجود بحد ذاته،فهو يعلم أن هذا السجود لله تعالى، بل كان امتناعه عن السجود اعتراضاً على النقطة المرجعية التي حددها الله تعالى له ليتوجه إليها في سجوده،إذ كيف تكون النقطة المرجعية له أقل شأناً منه (حسب تصوره هو)، و سواء كانت النقطة المرجعية له أقل شأناً منه أو أكثر فكان المفروض عليه أن يسجد طاعة و استسلاماً و تسليماً لأمر الله تعالى

هذه النقطة المرجعية التي تم تحديدها للمخلوقات هي بتعبير القرآن الكريم :القِبلة أو البيت

و لكي يوضح لنا الله تعالى أن حركة الأجرام السماوية هي في حقيقتها سجود لله تعالى، لذلك ذكر الله تعالى قصة يوسف عليه السلام حين رأى في منامه الأحد عشر كوكباً و الشمس و القمر ساجدين له، هدف القصة هو توضيح الربط بين سجودنا للكعبة و سجود الأجرام السماوية لجرم مركزي معين.

 

و هكذا فسجود المخلوقات لبعضها هي عبادة للخالق، لكن بشرط أن يسجد كل مخلوق في الاتجاه الذي يأمره الله تعالى به، و سجوده لشيء آخر غير الذي يحدده الله تعالى له هو الكفر، كسجود المشركين للأصنام،و كسجود الهندوس للنار، وكسجود المسيحيين للمسيح عليه السلام،و كسجود اليهود لحائط المبكى،و كسجود البوذيين للبقرة، فهذا كله حتى لو افترضنا أن المقصود منه عبادة الله تعالى فهو ابتداع لعبادة ما أنزل الله بها من سلطان.

 

حين طلب الله تعالى من الملائكة السجود لآدم، فلو سجد إبليس لأحد الملائكة بدلاً من آدم لكانت النتيجة نفسها و هي الكفر، لأن العبرة ليست في السجود بحد ذاته، العبرة في السجود حسب الطريقة التي يريدها الله تعالى.

 

القبلة التي حددها الله تعالى للناس منذ بداية حياتهم هي الكعبة، لكنها لم تكن البيت الوحيد (إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركاً و هدى للعالمين)، إذن هو أول بيت أو قبلة للناس و بالتالي هناك بيوت أو قِبلات أخرى تم تحديدها لأقوام معينين و لزمان معين، و إسحق عليه السلام لم يشهد إعادة بناء الكعبة مع إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام،فلم يعرف بها، لذا كانت كل ذريته لا تتخذ من الكعبة قبلة،فيعقوب عليه السلام و أبناؤه طُلِب منهم السجود ليوسف،و بنو إسرائيل في أيام موسى عليه السلام طُلِب منهم السجود باتجاه بيوتهم  (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) يونس87

 

و قد أمر الله تعالى خاتم النبيين عليه السلام و المؤمنين بتغيير القبلة التي هي الكعبة إلى قبلة أخرى (يبدو أن الله لم يذكرها لنا في القرآن لعدم أهمية ذكرها) ثم ما لبث أن أمرهم بعدها بالرجوع إالى قبلتهم الاولى و هي الكعبة، وهذا كله هدفه أن يبين الله للمؤمنين أن العبرة ليست بالقبلة نفسها،العبرة بتنفيذ أمر الله تعالى بالتوجه إلى تلك القبلة، و هذا يوضح لنا مدى الغباء الذي يرتكبه (المسلمون) في محاولة لمس جدران الكعبة و التبرك بها كي تقربهم إلى الله زلفى، كالمشركين تماماً.

 

(وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(143). البقرة

.

و بالتالي فالعبرة في النهاية هي في اتباع الرسول أي الرسالة التي يوحيها الله إلى الرسول ليبلغها للناس، هذه هي العبرة من كل قصص السجود في القرآن، و آيات القبلة،و تغييرها، الهدف في النهاية هو الاستمساك بالوحي الإلهي(القرآن الكريم في زمننا) مهما كانت أحكامه صعبة التطبيق أو مخالفة للمعهود

 

إذن لا تتركز الأهمية على السجود بحد ذاته،و لا على القبلة التي نتوجه إليها، الأهمية تتركز في اتجاه السجود حسب أمر الله تعالى، و هذا توضيح لنا بأنه لو كان هناك شخص يؤمن بوجود الله و وحدانيته ولا يؤمن بالرسالات الإلهية، وإذا كان يعبد الله بالطريقة التي يختارها أو يبتتدعها فلن تنفعه يوم الدين،فهو في الآخرة خاسر لا محالة،و الأمر نفسه ينطبق على من يؤمن بكل الرسالات السابقة إلا رسالة الإسلام، و الأمر نفسه ينطبق على من يؤمن برسالة الإسلام و يأخذ بتشريع آخر غيرها مثل كتب الحديث و تشريعات الفقهاء التي لا تتخذ من القرآن مرجعاً وحيداً في التشريع. إذن مهما أخلص المسلمون عبادتهم لله فلن تنفعهم طالما أنهم يتخذون مع الله مشرعين آخرين ككتب الحديث و فتاوى فقهائهم

 

لذا فإن كل ما هو خارج عن الوحي الإلهي القرآن الكريم من تحليل و تحريم فهو كفر، تماماً كالسجود لغير الكعبة

 

فإذا غطت المرأة وجهها أو شعرها بغية التقرب إلى الله تعالى، فهذا الفعل هو كفر لأنه تقرب إلى الله بغير الطريقة التي أرادها الله في رسالته (القرآن)، و الامتناع عن لبس الذهب و الفضة و الحرير تقرباً إلى الله كفر لأنه تقرب إلى الله تعالى بغير الطريقة التي أرادها الله تعالى،و إعفاء اللحية بهدف التقرب إلى الله تعالى كفر لأنه تقرب إليه بغير الطريقة التي أرادها الله تعالى

 

تُرى هل كانت مشكلة المشركين مع الإسلام أنه يدعو إلى الإيمان بالله تعالى و توحيده ؟

 

(و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض سخر الشمس و القمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)61 العنكبوت

 (و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن خلقهنالعزيز العليم)9 الزخرف

(و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون)87الزخرف

فقد كانوا على علم بأن الله تعالى هو خالق الكون و أنه يمتلك صفات الألوهيةالتي تليق به (كالعزيز والعليم)

إذن مشكلتهم مع الرسالة التي لا يريدونها (القرآن) و هي نفس مشكلة المسلمين مع القرآن،هم لا يريدونه (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم)9 محمد

 

ما سبق يوضح لنا سبب تكرار طلب الله تعالى لرسوله الكريم بالالتزام بالوحي(القرآن) و التمسك به (فاستمسك بالذي أوحي إليك)

(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)

(اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله و المسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً)

حذار ثم حذار أيها المسلمون، لا حجة لكم أمام الله تعالى يوم القيامة، فالقرآن محفوظ من التحريف و التبديل ليكون حجة عليكم كي تتمسكوا به وحده دون غيره من الكتب

 

 

 

 موضوع فرعي: الأحاديث

    

      يُبحث موضوع الأحاديث (النبوية بزعمهم) من ستة محاور، كل محور بمفرده كاف لنسف حجية الأحاديث و كُفر كل مَن يأخذ بها سواء في العقيدة أو الشريعة اي سواء في العلم أو العمل، و هي كالتالي:

 

1- جميع آيات القرآن تنص على أنه لم ينزل على رسول الله وحي غير القرآن،فالقول بنزول وحي آخر غير القرآن على محمد،كفر بكل تلك الآيات،و إليك أمثلة (و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) إذن الذي نزل على محمد هو سور،أي قرآن،و الأحاديث ليست سوراً، (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافضون)و راجع جميع آيات القرآن التي تتحدث عن ماذا نزل على محمد،كلها تنص على أنه نزل عليه القرآن و القرآن فقط، و القول بنزول شيء آخر عليه غير القرآن تكذيب لكل تلك الآيات (كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به و ذكرى للمؤمنين.اتبعوا ما أُنزِل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء،قليلاً ما تذكرون)2و3 الأعراف. إذن الذي أنزل على الرسول هو الكتاب و هو الذي أمرنا باتباعه، و اتباع كتب أخرى اتباع لأولياء من دون الله تعالى

﴿وَٱلَّذِيۤأَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ﴾ (فاطر 31).

 

2- امتناع الرسول و الصحابة و التابعين عن تدوين الحديث، حتى لقفه البخاري فأنقذ دين الله من الضياع!!! وظيفة الرسل جميعاً أن يبلغوا رسالات ربهم و ليس أن يشرحوها ﴿يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ؟﴾ (الأنعام ﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ....﴾  

 

لاحظ هنا أنني لم أستشهد بعشرات الأحاديث المسجلة في كتب الحديث و التي تروي أن النبي كان ينهى عن كتابة أي شيء عنه غير القرآن، فالثابت تاريخياً أن الحديث تم تدوينه بعد زمن الرسول و التابعين،و القول بأن النبي كان ينهى عن كتابة الحديث خوفاً من اختلاطه بالقرآن كلام فارغ. خاصة و أن الرسول نفسه هو من كتب القرآن بيده و عاونه في ذلك عدد من أصحابه بإشرافه. فلو كان الحديث مطلوباً من المسلمين لكتبه الصحابة دون أن يختلط بالقرآن.خاصة و أن القرآن محفوظ حفظاً إلهياً من التحريف و لا خوف عليه،و الماء لا يختلط بالزيت لاختلاف كثافة كل منهما. (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عبيهم آياته) فوصف العرب بالأميين أي الذين ليس لديهم كتاب كأهل الكتاب. و العرب كانوا بالتأكيد يعرفون القراءة و الكتابة فهم أصحاب المعلقات و الشعر الذي يفيض بلاغة و فصاحة.فوصف النبي عليه السلام بالأمي تعني أنه لم ينزل على أمته كتاب مثل أهل الكتاب.و ليس المقصود أنه جاهل للقراءة و الكتابة.فهو الذي كتب القرآن،و هو الذي قال الله فيه(رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة) و بالتالي لم يكن هناك خوف من اختلاطه بالجديث كما يتوهم المغفلون.إذا كان الهدف هو الخوف من اختلاطهما فأعطني دليلاً واحداً أنه قال أنه منع كتابة أي شيء عنه غير القرآن خوفاً من اختلاطه بالقرآن.لا دليل.هي فرضية افترضها الأئمةو هي اتباع للظن الذي نهى الله عن اتباعه.

 

في اعتقادي فإن امتناع النبي و أصحابه عن كتابة الحديث هدفها عدم تقديس شخص النبي و الالتفات إلى الرسالة التي بلغها عن ربه، و لكن المسلمين وقعوا فيما كان يخافه الرسول،لذا سيشكوهم يوم القيامة لله قائلاً (و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)

 

و إذا أردت التوسع في الموضوع فارجع إلى كتاب أحمد صبحي منصور (إنكار السنة في مقدمة صحيح مسلم)

                                                                                  

3- القرآن يرفض شهادة الواحد،ففي الناحية المالية حدد شهادة رجلين أو رجل و امرأتين كحد أدنى،وفي الزنى حدد أربعة شهود كحد أدنى، و ما يزيد على 90% من الأحاديث هي آحاد،و ليتها مجرد أخبار آحاد وصلتنا مباشرة من الراوي عن الرسول،بل هي عن فلان عن فلان عن فلان عن فلان عن الرسول،فنسبة الصحة في هذه الأحاديث تقترب من الصفر.

إذا كان الله تعالى لا يرضى بشهادة الواحد في أمور المال و الذي هو حطام الدنيا فكيف يقبل بها في الدين أيها الجاهلون.

 

4- القرآن يرفض بشدة اتباع الظن، و هنا القرآن لا يفرق بين العلم و العمل كما توهم بعضهم حين ظن أن اليقين مطلوب في العلم أو العقيدة و ليس مطلوباً في العمل أي في الشريعة،فعبادة المشركين للأصنام هي لتُقربَهم إلى الله زلفى،فهي عمل أو شريعة و ليست علماً أو عقيدة.

(و ما يتبع أكثرهم إلا ظناً،إن الظن لا يُغني من الحق شيئاً)36 يونس

نعم الأحكام الشرعية قد تكون ظنية من جهة دلالة النصوص القرآنية، و إما ظنية من حيث التطبيق. أما أن تكون ظنية من جهة الثبوت،فهذا ما لايقبله القرآن فسماه اتباع الظن

 

5- القرآن يؤكد في آيات عديدة أنه تبيان لكل شيء،و أنه الكتاب المبين فلا يحتاج لكتب خارجه لتبينه فهو مبين بذاته(يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبيناً)(تلك آيات الكتاب المبين)(تلك آيات الكتاب و قرآن مبين)(و هذا لسان عربي مبين)(و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات)(تلك آيات الكتاب المبين)(بلسان عربي مبين)(إن هو إلا ذكر و قرآن مبين)(حم.و الكتاب و المبين.إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)(حم،والكتاب المبين،إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)(و إذا تتلى عليهم أياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين)(رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبينات) و القرآن فيه نبيان كل شيء و تفصيل كل شيء (و نزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء)(ما فرطنا في الكتاب من شيء)(و كل شيء فصلناه تفصيلاً)(أغير الله أبتغي حَكَماً و هو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾ (الفرقان 33).    ﴿مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾.(يوسف 111)﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ (الأعراف 52). ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ (هود 1). ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ (الأعراف 32).. ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون﴾ (يونس 24).. ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم 28). ويقول تعالى ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (فصلت 3).          

       و تفاصيل الحج و الصلاة و الصيام لم يوضحها القرآن لأنها كانت واضحة وقت نزول الرسالة،فقد تواترت عن إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام،و سماها الله تعالى في القرآن ملة إبراهيم. والله لا يوضح الواضح،و لو حصل هذا لكان ثرثرة زائدة و حاش لله" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا" قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ َ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ - فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)"

." وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)          

     إذن القول بأن القرآن لم يفصل كل شيء كفر بالآيات التي تقرر ذلك. و المشركون وقت نزول الرسالة كانوا يصلون و يصومون و يحجون و يتصدقون عملاً بملة إبراهيم، لكن هذا لم ينفعهم لأنهم اتخذوا من دونه أولياء أي مشرعين مع الله تعالى فأحبط الله تعالى أعمالهم.(و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون)، و أما قوله تعالى(و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فالبيان لا يكون من شيء خارج الكتاب بل يكون من داخله بدليل:﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ﴾ (البقرة   ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ (المائدة 15)﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّلِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

 

          6- معظم ما ورد في كتب الحديث يتناقض بشكل فاضح مع كتاب الله،فقصة خلق آدم من تمثال من طين، و قصة خلق حواء من ضلع آدم،و قصة نزول المسيح آخر الزمان، هي من هرتقات أهل الكتاب،والمعجزات أو الكرامات التي كان يُجريها الله على يد محمد غير القرآن و أحاديث علامات الساعة و التنبوء بالمستقبل تتنافى تماماً مع القرآن ، فكل حديث يتناقض مع عشرات الآيات و بالتالي الأخذ به يعني الكفر بتلك الآيات

ماذا دهاكم أيها السيون و السلفيون تدافعون عن كتب الحديث و كأن فيها البلسمُ الشافي! و أنتم تعلمون أن كل ما فيها افتراءات على رسول الله بأنه كان رجلاً جنسياً و يشجع على الزنى، و أنه كان يُسحر،و كان يعلم الغيب...إلخ

حين تقرأ قول الله تعالى (و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) فأنت تتوهم أن المقصود كالتالي:

أطيعوا الله:خذوا بالقرآن

أطيعوا الرسول:خذوا بالأحاديث

أولي الأمر منكم:الخلفاء

 

هذا فهم خاطئ لمصطلحات القرآن الكريم و أسلوبه في البيان

المطلوب طاعته في النص السابق واحد هو الله تعالى في رسالته التي أرسلها للرسول ليبلغ بها الناس،فطاعة الله تكون بطاعة رسوله الذي يبلغ رسالته، و بطاعة القضاة الذين يحكمون بالقرآن. (لتؤمنوا بالله ورسوله و تعزروه و توقروه-ولم يقل تعزروهما و توقروهما-)(و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده-و لم يقل و يتعد حدودهما-)(والله و رسوله أحق أن يرضوه-و لم يقل يرضوهما-)(و إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم –و لم يقل ليحكما- بينهم)(إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسولهليحكم –و لم يقل ليحكما- بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا)(و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه – و لم يقل و يخشالله و رسوله و يتقهما- فؤلئك هم الفائزون)(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله و إذا كانوا معه –و لم يقل معهما- على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه-و لم يقل يستأذنوهما-)

فالله تعالى يطلب منا طاعته، و لأن الله لا يخاطبنا مباشرة بل يرسل بخطابه إلى رسول ليبلغ خطابه،فتكون طاعة الله بطاعة رسوله، فعطف طاعة الرسول على طاعة الله هو عطف بيان و هو أسلوب معروف في اللغة العربية كقوله تعالى (تلك آيات الكتاب و قرآن مبين)

 

مختصر الكلام أن دين أهل السنة هو نفسه دين قريش وقت نزول القرآن،و قد تمت إعادة صياغة هذا الدين الكافر من جديد بعد فترة وجيزة من وفاة الرسول

فعبادة قريش للأوثان و تقديسهم للحجارة،تمت أسلمتها بتقديس الحجر الأـسود،هي نفس حجة قريش في أنهم ما يعبدونها إلا لتقربهم إلى الله زلفى،  و منع ناس معينين من الحج للبيت العتيق (و كان الرسول و أصحابه منهم حيث منعتهم قريش من الحج إليه قبل فتح مكة) تمت أسلمته بمنع الناس من الحج إليه إلا إذا كانوا مسلمين،مع أن كل آيات الحج واضحة و صريحة في أن الحج و الكعبة هي للناس جميعاً و ليست خاصة بطائفة معينة أو أصحاب دين معين.

و التحليل و التحريم خارج الوحي الإلهي تمت إعادة أسلمته بنسبة أحاديث لخاتم النبيين تحرم الحلال و تحلل الحرام

فهؤلاء المليار و نصف (مسلم) ليسوا مسلمين بل هم على نفس دين قريش البدوي المتخلف الذي جاء الإسلام يحاربه، و إن كانوا يؤدون الصلاة و الحج و الصيام و الصدقة بنفس الشكل الذي كان يؤديه خاتم النبيين و لكن لم يتم إخلاص العبادة لله بأخذ أوامره و الانتهاء عن نواهيه حصراً

و هذا المعنى واضح في قوله تعالى عن أهل الكتاب (اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من  دون الله و المسيح ابن مريم) فأحبارهم و رهبانهم كانوا يشرعون لهم من دون الله، و إن كان الهدف من هذا التشريع هو التقرب إلى الله تعالى، لكن بتشريع بشري مبتدع فكان كفراً تماماً كعبادتهم للمسيح و اتخاذه إلهاً،لا فرق

الإسلام الذي يريد أن يقنعني به السنيون و السلفيون هو دين قريش البدوي المتخلف و الذي لا صلة له إطلاقاً بالإسلام الذي نزل على محمد و الذي كان قد نزل على كل الأنبياء من قبله

 

و الدولة الدينية التي يسوقونهاهي نفس دولة قريش التي جاء الإسلام يحاربها بشدة، و ما لبثت قريش أن أعادت بناءها على أنقاض دولة الرسول التي بدء تصدعها بعد وفاة الرسول مباشرة و قُضِيَ عليها تماماً بانتهاء خلافة علي بن أبي طالب

دعوتنا إلى الاكتفاء بالقرآن و نبذ كل الأحاديث (النبوية) ليست هدماً للإسلام كما يتوهم المشايخ. بل هو هدم لدين وثني ما أنزل الله به من سلطان.

بناء عليه سوف يشكوكم رسول الله يوم القيامة أيها المسلمون قائلاً:

﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً﴾ (الفرقان 30: )

 

 

اجمالي القراءات 5113

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الأحد ١١ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65034]

لقد أحسنت القول والمقال م. صهيب نور..

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته / م صهيب نور وجزال الله خيراً على خذا التوضيح لمعنى السجود في القرآن .. وحقيقة السجود .. ومكان وزماته ..


 وسجود الأفلاك موعظة وعبرة للرؤساء والخلفاء والمُلاك..


 لو تدبر المسلمون القرىن لأرحاهم من مذلة السجود والخصوع لغير الله وما فيه من مهانة أن يسجوا لمخلوقات مثلهم أيا كانت تلك المخلوقات..


 ملائكة او أحبارا او رهبانا او صحابة أو بخاريا أو مسلما او ترمزيا أو ماجيا او شافعياً الخ الخ ..


 جعلنا الله وإياك ممن لا يسجون إلا لله تعالى ..


شكرا لك وإلى لقاء في مقال آخر إن شاء الله.


2   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١١ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65036]

مقال قيم وقوى

اكرمك الله استاذ صهيب .


مقال قوى وقيم يعود به الأستاذ صهيب لمقالاته بعد غيبة طويلة . جمع فيه بين مفهوم القبلة أو إتجاه سجود المخلوقات ،وبين بطلان حجية (الأحاديث والروايات ) كمصدر من مصادر التشريع والعقيدة الإسلامية ... 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-15
مقالات منشورة : 0
اجمالي القراءات : 0
تعليقات له : 10
تعليقات عليه : 26
بلد الميلاد : Jordan
بلد الاقامة : Jordan

احدث مقالات م.صهيب نور
more