وسائل الحصول على العزة الحقة:
مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ

لطفية سعيد Ýí 2016-12-31


 
مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ(10)فاطر
وردت جملة (من كان يريد ) في القرآن بالشكل السابق خمس مرات جميعها تكفل الحرية للإنسان في اختيار ما يريد ،  سنتحدث باختصار عن أربع آيات ، وسيكون التركيز على الآية العاشرة من سورة فاطر ، والله نسأل التوفيق ..
ففي سورة النساء إن كان يريد ثواب الدنيا فبوسعه اختيار ما يرضاه الله من أعمال، وهو سيجمع بمشيئة الله  ثواب الدنيا والآخرة   :
النساء - الآية 134مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا(
أما إن كان يريدالحياة الدنيا مركزا أولوياته فيها فقط يضعها فقط نصب عينيه، ويسعى ويكل من أجلها سيحصل على نتيجة عمله دون بخس : 
هود - الآية 15مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ
ونفس الشيء فمن أراد باختيار حر منه المتعة العاجلة في الدنيا ،غير مكترث بالدارالآخرة ،سيأخذ بنفس الطريقة العاجلة (عجلنا له )، ولكن وفق مشيئة وإرادة الله سبحانه، وليس كما تمنى هو ، وسينتظره عذاب جهنم مذموما مدحورا: 
الإسراء - الآية 18مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا
ويأتي التعبير عما جاء في الآية السابقة نفس المعنى تقريبا ولكن بطريقة الحرث ، وباختياره حرث الآخرة يزد له رب العزة في ثوابه ، أما من اختار حرث الدنيا فسوف يأخذ من هذا الحرث ولنلاحظ معا استخدام ( من ) التي تدل على أنه سيأخذ نصيب أو جزءا فقظ ، وليس له في الآخرة أي نصيب :    
الشورى - الآية 20مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ
نأتي لآية 10 من سورة فاطر والتي نتناولها بشيء من التفصيل :
فاطر - الآية 10مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ
البداية  مع أسلوب الشرط وأداته  (من  )، وكما نعرف أنها تخص العاقل والعاقل وحده المكلف باختيار (من كان يريد ) إرادة العزة، وما هي العزة القوة والمنعة في ماذا ؟ فقد تكون العزة في الدنيا على صورتين منها ما جاء في الوصف القرآني لعزيز مصر (يوسف )عندما جعله ملك مصر على خزائن الأرض، ولا يخفى عليكم ما تمتع به يوسف عليه السلام من صفات هيأته لأن يكون هذا العزيز ،والثانية هي عزة مزيفة غير حقيقية يتوهمها كل من جمع مالا ونفوذا، ولم يبتغ بماله ولا نفوذه الدار الآخرة .. بل أفسد أوكان بطانة للمفسدين ..وهذه العزة هي عزة الظالم الغافل عن الحساب وجاء الوصف القرآني يصف تذوق هذا  العزيز للعذاب  عن طريق الأكل من شجرة الزقزم، فقد ألهته شهواته عن العمل لليوم الآخر ، ففي سورة الدخان : 
(الدخان الآيات من(43 )إلى 49: الدخان - الآية 49 إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ..طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ
ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ  .. إذن عرفنا أي نوع عزة  هذا ..نريد  العزة التي تجعلنا في بعد عن شجرة الزقزم، وفي بعد  عن وصف أثيم) الذي هو صيغة مبالغة تدل على الكثرة في فعل الآثام  ..
 وعودة إلى العزة التي تأتي اختيارا من المؤمن اختيارا حرا .. وللوصول لهذه العزة الحقيقية ، علينا باتباع خطوتين مقترنتين، الأولى :الكلم الطيب ، وما هو ؟  هو عكس الكلم الخبيث ، وقد جاء الوصف للكلمة الطيبة وصفا معجزا عندما قال رب العزة عنها، أن أصلها ثابت وفرعها في السماء، تأتي أكلها كل حين بإذن ربها ، فقد ضرب رب العزة مثلا يفهمه البشر ،فهي كالشجرة المفيدة التي تثمر ثمرا طيبا بإذن ربها،  فلا يأت منها إلا كل خير ، فهي مصدر سعادة وخير لمن حولها هذا ولأن الكلم الطيب هو بابك لدخول الجنة :
24 أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ابراهيم - الآية 25 تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ »
أما الكلمة الخبيثة فيأتي ذكرها على هذا الشكل : 
ابراهيم - الآية 26 (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)
أما ما خبث لا ينتج إلانكدا:
(لأعراف - الآية  58وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)
 حتى وإن أنفقت فعليك الإنفاق من الطيب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
وتعقد الآيات مقارنة بين الطيب والخبيث نقرأ معا :
(المائدة - الآية 100قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، ولذلك كان التمايز بين الطيب والخبيث تمايز نوعي  ،وليس كمي ، حتى لا تعجب بكثرة الخبيث ..ولأن كل كلم طيب يصعد لله .. والذي يعمل على رفع هذا الكلم هو عملك الصالح ،فعليك أن تقرن كلمك الطيب الجميل بالعمل الصالح ..أي تعمل  ما قلته عمليا ، أو تزاوج الكلم الطيب بالعمل الصالح  حتى (يرفعه).
أذكركم أن إبليس نفسه كان على قدر كبير من العلم ،فهو يعلم أن العزة لله جميعا فعند توعده  لآدم وذريته: (قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82 ص ) لحسده آدم وذويه ،وعصيانه أمر رب العزة في السجود طاعة وامتثالا ، فكان عقابه واختبارانا ..
وبعد من منا يستطيع  الوصول لهذه العزة ،متبعا وسالكا ما حدده رب العزة لها من كلم طيب ، وعمل صالح ؟!
اجمالي القراءات 8589

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الإثنين ٠٢ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84240]

وجعلوا أعزة أهلها أذلة...


 الاستاذة الفاضلة عائشة حسين ،السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته  كل عام وأنتِ بخير  أنتِ وأسرتك الكريمة. بمناسبة العام الجديد، أعاده الله تعالى عليكِ وعلى كل الناس بخير وسلام.



 كنا ونحن صغار نحفظ سورة النمل  وعند الآية الكريمة وهى تصف موقف ملكة سبأ و في قوله تعالى. .. قالت إن الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلةً وكذلكَ يفعلون النمل ٣٤.



 كانت الآية الكريمة تستوقفني وأنا فتى وقد دهشت من موقف ملكة سبأ من الملوك وهى ملكة مثلهم ولم أكن  تعمقت في فهم  هذا الموقف المناهض وربما الرافض لطبيعة سلوك الملوك المتسربلين بالقوة وبالبأس ،  بجيوش وقواد حربيين ووزراء  وخزائن مليئة بالذهب   وفارغة من الكتب. 



يعني قوة غاشمة بغير عقل ، كانت هذه طبيعة الملوك وطبيعة العصر والعصور الغابرة  فلا نقاش ولا اعتراض ومن يفعل يقتل.



2   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الإثنين ٠٢ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84244]

تابع وجعلوا اعزة أهلها أذلة..


 واليوم وبعد ان منَّ الله تعالى علينا بحب القرءان والقرب منه  ، فيمكن أن نتبين الكثير من موقف هذه المَلِكَة  في رأيي البسيط .،  أن موقف الملكة وهذه المرأة أنموذج  رائع وحيٌّ   وقد خلده القرءان العظيم ،  واصبح تلاوة يتعبد بها ونتقرب الى الله تعالى بفهم وتدبر  آيات بينات تصف  وتُعَرّف  بهذه الملكة المرأة النبيلة المهتدية بإرادتها ومشيئتها البشرية المحضة . الخالصة المخلصة.



 ملكة لم تغتر بقوة سلطانها وصولجانها ولم تخدعها مظاهر القوة الغاشمة في عصرها والتي كانت مِلْكاً لها في عصر سحيق  يسحق الضعفاء بجبروت البطش الغاشم ، فالانسان كان في وقتها آلة في ترس المملكة  وفي فلك الملك يدور ولا ارادة ولا كرامة ولا عزة.



 فالارادة والكرامة والعزة كانت للملأ  فقط وللأثرياء من التجار  والنبلاء  وباقي الشعب ، يئن ويرزح تحت نير الملوك والأباطرة.



3   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الإثنين ٠٢ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84245]

تابع وجعلوا ... تحية لتلك المرأة الملهمة الملكة المسالمة..


 فجماعات أصحاب المصالح يتحالفون مع النبلاء الحربيين أولو القوة وأولو البأس   لصالح المَلِك ولصالح  أنفسهم وأموالهم ومكانتهم  ومغانمهم.



 وكانت تلك الملكة الحكيمة الكريمة بشعبها  تعي ذلك وتدرك ذلك. وتستطيع  بغريزة المرأة  الحكيمة اولاَ وبعقل الملكة ثانياً .وكانت تستطيع أن تستشعر مكامن الخطر التي يمكن أن يهدد مملكتها ومَلَئٍهَا وشعبها من بطش الملوك  الغزاة المعتدين،  ولهذا عندما جاءها رسول فوق العادة رسول لم يُسَخَّر لملك  قبل سليمان . عليه السلام . الا وهو الهدهد.



 فهمت  ملكة سبأ خطورة الموقف ومغبة معارضة أقوى الملوك في كل العصور، ووصفت طبيعة السلوك للملوك في عصرها وفي غالب العصور قبل  وبعد عصرها.



 وانهم يدخلون القرى يذبحون  ويستذلون الشعوب  والملأ في حال انتصارهم،  وانهم كذلك يفعلون.  ويأتي التعبير القرءاني المعجز الموجز على لسان ملكة سبأ .. قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة. وكذلك يفعلون...  انظري معي أختي الكريمة في  روعة التعبير والوصف  .. أعزة أهلها أذلة...  التضاد في المعنيين. العزة والذلة وكلا منهما يشرح الآخر ويوضحه في  هذا الموقف  بالتعبير الانساني النسائي الملكي.



وتأخذ ملكة سبأ قراراً  هو درس وعبرة وموعظة لكل ملوك الأرض  واباطرتها وأمرائها ورؤسائها.  لو أرادوا  حماية شعوبهم  والذود عنهم بقوة العقل والحكمة وليس بقول البطش والغرور والتكبر امام قوة  أكبر من قواهم.



 وكان قرارا الاسلام والاستسلام  الشجاع الحكيم لصالح شعبها  وحماية لهم  وذوداَ عنهم. بكل تجرد من الكبر والغرور والغباء، 



 تحية لتلك المرأة المؤمنة الملهمة الحكيمة المسالمة. ملكة سبأ



4   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الإثنين ٠٢ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84249]

تحية للدكتور الكريم محمد شعلان ، ولي رجاء


ما ذكرته يا دكتور من تعليقات تكفي لعمل مقال فيه تدبر رائع جدا لآية (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34) النمل  وما أجريته من مقارنة بين ملكة سبأ كمثال للملكة التى تخشى على شعبها أكثر من خشيتها على ملكها ، كما انها تعد مثالا للديمقراطية أو الشورى بالتعبير القرآني فيما عقدته من جلسة حوارية مع زورائها ومساعديها !! فماذا أقول زادك الله من نعمة القرب من آياته، ولكن 



من فضلك ضع تعليقاتك هذه في مقال ودعنا نستفيد من تدبرك في القرآن هذا رجاء 



5   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ٠٤ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84292]

طلب مجاب


 طلب مجاب ان شاء الله تعالى. ونرجوا التوفيق والسداد  ، فالمخلصون لوجهه تعالى  يبغون رحمته ومغفرته



 دمتم بكل خير.



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-10-30
مقالات منشورة : 113
اجمالي القراءات : 1,949,239
تعليقات له : 3,703
تعليقات عليه : 378
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt