{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة8:
التفتيش في ضمائر الناس والولاء والبراء

Ezz Eddin Naguib Ýí 2016-01-30


التفتيش في ضمائر الناس والولاء والبراء
كُل مُؤمن بوحدانية الله واليوم الآخر وعمل صالحا فهو مُبشر بالجنة
سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مُسلما أو صابئا ترك دين قومه ليعبد الله وحده
والمصيبة عندما تجد من يدعو نفسه مُسلما وهو مُشرك بالله، ويعبد غيره (أي يُطيعه فيتبع غير كلام الله)، ويدعوه عند الحاجة (بحجة أنهم أولياء الله سيُقربونهم لله زلفى)، وفيه كُل العبر، ثم يستشهد بقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} آل عمران110

المزيد مثل هذا المقال :

والطبيعي من أمثال هؤلاء المنافقين أن يستشهدوا بجزء من الآية ويتجاهلوا بقيتها
والجزء الأول الذي يتجاهلونه هو شروط الخيرية: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
والجزء الثاني الذي لا يرونه أساسا هو أن أهل الكتاب (ومن يدعون الإسلام أيضا) فيهم المُؤمنون وأكثرهم الفاسقون كما في بقية الآية: وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ
فكُل من آمن بالله وعمل صالحا سيدخل الجنة، وهذا ما أكده سُبحانه بوضوح تام في آيتين، وضمنيا في آيات أُخرى
ويكفينا هاتين الآيتين:
آ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة62
آ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} المائدة69
أما أخونا مُدعي الإسلام فقد صدَّق من قالوا له:
إن الرسول سيشفع لكل من قال لا إله إلا الله وإن زنا وإن سرق!!
وصدق من قالوا له: إن من في قلبه ذرة من الإيمان سيدخل الجنة!!
وأن الله سيأخذ ذنوب المُسلمين ويضعها على أهل الكتاب!!
بل وإن كفارا لم يعملوا خيرا قط سيغترفهم الله بيده من النار ويضعهم في ماء الحياة ثم يُدخلهم الجنة، وهؤلاء سموهم عُتقاء الرحمن!!
وتري الأغبياء يدعون الله وهم يبكون بأن يكونوا من عُتقاء الرحمن!!
ولأنهم صدقوا حديث أن الحج أو العمرة يغسل ذنوب العام والذنوب السابقة، ترى الأغبياء واللصوص يعتمرون أو يحجون كل عام ليبدأوا السرقة والفُجر في العام الجديد على نظافة!!
ويرفض أن يُسلم على النصراني أو اليهودي لأنه يعتقد أنه كافر وأن دينه – أي الإسلام الذي لا يعرفه – يأمره بذلك!
يقول تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} المؤمنون117
يا عم خِّليك في حالك لأنك لا تعلم ما في القلوب، ولكن إزاي لابد من أن يُفتش في ضمائر غيره؟
لأنه لا يسمع أو يرى آيات الله مثل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} المائدة105
و {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة8
ويستشهد المُتشددون بالآية: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة111
فاليهود يظنون أنه لن يدخل الجنة إلا اليهود
والنصارى يظنون أنه لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا
ولكن المُشكلة هي أن مُدعي الإسلام لا يفطن إلى أنه يفعل الشيء نفسه ويظن أنه لن يدخل الجنة إلا هو
ولذلك أذكرهم مرة أخرى بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة62
فكُل من يُؤمن بالله وحده ويعمل صالحا فهو مُسلم عند الله مهما كان اسم دينه في الدنيا، وهو في الجنة بإذن الله
وعلينا أن نترك التفتيش في ضمائر الآخرين فحسابهم مع الله
فكفره أو إيمانه لن يضرنا بشيء فهذا حسابه مع ربنا، وإنما كونه مُسالما أو مُعتديا هو ما يُهمنا
فإذا كان مُسالما كان له منا البر والقسط أي نُواليه
وإن كان مُعتديا (حتى ولو يدعي الإسلام كداعش) فليس له منا إلا رد عُدوانه بالمثل ونتبرأ منه
فالولاء والبراء لا يكون إلا في حالة العدوان أي عندما تكون الحرب فقط وليس كما علمكم شيوخ الشياطين، واسمع قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 8 {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الممتحنة9
فالآية الأولى تأمر بالتَولي للمُسالمين، والآية الثانية تأمر بالتَبري من المُعتدين
وتذكروا أن إبراهيم عليه السلام والذين معه لم يتبرأوا من قومهم إلا بعد ما بدا بينهم العداوة والبغضاء بسبب فتنتهم لإبراهيم عليه السلام بمُحاولتهم قتله بتحريقه في النار، ليُغير دينه.
آ {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} الممتحنة4
ألا هل بلغت؟
اللهم فاشهد
عزالدين

اجمالي القراءات 10743

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأحد ٣١ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80258]

حفظك الله من كل مكروه ..!!


الاستاذ المحترم دكتور عز الدين نجيب .. 



مفردات المقال وفكرته تهدم ليس فقط اسس الدين السني بل جميع الاديان الارضية .. 



بحلو للسنيين في التأصيل لكراهيتهم لليهود والنصارى ذكر الآية (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120) البقرة 



ما يقولونه مردود عليهم فهم يفعلون ما كان يفعله اليهود والنصارى من ربط الرضا باتباع الملة .. فكل أهل الاديان الارضية يربطون رضاهم عن اي فرد او جماعه باتباع ملتهم والله سبحانه وتعالى حذر نبيه  (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ هْوَاءَهُمْ ( (الاسرائيليات في التفسير والحديث أ)بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ (القرآن )مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) 



شكرا للدكنور وحفظك الله من كل مكروه ..



2   تعليق بواسطة   ربيعي بوعقال     في   الإثنين ٠١ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80260]

إنه الدكتور عز الدين نجيب : كاتب جلي العبارة والأسلوب ، قوي الحجة موهوب، طبيب ولا كل الأطباء.


ألف شكر لكم ، وجزاكم الله خيرا ..



الدين الحق هو الإسلام ، والإسلام هو أن يسلم الناس من لسانك ويدك ، وأن يأمنوا شرك هو عين الإيمان، وما زاد عن ذالك يسمى: الإحسان، وليس لنا أن نفتش عن خبايا النفوس ، بل لنا الظاهر فقط .. والجنة ليست تحت ظلال السيوف ولا تحت أقدام النساء ، ولا تحت الحجر الأسود...   ويوم القيامة يتمايز الناس فريقان: أهل التقوى يساقون إلى جنة المتقين ، وللظالم مهما كان دينه دار أخرى.. هكذا أفهم ديني . .وهذه سبلي...ولا يسعني إلا أن أردد مع أخينا أحمد صبحي: '' قل يا أيها المحمديون لكم دينكم ولي دين'' .



Azul



3   تعليق بواسطة   Ezz Eddin Naguib     في   الإثنين ٠١ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80262]

أخويَّ الكريمين عبد الرحمن إسماعيل وربيعي بو عاقل


أشكركم شكرا جزيلا على تقريظكم ما كتبت

وأُذكركم بقوله تعالى:  ............. فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} النجم 32

بارككما الله



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2009-06-24
مقالات منشورة : 87
اجمالي القراءات : 2,627,944
تعليقات له : 355
تعليقات عليه : 499
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt