الكارما الهندية والتقوى الإسلامية
في الديانة الهندوسية مصطلح.."الكارما"..
ويعني وصول الهندوسي لحالة عليا من (الأخلاق) يكون فيها متناغم مع الطبيعة والكون والأشياء، يهدف لعمل الخير وبناء الإنسان وتقويم سلوكه على المستوى الفردي
الكارما هي هدف الهنود من التدين، بخلاف المسلمين فالمتدين المسلم يهدف لتكوين (دولة الإسلام وتطبيق الشريعة) بنزعة وصائية تحمله على العدوان وسلب الممتلكات ، وهو هدف تم اختراعه في العصر الأموي وصيغ حرفيا في التفاسير والأحاديث في العصر العباسي..
بخلاف ما يعتقده البعض
الهندوسية أفضل سمعة من الإسلام عالميا رغم أنها ليست ديانة تبشيرية، يعني بمجرد أن تحقق الكارما في نفسك تكون عند الهنادكة هندوسي حتى لو لم تعبد براهما، فالهدف هناك هو (الخير والسلوك القويم) أي أن آلهة الهندوس هم في الحقيقة وسائل لتحقيق الكارما وليسوا غايات في ذاتها، وهذه نقطة اشتبهت على كثير من المسلمين والمسيحيين، تعاملت شخصيا مع هندوس كثيرين .. يرون أن بمجرد فعلك الخير أصبحت إنسان بغض النظر عن دينك..
بالمناسبة: مفهوم الكارما عند الهندوس له مقابل في الإسلام وهو (التقوى) وقد حرض عليه القرآن كهدف أساسي من الشعائر والعبادات ومن التدين بشكل عام:
"يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون".. [المجادلة : 9]
"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".. [البقرة : 183]
"إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون".. [الشعراء : 106]
"إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون".. [الشعراء : 124]
"إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون".. [الشعراء : 142]
"إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون".. [الشعراء : 161]
"إذ قال لهم شعيب ألا تتقون".. [الشعراء : 177]
لاحظ أن كل دعوات الأنبياء للتقوى كهدف أساسي للعبادة، وهي تعني اتقاء الله بطاعته واتقاء الناس بالخير معهم
طبعا هذا التفسير للقرآن انتهى بتدخل فقهاء ومحدثي البلاط العباسي بحرف القرآن عن مقاصده واعتبار أن الدين جاء ليقيم (دولة الإسلام) وليس ليقيم (التقوى في القلوب) وهو الفيصل الذي جعل المسلم الآن يعاني من وصفه بالإرهاب..رغم أن كل صفات الكارما الهندية محققة في التقوى الإسلامية، لكن بعدوانية الشيوخ وجهل العرب شوّهوا الإسلام وتسببوا في اتهامه بالدين الوحيد المنادي بالإرهاب..
كذلك يوجد مفهوم آخر في البوذية إسمه.."النيرفانا"..وهذا يميل للذاتية والعزلة نوعا ما، ومختلف في الشكل عن مفاهيم الكارما والتقوى، لكن مضمونهم واحد.. نقدر نفهم بيه إن هدف التدين البوذي هو (الشعور بالسعادة) الناتجة عن التأمل والتفكر، ونقدر نربط بينه وبين الكارما والتقوى.. إن النيرفانا في الآخر تؤدي لنفس النتيجة وهي أن سعادة الإنسان تؤدي به لقناعات ذاتية يبتعد فيها عن الشهوات والشرور..
الخلاصة: أن الأديان الشرقية للهنود والصينيين تهتم أكثر بالأخلاق كهدف وغاية عظمى من التدين، ودا سبب لها سمعة دولية حسنة، أما شيوخ الإسلام حرّفوا هذا المشترك الإنساني الإسلامي معهم من التقوى لتكوين دولة الإسلام..وبالتبعية أثر على سلوك المسلمين بالسلب وجعلهم أكثر توحشا
اجمالي القراءات
9327