آحمد صبحي منصور Ýí 2014-12-22
كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الأول : العقائد الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف .
الباب الأول : مراحل العقيدة الصوفية وتطورها في مصر المملوكية من خلال الصراع السنى الصوفى
الفصل الرابع : وحدة الوجود وصراع الفقهاء مع الصوفية في القرنين التاسع والعاشر الهجريين
في القرن العاشر : الشعراني ممثل الفقه والتصوف
ثالثا : الشعرانى و تأويل عبارات الاتحاد للصوفية السابقين :
1 ــ وقرن الشعراني كلامه بالدفاع عن ابن عربي بدعوى أن ما كتب في مصنفاته مدسوس عليه أو أن ابن عربي قام بالرد على أهل الحلول والاتحاد [1] . ثم شمل شيوخ الاتحاد الباقين برعايته وأضفى عليهم حمايته يقول ( ومما منّ الله تبارك وتعالى به علىّ : عدم إصغائي بأذني إلى وقتي هذا إلى من يقول بكفر الحلاج أو غيره من القوم المذكورين في كتب الرقائق ، ولم أزل أؤول للقوم ما صح عنهم ، وأنفي ما لم يصح ) [2]. أي أنه يؤول ما صح نقله من كفرهم ويخفي ما لم يصح ..
2 ــ وقد وقع الشعراني في المحظور وهو يؤول إحدى شطحات أبي يزيد البسطامي يقول – مسنداً الكلام لشيخه الخواص- في تبرير قول البسطامي ( سبحاني ما أعظم شاني ) ( إن أبا يزيد لما نزّه الحق وقدسه قيل له في سٍرٍّه : هل فينا عيب تنزهنا عنه قال : لا يا رب ، قال له الحق : إذن نزه نفسك عن النقائص ، فلما جاهد نفسه ونزهها عن الرذائل قال : سبحاني قولاً ذاتياً ضرورياً حقاً لا دعوى فيه .. قال الخواص – أو الشعراني- وعجبت ممن يؤول أخبار الصفات كيف لم يؤول كلام العارفين مع كونهم أولى بالتأويل من الرسل لنقصهم في الفصاحة عنهم ) [3]. فالشعراني أسند لنفسه في البداية علم الغيب حين علم بحديث البسطامي لنفسه ، ثم أسند الوحي للبسطامي وجعله يحاور ربه ، ثم بعد ذلك لم يتخل عن دعوى الاتحاد فاعتبر تنزيه نفس البسطامي عن النقائص والرذائل مبرراً لقوله ( سبحاني ) .وجاءت القاصمة حين طالب بتأويل كلام الصوفية قياساً على تأويل صفات الله تعالى فى القرآن والتي قد تفيد مشابهة البشر كالاستواء على العرش:( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه ) والوجه في (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (27) الرحمن ) أو اليد (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) الفتح 10 ) فاعترف ضمنياً بألوهيتهم واعتبرهم أولى من الرسل بالرعاية ..
3 ــ وفي موضع آخر يفتخر الشعراني بتأويله لكلام الصوفية ( وحمل كلامهم على أحسن الوجوه ، وكذلك كلام أتباعهم ، فأحمله على محامل حسنة ) [4] . ( وأما الجواب عن السادة الصوفية رضي الله تعالى عنهم فغالب مؤلفاتي جواب عنهم )، وبعد أن أسهب في الدفاع عن الصوفية ضد إنكار الفقهاء قال ( فإن أردت يا أخي عدم الإنكار فأجلُ مرآة قلبك فإنك تشهد الصوفية من خيار الناس .. إذا علمت ذلك فما نقل عن الشيخ أبي يزيد البسطامي قوله ( طاعتك لي يا رب أعظم من طاعتي لك ) ، أي إجابتك لي يا رب دعائي .. أعظم من إجابتي أنا لامتثال أمرك واجتناب نهيك .. ومما نقل عن أبي يزيد أيضاً أنه قال ( بطشي أشد من بطش الله بي ، لما سمع قارئاً يقرأ " إن بطش ربك لشديد " فصاح حتى طار الدم من أنفه وقال ( بطشي أشد من بطشه بي ) ومراده رضي الله تعالى عنه : إن بطش الله عز وجل بي لا يكون إلا مخلوطاً بالرحمة لأن رحمته غلبت غضبه عليه .. ولا هكذا بطش أبي يزيد فإنه محض انتقام لا يشوبه رحمة .. ومما نقل عنه أيضاً أنه قال لبعض مريديه ( لأن تراني مرة خير لك من أن ترى ربك ألف مرة )، ومراده أن المريد ليس له قدم في معرفة الله جل وعلا فإذا رآه فإنه يراه ولا يعلم أنه هو ، فلا يعرف يأخذ عنه علماً ولا أدباً ، بخلاف أبي يزيد فإنه ينتفع به ويعلمه الأدب ..ومما نقل عنه أيضاً ( سافرت من الله إلى الله ) ولعل مراده : سافرت في طريق الله إلى أن عرفته ، أو سافرت في حب الله من باب قوله تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .. العنكبوت 69 ) وقوله (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ .. الحج 78 ) وليس مراده رضي الله تعالى عنه بذلك مسافة .. ويصح أن يكون مراده : ابتداء سفري إلى انتهائه بحول الله وقوته لا بحولي ولا قوتي .. ومما نقل عن الجنيد رضي الله تعالى عنه قوله ( العارفون لا يموتون وإنما ينقلون من دار إلى دار ) أنكر ذلك بعضهم وقال قد قال الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) الأنبياء 35 ) أي تذوق الموت عند انتهاء أجلها في الدنيا فكيف الحال ؟. والجواب كما قال بعضهم : إن مراد الجنيد أن العارفين لما جاهدوا نفوسهم في حال سلوكهم حتى ماتت عنهم جميع تصرفاتهم وشهدت التصرف لله وحده فكأنها ماتت في حال حياتها ، ولأن حكمها إذ ذاك حكم الأموات في عدم إضافتها الفعل إلى نفسها ..ومما نقل عن الشبلي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول ( إن ذلي عطل ذل اليهود ) ولعل مراده رضي الله تعالى عنه أن ذلي لله تبارك وتعالى أعظم من ذل اليهود له تعالى .. والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده ، ومما نقل عنه ( الشبلي) أيضاً أنه قال ( ما في الجبة إلا الله ) .. ولعل مراده رضي الله تعالى عنه ما ثم في جسدي فاعل إلا الله تبارك وتعالى نظير قول بعضهم ( ما في الكونين إلا الله تعالى ) ، فليس مراده نفي الكونين ولا أن الله سبحانه وتعالى يحل في خلقه لأنه أثبت وجودهما كما نرى ، ولكن جعل الله تعالى خالقاً لهم ولأفعالهم ، وكم في الكتاب والسنة من كلام يحتاج إلى تقدير كما في قوله تعالى (وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ .. البقرة 93 ) أي اشربوا حب العجل .. ومما نقل عن الإمام الغزالي رضي الله تعالى عنه أنه قال ( ليس في الإمكان أبدع مما كان ) ، ولعل مراده رضي الله عنه أن جميع الكائنات أبرزها الله تعالى على صورة ما كانت في علمه تعالى القديم ، وعلمه القديم لا يقبل الزيادة وفي القرآن العظيم (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ..طه 50 ) .. وهذا هو معنى قول الشيخ محيي الدين بن العربي رضي الله تعالى عنه في تأويل ذلك ( أن كلام حجة الإسلام في غاية التحقيق لأنه ما ثم لنا إلا رتبتان قدم وحدوث ، فالحق تعالى له رتبة القدم ، والحادث له رتبة الحدوث ، فلو خلق تعالى ما خلق إلى ما لا يتناهى عقلا فلا يرقى عن رتبة الحدوث إلى رتبة القدم أبداً ) ..ومما نقل عن الشيخ محيي الدين بن العربي رضي الله تعالى عنه أنه قال ( حدثني قلبي عن ربي أو حدثني ربي عن قلبي أو حدثني ربي عن نفسه تعالى بارتفاع الوسائط ) ليس مراده أن الله تعالى كلمه كما كلم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وإنما مراده أن الله تعالى يلهمه على لسان ملك الإلهام بتعريف ببعض أحوال ، فهو من باب قوله صلى الله عليه وسلم ( إن يكن في أمتي محدثون – بقتح الدال المشددة – فعمر ) .. ومما نقل عن القوم رضي الله تعالى عنهم قولهم ( اللوح المحفوظ هو قلب العارف ) ليس مرادهم نفي اللوح المحفوظ وإنما مرادهم أن قلب العارف إذا انجلى ارتسم فيه كل ما كتب في اللوح المحفوظ نظير المرآة إذا قابلها لوح مكتوب. فافهم . ومما نقل عن القوم (أى شيوخ الصوفية ) رضي الله تعالى عنهم قولهم ( دخلنا حضرة الله ، وخرجنا من حضرة الله ) ليس مرادهم بحضرة الله عز وجل مكاناً خاصاً معيناً فإن ذلك ربما يفهم منه التحيز للحق ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً وإنما مرادهم بالحضرة حيث اطلقوها شهود أحدهم أنه بين يدي الله عز وجل ، فما دام يشهد أنه بين يدي ربه جل وعلا فهو في حضرته ، فإذا احتجب عن هذا خرج من حضرة الله تعالى ..ومما لا يصح نقله عن الإمام الغزالي رضي الله تعالى عنه وإشاعة بعضهم عنه قوله أنه قال ( إن لله عباداً لو سألوه أن يقيم الساعة الآن لأقامها ) ، فإن مثل ذلك كذب وزور على الإمام حجة الإسلام رضي الله تعالى عنه وأرضاه ، يجب على كل عاقل تنزيه الإمام عنه لأنه يرد النصوص القاطعة الواردة في مقدمات الساعة ، فيؤدي ذلك إلى تكذيب الشارع فيما أخبر ، وإن وجد ذلك في بعض مؤلفات الإمام ، فذلك مدسوس عليه من بعض الملاحدة .. وكذلك مما لم يصح عن الشيخ أبي يزيد رضي الله تعالى عنه ما نقله بعضهم من أنه قال ( أن آدم عليه السلام باع حضرة ربه بلقمة ) ، فإن الشيخ أبا يزيد من جملة مشايخ رسالة القشيري الجامعين بين الشريعة والحقيقة فكيف يصدر عنه مثل هذا الكلام الجافي في حق سيدنا آدم عليه السلام فأفهم ..وكذلك مما لا يصح نقله عنه رضي الله تعالى عنه ما نقله بعضهم من أنه قال ( لو شفعني الله تعالى في الأولين والآخرين لم يكن ذلك عندي بكبير ، غاية الأمر أنه شفعني في قطعة طين ) فإن ذلك كلام من لم يشم رائحة الأدب ، فإنه يبطل خصوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ) [5].
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,653 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول شىء عجيب حين تقارن بين...
بهموت فمشكل : الحوت الذي الأرض اسمه " بهموت فمشكل " خرافة...
شكرا على الاضافة: شكرا على الحلق ة 56 و أٌقول : حسب فهمي و الله...
المراجع التاريخية : ما هي المرا جع التار يخية التي تعتبر حجة...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول ما معنى " نسوا الله فأنسا هم ...
more