خالد العبدلله Ýí 2009-12-24
للانسان مطلق الحرية في دخول الجنة أو النار أيهما شاء دخل (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية .
و قصة الانسانية تبدؤ حين&atiml; حينما عرض الله عز و جل الأمانة على الانسان وخيره بقبولها أو رفضها ، فكانت المغامرة و العزة و الفخر والذلة و سوء المنقلب (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا (72)الأحزاب . و الأمانة تعني حرية الاختيار بين الايمان و الكفر .
عرض رب العزة على بني آدم الأمانة و أشهدهم على أنفسهم بأنه ربهم (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)الأعراف .
علم علام الغيوب، سيأت من يقول (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) و أخذ منهم ميثاقا بأنه ربهم (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)المائدة .
حينما قبل الانسان بهذه الأمانة كان ظالما لنفسه و لعقبه من بعده و جاهلا لأنه اختار الطريق الأصعب فانه كالمقامر في قبوله هذا ، حيث أن نتيجتها اما الجنة و نعيمها أو النار و لهيبها .
الا أن المؤمن الحق يسر و يسعد و يعتز و يفخر بهذا
الاختيار:-- يسر: لانه عبد الله في حياته مخلصا له الدين و كانت عبادته وفقا لقراره و اختياره هو ،و كان اختياره صائبا (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)الرعد ،
-- يرجو لقاء ربه و يسعد به :(... فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)الكهف ، ما اعظمه من لقاء .
يسعد بلقاء الله عز و جل (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)هود.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)البقرة ، يكفي الكفار مهانة (لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) بل (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) -- يعتز : لأنه سجد لله في هذه الدنيا قبل أن يموت ، فالعزة من شيم المؤمنين (... وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8)المنافقون.
الكافر الذي لم يسجد لله عز و جل في هذةالدنيا سوف يدعى للسجول يوم القيامة فلا يستطيع (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)القلم، و هم سالمون أصحاء ، أقوياء ، يتكبرون و ينسون أنفسهم لذلك ينساهم الله عز و جل يوم القيامة (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ (34)الجاثية ،و لا ينظر اليهم بل يهملون كنكرة مرفوضة محتقرة ناهيك عن العذاب الذي لا ينتهي،( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 77)ال عمران .
-- يفتخر بعمله الذي نال الرضى و القبول و الفوز العظيم (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد .
حينما قبل الانسان بهذة الامانة أعطاه الله عز و جل أمورا تدعوه للايمان و تمكنه منه ، منها على سبيل المثال :
-- الرسل و الأنبياء و ما حملوا من كتب سماوية تدعوا للايمان و عبادة الرحمان مبشرين بالجنة و منذرين من عذاب السعير (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)النساء.
-- العقل البشري الذي (اذا ما استخدم صحيحا ) لابد أن يصل بصاحبه لشاطىء الايمان ، لذلك كثيرا ما جاء في القرآن العظيم (أفلا و لعلكم تعقلون )، ( أفلا و لعلكم تتفكرون )،( يا أولوا الألباب ) يخاطب القلب و كأنه العقل ، يشار أن هنالك بعض البحوث العلمية أثبتـت بأن هنالك رابطا قويا بين القلب و العقل و ليس صحيحا ما كان يشاع قديما بأن القلب ليس سوى مضخة للدم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)محمد، هذا الخلق العظيم لا بد للانسان العاقل أن يخر راكعا وساجدا من عظمة الخالق جل و علا ، (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)الروم . هذا الخلق (ما ندرك بعقلنا المحدود و ما لا ندرك به) خلقه الله عز و جل وفق سنن أودعها في خلقه لا تتبدل و لا تتغير (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا (23)الفتح،لهذا لن يبدل الله عز و جل سنته التي أقرها فالشمس تشرق و تغيب و السماء تمطر (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)الزخرف و أكد لنا بأنه من كفر في هذه الدنيا فهو أعمى القلب والبصيرة (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72)الاسراء ، و لكن الكافر في الاخرة يدرك الحقيقة عقلا و حسا و واقعا يحيط به ترهقه الذلة و الندم ،(قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) طه ، (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)44 المعارج . -- الحواس الخمس تدفع الانسان أن يؤمن بأنه لا بد من خالق و مدبر لهذا الكون :
حينما ينظر الانسان الى البرق الذي يخطف بصره ، و الى الزهرة الرهيفة الرقيقة التي تنمو و تزهر على الثلج القارص الذي لا يطيقه الانسان لا بد له أن يتفكر في بديع السماوات و الأرض (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)الحج .
حينما يصم الرعد آذآن الانسان و يزلزل الارض من تحت رجليه لا بد أن يخر لله عز و جل طالبا النجاة و الرحمة و لكن الكفار الذين أمعنوا في الكفر و أصروا عليه (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)البقرة
من منا من لم يلسع بلهبة نار فأسرع لاطفائها و تبريدها فتذكر نار جهنم (كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى (16) المعارج ،(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30)ق.
و من الملاحظ كلما تقدم الانسان في العلم و العقل كلما خف و قل الاعتماد على الحواس الخمس ، كذلك العبادات و الشرائع تطورت مع تطور عقل الانسان وقدرته العلمية الى أن وصلت الى خاتم الأنبياء و الرسل محمد(اللهم صلي عليه) بكتاب حفظه الله لنا الا وهو القرآن العظيم ، آيه الله و معجزة الرسول و لكن منذ بدىء الخليقة هنالك شعار واحد لا تبديل له و هو أساس كل الدين ( لا اله الا الله ).
-- الفطرةالايمانية : هذة الفطرة موجودة لدى كل انسان (المؤمن و الكافر ) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) الروم ، تظهر لدى المؤمن في كل حين انما الكافر مكبوتة لديه مخبأة تظهر و بقوة عند الشدائد و المصائب ، في تلك اللحظة ينادي بأعلى صوته: (أن الله حق ، يا مغيث أغثني ، يا الله اني تبت اليك ) دون وعي منه و لا ادراك اذ ظهرت فطرة الايمان التي أودعها الله عز و جل في قلبه،(قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)الأنعام .
الشيطان عدو للانسان منذ أن خلق الانسان طينا ، فكان الشيطان للانسان بالمرصاد و اتخذه عدوا ، (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)البقرة.
أجاب الشيطان:(... فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)ص
رحمة من الله عز و جل أرشدنا و هدانا : (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ...) 27/الأعراف .
(... وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208)البقرة .
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)الشعراء ، تتنزل على كل كذاب ، آثم ، سماع للشياطين .
من اتخذ الشيطان وليا من دون الله عز و جل و دخل في حزبه فان الشيطان يخوفه و يذله (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175)آل عمران .
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)البقرة .
(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91)المائدة .
(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120)النساء .
(وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14)البقرة ، الكافرون تبع و في حزب الشيطان .
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)المجادلة .
الشيطان لا يكل و لا يمل من فتنه بني آدم و برحمة من الله عز و جل قال لنا : (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)الأعراف.
قولنا أعوذ بالله و الاستجارة به سبحانه وتعالى كافية لطرد وسوسة الشيطان ومكائده ، أما الذين لا يذكرون الله و كفروا به سبحانه وتعالى يرصد لهم الله شيطانا فهو لهم قرين (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)الزخرف ، اما في الأخرة يوم الحساب ،هذا قول الشيطان لأولياءه و أتباعه:
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن
سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)ابراهيم
نرى الله عز و جل قد أقسم بالنفس قائلا :(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)الشمس ،النفس الانسانية على أنواع عدة منها :
-- النفس المطمئنة التي اطمأنت بالايمان في الدنيا بطاعه الله عز وجل وفي الأخرة حينما رأت الجنة ونعيمها ، لهذا قال الله العزيز الغفار (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28)الفجر ، راضية عن نتيجة أعمالها و مرضية كرما و عطاءا من الوهاب يوم الحساب ، لهذا قد أفلح من زكاها بنمو الايمان و طاعه الله عز و جل و قد خاب من دساها بقهر فطرة الايمان وطمرها و كبتها واطلاق هوى النفس و نزعاتها .
-- النفس اللوامة التي تلوم صاحبها في حياته الدنيا اذا قصر في فعل الصالحات أو اذا ما أقدم على ما نهي عنه أو تلومه في الأخرة على عمله الغير صالح في حياته التي مضت (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)القيامة
نعلم أن فطرة الايمان مغروسة في كل نفس فالنفس الميالة للايمان يلهمها الله عز و جل الايمان و التقوى و أما الميالة للكفر و الانكار يلهمها الفجور و النكران .
و للنفس هوى و رغبات وشهوات قد تهلك صاحبها اذا ما تركها على عنانها لهذا لام رب العالمين الكفار و المكذبين ( ... أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)البقرة ، و النفس الكافرة قد تحسد المؤمن على ايمانه ليصبحوا سواء أمام الله عز وجل(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم...)109 البقرة ، لكن الانسان العاقل المؤمن من يكبح جناح نفسة و ينهها عن رغباتها التي تؤدي للمعاصي والهلاك وخاف يوما يقف أمام مقام ربه (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)النازعات .
-- الجهل و قلة المعرفه : من أعظم العوائق أمام انتشار و الالتزام بالدين الاسلامي الحنيف واتباع منهج الله عز و جل .
هنالك سؤال يجب أن يطرحه كل انسان على نفسه و هو : لماذا خلق الانسان ؟
الجواب :
--(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) 56/الزاريات ، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115)المؤمنون .
اذا كان الله عز و جل قد خلقنا لنعبده و ليس عن عبث و لا لعب و أعطانا دستورا و شرعا ومنهاجا ، لماذا لا نلتزم بهذا الدستور ؟
الجواب :
-- (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ... )الأنبياء
-- لأننا لدينا الأمل بطول العمر و الحياة (ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)الحجر ،
-- لأننا شغلتنا حياتنا الدنيا (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)الفتح
-- لأننا صعب علينا الالتزام به حتى شق علينا ، كاذبون ، لأن شرع الله عز و جل سهل لا ضلال و لا مشقه فيه ،(...فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123)طه .
ايها السادة ، اننا أمام طريقين لا ثالث لهما ، طرق الجنه أو طرق النار ، أيهما شئت فأختار .
هدانا الله عز و جل و اياكم جميعا .
استشهادك رائع بالايات القرآنية ، ولكن أتمنى أن تتوقف معها بالكثير من التدبر و التحليل والاجتهاد ، ولو فعلت هذا ستجد الموضوع قد تحول من مقال الى بحث متكامل.
أنتظر مقالاتك القادمة لتكون أكثر تحليلا وتفصيلا و اجتهادا.
خالص محبتى
شكرا للأساتذة الكرام ،
الأستاذ زهير قوطرش و الدكتور أحمد صبحي منصور و لكل من قرأ مقالي المتواضع .
أوافقكم فيما أشرتم اليه من اكثاري من الأيات القرآنية الكريمة و أن تحليلاتي و تعليقاتي
أكثر من خجولة و هذا لم يغب عن بالي بل هو عن قصد و دراية و ذلك للأسباب التالية:
- خوفا من الاطالة و ملل القارىء .
- لان الأيات القرآنية الرببانية ، آيات بيينات حقا لمن يقرؤها بتمعن و روية .
مقالاتي القادمة ، ان شاء الله ، تسر خاطركم و تثلج صدوركم
دعوة للتبرع
الشعر الجاهلى : فى كتاب د طه حسين عن العر الجاه لى جاء بابيا ت ...
معنى آية : معنى هذه الآية : (كَان النَّ اسُ أُمَّ ةً ...
ستذكرونهنّ: اية رقم ٢ 635;٥ ; البقر ة يتكلم عن عدة...
صيغة التساؤل: حول صيغة التسا ؤل في القرآ ن مثل هذه الآية...
سؤالان : السؤا ل الأول أنا أمازي غى لست من العرب ولا...
more
أشكرك على تدبرك الجميل الذي قدمته لنا بأسلوب سهل وبسيط معتمداً على آيات القرآن الكريم .وفعلاً يا أخي أن خيار الإنسان هي الدراما الإنسانية ما بين الكفر والإيمان . لكن الله عز وجل ,ورغم اختيار الإنسان هذه الأمانة لم يتركه لنفسه ولقدره الذي اختاره ,بل رافقه بالعناية ,وأرسل له الرسل والأنبياء والصالحين والكتب.ثم قال له "قل ياعبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ,إن الله يغفر الذنوب جميعاً" وكما ذكرت في مقالتي رسالة الحيران ,أن الله موجود في كل آية ذكرها لنا ,هو قريب منا وما علينا إلا أن نفتح قلوبنا التي تطرقها باستمرار رغبة الخالق بإيمان مخلوقه . شكراً لك.