(وإتخذ الله إبراهيم خليلا ) .

عثمان محمد علي Ýí 2023-02-03


(وإتخذ الله إبراهيم خليلا ) .
ماهو قولك في(وأتخذ الله إبراهيم خليلا)،هل هي بمعنى أنه إتخذه صاحبا ؟
==
التعقيب:
ورد مُصطلح خليل في القرءان الكريم ثلاث مرات واحدة مقترنة بالمولى جل جلاله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً))
وإثنتان في الحديث عن الكافرين الضالين من البشر في قوله تعالى (وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره واذا لاتخذوك خليلا)) و ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا.يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا.لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا)).
فهل يكون المعنى عند الحديث عن المولى جل جلاله هو نفس المعنى عند الحديث عن الكافرين الضالين ؟؟؟
بالـتأكيد لا وألف لا ..فهناك مُصطلحات تُطلق على المولى جل جلاله وعلى البشر ولكن معناها عندما تُطلق على رب العزة يختلف تماما عما تُطلق به عن البشر مثل قوله تعالى (قل هو الله أحد ........ ولم يكن له كفوا أحد ) فأحد الأولى تعنى (لا إله إلا الله ) أما الثانية تعنى أحد من البشر.والفرق بينهما لا نهائي ولا أول له ولا آخر .
فخليلا عندما نُطلقها على البشر تعنى الصاحب والرفيق والصديق . فهل هذه الأوصاف يجوز إطلاقها على المولى جل جلاله ، فهل لرب العزة جل جلاله صديق أو صاحب أو رفيق ؟؟؟؟
حاشا لله رب العالمين وتعالى عن هذا علوا كبيرا .
وهل يجوز أن يتخذ رب العالمين جل جلاله ( الحى – الأول – الآخر –القيوم ) صديقا من خلق خلقه هو سبحانه عاش 100 او 150 سنة على أقصى تقدير ثم أماته ؟؟؟
فهل الصديق والخليل والصاحب يُميت صديقه ليُفارقه ؟؟
وهل كان للمولى جل جلاله أصدقاء وأخلاء قبل إبراهيم عليه السلام أو بعده ؟؟ حاشا لله رب العزة جل جلاله وتعالى عن هذا علوا كبيرا .
إذن فما معنى (واتخذ الله إبراهيم خليلا ) مع أن الفاعل هنا طبقا لقواعد السان العربى المعروف هو الله والمفعول به هو إبراهيم ؟؟
نقول :::::
أولا :
قواعد اللسان العربى (اللغة العربية ) وضعت بعد نزول القرءان الكريم بقرن أو قرنين من الزمان ،وفيها مُخالفات كثيرة لقواعد آيات القرءان وتحتاج إلى إعادة ضبط وللإحتكام فيها لقواعد لسان لقرءان الكريم مرة أخرى وليس العكس لأن القرءان هو الحاكم عليها وليس العكس .
ثانيا
إن معنى (وأتخذ الله إبراهيم خليلا )
هذا يعنى أن إبراهيم عليه السلام هو الذى إتخذ المولى جل جلاله هاديا ووكيلا ووليا له ونصيرا. أى أن إبراهيم عليه السلام توكل وإعتمد على الله جل جلاله فى كُل كبيرة وصغيرة فى حياته وأخلص دينه لله رب العالمين وحده منذ أن قرروهو شاب أن يترك أباه وقومه بعد أن عانى منهم بسبب (لا إله إلا الله ) ((وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ )). أى انه لم يعد له إلا الله وأنه هو الهادى والنصير له وأنه ذاهب فى طريق إسلام نفسه ودينه ومحياه ومماته لله رب العالمين حتى لو كان العالم كُله ضده وضد إيمانه بلا إله إلا الله .فكانت جائزته ومُكافئته أن جعله رب العالمين إماما للناس (((واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما)) ،وجعل فى ذريته النبوة ( إسحاق – إسماعيل – يعقوب –يوسف ).. ثم ابتلاه ربه سبحانه وتعالى أشد البلاء ،ولكنه نجح فى الإختبارات كُلها بتقدير سوبرممتاز 100% فقال عنه القرءان الكريم مادحا إياه ((وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أي وفى ونفذ كُل ما طُلب منه .
ثالثا :
القرءان يحتاج إلى هدوء فى التدبر والدراسة وربط الآيات ببعضها لنصل للنتيجة المرجوة فى معرفة حقائقه وعدم الإلتفات للتراث والتراثيين في فهم آياته ،ولنتدبره من داخله هو وبأياته هو ،ولنقارن حقائق آياته مع بعضها لنصل للمعنى الذى قصده القرءان الكريم .
رابعا :
الخلاصة أن (خليلا ) هنا تعنى أن إبراهيم عليه السلام هو الذى توكل على الله وإستعان به سبحانه وتعالى وحده لا شريك ليكون له هاديا ونصيرا ،وجعل حياته ومماته لله رب العالمين .وهذا ما جاء في أول الأية في قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ )). أما فهم العوام من أن رب العزة جل جلاله هو الذى إتخذ إبراهيم صاحبا ورفيقا وصديقا له فهذا أراه كُفر والعياذ بالله وجب عليهم إعادة التفكيرفيه مرة أخرى قبل فوات الآوان .
اجمالي القراءات 3775

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   د. عبد الرزاق علي     في   السبت ٠٤ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[93901]

أشكرك د.عثمان على الغوص فى أعماق المصطلحات القرآنيه


 أشكرك د.عثمان على الغوص فى أعماق المصطلحات القرآنيه وفتح المجال للبحث والتدبر, ولذلك أحب أن أبحث معك عن معنى" واتخذ الله إبراهيم خليلا" وأعتقد والله أعلم أن الخليل يعنى المشترى أوالشارى أى أن إبراهيم إشترى رضا الله تعالى. والمعنى يمكن إستنتاجه من الآيات التاليه:



1-(قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا --- قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)-إبراهيم31.



2-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا --- قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ-البقره- 254. واضح أن "خلال" و"خله" هى الشراء مقابل البيع. وبالتالى الخليل= الشارى, واللفته البيانيه البلاغيه تتجلى فى الآيات كالآتى: البيع هو مفرد جمعه بيوع وفى نفس الوقت هو جمع مفرده بيعه - أما الشراء فهو مفرد فقط وجمعه أشريه. ففى الآيه الأولى ورد البيع فى صورة الجمع لأن العطف عليه بالجمع "خلال"- وفى الآيه الثانيه جاء بصورة مفرد لأن العطف عليه بمفرد"خله" و"شفاعه" .


2   تعليق بواسطة   د. عبد الرزاق علي     في   السبت ٠٤ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[93902]



. وقد يقول قائل ولماذا كل هذه اللفه الطويله فبدل الخله والخلال فنقول الشراء ونخلص. الحقيقه أن كلمة الشراء هى غير صالحه وغير نقيه لأن وضع الشراء بدل الخلال سيكون معبرا بنسبة 50% فقط لأن الشراء قد يأتى بمعنى البيع قال تعالى(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) بعكس الخلال فانها معبره 100%.



3-فكما أن الله تعالى اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنه فإن ابراهيم هو أول من إشترى رضا الله تعالى ولذلك صدق عليه قوله تعالى أنه جعله للناس إماما وفى آيه أخرى جعله "أمه"



4- "وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وفى " بعقد شراء رضا الله وبأنه أتم كلمات الله التى ابتلاه بها.



3   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ٠٤ - فبراير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[93903]

أكرمكم الله دكتور -عبدالرزاق .


تعقيب غنى وأثرى المقال وأضاف إليه بكل تأكيد ويصب فى نفس إتجاه تقديس المولى جل جلاله فى (ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ) .فنعم إبراهيم عليه السلام توكل على الله وإعتمد عليه وإستعان به سبحانه وتعالى لهدايته وآمن ب( أليس الله بكاف عبده )وإشترى مرضاة الله جل جلاله وكان مثالا حيا لتطبيق (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾...... فكانت مُكافئته قول الله جل جلاله عنه ( وإبراهيم الذى وفى )....    وأن معنى خليلا فى الآية  ليس هو المعنى التراثى الذى يؤمن به التراثيون والمُحمديون .



شكرا دكتور -عبدالرزاق مرة أخرى على تعقيبكم الممتاز .

 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق