آحمد صبحي منصور Ýí 2017-12-19
جدل القوة والحق : ( 5 ) ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) طه )
مقدمة : كيف تعامل موسى ( ومعه الحق ) مع فرعون ( ومعه القوة ) ؟ فرعون إحتكر الزعم بالحق مع إحتكاره القوة ، كان فى مواجهته موسى الذى كان يحمل رسالة الحق ، ومعززا بالقوة الالهية . كيف تعامل موسى مع فرعون وهما طرفا نقيض ؟ . هذا يستلزم التعرف على مدى (قوة موسى ) ومدى معرفة فرعون بالحق الالهى . لأن هذا هو الأساس الذى تعامل على أساسه موسى عليه السلام مع فرعون .
أولا : مدى قوة موسى :
1 ـ أعطى الله جل وعلا موسى آية العصا يفعل بها المعجزات ، ولكن لم يكن لموسى حرية إستعمالها ، كان إستعمالها بأمر من الله جل وعلا ووحى منه .
1 / 1 ـ فى البداية أوحى الله جل وعلا له : ( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) النمل )، كان موسى أول من شهد هذه الآية وارتعب منها .
1 / 2 : وفى مباراة السحر عندما تأثر بأفاعيل السحرة جاءه الوحى أن يلقى عصاه ، قال جل وعلا: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) الاعراف ) .
1 / 3 : وحين حوصر بقومه بين البحر وجيش فرعون جاءه الوحى بأن يضرب البحر بعصاه، قال جل وعلا:( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) الشعراء) .
1 / 4 : بل حين أراد قومه السقيا وهم فى سيناء فإستسقى لهم فأمره ربه جل وعلا أن يضرب الحجر بعصه فانفجرت من الأحجار إثنتا عشرة عينا ، لكل قبيلة من بنى اسرائيل العين الخاصة بها . قال جل وعلا : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ) (160) الاعراف ).
2 ـ لم يكن حرا فى إستعماله للعصا ، ولم يكن الأمر الالهى له بإستعمال العصا كثيرا ، بل فقط فى المتطلبات الضرورية . بالتالى تعين على موسى أن يستعمل قدراته الخاصة فى التعامل مع فرعون .
ثانيا : مدى معرفة فرعون بالحق الالهى
1 ـ هذه القدرات الخاصة به يتضمنها قوله جل وعلا عنه ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) القصص ) . وضمن هذا التعليم الالهى له أمره جل وعلا له ولأخيه هارون أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى :( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) طه ).
هذا التعليم الالهى يعنى أن فى فرعون بذرة خير ومعرفة بالحق جل وعلا ، وقد جحدها بغروره وإستبداده . وقد قال جل وعلا عنه وعن قومه : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً )(14) النمل ). أى عرفوا الحق الالهى ، ولكن جحدوه . جحدوه بسبب العلو والظلم والاستبداد الذى وصل بفرعون الى زعم الألوهية والربوبية الكبرى .
2 ـ هذا الجحد لم يمنع فرعون من أن يفلت لسانه فيعترف بالملائكة ، قال فى مؤتمر حاشد يتندر على موسى : ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) الزخرف)، اى يعرف الملائكة وبالتالى يعرف رب الملائكة جل وعلا ، وأن رب الملائكة هو الذى أرسل موسى ، وهو يريد أن يرسل الله جل وعلا ملائكة مع موسى تؤيده .
3 ـ هذا الجحد جعل فرعون يتجاهل إيمانه الداخلى برب العالمين ويسال موسى : ( فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) طه ) كأنه لا يعرف من هو رب موسى وهارون . ورد عليه موسى : ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) طه ) وعاد يسأله عن الأمم السابقة : ( قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى (51) طه) ورد عليه موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى (52) طه ) وفى النهاية كذّب وابى برغم ما رأى من الآيات :( وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) طه ). رأوا الآيات واضحة مبصرة فجحدوا بها عُلوا وظلما وإستبدادا ، قال جل وعلا : (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل) .
4 ـ هذا الجحد لم يصل الى زوجة فرعون ، فآمنت وإستعاذت بالله جل وعلا من ظلم فرعون وملئه ، فجعلها الله جل وعلا مثلا للذين آمنوا رجالا ونساءا ، قال جل وعلا : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) التحريم )
5 ـ هذا الجحد لم يصل للأمير الفرعونى الذى آمن وكتم إيمانه خوفا من وحشية فرعون . قال جل وعلا : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ) (29) غافر ) . هو هنا يعظ قومه برب العزة جل وعلا الذى يعرفونه . ويبدو من وعظه معرفته بالأمم السابقة وما حاق بها من عذاب الله جل وعلا حين كذّبت ، فهو يقول لقومه : ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) غافر) ويحذرهم من اليوم الآخر : ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33). وهو يعيد التذكير باليوم الآخر : ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) غافر ). وواضح أنه كان يفهم معنى الكفر والشرك وأنهما مترادفان ، بمعنى إتخاذ آلهة مع الله جل وعلا ، فهو يقول ردا على محاولة قومه إغوائه : ( وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) غافر ) . ثم هو يذكرهم برسالة يوسف عليه السلام وإيمان المصريين برسالته مع تمسكهم بعبادة الآلهة الأخرى ، قال لهم : ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) غافر ). وفى النهاية قال لهم يائسا : ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) غافر ). نترك للقارى أن يحصى عدد المرات التى ذكر فيها هذا الأمير الفرعونى إسم الله جل وعلا . لو لم يكونوا يعرفون الله ما وعظهم باسم الله جل وعلا .
6 ـ المفاجأة أن سحرة فرعون الذين جاءوا يخدمون فرعون طمعا فى أجره ما لبثوا أن أعلنوا إيمانهم أمامه علنا برب العالمين .. نقرأ قول الله جل وعلا : ( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) الاعراف ) ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى (71) طه )
ليست المفاجأة فقط فى هذه الجُرأة ، بل فى ردهم على تهديد فرعون المتوحش بالصلب والتقطيع بما يدل على علم بالله جل وعلا وباليوم الآخر : ( قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76 ) طه ) ( قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) الاعراف ).
7 ـ دعوة موسى أوجدت مناخا جديدا إقترب بالمصريين من مزيد من المعرفة بالله جل وعلا وباليوم الآخر ، ولكن ظل فرعون وقومه يجحدون الحق لأن جحد الحق هو السبيل للحفاظ على مُلكهم . لذلك فعندما سلّط الله جل وعلا عليهم المجاعة ونقص الإنتاج الزراعى تشاءموا بموسى تجاهلا منهم بأن رب العزة جل وعلا هو الذى يعاقبهم . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131 ) الاعراف )
8 ـ وأخذهم جحد الحق الى العناد والتحدى ، فقالوا أنه مهما يأتيهم بآية من العصا فلن يؤمنوا له ولن يثقوا به . فجاءتهم آيات من العذاب فاستكبروا وتحملوها:( وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133) الاعراف ) إلا إنهم لم يتحملوا عقاب الرجز فإضطروا الى اللجوء الى موسى ليدعو رب العزة لينقذهم منه : ( وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) الاعراف ) . نلاحظ أن عنادهم تجلى فى قولهم (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيل ). لم يقولوا : ( أدع لنا ربنا .. لنؤمنن به .. ).
ولازم العناد فرعون حتى وهو يحتضر عند الغرق : ( حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) يونس ). لم يقل ( آمنت أنه لا إله إلا الله رب العالمين ) بل الذى آمنت به بنو اسرائيل !!
ثالثا : خطاب موسى الليّن لفرعون :
1 ـ خاطبهم برب العزة جل وعلا يعظهم ألّا يعلوا على الكبير المتعال جل وعلا : ( وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) الدخان ) وخاطب بذرة الخير الكامنة فيهم : ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) الدخان )، يتعوذ برب العزة ربه وربهم أن يرجموه ، وإن لم يثقوا به أن يتركوه فى حاله . موسى عليه السلام هنا يستخدم (قوة الضعف ) ليواجه به ( ضعف القوة ) . وسنتعرض لهذا بالتفصيل فيما بعد .
2 ـ وحين هدده فرعون بالسجن لو إتخذ إلاها غيره قام موسى ببراعة بتحويل وجهة الحديث الى أن يبهر فرعون بعصاه : نقرأ قوله جل وعلا : ( قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلإٍ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) الشعراء ).
أخيرا :
كل هذا فى تطبيق قوله جل وعلا لموسى وهارون : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) طه )
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,903,660 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
ميزة التصوف: هل في التصو ف عموما شيئا ايجاب يا ..و هل...
أمى مسكينة: جدى كانت شخصيت ه قوية . ارغم ابويا على...
صلاة / تصلية: كلمة ( تصلية ) فى القرآ ن هل هى من الصلا ة ؟ ...
لغة العصر العباسى: هل يمكن لكم من فضلكم أن تعطوا لنا خصائص اللغة...
سلاما / سلام : فى قصة ان الملا ئكة بشّرت ابراه يم وزوجت ه ...
more