جدل القوة والحق : ( 2 ) فرعون موسى إحتكر القوة وإحتكر الزعم بالحق

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-12-15


جدل القوة والحق : ( 2 ) فرعون موسى إحتكر القوة وإحتكر الزعم بالحق

مقدمة :

1 ـ فى موضوعنا ( جدل القوة والحق ) يحتل مثال ( موسى وفرعون ) موضع الصدارة . فرعون إحتكر فى شخصه القوة فزعم فى شخصه إحتكار الحق . وموسى كان يحمل رسالة الحق . وعلى الأرض ـ فى دنيا الواقع المرئى ـ كان موسى تحت الصفر فى القوة ، لأنه جاء لفرعون لينقذ قومه من عسف فرعون ، لم يكن فقط  ضعيفا فى حد ذاته ـ بل كان فى ضعفه يحمل على كاهليه شعبا أضعف منه .

المزيد مثل هذا المقال :

2 ـ كيف تعامل من يحمل الحق مع المستبد محتكر القوة على الأرض والذى يزعم إحتكار الحق ؟

3 ـ نبدأ بحال فرعون  :

أولا : إحتكار فرعون للقوة و ( الحق ) من وجهة نظره

1 ـ إحتكار فرعون للحق نتج عنه ـ من البداية أنه كان يذبح أطفال بنى اسرائيل عقابا لهم لأنه كان يتشكك فى إخلاصهم فى عبادتهم له . كانوا يعبدونه ، أو على حد قول فرعونه وملئه : (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) المؤمنون ) . لم تكن عبادتهم لفرعون خالصة لأن بنى اسرائيل لا تزال فيه بقايا من ملة أبيهم ابراهيم . إنتقم منهم فرعون بذبح أبنائهم الذكور . لأنه يريد الولاء له خالصا ونابعا من إيمان به وحده إلاها .

2 ـ إحتكار فرعون للقوة جعله ينشر الارهاب فى ربوع مصر ، فماذا تنتظر من مستبد مجنون يذبح الأطفال. ؟

2 / 1 : إرتعب منه أمراء بيته الحاكم ، حتى إن أميرا من أسرته آمن فكان يكتم إيمانه هلعا من إرهاب فرعون الذى لا يسمح لأحد أن يؤمن بغيره إلاها ، وقد إضطر هذا الأمير المصرى المؤمن لأن يعظ قومه عندما أعلن فرعون عزمه على ان يقتل موسى. قال جل وعلا : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر ).

2 / 2 : الارهاب الفرعونى وصل الى فراش فرعون ، فإمرأة فرعون التى آمنت كانت تدعو ربها جل وعلا أن ينجيها من فرعون وإجرامه ومن قومه الظالمين ، وقد جعلها الله جل وعلا مثلا للذين آمنوا رجالا ونساءا ، قال جل وعلا : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) التحريم ).

 ثانيا : فرعون استخدم الارهاب ليؤكد زعمه بإحتكار الحق :

فى إحتكاره للقوة إستخدم فرعون هذا الارهاب ليؤكد زعمه بإحتكار الحق ، ومن هنا رأى خطورة دعوة موسى، وخاف أن تنتشر فتقضى على أساطيره الدينية ( زعمه إحتكار الحق ) . فالتشكيك فى زعمه إحتكار الحق يؤدى الى فقدانه إحتكار القوة . وهى قضية وجود ، إما أن يكون إلاها وإما أن يفقد سلطانه وحياته . يتجلى هذا فى :

  1 ـ  تعامله مع السحرة المصريين  : الاعتقاد فى السحر كان عاما بين المصريين ، بل قد تأثر به موسى نفسه . وكانت آية موسى أن يهزم سحرة فرعون ، وكان يقين فرعون أنه سيهزم سحر موسى . وتم إستقدام السحرة من كل مدائن مصر ، وجىء بهم الى لقاء فرعون ، وطلبوا أجرا ، فوعدهم بالأجر وبالمكانة المقربة منه. ( قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114) الاعراف  ) . آمن السحرة برب هارون وموسى لأنهم تيقنوا أن ما جاء به موسى ليس سحرا بل تحولت عصاه الى ثعبان حقيقى يبتلع حبالهم وعُصيّهم .

 كان رد فرعون دليلا على إحتكاره للحق : ( قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) الاعراف) ، ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى (71) طه ) . لنتفكر فى قوله لهم (آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ  ) (  آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) . أى لا بد ان يطلبوا منه الإذن أولا ، لأنه صاحب السيطرة على قلوبهم ، ضمن زعمه إحتكار الحق . ثم إن هذا العقاب الهائل ليس سببه إخفاق السحرة أمام موسى بل إعلانهم ـ أمام الملأ ـ إيمانهم بإله موسى ، وبالتالى التشكيك فى الحق الذى يزعمه الفرعون . ويتوقع فرعون بعقلية المؤامرة أنها مكيدة لتفريغ المدينة من أهلها ، أى أن ينفض الناس عن فرعون ليلحقوا بموسى ، وأن موسى هو كبير السحرة الذى علمهم السحرة . لذا كان هذا العقاب الهائل فى الصلب وتقطيع الأطراف هو لارهاب المصريين والملأ على السواء . فالتشكيك فى زعمه إحتكار الحق يؤدى الى فقدانه إحتكار القوة . وهى قضية وجود ، إما أن يكون إلاها وإما أن يفقد سلطانه وحياته .

  2 : تعامله مع بنى إسرائيل بعد موضوع السحرة : كان بنو اسرائيل الأكثر رعبا منه ، حتى بعد مجىء موسى ، وقد تطرف فرعون فى إيذائهم بعد موضوع السحرة، وأعلن أنه سيعيد قتل أبنائهم فإزدادوا رعبا ، وشكوا لموسى فأخذ موسى يهدىء روعهم وينصحهم بالصبر ، قال فرعون : (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) الأعراف  ). بسبب رعبهم كان معظمهم لا يثق بموسى هلعا من فرعون ومن جواسيسه فى كل ركن فى مصر. قال جل وعلا : ( فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83) يونس ). هذا يؤكد خوف فرعون من التشكيك فى ألوهيته ، فالتشكيك فى زعمه إحتكار الحق يؤدى الى فقدانه إحتكار القوة . وهى قضية وجود ، إما أن يكون إلاها وإما أن يفقد سلطانه وحياته .

3 ـ حتى  لم يسمح له بأن يخرج بقومه من مصر ، بل وطاردهم الى أن انتهى بجنده وقومه الى قاع البحر . هذا لأن فرعون ـ هذا الرهيب ـ كان أيضا يخاف . يخاف من أن تتبدد اسطورته ( الوهمية ) بدعوة موسى ، اسطورته مؤسسة على الدين ، لو تبدّل هذا الدين سقط إحتكاره للحق ، وبالتالى سقط إحتكاره للقوة . وأى تشكيك فى ألوهيته يؤثر فى إحتكاره للحق وإحتكاره للقوة . من هنا قال لقومه : ( ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر ). فرعون خائف من تبديل الدين ـ وهو دين قائم على إحتكار الحق فى تأليه فرعون وحده . ومن وجهة نظر فرعون أنه إذا تبدل هذا الدين ظهر الفساد فى مصر . والحل هو أن يقتل موسى .

ثالثا : إحتكار فرعون موسى للحق والقوة جعله خبيرا فى أهمية الدعاية والإعلام

 يبدو فرعون موسى رائدا فى إستخدام الاعلام ، وكان له جيش اعلامى أجاد إستخدامه ليروج وليؤكد على زعمه ( الحق ) أو زعمه الألوهية المطلقة . وهنا قضية متشابكة ، فهو يستخدم قوته على الأرض ( إحتكار القوة ) فى  الزعم بإحتكاره الحق فى الالوهية بالدعاية والاعلان لزعمه أنه الرب الأعلى . يستخدمها إمكاناته اللوجيستية فى حشد الناس وفى حشرهم وفى تجميعهم وفى التلاعب بعقولهم وفى غسل أمخاخهم . وهذا فى خدمة إحتكاره الحق والألوهية .  يستخدم ( القوة ) فى ( زعم الحق ) ويستخدم ( زعم الحق ) فى تدعيم القوة . ونعطى أمثلة :

1 ـ بعد أن أذلّه رب العزة جل وعلا بتسليط الطوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدم والرجز عقد مؤتمرا حاشدا يؤكد فيه قوته اللوجيستية على الأرض ويتندر بموسى . قال جل وعلا  عن العذاب الذى أوقعه بهم ثم كشفه عنهم : ( فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (50) الزخرف ) قال جل وعلا بعدها عن مؤتمره الحاشد الذى جمع فيه جنده وقومه ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) الزخرف ) وعن تأثيره فى نفوسهم واستخفافه بهم قال جل وعلا : ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) الزخرف ) . هذا أكبر دليل على عبقرية فرعون موسى فى استخدام الاعلام فى التأثير على قومه .

2 ـ نفس الحال فى زعمه الربوبية الكبرى. قام بتجميع الناس ، وحشرهم فى مكان واحد ، وأعلن فيهم هذه الكذبة الكبرى ، أو زعمه الحق ، قال عنه جل وعلا : ( فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) النازعات ).

3 ـ آلية التجميع للناس ظهرت أكثر فى مباراة السحر بين موسى والسحرة ، إذ إمتد تجميع السحرة من كل مدائن مصر ( تعبير مدائن هنا يعنى المدن الكبرى ) أى كانت مصر وقتها ممتلئة بالمدن الكبرى . جرى تجميعهم وحشرهم فى مكان واحد ، فى يوم واحد ، يوم عيد أو ( يوم الزينة ) وفى وقت الضحى بالذات . هنا دقة عالية فى التنفيذ الذى يعنى تمام السيطرة على العمران المصرى ووسائل المواصلات البرية والنهرية وتوزيع وتنظيم الاتصالات والمواصلات . ثم لا يقتصر الأمر على تجميع السحرة بل تجميع الناس ليأتوا أفواجا الى نفس المكان والزمان ، ثم تنتشر بيننهم جواسيس الفرعون تهمس فى آذانهم بإنتصار السحرة القادم . نفهم هذا من : ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) الاعراف ) ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) طه ) ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ (40)الشعراء ) . هذا عن الجيش الاعلامى الذى يعمل فى الدعاية لزعم امتلاك فرعون الحق .

4 ـ أما عن الجيش الحربى فيكفى إقتران هذا الفرعون بالجُند . (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) البروج ) الجنود هنا وصف لفرعون ، أى كان فرعون جنديا محاربا . وقال جل وعلا : (وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص ). وقال جل وعلا : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) القصص )، أى كان هامان هو قائد الجيش بالاضافة الى كونه المشرف على البناء ( القصص 38 ، غافر 36 ). وبقوته الحربية إغتر فرعون وجنوده واستكبروا فى أرض مصر التى وزعها فرعون عليهم اقطاعات.قال جل وعلا عنهم ( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) (39) القصص ) ذلك أنه طارد موسى وهارون بجنوده ، قال جل وعلا : ،( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً  )(90) يونس ) وكان مصيره الغرق مع جنوده : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) (40 )القصص )، (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)الذاريات )، ( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) طه ) .

5 ـ كانت لفرعون أجهزته الأمنية التى كانت تتجسس على بنى اسرائيل . وقد أوحى الله جل وعلا لموسى بشأنهم : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) الشعراء )، وكانت العلاقة منظمة بين أجهزته الأمنية وجيشه الذى توزع فى أنحاء مصر ، مع قدرة عالية على التعبئة والحشد . وعندما عرف فرعون عن طريق جواسيسه بعزم موسى الفرار بقومه وموعد هذا الفرار أرسل منشورا فى تجميع فصائل جيشه من كل أنحاء مصر ، وحشرهم خلفه وطارد بهم بنى اسرائيل ، قال جل وعلا :  ( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) الشعراء )، أى أرسل لهم منشورا بالحشد فأتوا اليه بسرعة . وطارد هم فرعون بجيشه نحو الشرق ( فى اتجاه سيناء ) قال جل وعلا : ( فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) الشعراء )، حتى أدركهم على ضفة البحر ( خليج السويس الآن )، فكان البحر أمام بنى اسرائيل ، وفرعون بجيشه خلفهم . إرتعب بنو اسرائيل ، قال جل وعلا : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) الشعراء )

6 ـ كان الجيش  الفرعونى هو الذى يملك ويدير المزارع ، فعصر الرعامسة الحربى تميز بتوزيع مصر إقطاعات على الجيش ، يسخر الجيش الفلاحين فى زراعة جنات مصر على ضفاف النيل وحول عيون الماء فى الصحراء ، وبخروج الجيش من تلك المزارع ثم غرقه عاد بنو اسرائيل وورثوا تلك الجنات والعيون ن قال جل وعلا : ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) الشعراء )

 أخيرا : العبرة

1 ـ ملكية الإعلام  تعبر عن طبيعة الدولة . الدولة الديمقراطية لا تتحكم فى الاعلام ولا تتملكه ، تتركه حرا فى يد الشعب ومؤسساته . المستبد لا بد أن يحتكر الاعلام ليسبح بحمده ، بهذا يحمى إحتكاره للقوة بإحتكاره زعم الحق .

2 ـ  لا يعتبر المستبد الشرقى بمصير إستاذه فرعون موسى . مع أنه يقرأ القرآن الكريم . 

اجمالي القراءات 7683

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   أسامة قفيشة     في   السبت ١٦ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87694]

سؤال يتبادر للأذهان


بداية أتوجه لحضرتك بالشكر الجزيل , كما أود مشاركتكم بما تفضلتم به :



في تصورنا لهذا المجتمع المتمدن و المتحضر بمدائنه بعناصره أيام موسى عليه السلام , لا يسعنا سوى الجزم بكثافة العنصر البشري و تعداده الهائل ,



يتطرق القرآن الكريم و يركز على عنصر الحكم و أدواته و على بني إسرائيل بقوميتهم و عرقهم , في حين غياب المشهد للعنصر الأهم و الأكبر و هو الشعب المصري الأصيل ,



و يبين لنا بأن بني إسرائيل كانوا أقلية قليله بالنسبة لباقي الشعب ( إن هؤلاء لشرذمة قليلون ) ,



و حتى هؤلاء القلة القليلة لم تؤمن لموسى و لم تتبعه , بل قلة القلة هم من آمن منهم ( فما امن لموسى الا ذرية من قومه ) , و هنا نلاحظ لفظ ذرية من بني إسرائيل هي فقط من آمنت بموسى عليه السلام , و نحن نعلم بأنهم اثنا عشر ذرية نسبة لأبناء يعقوب ,



نحن نعلم بأن موسى قد نجاه الله هو و من معه و الغرق كان من نصيب فرعون و جنوده الذين اتبعوه , و لم يردنا في كلام الله جل وعلا بأن موسى و من معه قد عاد لمصر فور غرق فرعون بل هناك إشارة لمكوثه في سيناء ,



و بناءاً على هذا نفهم بأن الجزء الأعظم من بني إسرائيل الذين لم يؤمنوا بموسى و لم يتبعوه استمر بقاؤهم في مصر بين الشعب المصري , و فهمي لقوله جل وعلا ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) يشير لهم , و لا يشير لمن تبع موسى ,



و فيما يتعلق بلفظ ( فاتبعوهم مشرقين ) فمن وجهة نظري تشير للوقت و لا تشير للجهة الشرقية و هذا لقوله جل وعلا ( فأخذتم الصيحة مشرقين )أي وقت الشروق و لا تعني اتجاه الجهة الشرقية .



و كل عام و الجميع بألف خير  



2   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   السبت ١٦ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87696]

الحق حتى و إن كان ( ناعما ) فهو القوة الحقيقية .


موسى و هارون عليهما السلام مثالا رائعا للحق و الصبر عليه و التمسك به .. عاشا زمنا كله محن و إبتلاء و بطش الفرعون .. فصبرا .. رأوا الموت بأعينهم و لكن قوة الإيمان التي نطق بها موسى عليه السلام بكلمة ( كلا ) هي ثبات و إيمان على المبدأ .. العمر مهما طال فنهايته الموت .. مات الفرعون و مات هامان و الجيش الذي جُمع من المدائن المصرية فماذا كان مصيرهم ؟ ( النار يعرضون عليها غدوا و عشيا و يوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) و هنا إعجاز في لفظ ( آل ) !! قلما ينتبه إليه الكثيرون !! التبعية في الظلم .. أدوات الظلم و الفساد .. الجيش الذي يتحكم فيه الفرعون !! ... قصة فرعون و موسى عليه السلام هي أحداث تتكرر .. و من يؤمن بالقران الكريم يرى النتيجة واضحة بينة .. و هي نتيجة كل قوي مستبد ظالم رغم ضعف الحق المادي و لكنة بكل تأكيد قوي بالإيمان .. فما أحقر هذه الدنيا أمام نعيم لا ينتهي .



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأحد ١٧ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87701]

شكرا أحبتى ، وندعو الله جل وعلا أن يعيننا على الاستمرار


عذرا . لم أستطع كتابة مقال بالأمس لأن التسجيل الاسبوعى لبرنامج لحظات قرآنية أرهقنى.

وقد سعدت بتعليق الاستاذ أسامة والاستاذ سعيد . ومع أننى ساسجل اليوم ايضا حلقات لبرنامج لحظات قرآنية ــ فأرجو أن يتاح لى وقت وجهد لأن أكتب مقالا فى الرد على تعليقات الاستاذ أسامة . 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,054,837
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي