آحمد صبحي منصور Ýí 2015-09-02
كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية
القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون
تابع الباب الثالث:( في العمران السياسي ) في الدولة العامة والملك والمراتب السلطانية
الفصل العاشر
طبيعة الملك الإنفراد بالمجد
لأن الملك بالعصبية ، والعصبية تتآلف من عصبيات فرعية تخضع لأقواها ، والعصبية الأقوى يكون منها الملك هو صاحب الحسب والأصل فيهم .وإذا انفرد بالحكم أصابه التأله واستبد بالأمر ومنع الآخرين من أن يكون لهم في دولته نفوذ. ودائما ما يحدث ذلك في الملك الأول المؤسس للدولة ، ولايتم للثاني والثالث إلا بقدر تحكمه في العصبيات .
الفصل الحادي عشر
طبيعة الملك الترف
لأنه بحصولهم على الملك يتركون الخشونة إلى الترف والتنعم في المطاعم والمشارب والمساكن والأثاث ، ويتفاخرون في ذلك . وعلى قدر ملكهم يكون حظهم من الترف .
الفصل الثاني عشر
طبيعة الملك الدعة والسكون
لأن الوصول إلى الملك هو الغاية ، فإن حصل على غايته لم يعد له هدف أبعد من ذلك ، لذا يؤثر الراحة والتمتع بالدنيا في كل مظاهرها .
الفصل الثالث عشر
إذا تحكمت في الملك عوامل الاستبداد
والترف والدعة أصيبت الدولة بالهرم
وذلك لعدة أسباب :
الأول : لأن الإستبداد يجعل الآخرين يتكاسلون ويؤثرون الخنوع ، ثم يأتي الجيل الثاني من الأتباع يحسبون أن ما يأخذونه من السلطان أجرا على الحماية مع أنهم لا يرضون افتداء السلطان بحياتهم ، مما يسرع بضعف الدولة . أما إذا كان الأمر شورى ومشاركة إتحدوا جميعا في تدعيم الدولة والدفاع عنها .
الثاني : إن ترف السلطان يوقعه في الإسراف ، مما يجعل النفقات تزيد على الإيراد ويزداد الفقير فقرا ، ويستهلك المترف ما لديه بإسرافه ، ويزداد ذلك في الأجيال اللاحقة ، فتعجز الدولة عن نفقات الحروب ومرتبات الجند ، وعندها يلجؤون للمصادرات والعقوبات المالية ، ويضيع إيرادها بين أرباب الدولة فلا تستفيد منها شيئا غير الفساد والفوضى . وإذا كثر الترف والسرف في أرباب الدولة لم تعد مرتباتهم تكفي إسرافهم فيحتاج السلطان إلى زيادتها وتعجز موارد الدولة عن ذلك ، فتزداد الضرائب والمكوس ، وقد يلجأ إلى تقليل عدد الجند لتوفير النفقات فتضعف الدولة ، ويطمع فيها أعداؤها وجيرانها . والترف مفسدة للناس إذ يحيي في النفس الشرور ويضيع منها عوامل الخير .
الثالث : إن الملك حين يؤثر الدعة والراحة فإن الجيل الثاني من الملك ينسى الخشونة ، ويزول الفارق بينه وبين العوام ، وينغمس في الترف ويزداد اعتماده على الجند والحراسة من أصحاب البأس والخشونة ليدعم دولته ، وقد يشتري المماليك ليكونوا جندا ، وأبناء أولئك المماليك يكونون أقل خشونة وبسالة من آبائهم ، لأن الأبناء ولدوا وعاشوا وسط الدولة وترفها .
ملاحظة : هذا تأصيل سياسى رائع ، ينطبق على الدول الراهنة فى الشرق الأوسط من مصر الى الخليج .
الفصل الرابع عشر
الدولة لها أعمار طبيعية كالأشخاص
العمر الطبيعي للإنسان 120 عاما ، ولايزيد عن ذلك إلا نادرا . ويختلف العمر في كل جيل حسب كل قرن . من مائة عام إلى الستين والسبعين . وأعمار الدول أيضا لا تتعدى أعمار ثلاثة أجيال والجيل أربعون عاما .أي أن عمر الدولة 120 عاما . وأخذ إبن خلدون تحديد أربعين للجيل من الأربعين عاما التي قضاها بنو إسرائيل في التيه .
وعمر الدولة لا يزيد على ثلاثة أجيال ، لأن الجيل الأول يحتفظ بالخشونة والبسالة وبساطة العيش فيحتفظ بالقوة والعصبية والغلبة . ثم يأتي الجيل الثاني وقد تحول إلى الحضارة والترف واستبداد صاحب الأمر وخنوع الأتباع ، ولكن يبقى معهم شواهد عز من الجيل الأول وأهل في الإصلاح والإقتداء ، إلا أن الجيل الثالث يبلغ في الترف غايته ، ويصبح السلطان عالة على الدولة محتاجا إلى حمايتها كالنساء والصبيان ، ولا يتبقى له من الفروسية إلا أن يركب في المواكب والإحتفالات ، ويحتاج إلى إستجلاب الجند البواسل وشرائهم واستئجارهم إلى حين تنقرض الدولة .
وهكذا لا تعدو الدول هذه الأجيال الثلاثة إلا في ظروف إستثنائية كأن لا تكون هناك قوة أخرى تريد إزالتها .
الفصل الخامس عشر
إنتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة
التغلب الذي يكون به الملك يأتي بالعصبية وشدة البأس أي البداوة ، ثم تأتي الحضارة والترف والدعة مع استقرار الملك ، وهذا ما حدث للعرب بعد استقرار الفتوح وبعد أن خدمهم أهل البلاد المفتوحة . ونرى ذلك حين نقارن أحوال العرب عند الفتح وقد رأوا الكافور في خزائن كسرى فاستعملوه في العجين ، بأحوالهم في الدولة العباسية حين تزوج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل وما حدث في هذا الزفاف من ترف وسرف ، وكانت أعطيات بني أمية من الإبل فأصبحت لدى العباسيين أحمال المال والثياب ومراكب الخيل . ..
وهكذا تنتقل الحضارة من الدول السالفة إلى الدولة اللاحقة من الفرس لعرب بني أمية ثم بني العباس ثم الديلم ثم الترك ثم السلاجقة ثم المماليك .
وعلى قدر عظم الدولة يكون حظها من الحضارة لأن الحضارة من توابع الترف ، والترف من توابع الثروة والنعمة ، والنعمة من توابع الملك ، فعلي مقدار الملك يكون ذلك كله .
الفصل السادس عشر
الترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى قوتها
لأن القبيلة إذا وصلت إلى الملك كثر التناسل فتكثر عصبيتها ، ويستكثرون أيضا من الموالي والأتباع ، فيزدادون عددا وقوة . فإذا ذهب الجيل الأول والثاني وأصيبت الدولة بالهرم لم يستقل أولئك الموالي بأنفسهم في تأسيس الدولة لأنهم كانوا عيالا على أهلها ، فإذا ذهب الأصل لم يستقل الفرع بالرسوخ.
واستشهد إبن خلدون على كثرة نسل العصبيات بتعداد بنيالعباس أيام المأمون وقد وصلوا إلى ثلاثين ألفا في أقل من مائتي سنة . ولم يصل العرب في أول الفتح هذا العدد.
الفصل السابع عشر
أطوار الدولة واختلاف أحوالها وأخلاق أهلها باختلاف الأطوار
تنتقل الدولة في أطوار مختلفة ، وفي كل طور يكتسب أهل الدولة حالات مختلفة ، وهناك خمسة أطوار للدولة :
الطور الأول : الإستيلاء على الملك ، ومؤسس الملك يكون قدوة في المجد والفروسية وإدارة الدولة ولا ينفرد بالأمر .
الطور الثاني : الإستبداد والإنفراد بالحكم ، ويهتم الملك باصطناع الأتباع الجدد وإبعاد العصبية التي أقامت الملك ، ويعاني في سبيل ذلك ما عاناه سابقه في الإستيلاء على الحكم .
الطور الثالث : الفراغ والدعة للتمتع بثمرات الملك ، وهنا يكون ضبط الإيراد وتحسينه وتشييد العمران وتفريق الأموال على الأتباع ، وهذا آخر أطوار القوة والإستقلال .
الطور الرابع : القنوع والمسالمة ، يقنع الملك هنا بما بناه السابقون ويقلدهم في مآثرهم.
الطور الخامس: الإسراف والتبذير : هنا يتلف الحاكم ما جمعه السابقون وينفقه على حاشية السوء ، ويقلدهم الوظائف الخطيرة ، وهنا تصاب الدولة بالهرم والمرض وتنقرض.
ملاحظة : هذا ينطبق الآن على الأسرات الحاكمة التى تحتكر السلطة والثروة .
الفصل الثامن عشر
آثار الدولة بقدر قوتها
الآثار إنما تحدث عن القوة التي بها كانت أولا ، وعلى قدرها يكون الأثر ، فآثار الدولة وهياكلها بقدر قوة الدولة ، لأن ذلك لا يتم إلا بكثرة العمال والصناع وحسن الإدارة . والدولة العظيمة الواسعة تترك آثارا تدل على عظمتها وسعتها . مثل إيوان كسرى وبلاط الوليد في دمشق وجامع بني أمية بقرطبة والأهرام بمصر . ومن تلك الآثار تعرف اختلاف الدول في القوة والضعف .
تصحيح ونقد لبعض الروايات
والآثار العظيمة القديمة لم تكن لأن الأقدمين كانوا عمالقة ولكنهم أقاموها بالتنظيم والإدارة واجتماع الأيدى العاملة ، وليس هناك فرق بين أحجام البشر ، إلا أن القصاصين حكوا خرافات عن عاد وثمود والعمالقة لا يقبلها عقل . ومنها أن عوج ابن عناق العملاق كان يتناول السمك من البحر ويشويه في الشمس ، ويرد إبن خلدون على ذلك أنهم لا يعلمون أن الحر هو الضوء ، والضوء فيما قرب من الأرض أكثر لانعكاس الأشعة من سطح الأرض بمقابلة الأضواء فتتضاعف الحرارة بسبب ذلك ، وإذا تجاوزت مطارح الأشعة المنعكسة فلا حر هنالك بل يكون البرد حيث يجاري السحب ، وأن الشمس في نفسها لا حارة ولا باردة وإنما هي جسم بسيط مضئ .
قوة الدولة بقدر ثرائها الاقتصادي
ومن آثار الدول أيضا حالها في إعطاء الهدايا ، وأن ذلك على قدرها وغناها وحضارتها ، واستشهد بجوائز المأمون والبرامكة وملوك صنهاجة .
وذكر إبن خلدون إيراد بيت المال في بغداد في خلافة المأمون بتفصيلاته من كل البلاد والأقطار ، وذكر أن عبدالرحمن الناصر ترك في بيت المال عند موته خمسة مليارات دينار ، وإيراد بيت المال في عهد الرشيد ( 7500) قنطار ذهب سنويا . وقال أن الناس قد يستكثرون ذلك مع أن هذه الثروات على قدر قوة الدول واتساعها . وقال أنهم كذبوا ما أخبر به ابن بطوطه في رحلته عن عجائب وثراء الهند لأنهم لم يروا إلا بلادهم ولا يتخيلون غيرها .
الفصل التاسع عشر
إستظهار صاحب الدولة على قومه أهل عصبيته بالموالى والأتباع
يتغلب صاحب الأمر بعصبيته على أعدائه ويقيم دولته ، ويستعين بهم في إدارة دولته وحمايتها ، فإذا جاء الطور الثاني إستبد الملك بالحكم وأقام عصبية جديدة يستعين بها ضد العصبية القديمة التي تتيه بمكانتها وسلطانها ، والتي رأته صغيرا ناشئا حين كانوا يقيمون الأمر لأبيه .
ولذلك يحتفي الملك بهذه العصبية الجديدة من الموالي والأتباع ويغدق عليهم الأموال والمناصب ، فيدب في الدولة الوهن والحقد والتآمر والفساد .
وقد حدث ذلك في بداية الأمويين والعباسيين ، إذ استعانوا برجالات العرب في بداية الأمر ثم اصطنعوا بعدها الموالي والأتباع .
الفصل العشرون
أحوال الموالى والأتباع في الدول
يتفاوت الأتباع في التعلق والإلتحام بصاحب الدولة بقدر قدمهم في خدمته، فالعصبية الأولى تكون بالنسب حيث يتناصر الأقربون فيما بينهم للوصول إلى المُلك ( أو التملك) ، وغير ذلك تكون العصبية بالحلف والولاء أي الإسترقاق بلا نسب وهي توجد صلة خاصة هي الإلتحام.
الولاية بين القبيلة وأوليائها أشد قبل حصول المُلك
والمقصود بالالتحام طول العشرة ودوام المدافعة والصحبة ، وقد يكون ذلك قبل التملك أكثر تعمقا حيث لم تكن التفرقة بين النسب وغيره قد وجدت بعد . أما بعد التملك فتتميز درجة الملك وأقرب أقاربه عن الآخرين ، ويضعف الإلتحام بمقدار الإبتعاد عن الملك وأسرته . ثم إن الإلتحام واصطناع الأولياء قبل التملك ينساه أهل الدولة بطول الزمان ، وأما بعد التملك فيكون معروفا .
ولذلك فإن من كان إصطناعه قبل التملك يكون أشد إلتحاما وأقرب قرابة من الملك ، ومن كان إصطناعه بعد التملك والرياسة لا يكون له نفس الدرجة من القرابة والصلة ، حتى أن الدولة في آخر عمرها تصطنع الأتباع ولكن بدون مجد يصل إلى مجد الأتباع الأوائل ، وهذا المجد الذي يناله الأتباع الأوائل يجعل السلطان ينفر منهم وينشئ أتباعا جددا ليحلوا محلهم .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,056,952 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
المرض النفسى: 1- اولا ابدا رسالت ى بتحيه الاسل ام لك و لكل...
تنقيح العهد القديم !: بعد قراءة مقالا تكم" حوار ال سي ان ان مع...
ميراث ابن الأخ: هل صحيح أن القرآ ن يذكر أن الرجل الذي لم ينجب...
قضايا المرأة : شكرا يا شيخنا . نحن سعيدا ت جدا ببرنا مجك ...
ولات حين مناص: ما معنى ( ولات حين مناص )...
more
السلام عليكم ، صحيح ما يقوله ابن خلدون في العمر الطبيعي للإنسان 120 عاما ، يساوي تقريبا أعمار الدول فمعظم الدول لا تتعدى أعمار ثلاثة أجيال والجيل أربعون عاما .أي أن عمر الدولة 120 عاما .!!!
وفي هذا الجزء من المقدمة أيضا تحدث عن الاستبداد من قبل الحكام ويرى أنه يجعل الشعب يتكاسل، ويؤثر الخنوع ، لأنه لا يجد في نفسه الدافعية للنشاط ،ولا الأمل في المستقبل لذا نجد الشباب في المجتمعات الاستبدادية بين أمرين إما يتطرف ناقما على المجتمع وما فيه لأنه لم يجد له مكانا في أي وقت ولا في أي موقع ، إما أن يتجه إلى إدمان الراحة والحصول على المال من أي طريق والانفلات ... ومن المعروف ان عدد كبير من الفريقين ينتهي مصيره بالانتحار عمدا او بإذن ...
دمتم بخير وبكامل النشاط