عقيدة الآميش

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢٠ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


عقيدة الآميش

 

 

د/نصار عبد اللة

أغلب القراء ـ فيما أظن ـ لا يعرفون أن هناك طائفة مسيحية معاصرة تلزم نساءها بالحجاب!!، وتحظر عليهن قيادة السيارات من منطلق أن قيادة النساء للسيارات هي إحدي المحرمات!!، وإن كان المعتدلون في العقيدة منهم يجيزون لها القيادة بشرط أن يكون معها في السيارة نساء أخريات وبشرط أن تكون هناك ضرورة قصوي قد استوجبت ركوبهن للسيارة، باعتبار أن مجرد ركوب السيارات دون ضرورة قصوي هو في حد ذاته مكروه أصلا حتي بالنسبة للرجل !!، إنها طائفة الآميش Amish التي يبلغ تعداد أتباعها نحو ربع مليون نسمة، يعيش أغلبهم في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية بينما يعيش بعضهم في كندا، والخلاف الأساسي بين الآميش وبين الطوائف المسيحية الأخري يكمن في التعميد، فهم يرفضون العمادة بصورتها التقليدية المعتادة ويؤمنون بأن عمادة المسيحي لا تتحقق بطقس أو شعيرة معينة ولكنها تتحقق علي مدي حياته كلها من خلال عمله، ولقد عرضتهم عقيدتهم تلك للإضطهاد والتنكيل والقتل من جانب الكاثوليك والبروستانت في بداية نشأة العقيدة الآميشية في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر، مما حدا بهم إلي الفرار من أوروبا واستيطان الولايات المتحدة الأمريكية وكندا حيث ما زالوا يعيشون إلي الآن في شبه عزلة عن بقية مكونات المجتمع، إلي حد أنهم يستخدمون في التعامل فيما بينهم لغة خاصة بهم هي الآميشية التي خليط من الألمانية والهولندية، وإلي جانب تلك العزلة اللغوية فهم يعيشون عزلة عقيدية مستحكمة تجعلهم ينظرون إلي أتباع العقائد الأخري باعتبارهم من الكفار الذين لا يحل التزوج منهم بل ولا يحل الإختلاط بهم أو التعامل معهم بأي وجه من الوجوه إلا للضرورة القصوي، والأميشيون يؤمنون إيمانا عميقا بمعتقداتهم الخاصة التي ترسم لهم حدود ماهو مباح وما هو مكروه وما هو من المحرمات التي سبق أن أشرنا إلي جانب منها، والتي يمكن أن نضيف إليها أيضا تحريمهم للتصوير وتحريمهم للغناء والموسيقي، وإلزامهم للرجال بإطلاق اللحية طيلة حياتهم، وبطبيعة الحال تحريمهم للخمور ولسائر أشكال العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج. وفضلا عن كراهيتهم لركوب السيارات التي أشرنا إليها في بداية حديثنا، فضلا عن ذلك، فهم بوجه عام يرفضون كل مظاهر الحضارة الحديثة ويتعاملون معها باعتبارها أشكالا من البدع التي ينبغي تجنبها، ولهذا السبب فهم يرفضون التعامل مع الكهرباء ويعتمدون في إضاءة منازلهم علي القناديل الزيتية أو مصابيح الجاز، ويرفضون استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات في زراعتهم ويعتمدون علي الأسمدة الطبيعية وحدها ( لحسن حظهم فإن هذا النوع من المنتجات الزراعية يلقي إقبالا كبيرا ويباع من ثم بأسعار مرتفعة)، بل إن مقاطعتهم للمجتمع المحيط بهم قد وصلت إلي حد أنهم يحرمون علي أبنائهم دخول المدارس الحكومية وغيرها من المدارس التي يصفونها بأنها كافرة ولا يسمحون لهم إلا بدخول مدارسهم الخاصة، الغريب أن الولايات المتحدة قد أقرت لهم بأحقيتهم في ذلك المسلك، وأصدرت في عام 1972 قانونا يقضي باستثناء الآميش من التعليم الإلزامي!!! ويبقي أن نقول إننا هنا لا نتكلم عن العقيدة الأميشية في مجال الإشادة، ولا نتكلم عنها في مجال التعريض أو التهكم أو الإستهزاء، ولكننا نتكلم عنها في مجال تقديم المعلومة التي قد تدفع ببعض القراء إلي محاولة الإستزادة بالرجوع إلي دوائر المعارف الورقية أو الإليكترونية حتي يصبحوا قادرين بعد ذلك علي التحليل والمقارنة واستخلاص ما قد يستخلصونه من النتائج والعبر. وكل عام، وقراؤنا جميعا بخير
باقي اخبار باب اعمدة ومقالات
اجمالي القراءات 7386
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق