صعاليك الانترنت

الأربعاء ٣١ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
فيه رأى غريب قرأته فى الفيس ، واحد عامل نفسه باحث فى الاسلام يقول إن أكل صيد البحر حرام ، واستشهد بآية ( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103) المائدة ) . أرجو أن تردّ عليه .
آحمد صبحي منصور :

أولا :

1 ـ الكتابة فى الاسلام أصبحت بالانترنت مُتاحة ومُباحة لصعاليك الانترنت . ترى أحدهم لا يعرف أن يكتب سطرا بدون أخطاء إملائية أو نحوية ، ثم يفتى فى الاسلام بكل جُرأة وبكل جهل . لا غُبار أن يكتب أحدهم فى الفن والرياضة والتسلية والكوميديا . إنما المصيبة أن يستسهل الكتابة فى الاسلام ، وهو غير مؤهّل لذلك فيُضلُّ كثيرا من الناس ، وهذا لمجرد أن يشتهر ويتحدث عنه الناس . الخطأ هنا يكون أكبر خطيئة .

ثانيا :

2 ـ هذا الجاهل أساء فهم قوله جل وعلا : (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) المائدة )، فهو لم يعرف  :

  1 : الفرق بين ( بَحِيرَةٍ ) فى الآية الكريمة ، وهى بالباء المفتوحة والحاء المكسورة ، وبين ( بُحيرة ) تصغير بحر ، وهى بالباء المضمومة والحاء المفتوحة .

 2 : إن الله جل وعلا يردُّ على تشريع جاهلى لا علاقة له مطلقا بصيد البحر ، وإنما هو عن الأنعام وتشريعات الجاهلية فيها ، وعاداتهم بشأنها . ونتعرف عليها  :

  2 / 1 :  ( البحيرة ) كانوا يبحرون أى يشقون أُذُنها شقا واسعا إذا أنتجت خمسة أبطن وكان الخامس أُنثى . وكانوا يجعلون لبنها قربانا لقبورهم المقدسة . ويتركونها مملوكة لآلهتهم وأوليائهم .

2 / 2 : ( السائبة ): هى التى يتركونها وقفا على آلهتهم ، أو( سائبة ) ترعى حيث تشاء ، ولا يركبونها ، ولا يجزون صوفها ، ولا يحلبون لبنها إلا للضيف .  

2 / 3 :  الوصيلة : هى الناقة البكر فى أول نتاج للإبل ، والتى يأتى بعدها أُنثى وليس ذكرا .  وكانوا أيضا يوقفونها على أوليائهم وآلهتهم .  

2 / 4 : ( الحام ). هو الجمل الذكر الذى يولد من ظهره عشرة أبطن ، فيقولون ( حمى ظهره ) فلا يُحملُ عليه ، ويطلقونه حُرّا يعى ويشرب حيث شاء .

3 ـ نسبوا هذا التشريع لله جل وعلا ، والله جل وعلا أبطل هذا التشريع وجعله إفتراءا ، فقال :( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) المائدة ).  

 ثالثا :

هذا الجاهل لا يعرف أن المحرمات فى الطعام فى الأنعام ( المواشى فقط ) وفى ما يمكن صيده من الحيوانات البرية ، وليست فى حيوانات البحر والنهر .

1 ـ فى أول سورة المائدة يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) .  ثم يشرح المحرمات تفصيلا فى قوله جل وعلا : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 3  ). وفى نفس السورة يقول جل وعلا طعام البحر الذى لا يأتى إلا بالصيد ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) المائدة ) . يعنى الميتة المحرمة فى الحيوانات البرية والانعام ليست محرمة فى حيوانات الأنهار والبحار .

2 ـ بل إن الله جل وعلا يذكر من النُعم علينا تسخير البحر لنا لنأكل منه لحما طريا ونستخرج منه الحُلىّ . قال جل وعلا :

2 / 1 :( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) النحل )

2 / 2 : ( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) فاطر ).

أخيرا

ألا بُعدا لصعاليك الانترنت .!! 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 938
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,494,306
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


عن لحظات قرآنية : شعرت بالأل م والحز ن من كلامك م بالأم س في...

صيام بلا تقوى: لماذا يهتم المسل مون بأن يصومو ا أكثر من...

مذبحة كربلاء: قراءت لحضرت ك كتاب منذ بومان بخصوص موقعة...

العورة وأشياء أخرى : ما هي عورة الرجل وعورة المرأ ة من القرا ن ...

زبيبة السجود : لو سمحت سؤال شخصى عن حضرتك . فى الفيد يوهات ...

الدعاء: من فضلك لدى سؤال حول الدعا ء الاح ض انه فى...

قاعة البحث (2): الآن أقوم بانها ء جزء بسيط من البحث المكل ف ...

الرزق: هل يواثر رزق الغير علي احد بما معنه. انا رجل...

اسماعيل منصور: هل قرأت من كتب للدكت ور اسماع يل منصور...

شراء مؤلفاتنا : أرغب في شراء جميع كتب د أحمد صبحي منصور ؟ و...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : ما رأيك فيمن ينام معظم نهار...

من موريتانيا: أفتى المجل س الأعل ى للفتو ى المظا لم، ...

آمين : عرفت ان ( آمين ) ليست من القرآ ن ، فهل لو قلتها فى...

اللسان واللغة : ياريت يا د احمد تستبد ل كلمة اللغه باللس ان ...

نية الصوم : تسيت أن أنوى الصوم أمس ، وركبت نى الوسا وس ،...

more