غالب غنيم في الجمعة 27 مايو 2016
في البحث عن الإسلام - الصلاة في القرءان الكريم – الصلوة الوسطى والمحافظة على الصلوة - جزء 11
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين
( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر - 36
______________
مقدمه :
نظرا لإستمرار التساؤل عن الصلاة الوسطى، وقضية الذين هم على صلواتهم يحافظون، اضطررت أن أعود لأكمل بعض القضايا المتعلقة بالصلوة مثل هذه، كما لاحقا بإذن الله تفصيل مدلول الصلاة من يوم الجمعه.
______________
الحفاظ على الصلوات :
لقد ورد مصطلح الصلوة الوسطى الذي يثير جدلا كثيرا وكبيرا لمن اتبع الظن، واتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، أقول، ورد مرة واحدة في القرءان الكريم، بينما الحفاظ على الصلوات ورد في كثير من المواقع التي اغلبها مرتبط بالأخلاق والمعاملات بين الناس بشكل أساسيّ، أي في الآيات التي تتحدث عن الصلة الأفقية بين الناس – الصلاة الإجتماعية - وليس عن الصلة العامودية – الصلوة الموقوتة – ومنه، لو نظرنا للآيتين التاليتين، سنجدهما في موقع كل مساقه يتحدث عن الطلاق، فكأنما هذه الآيات أتت – حسب المفهوم التراثي – حشوا ليس في مكانهما!
فكل المساق السابق واللاحق لهما يتحدث عن الطلاق ومعاملات الطلاق والعلاقات بين الزوجين والتعامل بينهما أثناء ذلك :
( حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًۭا ۖ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُونَ ) البقرة – 238:239
بالطبع سأعود لاحقا للتعرض للصلوة الوسطى لكن علينا ترتيل الآيات التي تحثنا على الحفاظ على الصلوات كي نفهم هذه المسألة كيف تتم ؟!
(قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَـٰشِعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوٰةِ فَـٰعِلُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَ ٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَ ٰعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَ ٰتِهِمْ يُحَافِظُونَ) المؤمنون – 1:9
نلاحظ هنا عدة أمور، أن هذه الآيات تتحدث عن أخلاق وصفات وتعامل المؤمنين مع من حولهم أولا، وأنه تم ذكر صفة الخشوع في صلاتهم، أي تم ذكر كونهم خاشعين في الصلوة، فلِمَ يتم ذكر حفظهم للصلوات مرة أخرى إن كان المقصود هي الصلاة الموقوتة؟ فلو كان الحديث عن انهم للصلوات الموقوتة حافظين، لكان حشوا بعد ذكرهم بكونهم خاشعين في صلاتهم !
فالذي يخشع في صلاته لا بد أنه لن يسهى عنها ! ولكن هنا أمر آخر تماما، ألا وهو أن الحفاظ على الصلوات هو أمر بالحفاظ على الصلة الأفقية، فكما بينت في بحث الصلوة الموقوتة – الجزء العاشر – أن هناك ثلاثة أنواع صلوات، وبالذات، هنا ما تتحدث عنه الآيات في أكثر من مورد، سواء في سورة البقرة حيث الحديث عن علاقات الأزواج، أوهنا في سورة المؤمنين حيث الحديث عن علاقة المؤمنين بمن حولهم، وكذلك في السور التالية التي ستضع النقاط على الحروف :
( إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ * وَٱلَّذِينَ فِىٓ أَمْوَ ٰلِهِمْ حَقٌّۭ مَّعْلُومٌۭ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ * وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍۢ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَ ٰعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَـٰدَ ٰتِهِمْ قَآئِمُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) المعارج – 22:34
حيث نفهم منها ارتباط المصلين بأخلاق ومعاملات، وعمل خيرات وصالحات، وليس كما قيل لنا فقط بالصلوة الموقوتة !
كما أصبح عندنا هنا مصطلح جديد يدعم فكرة الحفاظ الشخصي على الصلوات الأفقية، وهو الدوام على الصلوات، فهم على صلاتهم دائمون لا ينقطعون عنها لحظة، وهذا أمر بديهيّ لمن أثّرت فيه الصلوة الموقوتة على سبيل المثال، حيث أنها وسيلة غايتها النهائية التقوى، وغايتها الصغرى أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي!
فمن نهته صلاته الفردية وعلمته بالإيمان والتقوى أن لا يَبغي ولا يعتدي ويبتعد عن المنكر من الفعل والقول والفحشاء، سيكون من ضمن دائرة المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون، والذين أمرهم الله أن يحافظوا على هذه الصلوات طالما هم أحياء!
فلو نظرنا جيدا في سورة المعارج، سنجد أنها تتحدث عن صفات المصلين قريبا مع صفات المؤمنين في سورة المؤمنين، وكل السور والموارد تتحدث عن أخلاق ومعاملات بين الناس وليس عن صلوات موقوتة أبدا، كما قال تعالى في آخر مورد نتدبره هنا وهو سورة الماعون التي فيها الحكم الفصل :
( أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ * فَذَ ٰلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌۭ لِّلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُون ) الماعون
فكيف يكون الحديث عن صلاة موقوتة هنا؟ والله من سماهم مصلين؟!
نعم هم مصلين، ولكنهم مرائين في صلاتهم الإجتماعية، وإن قاموا بالصلوة الموقوتة فلن يخشعوا فيها أبدا، حيث لا يطبقون أخلاق القرءان ولا يصلون ما أمر الله به أن يوصل! ومنه، هم لم يحافظوا على صلواتهم أبدا، بل صلاتهم كما في مكان آخر وصفها الله تعالى بمكاء وتصدية، ليست هي إلا لإبعاد من حولهم عن الحق وإزاغتهم عنه، فهم يبتعدون عن الإنفاق على اليتامى والمساكين بل ويمنعون إطعامهم والانفاق عليهم.
من سورة الماعون نعود لسورة يوسف أعلاه حيث تم وصف من لا يحفظ الشيء بأن يغفل عنه، وليس السهو عنه، حيث قال لهم أبيهم :
( قَالَ إِنِّى لَيَحْزُنُنِىٓ أَن تَذْهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَـٰفِلُونَ) يوسف – 13
ولن أتعرض كثيرا في ترتيل مفردة الغفلة من السهو، ولكن السهو ملتصق بما يتم العلم به وجوبا، أي هم لذلك تم تسميتهم بالمصلين، لكونهم يعلمون تماما ما هي الصلاة الإجتماعية – الأفقيه بين الناس – فسهوا عنها متعمدين، والدليل أنهم مرائين، بينما الغفلة قد تحدث عفوا بانشغال الشخص في شيء آخر.
فكيف نحافظ على صلواتنا ؟
بما أن عملية الحفظ عملية مرتبطة بشيء وفترة زمنيه، فالذين هم على صلواتهم يحافظون، كما تم وصف صفات كثيرة لهم في الآيات أعلاه، هم الذين تنهاهم الصلوة عن الفحشاء والمنكر والبغي دوما في كل وقت من أوقات حياتهم، وهم الذين دوما يتصفون بالأخلاق الحميدة العالية ويبتعدون عن القبيح منها ويعملون الصالحات والخيرات دوما، وأهمها الإنفاق على المساكين واليتامى وغيرهم من المحتاجين.
فالصلوة الموقوتة بحد ذاتها ليست الهدف، بل هي أداة تربوية للنضوج والإستواء لكي نتقي ونتهذب نفسيا واخلاقيا، وإلا فلا فائدة منها إن كانت هي الغاية بحد ذاتها!
والحفاظ على الصلوات يكون بأن تؤتي أكلها فينا بأن نقيمها في كل وقت في حياتنا وشؤوننا الخاصة والعامه.
______________
الصلوة الوسطى :
بعد أن توصلنا أن الحفاظ على الصوات مرتبط ارتباطا وثيقا بالصلة الأفقية –الصلاة الإجتماعية - بين الناس، من السهل علينا بعد ترتيلنا لمفردة وسط أعلاه أن نفقه أن الصلوة الوسطى هي رمز الإعتدال والوسطية في كل شيء سواء!
فمن اتبع القرءان بتدبر ووعي وفكر هو من الأمة المعتدلة التي تبتغي بين ذلك سبيلا، لا يجهر ولا يخافت، لا يسرف ولا يقتّر فيبخل، وحتى في الصلوة الموقوتة، مطلوب فيها الاعتدال والوسطية، وكان النبي هو الاستثناء الوحيد من بيننا لكونه نبيا، وحامل رسالة، فبلغنا الله تعالى بأنه كان يقوم ثلثي الليل أو أدنى، وطائفة من الذين اتبعوه، فخفف عنهم، بأن قال لهم أن يقرأوا ما تيسر من القرءان بديلا عن التهجد الطويل لمن يُرهَق منه!
هذا هو دين الاعتدال والتخفيف والوسطية في الأمور!
وكذلك في الانفاق واطعام الفقراء والمساكين سواء صدقات وتزكية للنفس أو كفارة ما، مطلوب أن تكون هذه الصدقات من أوسط ما ننفق ونطعم أهلنا.
فالصلوة الوسطى بكل بيان هي الصلة المعتدلة عاموديا وأفقيا، أي في تأديتنا للمناسك وفي تعاملنا مع من حولنا من الناس والمجتمع ومن نتعامل معهم جميعا!
ولا يمكن – بل من السخف فعلا – تحويل هذا المبدأ العالمي الجميل الرائع في التعامل بين البشر مع بعضهم البعض ومع ربهم الى تفاضل بين صلاة وصلاة لا يقبلها منطق ولا عقل ولا دليل عليها في القرءان، وهذا لا بد واضح لمن يفقه نعت الله تعالى للصلوة على المؤمنين بكونها كتابا موقوتا!
______________
قضية - فإن خفتم :
( حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًۭا ۖ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُونَ ) البقرة – 238:239
نعود لقوله تعالى مرة أخرى لنبحث في تتمة الآيات، حيث هناك شرطٌ يتلوه حكم خاص بالشرط، ولا أدري كيف اقول هذا الأمر، لكنني أرى من الآيات أن الشرط يعود للقنوت لسببين، ولا يعود للجملة الأولى التي يأمرنا الله فيها بأن نحافظ على الصلوات والصلوة الوسطى!
فقضية الخوف هنا هي حالة نفسية تنتاب الناس لسبب ما من خطر محدق بهم، مما يربك تركيزهم وقد يشتت انتباههم، وهذا بالذات سبب ذكر الله تعالى بعد أمر المحافظة بجملة جديدة ابتدأها بحرف الواو، وكأنها تعداد لأوامر، حيث تم عزلها عن الجملة الأولى لكونها حالة ثانية، وهذا هو السبب الأول، وحيث يقول تعالى ( وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ )، فالقنوت يكون في الصلوة الموقوتة، التي هي كما وضحنا في البحث العاشر، كتابا موقوتا له وقت محدد بسبب كونه لقاء بين الله وعبده، كالميقات تماما، وهنا بالطبع لا بد من القنوت الذي يعبر عن حالة صبر وخشوع من قوة داخلية هادئة مطمئنة تدفع هذا القائم الى ان يستشعر الخالق، ولكن بسبب عدم توفّر الأمان، فلن يكون هناك قنوت، وبالرغم من ذلك، الصلوة الموقوتة لا تنتفي ابدا، فيمكن أداؤها وأنت راكب أو تمشي راجلا على رجليك، وهذا السبب الثاني، حتى لو لم تقنت فيها، وهذا لا علاقة له بالحفاظ على الصلوة الوسطى ابدا، فهنا لا يمكن الاعتدال ولا الطمأنينة كما لا يوجد قنوت كافٍ، ولكن لم يتم نفي إقامة الصلوة لكونها كتابا موقوتا!
______________
خلاصه :
الصلوة الوسطى المطالبين بالحفاظ عليها هي التي ستجعلنا أمة وسطا.
إنتهى.
والله المستعان
ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه –فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.
مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – مقدمة في فهم واقعنا بين التاريخ والتأريخ – البحث – 1
في البحث عن الإسلام – مفهوم الأرحام بين التراث والقرءان – ما هي صلة الرّحِم – الجزء الرابع
دعوة للتبرع
شكرا لك أستاذ غالب غلى هذا البحث المفيد والجامع عن الصلاة ، والتي تعني الذكر ،فهي تمثل كل الصلات بين العبد وربه وقد تحدثت سابقا عن الذكر في موضوع سابق لي بعنوان :( عن الذكر نتحدث ) ولو عند حضرتك وقت ممكن تقراه ، يهمني رأيك لأنه يتناول نفس قضية الذكر التي تناولتها .. اما عن الصلاة ة والمحافظة عليها والفرق بين الصلاة الموقوتة بوقت والمحددة بعدد ركعات وبحركات معروفة والصلاة الوسطى التي تختص بالمحافظة عليها من خلال التقوى التي هي الهدف الأساس لكل العبادات ، وكل الصلات فقد تحدث عنها الدكتور احمد صبحي كثيرا في كتاب الصلاة وفي ابحاث منفصلة على سبيل المثال في هذا الرابط : http://www.ahl-alquran.com/arabic/printpage.php?doc_type=1&doc_id=3742
وهذا جزء مما ورد في هذا الرابط معنى إقامة الصلاة والمحافظة على الصلاة التطبيق العملي لإقامة الصلاة ه الجمع بين الخشوع في الصلاة والمحافظة عليها. فالصلاة تستلزم أثناء تأديتها خشوعا كما تستلزم تقوى ومحافظة على السلوك القويم فيما بين الصلوات الخمسة. أي أن يوم المؤمن المصلى ينقسم إلى قسمين: قسم أصغر هو الدقائق التي يؤدى فيها الخمس صلوات الموزعة على أوقات اليقظة في اليوم. والقسم الأكبر هو بقية الوقت الواقع بين تـأدية الصلوات الخمس، وفى تلك الأوقات يجب المحافظة على الصلوات بالتقوى والالتزام الخلقي القويم.
وهناك علاقة وثيقة بين الخشوع أثناء تأدية الصلاة والمحافظة على الصلاة بعد تأديتها بعدم الوقوع في المعاصي بين الصلوات الخمس. فالخشوع أن يِؤكد المؤمن على إخلاصه في كل كلمة يناجى بها ربه جل وعلا في صلاته خصوصا وهو يقول في كل ركعة في الفاتحة " اهدنا الصراط المستقيم "، الخشوع هو الصدق في مخاطبة رب العزة والإخلاص التام في دعائه وعبادته. ولا يمكن أن تخشع في صلاتك بهذا الشكل وأنت تفعل الفحشاء وترتكب المعاصي بعد الصلاة وتصمم عليها أثناء الصلاة وبعدها و تصلى لربك وتقول له جل وعلا: اهدنا الصراط المستقيم. إذا فعلت هذه فإنما ترائي الناس ولا تخدع سوى نفسك.
إقامة الصلاة هو المصطلح القرآني الذي يعنى الخشوع في الصلاة والمحافظة عليها معا. وهذا يؤكد أن الصلاة مجرد وسيلة لغاية أسمى هي التقوى، أو الابتعاد عن الفحشاء والمنكر ..
شكرا لك ، وكل عام وأنتم بخير