بتعليم فتياتهم.. مسلمو كينيا يحاربون الموروث
بتعليم فتياتهم.. مسلمو كينيا يحاربون الموروث
جسمها يبدو واهنا إلا أن لها عقلا يشع ذكاء.. إنها فرحية إبراهيم، الحاصلة على المرتبة الأولى في التعليم الابتدائي لعام 2009 في المقاطعة الشمالية الشرقية، ذات الأغلبية المسلمة، بكينيا، والتي أثبتت أن الفتيات يمكنهن التفوق على أقرانهن من البنين الذين ينالون حظهم الوافر من التعليم عكس الفتيات اللاتي يعتبر الموروث الثقافي المحلي أن تعليمهن ما هو إلا خسارة لثروات الأسرة.
فرحية تقول لـ"إسلام أون لاين.نت": "ما يمكن أن يفعله الصبي يمكن للفتاة فعله"، مضيفة أن تفوقها كان "بفضل الله أولا، وليس فقط لدأبها على المذاكرة"، حيث استطاعت خلال سنواتها الثماني في مدرسة مؤسسة الدعوة الإسلامية، ذات التكلفة المنخفضة، أن تحصل على أعلى الدرجات متقدمة على أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة خاضوا الامتحانات النهائية للمرحلة الابتدائية.
وتضيف أن "الأجواء كانت مهيأة للدراسة، حيث كان والداي والمدرسون يشجعونني على التفوق.. كانت هذه فرصة بالنسبة لي وبالفعل استثمرتها". وبحسب أحد مدرسيها، فإن تفوقها "أثبت أن الفتيات يمكنهن التفوق على أقرانهن من البنين، وفرحية تستحق هذه الدرجات المرتفعة فهي فتاة تمتلك عزيمة قوية".
خسارة للثروات!
ومثل فرحية تصمم الفتيات في المدن ذات الأغلبية المسلمة في كينيا على تسجيل تفوق في الدراسة برغم الفقر الذي تعاني منه البلاد، والذي تسبب على مر السنين في إبعاد الفتيات عن المدارس كجزء من الموروث الثقافي.
وتقول فطومة علي سامان، رئيسة أكاديمية مسلمي نيروبي: "إنه لأمر جيد أن يفهم الناس الإسلام بشكل صحيح كي يعلموا الفتيات مثل البنين"، موضحة أنه "كان يُنظر لتعليم الفتيات على أنه نوع من الخسارة لثروات الأسرة".
وفي أجزاء كبيرة من شمال شرقي كينيا تتنافس الفتيات مع الفتيان، ويتخطونهم في كثير من الأحيان برغم ما تعانيه الفتيات من بعض التهميش في التعليم والصحة.
ما زال هناك تفاوت
لكن برغم ذلك تعتبر أمينة إبراهيم، اختصاصية في التعليم بمكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في نيروبي، وأنه "ليس هناك شيء كبير يمكننا الاحتفال به في هذه اللحظة، فما زلنا نبحث في أوجه التفاوت الكبير بين الذكور والإناث في مدارس كينيا".
وأضافت أنه "على مدار السنوات القليلة الماضية كان الحصول على التعليم أمرا صعبا بالنسبة للفتاة، فالعديد من الفتيات يتسربن من التعليم الابتدائي، وهذا أكثر ما يقلقنا في هذه اللحظة".
وتبلغ نسبة الفتيات المسجلات في المدارس الكينية 15%. وبعد خمس سنوات من التعليم الابتدائي المجاني تبقى نسبة التحاق الفتيات متدنية، وتفتقر أكثر من 90% من المدارس التي ترعاها الحكومة في شمال شرقي البلاد لبيئة تعليمية مناسبة، فكثير من التلاميذ يدرسون تحت الأشجار لنقص الفصول الدراسية.
التعليم الإسلامي
ومنحت بعض المدارس الإسلامية الفرصة للفتيات كي تجدن بيئة مواتية للدراسة، وتقول عائشة محمد -معلمة في إحدى المدارس الإسلامية- لـ"إسلام أون لاين.نت": "إذا لم تتغير بيئة التعليم، فلن يكون هناك أمل في تعليم الفتيات المسلمات".
وفي ظل غياب التمويل الحكومي عن دعم التعليم الإسلامي في كينيا، سعت الأقلية المسلمة، إلى إيجاد بدائل لتعليم أولادهم، ولذلك كانت الكتاتيب أو "الدوكس" هي الوسيلة الحاضرة في هذا الشأن.
وصارت "الدوكس" أنجح وسيلة لتعليم الإسلام ونشره في أوساط المجتمعات الفقيرة، وهي وسيلة سهلة ورخيصة الكلفة، ولاسيما في مجال الدراسات الإسلامية، وقد نحتت لنفسها مكانا في نشر القيم الإسلامية والتنشئة الاجتماعية ذات الطابع الإسلامي، إذ توفر بجانب تعليمها القرآن الكريم واللغة العربية، أساليب التربية الإسلامية للأطفال، وبالتالي المحافظة على هويتهم الإسلامية.
يشار إلى أن الإسلام وصل كينيا في وقت مبكر، حيث يعود تاريخ وصول المسلمين الأوائل إلى البلاد للعقد الأخير من القرن الهجري الأول، وذلك عندما أقام بعض البحارة العرب مركزًا لهم على الجزر المقابلة لساحل شرقي إفريقيا، ثم بدأت الهجرات الإسلامية لهذا الساحل عندما انتشرت الخلافات في نهاية العصر الأموي.
ويشكل المسلمون حوالي 33% من جملة تعداد السكان البالغ نحو 39 مليون نسمة، وينتشر المسلمون في القطاع الساحلي في مدن باتا ولامو وماليندي ومومباسا، إضافة إلى تجمعات لهم داخل كينيا، كما في نيروبي وما حولها، وهناك حوالي 50 هيئة ومجلسا للمسلمين، يشرف عليها المجلس الأعلى لمسلمي كينيا.
اجمالي القراءات
2331