قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا

لطفية سعيد Ýí 2014-12-06


 () قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18الحجرات)

 

لقد صحح رب العزة ما وصف به الأعراب أنفسهم  ، حيث قالوا عن أنفسهم : ( آمنا  )  ، لكن ولأن الإيمان كانت مرحلة لم يصلوا إليها بعد،  فقد تم تصويب المفهوم   "(قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا  ) تاتي" قل " امر من رب العزة لتعلم الرسول ،كيف يجيب  لأن الرسول كان لا يقدم على إجابة لأي سؤال من تلقاء نفسه ، وكما نعلم جميعا أن  (قل  ) هي السنة القولية الموجودة في داخل القرآن ، فلا سنة قولية خارج القرآن الكريم ،  واستخدمت الآيات الكريمة  لكن ، لإجراء التعديل ،  ليتم وصفهم وصفا صحيحا حيث قال سبحانه:  (وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا )  ..  ما معنى هذا  ؟  أي أن الأعراب في هذه المرحلة كفوا عن  قتال الرسول  فقط .. لذا  أصبحوا مسالمين ، وهي درجة ليست بالبسيطة  طبعا ، فليت أغلب مسلمي اليوم  يفهموا  أن المسالمة  مرحلة سابقة للإيمان ، وليس العكس )   ، ولكن  ما ضرورة التصحيح ، ليكون الفارق واضحا ومحددا بين المسلم المسالم  ، والمؤمن  ، وهل تحدثت الآيات  عن هذا الفارق ؟  نعم لقد تحدثت الآيات عن هذا الفارق ،  قال تعالى : ( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) ، ولا يخفى عنكم خصوصية حرف الجر (في) ، كما أن استخدام القلب  يعد فارقا بين القول (قالت الأعراب )  وغيب القلوب  الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه (في قلوبكم) ،   وهل تركتهم الآيات دون زيادة ..؟ لا بل  لم تتركهم دون أن تعطيهم دليل النجاة مما هم فيه ، فحددت لهم شرطا واحدا يجب عليهم اتباعه ، كي يصلوا إلى الإيمان  وهو : (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ،  فيم تكون الطاعة  ؟ فيما  أمرهم به     في كتابه  القرآن الكريم   ، وهذه الطاعة  يظهر صدقها في المواقف الصعبة ، ومن التنفيذ العملي للأوامرا الربانية  :، وذلك  عندما يكون الفارق واضحا وجليا بين من يشترك في القتال ، بالمال والنفس ، ومن يتحايل للهروب منه  :

 (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)النور

(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا

(24)محمد

(مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً (84)النساء

 وهذه الطاعة  شرط حتى لا يلتهم من أعمالهم شيئا ،( لا يلتكم  ) لم تأت إلا مرة واحدة في القرآن بهذا الشكل ، ولا أدري أيمكن اعتبار هذه الآية التي فيها(ولات ) على اعتبار أن الفعل لات فعل ماض ، أم أنها تجري مجرى المثل مع ما يأتي بعدها (ولات حين مناص  ) وكان الحديث عن الكافرين إذ لا يسمع أحد نداءهم،  ولا يجيرهم من الهلاك .. (والله أعلم ) ،  قال تعالى : في سورة ص  : (كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)ص

وذلك حتى  لا تتحول أعمالهم إلى سراب ، فلا أثر لها أو ظلمات قال تعالى :

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)النور

ثم تؤكد الآيات على ذكر مواضع الطاعة ، التي تتحقق فيما يلي : عدم الارتياب ، وهو مضاد  " "ليستيقن " ، نفهمه من هذه الآية الكريمة  :

( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) المدثر

وبعد أن يستيقن المؤمن ولا يرتاب ، يأتي دور  التنفيد العملي لهذه الآوامر : من جهاد بالمال والنفس :  (ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِم ) ،  فتؤكد الآيات الكريمة  صدق  من يقوم بهذه الأعمال بأكثر من مؤكد  فقد استخدمت ثلاث طرق للتوكيد  ، في اسم الإشارة  ،" أولئك  " ، والضمير   "هم"  ، وباستخدام صيفة اسم الفاعل ، "الصادقون ": (أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ) )

ونأتي ل "قل " للمرة الثانية  في هذه الآيات الكريمةالصادرة من رب العزة إلى رسوله الكريم  كسنة قولية   كما سبق الإشارة  ،  "أتعلمون " استفهام  يحمل تعجبا واستنكارا،  لمن يحسب  في نفسه قدرة على العلم  ، بل و يتجرأ  ويدعي أنه يضيف إلى علم الله ، بعلمه الظني القاصر ، المملوء بالنواقص والأخظاء ...  وكأن الله لا يعلم حقيقتهم  ،  قال تعالى :

(  قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)

ثم يأتي دور المفاضلة بين ما عليه حال  الأعراب أي : ما هو قائم بالفعل (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا)  ،  وعودة إلى ثالث"  قل " مع رفض هذا الوضع القائم : (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ )  وما ينبغي أن يكونوا عليه ، عندما تقودهم  طاعتهم لله سبحانه إلى الإيمان  الحقيقي  بشرط صدقهم ( بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)   فهذا هو النجاح والفلاح الحقيقي وهو ما يوجب عليهم شكر الله حقا : ( بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17)  

ثم تختتم الآيات بذكر حقيقة ، أن الله سبحانه هو وحده من يعلم غيب السموات والأرض،  وهو أيضا سبحانه البصير بما يعمل عباده  :(إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )

ودائما ،صدق الله العظيم

اجمالي القراءات 15033

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-10-30
مقالات منشورة : 113
اجمالي القراءات : 2,032,702
تعليقات له : 3,703
تعليقات عليه : 378
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt