يقولون ما لا يفعلون

الثلاثاء ٢٧ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
سؤال ..الايه الكريمه التي تقول ...وان تقولوا مالا تفعلون ....هل هي علي الملأ ام في امر خاص في امر من امور الدين ام الدنيا ...لان لو كان معناها في امور دنيويه تبقي مصيبه ....معظم الناس تقول ولا تفعل ....بدايه برئيس الدوله لغاية اقل فرد في المجتمع ..هل من توضيح وشكرا جزيلا .
آحمد صبحي منصور :

أولا :

 يقول جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) الصف ) .

نلاحظ :

1 ـ  هذا خطاب مباشر من الله جل وعلا للذين آمنوا جميعا فى كل زمان ومكان بعد نزول هذه الآية الكريمة فى القرآن الكريم .

2 ـ نزل نفس المعنى خطابا مباشرا لبنى إسرائيل فى شكل تأنيب وعظى . ولكن فى صورة أخفّ . قال لهم جل وعلا  : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44) البقرة ).

3 ـ الخطاب للمؤمنين فيه نبرة شديدة ، ليس فقط فى التأنيب بالاستفهام الانكارى :  (  لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ) ولكن أيضا بتعبير ( المقت الكبير)   يكرر يصف نفس الخطيئة (  كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ )  . والمقت هو الغضب الشديد الممتزج بالاحتقار . فكيف إذا كان غضبا إلاهيا . هذا المقت الكبير يذكرنا بقوله جل وعلا عن الذين يجادلون فى آياته : ( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) غافر ) ، وقوله جل وعلا عن أصحاب النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) غافر ).

4 ـ المؤمن الحقيقى يكون صادقا ، يصدق فى كلامه ، ويصدق فى أفعاله ، أى إن أفعاله تصدّقُ أقواله . إذا قال شيئا فعله ، إذا وعد أوفى ، وإذا عهد صدق فى عهده . بهذا يختلف عن المنافق الذى يكذب ويتلوّن ، ويخدع ويتآمر .

5 ـ الذين آمنوا :  

5 / 1 : تعنى سلوكيا الذين إختاروا الأمن والأمان ، وهى ( آمن ل ) أى يؤمن لهم الناس ، أى يثقون بهم .

5 / 2 :  وتعنى عقيديا ( آمن ب ) أى الذين أمنوا بالله جل وعلا وحده إلاها لا شريك له .

5 / 3 :  يجمع بين الايمان السلوكى والايمان العقيدى قوله جل وعلا عن الرسول محمد عليه السلام : ( يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ )ٌ(61)التوبة ).

6 ـ كان هناك من الصحابة مؤمنون سلوكيا فقط بمعنى الأمن الأمان ، وتمتعوا فى دولة الاسلام فى عهد النبى محمد عليه السلام بالحرية الدينية المطلقة فكانوا يشربون الخمر ويلعبون الميسر ويمارسون عبادة القبور المقدسة ( الأنصاب ) ، واستمروا على ذلك برغم الوعظ لهم ، يكفى قوله جل وعلا لهم فى أواخر ما نزل من القرآن الكريم  : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)   المائدة ). ونرجو تدبر هذا .

7 ـ ميزتهم الوحيدة هى الايمان السلوكى ، أى أن يثق الناس بهم ، وليس من الايمان السلوكى أن يحترفوا الكذب ، وأن يقولوا مالا يفعلون . لذا جاء الوعظ الالهى تحذيرا وتأنيبا وتهديدا . ليس فقط لأولئك الصحابة ولكن لمن يأتى بعدهم ويسلك مسلكهم .

أخيرا :

1 ـ عشت فى مصر ، وأعيش الآن فى أمريكا ، الكذب فى أمريكا يكون جريمة فى بعض الظروف ، وهو نادر بين الناس . الأمريكى العادى يتكلم بعفوية وبصدق ولا يخفى شيئا ، لأنه لا يخشى الحكومة . الكاذبون الأمريكيون هم المجرمون والسياسيون أشهرهم ترامب . والقول السائد الساخر عن السياسيين هنا : إنا ندفع لهم ليكذبوا علينا .

2 ـ أما فى مجتمع المحمديين فالكذب هو الأعم والأشمل ، ويبدأ بالكذب على الله جل وعلا فى الدين ، ولا ينتهى بكذب المستبد . المستبد الشرقى لا يكذب أبدا إلا عندما يتكلم . !.  



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1438
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4989
اجمالي القراءات : 53,636,506
تعليقات له : 5,337
تعليقات عليه : 14,639
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


حب الشهوات : لي طلب بسيط هو تشرح لنا الاية الكري مة ...

الحوافز و المكافئات: هل تعتبر شرعية تلك الحوا فز والمك افئات ...

ما أُهلّ لغير الله: من المحر مات ما أهل به لغير الله . هل يشمل هذا...

بين القرية والقرن : قرأت فى فتوى سابقة لك ان القري ة تعنى الدول ة ...

التكقير من تانى : أری ;د أن أتمنّ ی منکم أن لا تکفّر وا ...

فتاة مسلمة مثالية : السلا م عليكم أيها الشيخ الكري م، تحية طيبة...

بين التدمير والنسف: هل هناك فرق بين مفهوم التدم ير ومفهو م النسف...

لا بد من الصدمة: وسمعن ا بجماع ة أهل القرآ ن منذ...

الحلاوة : شكرا لك لأنى من كتابا تك تعرفت على طريقة...

الموت كتاب مؤجل: لي سؤال في ما يخص ما قمتم بنشره في كتابك م ...

الجزية مرة أخرى: سيدي الفاض ل د. احمد منصور المحت رم تحية...

هذا مستحيل: هناك من يقر بزواج الانس من الجن و السؤا ل هو هل...

البهائية لماذا ؟: لاحظت انك تجهل البها ئية مع السنة والتش يع ...

إياك أن تقتلها: أنا معذب مكان أخي --طلب فتوى-- ‎ السلا م ...

زواج بنت الزوجة : تزوجت من امراه تكبرن ي بسبعه اعوام وهاجر ت ...

more